شفق نيوز/ لم يمنع قرار واشنطن سحب 500 جندي من العراق من تسجيل اعتداء جديد على سفارتها في بغداد، في وقت تحاول أطراف عراقية موالية لإيران فرض وجودها على الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب وخليفته جو بايدن.
وبعدما أعلن وزير الدفاع الأمريكي بالوكالة كريس ميلر، أمس الثلاثاء، أنّه بحلول كانون الثاني/يناير لن يكون هناك سوى 2500 جندي أميركي في العراق، سقط مجدداً عدد من الصواريخ قرب السفارة الأميركية في بغداد.
وكانت الفصائل المسلحة العراقية الموالية لإيران قد أعلنت "هدنة" ووقف استهداف الأمريكيين في العراق، مع اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية ومع إعلان إدارة ترامب استعدادها لغلق سفارتها في بغداد، الذي وضع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في موقف حرج.
لكنها خرقت ليلة الثلاثاء، بالتزامن مع تقارير صحافية صدرت في واشنطن تقول إن ترامب يدرس إمكانية توجيه ضربة لإيران قبل مغادرة البيت الأبيض.
نافذة للتصعيد
رأى الباحث في شؤون الجماعات المسلحة العراقية حمدي مالك أن الصواريخ السبعة التي أطلِقت مساء الثلاثاء تشكل "تصعيداً حقيقياً"، وفق ما نقلت فرانس برس.
وتتهم واشنطن هذه الفصائل بتنفيذ قرابة مئة هجوم على مدار عام، استهدفت مصالحها في العراق. وأدت الغالبية العظمى من هذه الهجمات إلى وقوع أضرار مادية طفيفة.
وأشار مالك إلى أن "استراتيجيتهم القديمة كانت باستهدافات غير دقيقة، خوفاً من الانتقام"، خصوصا بعد مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس بضربة جوية أمريكية بداية العام الحالي.
وتابع: "هذه الاستراتيجية تغيرت، فالآن يستخدمون صواريخ (غراد) بشكل مباشر أكثر". وقال: "إنها رسالة إلى كل من الولايات المتحدة والكاظمي الذي ينظرون إليه كعميل للأمريكيين"، لافتا إلى أن الفصائل "تريد أن تظهر قوية وباقية حتى لو انسحب الأمريكيون".
من جانبه، اعتبر الباحث رمزي مارديني، من معهد بيرسون الدولي في جامعة شيكاغو، أنّ التصعيد بات ممكناً بسبب التغيير المتوقع في واشنطن.
وقال إنّ اقتراب نهاية ولاية الرئيس دونالد ترامب "أعطى إيران نافذة للتصعيد بوقت محدود".
وتابع أنّ مضاعفة الهجمات من قبل الفصائل "تجعل سيناريو الانسحاب الأمريكي الخيار المعقول والوحيد المتبقي".
التخلّص من المسيّرات
ورأى مارديني أن إبقاء جنود في ميدان تتزايد ضمنه الاعتداءات "يمثل خياراً باهظ الثمن من الناحية السياسية بالنسبة لجو بايدن".
ويمثل الانسحاب الكامل للقوات الأمريكية من العراق مطلباً رئيساً بالنسبة للفصائل المسلحة الموالية لإيران.
وأشار مارديني إلى أن الفصائل تريد التخلص من الطائرات المسيّرة الأمريكية "التي تقيّد بشكل مباشر أو غير مباشر الإيرانيين، ومن منظومتي سيرام وباتريوت؛ لكونهما تحدان من قدرة إيران الرادعة ضد الولايات المتحدة في المنطقة".
ولعلّ ما تريده الفصائل، وفقاً لمارديني، يتمثّل في "نزع سلاح الوجود الأمريكي في العراق، لا إنهاءه تماماً". وأرجع ذلك إلى كون الهدف النهائي هو في محافظة إيران على "القدرة على المساومة عند وصول الإدارة الجديدة إلى السلطة في الولايات المتحدة".