شفق نيوز/ أثار خروج المنتخب الألماني من الدور الأول لكأس العالم ردود فعل واسعة النطاق، وكتبت عنه كثير من الصحف المحلية والدولية، كما علق عليه نجوم اللعبة السابقون في ألمانيا. ومعظم الانتقادات توجهت لإتحاد الكرة وللمدرب هانزي فليك.
وبدت المجموعة التي وقع فيها المنتخب الألماني في الدور الأول من نهائيات كأس العالم في قطر، مجموعة سهلة نسبيا، ولكن الصدمة الأولى في مباراة المنتخب الألماني وخسارته أمام نظيره الياباني أعادت للأذهان سيناريو مونديال روسيا 2018، حين خرج بطل العالم من الدور الأول.
وتمسك المنتخب الألماني بحظوظه حتى اللحظة الأخيرة، وفاز في مباراته الأخيرة ضد كوستاريكا، ولكنه فوز بطعم الخسارة، لأن إسبانيا خسرت أمام اليابان، فكانت ألمانيا بحاجة لتعادل أو فوز إسبانيا كي تتأهل معها إلى الدور الثاني، وعقب نهاية المباراة والخروج المؤلم للمنتخب الألماني، صبت الصحافة الألمانية جام غضبها على المنتخب ومدربه، ولكن أيضا على الاتحاد الألماني لكرة القدم والمسؤولين عنه.
وتحت عنوان "نهاية أمة عظيمة في كرة القدم"، كتبت صحيفة بيلد الألمانية الشعبية الواسعة الانتشار: "رغم كل الجدل حول صحة الهدف الياباني في مرمى المنتخب الإسباني وعبور الكرة للخط أم لا، ورغم الحديث عن احتمال تراخي إسبانيا في الشوط الثاني أمام اليابان، وعدم رغبتها في إحراز التعادل، كي تبقى ثانية في المجموعة، إلا أنه لا يمكن لوم سوى: الاتحاد الألماني لكرة القدم، ومدرب المنتخب ولاعبيه. لا أحد آخر يُلام".
وتضيف الصحيفة: "بتاريخ الأول من ديسمبر 2022، عشنا نهاية أمة كانت عظيمة في مجال كرة القدم. أربعة ألقاب كأس عالم، وثلاثة ألقاب في بطولة أمم أوروبا. هذا شيء من الماضي". ورأت الصحيفة في تحليلها أن المشكلة عميقة، "أعمق من استبدال المدرب وتعيين هانزي مكان يوغي لوف".
القناة الألمانية الأولى حللت أداء المنتخب في المونديال وكتب معلق القناة غيرد غوتلوب تحليله عن أسباب هذه الكارثة الكروية، محملا المسؤولية للاتحاد الكروي وللمدرب واللاعبين. وركز خصوصا على الناحية المعنوية والروح القتالية من أجل المنتخب، التي افتقدها، كما يقول: "بعد الخروج من الدور الأول في مونديال 2018، والتحليل المعمق لأسباب الخسارة، نحصد نفس النتيجة بعد أربع سنوات".
ويرى غوتلوب أن لاعبات المنتخب الألماني لكرة القدم قدمن نموذجا للروح القتالية والحماس للعب من أجل النسر الألماني، خلال بطولة أوروبا للسيدات"، اللاتي حصدن المركز الثاني، بعد الخسارة بصعوبة أمام سيدات إنجلترا في النهائي.
وعلق الموقع الإلكتروني لقنوات سكاي الرياضية بدوره على الخروج الألماني: "الخروج من البطولة لم يحدث في مباراة كوستاريكا. وإنما بسبب أول مباراة أمام اليابان. وأول من يُلام على ذلك هو المدير الإداري للمنتخب أوليفر بيرهوف ورئيس اتحاد الكرة بيرند نويندورف، لأنهما سمحا بتحول النزاع السياسي حول شارة "وان لوف" إلى موضوع أكبر من الجانب الرياضي في مباراة الافتتاح. أن يجلس اللاعبون قبل المباراة بليلة للتشاور حول موقف سياسي، بدلا من التركيز المنطقي على المباراة، هو أمر لا يمكن تفهمه".
ودخل نجم المنتخب الألماني في كأس العالم 2014 وحامل لقب البطولة حينها، باستيان شفاينشتايغر، في سجال حاد مع مدرب المنتخب الألماني هانزي فليك، بعد نهاية المباراة ضد كوستاريكا، وذلك خلال الاستديو التحليلي على القناة الألمانية الأولى، حيث قال له: "هناك مواقف على أرض الملعب، لا يوجد لدى اللاعبين تركيز فيها ولو بنسبة 5 بالمئة. الضغط على لاعبي الخصم لا يعني مهاجمتهم فقط، وإنما أن تكون حاضرا ذهنيا".
وصب شفاينشتايغر جام غضبه على طريقة اللعب وضعف خط الدفاع في المنتخب بقوله: "لقد تركنا مرارا وتكرارا مساحات للاعبي الخصم ولم نقف أمامهم، وخصوصا خط دفاعنا. هذا الأمر كان واضحا أكثر في المباريات الأخرى. لقد تلقت شباكنا خمسة أهداف. ومنذ كأس الأمم الأوروبية 2016، ونحن نتلقى هدفا واحدا على الأقل في المباريات. إذا لم تدافع بشكل جيد، فلن تتمكن من الفوز والتأهل".
