شفق نيوز/ ذكرت صحيفة "كونفرزيشن" الأسترالية، أنه مع انهيار "الهلال الشيعي" الذي يضم قوى وجماعات مدعومة من ايران، وتشمل فصائل من العراق الى سوريا وحزب الله اللبناني، فإن طهران أصبحت تواجه واقعا جديدا وخيارات عديدة، يحمل كل منها عواقب اقليمية وعالمية كبيرة.
وبعدما ذكر التقرير بتاريخ الترابط الايراني مع سوريا منذ ايام الرئيس الأسبق حافظ الاسد، ودعم دمشق لطهران خلال الحرب مع الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، واعتراف سوريا بالجمهورية الاسلامية الايرانية كأول دولة عربية تفعل ذلك، ثم طلب بشار الأسد المساعدة العسكرية واللوجستية والسياسية من إيران في العام 2011، قال إن طهران اغتنمت الفرصة لتحويل سوريا الى دولة محورية ضمن "الهلال الشيعي".
وبحسب التقرير، الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، فان هذا التشكيل الجيوسياسي، الذي أطلقت عليه ايران اسم "محور المقاومة"، ادى دورا اساسيا في الحفاظ على قوة الاسد، ودعم حزب الله وحماس ضد إسرائيل وتعزيز نفوذ "قوة القدس"، الا ان "الهلال الشيعي" هذا انهار الآن.
وذكر التقرير أن طهران اعتمدت نهجا تصالحيا تجاه المتمردين المنتصرين في سوريا، الا ان مستقبل هذه العلاقة مرتبط بشكل جزئي بما إذا كانت الحكومة السورية الجديدة ستقبل بتقديم الدعم اللوجستي الإيراني لحزب الله عبر سوريا او تسمح "لقوة القدس" بالاستمرار بعملها ضد اسرائيل، معتبرا انه في حال رأت طهران ان هذه الاحتمالات ليست مرجحة، فإنها "قد تلجا الى زعزعة استقرار سوريا، مثلما فعلت في لبنان في الثمانينيات وفي العراق بعد سقوط صدام".
اما الاحتمال الاخر، بحسب التقرير فهو أن إيران، التي تعتقد أن "محور المقاومة" قد خسر، قد تسعى الى تعزيز قدراتها على تخصيب اليورانيوم، مذكّرا بان إيران قامت بالفعل بتسريع جهودها لتخصيب اليورانيوم، مما أثار انتقادات الأمم المتحدة والدول الأوروبية.
واعتبر التقرير أن ايران، وفي مواجهة مجيء رئاسة ترامب الثانية، قد تتطلع الى تطوير الاسلحة النووية باعتبار ان هذا سيكون "الرادع الوحيد ضد العدوان الغربي والاسرائيلي".
ولفت التقرير إلى ان التقديرات تشير إلى ان إيران استثمرت ما بين 30 مليار دولار الى 50 مليار دولار على مدى السنوات الـ13 الماضية في سوريا، و بإمكانها الآن ان تستثمر مثل هذه الأموال في جهود تخصيب اليورانيوم.
وبكل الأحوال، قال التقرير انه يمكن ان يؤدي كلا السيناريوهين الى تفاقم حالة عدم اليقين الاقليمية بما يتخطى تأثيرات الاعوام الـ 13 الماضية، حيث انه من الممكن ان تتسبب الصراعات المحتملة في سوريا بين الجماعات المتمردة والمواجهة النووية بين ايران واسرائيل الى تعزيز زعزعة الاستقرار الجيوسياسي الإقليمي والعالمي.
تحول الى الصين
واعتبر التقرير ان الاحتمال الثالث يتمثل في ان هذه الاحداث قد تعزز نفوذ الصين في الشرق الأوسط، مذكّرا بأن الرئيس الصيني شي جين بينغ زار السعودية في ديسمبر/كانون الأول 2022، لعقد قمة مجلس التعاون الصيني-الخليجي، ثم بعدها في فبراير/شباط 2023، زار الرئيس الإيراني وقتها ابراهيم رئيسي، بكين، ومع حلول آذار/ مارس 2023، نجحت الصين في التوصل الى اتفاق لانهاء القطيعة الدبلوماسية بين السعودية وإيران.
وفي حين لفت التقرير إلى ان السعودية اشترطت قبل اي استثمار سعودي في إيران، ان تتخلى طهران عن دعمها وكلاء إقليميين، قال ان طهران في ظل خسارة حليفها العربي الوحيد، اي سوريا، وجزء كبير من حجم نفوذها، فإنها قد تسعى إلى الاستفادة من الانفتاح الذي بداته الصين، وتحاول تعزيز العلاقات أكثر مع الدول العربية.
ولهذا، قال التقرير ان ذلك يمكن ان يقلص من التوترات الاقليمية عن طريق الحد من تصور الدول العربية لما يرونه من تهديد إيراني، مضيفا ان ذلك يستدعي القيام بتحول كبير في السياسة الخارجية الايرانية، حيث ان رغبة إيران بزعزعة استقرار المنطقة من خلال "وكلائها" وتسريع برنامجها لتخصيب اليورانيوم، لا تتوافق مع تعزيز التقارب مع الدول العربية.
ماذا يعني بالنسبة للغرب؟
واعتبر التقرير أنه مهما كان ما يخبئه المستقبل، فإن الغرب وخصوصا الولايات المتحدة، يواجه سؤالا شديد الاهمية، موضحا انه في حال تحققت النتيجة المفضلة للتقارب، فإنها من شأن ذلك ان يعزز النفوذ الاقتصادي والدبلوماسي الصيني في المنطقة، وهو ما من شأنه ايضا ان يجعل الصين قوة عالمية رائدة، قادرة على التعامل مع الأطراف كافة.
وتابع قائلا ان تموضعا صينيا كهذا، يتناقض بشكل كبير مع الموقف الامريكي الذي اتسم احيانا كثيرة بالتدخلات العسكرية والتحالف الاكثر وضوحا مع قوى اقليمية محددة، مثل اسرائيل والسعودية، مضيفا انه مواجهة هدف ترامب الواضح المتمثل في محاربة الصين اقتصاديا، فان بكين لن تفوت الفرصة لتعزيز قيادتها العالمية.
ولهذا، قال التقرير انه فيما يتعلق بالمستقبل، وخصوصا في الشرق الاوسط، فانه يحتم على واشنطن ان تطرح عرضا للاطراف كافة، بما في ذلك ايران، يكون اكثر إقناعا من العرض الذي تقدمه الصين، مضيفا انه بامكان ادارة ترامب تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط والحد من النفوذ الصيني، انما يجب عليها ان تتبنى نهجا معتدلا ازاء ايران وان تعمل بشكل قوي مع حلفائها الأوروبيين من اجل احياء الاتفاق النووي لعام 2015 في ظل الظروف الجيوسياسية المستجدة في المنطقة.
وختم التقرير بالقول ان سقوط الاسد يمثل نهاية تحالف استمر 5 عقود بين نظام الأسد السوري والنظام الايراني، وهو ما يمكن ان يتسبب بسهولة في اغراق ايران وبقية العالم في حالة لم يسبق لها مثيل من عدم اليقين في المنطقة، وهو ما يشكل وضعا حافلا بالفرص والمخاطر ايضا.
ترجمة: وكالة شفق نيوز