شفق نيوز/ كتب "مايكل نايتس" وهو زميل أقدم في معهد واشنطن، وقد أجرى أبحاثاً مكثفة على الأرض في العراق إلى جانب قوات الأمن والوزارات، تقريراً عن الهجمات التي استهدفت الدعم اللوجستي لقوات التحالف واهدافاً عراقية ايضاً، تحدث فيه عن عدد العمليات ونطاقها، مشيراً إلى أن نوعية هذه الهجمات تحسنت، اذ شملت استعمال مشغلات "الأشعة تحت الحمراء"، فيما ينصح أن تعمل الحكومة الامريكية مع حكومة الكاظمي على أنواع من "خيارات الرد المشدد".
ويقول نايتس، انه، في 20 أيلول الجاري، أفادت بعض التقارير أنّ وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو حذّر الحكومة العراقية من أنّ استمرار هجمات المجاميع المسلحة غير الخاضعة للرقابة قد يدفع الولايات المتحدة إلى إغلاق سفارتها، وشن ضربات قويّة على قادة المجموعات المدعومة من إيران. ومنذ ذلك الحين، سارع المسؤولون العراقيون وحتى بعض رموز المجاميع المسلحة إلى استرضاء واشنطن، حيث نأت جماعات مسلحة مختلفة بنفسها علناً عن الهجمات على المنشآت الدبلوماسية، وفق قوله.
ويتطرق الى الهجمات على القوافل اللوجستية بالقول "تحسّنت نوعية هذه الهجمات أيضاً، حيث شملت استخدام مشغلات الأشعة تحت الحمراء السلبية من أجل استهداف أكثر دقة، وفي الأيام الأخيرة، استخدام العبوات الناسفة الخارقة الموصولة في سلسلة تعاقبية. وجاءت هذه الهجمات بعد مرور ما يقرب من عام على القيام بآخر تفجيرات من هذا القبيل، التي كانت سلسلة من هجمات المجموعات المسلحة على قوافل شركات النفط في البصرة في عام 2019.الصواريخ والطائرات بدون طيار . وفي 2 أيلول، استُخدمت تركيبة مشابهة لمهاجمة شركة "جي فور أس" (G4S) الأمنية في مطار بغداد، عبر ضربة دقيقة للغاية ولكن الهجوم لم يسفر عن وقوع إصابات. واتهمت بعض الجماعات المسلحة هذه الشركة الأمريكية البريطانية بتقديم معلومات استخبارية حددت موقع الجنرال الإيراني قاسم سليماني، و أبو مهدي المهندس، اللذين قتلا في غارة جوية أمريكية بالقرب من المطار في 3 كانون الثاني الماضي.
ولا تريد الولايات المتحدة أن تمر بفترة أخرى مثل تلك التي شهدتها في كانون الأول وكانون الثاني، عندما كانت سفارتها محاصرة، وكان لا بد من نشر عمليات انتشار جديدة كبيرة في المنطقة، وكان خطر نشوب صراع أوسع مع المجاميع المسلحة وإيران حقيقياً تماماً. ويرى الكاتب ان إدارة الرئيس الامريكي ترامب تريد بشكل مفهوم كسر الزخم الحالي، ومنذ المرة الأخيرة التي حدثت فيها مثل هذه الزيادة في الهجمات، كانت النتائج مقتل أمريكي في كانون الأول، وشن غارات جوية أمريكية، وقيام مجموعات بشن هجمات على السفارة، واتخاذ القرار الحازم بل المحفوف بالمخاطر باستهداف سليماني والمهندس، واقتراح مجلس النواب العراقي الداعي إلى إخراج القوات الأمريكية. وربما كان تحذير بومبيو مدفوعاً أيضاً بمعلومات سرية.
ويضيف أنه، ومهما كانت دوافع التهديد الأمريكي بإغلاق السفارة، فإنه يمثل خياراً سياسيّاً مثيراً للجدل للغاية، برغم فائدته الفورية في إثارة انتباه العراق بشأن قضايا المجاميع المسلحة. إن إغلاق السفارة هو بالذات النتيجة التي تحلم كل مجموعة مدعومة من إيران بتحقيقها. وسيكون ذلك انتصاراً دعائياً ذو أبعاد أسطورية لطهران ووكلائها، مما يقوّض كل التقدم المحرز في العراق منذ مقتل سليماني والمهندس. كما سيمثل أيضاً انسحاباً كاملاً من العراق حتى أكثر من الانسحاب الذي قامت به إدارة أوباما في عام 2011، مما ساعد على تمهيد الطريق لعودة ظهور تنظيم «القاعدة» تحت اسم تنظيم «الدولة الإسلامية»، وبعد ذلك سيطرة المجاميع المسلحة على مساحات واسعة من الدولة العراقية. ولن يؤدي ذلك إلى انتهاء كافة العمليات الدبلوماسية والعسكرية الأمريكية في العراق فحسب، بل إلى توقّف جميع عمليات التحالف الأخرى أيضاً نظراً لاعتمادها على الوجود الأمريكي.
ويتابع أنه، إذا كان لدى المسؤولين الأمريكيين معلومات استخباراتية محددة حول أي تهديد جديد تطرحه إحدى المجموعات المسلحة، على سبيل المثال، إدخال أنظمة صواريخ دقيقة متقدمة، فعليهم مشاركة هذه البيانات بشرط أن ينفّذ العراق بسرعة عملية ضدّ هذا التهديد. ولا يزال رئيس الوزراء الكاظمي هو الرئيس الفخري لـ "جهاز المخابرات الوطني العراقي" ذي القدرات العالية، وأن الدول الشريكة تثق به باستمرار وكذلك بدائرة المقرّبين منه (معظمهم من أفراد "جهاز المخابرات الوطني")، فيما يتعلق بالمعلومات الحساسة.
ويردف الكاتب انه، إذا احتاجت الحكومة الأمريكية إلى رؤية علامات واضحة تشير إلى مقاومة العراق للمجموعات المسلحة، فيجب أن يكون تَحرّك بغداد هادفاً بمعنى أوسع نطاقاً من مجرّد استرضاء واشنطن. فبدلاً من حث المسؤولين العراقيين على "الاندفاع نحو الفشل" ذو الطموح المفرط (على سبيل المثال، محاولة التغلب العسكري على مجموعة رئيسة)، يتمثّل النهج الأذكى في مساعدتهم على استعادة المنطقة الدولية. وستكون إزالة المجاميع المسلحة بشكل تدريجي من هذه القطعة العقارية الرئيسة رمزية جدّاً على المستوى الوطني، والأهم من ذلك، تساعد على حماية المنشآت العراقية والأمريكية ومنشآت التحالف الأكثر حساسية. أما التخلص التدريجي من آلاف رجال المجاميع المسلحة والأسلحة الثقيلة من المنطقة فقد يتّسم بمجابهة كبيرة، لكنه في الأقل يستحق المخاطرة - على عكس اعتقال عدد قليل من قادة المجاميع، الذي سيكون له تأثير محدود. ويوضح انه، بالفعل، يقوم الكاظمي بإجراء العديد من التغييرات الإيجابية على الترتيبات الأمنية في المنطقة بمساعدة الولايات المتحدة، لذا فقد حان الوقت لبذل جهود "الانتقال من حيٍّ إلى آخر" لإزالة المقاتلين والأسلحة. يجب على واشنطن حشد الدعم الصريح لمثل هذه الخطوة، ليس فقط بين الجهات الفاعلة الدولية التي لديها سفارات في المنطقة، بل أيضاً بين الكتل السياسية الشيعية والعلمانية والكوردية والسنية المعتدلة في العراق.