وانتقد قائد المنتخب الألماني السابق ميشائيل بالاك، المدرب أيضا، وطالب ببحث الأمر بعناية من جانب اتحاد الكرة ومحاسبة الجميع "بمن فيهم المدرب". وأضاف: "لا يمكن ارتكاب نفس الخطأ كما في 2018، عندما خرج رئيس الاتحاد الألماني لكرة القدم بعد توديع المونديال وقال: سنحلل ما حصل مع الطاقم التدريبي، ثم بعدها مددوا للمدرب (يواخيم لوف)!".
ويعتقد ديتمار هامان لاعب المنتخب الألماني ونادي ليفربول سابقا، والمحلل الكروي حاليا: أنه "من المستبعد أن نتمكن من الاستمرار مع المدرب. لم يتبق لدينا بعد هذه الكارثة سوى 18 شهرا (حتى موعد كأس الأمم الأوروبية). كان ذلك بائسا. وإذا كان فليك يعتقد بأنه لم يستدعِ اللاعبين المناسبين، فهذا يعني أنه لم يقم بعمله على نحو جيد".
وتحدث عن رد فعل مدربي المكسيك وبلجيكا واستقالتهما بعد خروج منتخبي البلدين من الدور الأول للمونديال، وقال: "هنا يمكنك أن ترى ما تعنيه المسؤولية". وانتقد هامان طريقة لعب المنتخب أيضا: "بطريقة لعبنا جعلنا كوستاريكا تبدو وكأنها البرازيل".
لكن بطل العالم في 2014، سامي خضيرة، نجم المنتخب الألماني السابق من أصول تونسية، خالفهم الرأي ودافع عن المدرب هانزي فليك، وقال: "فليك راهن بشكل خاطئ قليلا. ولكنه سبق وأن أظهر إمكانياته العالية مع نادي بايرن ميونيخ. إنه واضح للغاية، ولديه طاقم تدريبي رائع، وفكر تدريبي جيد. إنه صارم، ولكن في نفس الوقت يجذب الناس إليه. أتمنى أن يستمر هانزي في منصب المدرب. وإذا رحل عن تدريب المنتخب، فأنا أراه مدربا جيدا حقا".
الخروج الموجع لمنتخب ألمانيا من مرحلة المجموعات في نهائيات كأس العالم لكرة القدم، حظي باهتمام وسائل إعلام عالمية، فمثلا وصفت صحيفة "لاغازيتا ديللو سبورت" الإيطالية الإقصاء "السقوط الألماني" الثاني على التوالي، حيث أشارت إلى أن منتخب ألمانيا عانى من الخروج من دور المجموعات بالنسخة الناضية في كأس العالم التي جرت في روسيا عام 2018، ليتكرر الأمر ذاته في النسخة الحالية.
وعلقت صحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية على فوز المنتخب الألماني على كوستاريكا، والذي لم يكن كافيا لصعود منتخب (الماكينات) لدور الـ1، عقب الفوز المفاجئ لمنتخب اليابان على نظيره الإسباني، في المباراة التي جرت في نفس التوقيت بذات المجموعة، ليصعدا سويا عن تلك المجموعة إلى الدور الثاني في البطولة، حيث قالت: "بالنسبة للألمان، لقد كان فوزا عديم الجدوى".
وأثير بعض الجدل في مباراة اليابان وإسبانيا، حيث ألمح البعض إلى أن الكرة تجاوزت حدود الملعب قبل أن ترسل عرضية إلى أوه تاناكا، الذي أحرز من خلالها هدف الفوز في مرمى المنتخب الإسباني.
وقارنت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية هذه اللعبة بالهدف الشبح الذي أحرزه فرانك لامبارد عام 2010 ضد منتخب ألمانيا والذي بدا أنه تجاوز خط المرمى، لكن حكم اللقاء قرر عدم احتسابه، ليتسبب في خروج المنتخب الإنجليزي من دور الـ16 آنذاك.
وكتبت الصحيفة: "يعتقدون أن الكرة تجاوزت خط المرمى.. لكنها تفعل.. قلوب الألمان محطمة لأنهم تعرضوا للإقصاء من كأس العالم بعد احتساب هدف اليابان في مرمى إسبانيا".
وأضافت صحيفة "تايمز" البريطانية: "الكرة كانت بالداخل.. وألمانيا أصبحت في الخارج"، فيما ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية أن "خروج ألمانيا كعملاق سقط في عالم كرة القدم".
أما وسائل الإعلام الإسبانية، فوجهت الشكر للمنتخب الألماني على فوزه على كوستاريكا، فلو خسر فريق المدرب هانزي فليك لكان ذلك يعني الإطاحة بمنتخب "الماتادور" من كأس العالم، غير أن الصحف المحلية استخدمت أيضا بعض الكلمات الحادة.
وكتبت صحيفة "ماركا": "دراما أخرى، وفصل أسود آخر في تاريخ كرة القدم: فاز رجال فليك على كوستاريكا، لكن انتصار اليابان على إسبانيا جعل هذا الفوز عديم الفائدة".