شفق نيوز- كركوك

في مشهد غير مألوف على الملاعب العراقية، تقف شابة عشرينية بثقة، ترتدي زي التحكيم الأسود، ترفع رايتها وتطلق صافرتها بين صفوف اللاعبين، لتُعلن بداية مرحلة جديدة في كسر النمط المجتمعي، إنها هانا شاخوان مجيد، أول شابة من كركوك تقتحم مجال التحكيم الكروي، متحدية الصور النمطية ومثبتة أن الشغف لا يُقيد بجنس.

ولدت مجيد عام 2002 وتخرجت في كلية التربية البدنية وعلوم الرياضة بجامعة كركوك. لم يكن حُبها لكرة القدم مجرد هواية، بل كان بوصلتها نحو دخول عالم التحكيم، وهو مجال ما تزال مشاركة النساء فيه نادرة على مستوى العراق.

وفي تصريح خاص لوكالة شفق نيوز، مجيد "أكيد العائلة أول داعم ليّ، وحبي للرياضة هو الذي جعلني أختار طريق التحكيم. لم يكن سهلاً بالبداية، لكن الحمد لله وصلت لهدف مهم".

تحكيم في ملاعب الرجال

رغم أن غالبية المباريات في العراق تُدار من قبل رجال، تؤكد مجيد أن مشاركتها في تحكيم مباريات الرجال جاءت إيجابية بشكل فاق توقعاتها "تحكيم مباريات الرجال شيء جيد، والحقيقة هم يحترمون النساء أثناء المباراة، حتى لو حصل منّا خطأ تحكيمي، لا نسمع أي تجاوز منهم".

وتشير إلى أنها أدارت نحو 20 مباراة حتى الآن في دوريات فئة الشباب والدوريات الشعبية داخل كركوك، وتنوّعت مهامها بين الحكم الثاني والثالث والرابع.

العلم الأصفر والبطاقة الحمراء

بين يديها، يتحوّل العلم الأصفر الذي ترفعه على الخط الجانبي إلى "رمز يقظة وحياد"، فيما تمسك أحياناً ببطاقة حمراء لا تتردد في رفعها عندما يتجاوز اللاعبون حدود القانون. توازن مجيد بين الحزم والمرونة، وتثبت في كل مباراة أن العدل لا يحتاج إلى صوت خشن، بل إلى شخصية قوية وعين خبيرة.

حرصت مجيد على تطوير مهاراتها التحكيمية بالمشاركة في عدد من الدورات النظرية والعملية، داخل وخارج المحافظة. من بينها دورة تأهيلية أساسية، ثم دورة دولية بإشراف المحاضر الدولي إسماعيل الحافي، وأخرى في بغداد، وأخيراً دورة متقدمة أُقيمت في كركوك مؤخراً.

"أول دورة شاركت فيها كان عدد البنات بها ثلاث فقط، وبعدها بدأنا نرى البنات يدخلون أكثر. الدورة اللي بعدها دخلوا تقريباً 14 بنتاً من مختلف المحافظات، وقبل شهر شاركت ثلاث بنات جدد بدورة بكركوك"، توضح مجيد.

نظرة المجتمع بدأت تتغيّر

وعن نظرة المجتمع للتحكيم النسوي، تقول مجيد "تجربتي لطيفة وغنية بالتعلم. بالبداية كنا نرى أن المجتمع ممكن يرفض، لكن رأينا أن الناس يتقبلون الأمر إذا لمسوا جدية واحترام في أداء المهمة. أنا أحببت التحكيم أكثر، وخاصة لأن لاعيبنا محترمين".

طموحات تتجاوز كركوك

لا تقف طموحات هانا شاخوان مجيد عند حدود مدينتها، بل تسعى للحصول على الشهادات الرسمية من الاتحاد العراقي لكرة القدم، والمشاركة في البطولات المركزية، وربما يوماً ما، تمثيل العراق في البطولات الإقليمية والدولية.

"التحكيم موهبة ليست حكراً على الرجال، وإذا لديك شغف وصبر، تستطيعين أن تصلي. وأنا مصرة على مواصلة هذا الطريق"، تختم مجيد حديثها بهذه النصيحة لمن ترغب بالدخول في عالم التحيكم.