شفق نيوز/ سلط موقع "Stir" المتخصص بالأخبار الفنية والهندسية، الضوء على المعرض الفردي الأول للفنانة العراقية مريم يوسف، المقام في معهد الفن المعاصر في سان فرانسيسكو، والذي يضم مجموعة من منحوتاتها المستوحاة من أعمال النحات والرسام العراقي الشهير الراحل جواد سليم، والمستوحاة ايضا من كتابات المدونة العراقية المجهولة الهوية "Riverbend".
وأشار التقرير، الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، إلى أن المعرض قائم في الفترة من 25 تشرين الأول/أكتوبر 2024 الى 23 شباط/فبراير 2025. وهو يجمع مجموعة من منحوتات يوسف المستوحاة من اعمال جواد سليم (1919 - 1961) ومن كتابات المدونة المجهولة "ريفربند" التي نشطت في الفترة بين عامي 2003 الى 2007، والتي كانت تتناول فترة من مرحلة الاحتلال الأمريكي للعراق.
وبعدما قال التقرير إن مريم يوسف تتحدث في المقابلة عن العلاقة بين سرديتها الخاصة والسردية التي تناولتها المدونة العراقية "ريفربند"، وكيف ساهمت أعمال الفنان جواد سليم في خلق هذا الارتباط، اوضح ان المدونة "ريفربند" التي كانت تنشر تحت عنوان "بغداد تحترق"، قدمت روايتها الخاصة المضادة للدعاية الامريكية في مرحلة الغزو والاحتلال.
واوضح التقرير ان "ريفربند" بسرديتها الخاصة قدمت رؤية مغايرة عن الصورة الهمجية القائمة حول العراق والتي كانت تعرضها معظم وسائل الإعلام الأمريكية، وطرحت "ريفربند" أمام القراء النظرة على غنى التراث الثقافي العراقي من خلال توثيق للمهرجانات والمأكولات".
وأضاف التقرير أن وجهات نظرها السياسية كانت محورية وهي بينما نددت بمرارة احتلال وطنها، إلا أنها في الوقت نفسه، لم تكن مؤيدة للجماعات السياسية التي ظهرت كنتيجة من نتائج الحرب، حيث كانت على سبيل المثال، من اشد المنتقدين للتيار الصدري الذي ظهر مباشرة بعد الاطاحة بنظام صدام حسين، وكانت مواقفه متشددة ضد كل التأثيرات الغربية، بما في ذلك الرياضة مثل كرة القدم.
وبحسب مريم يوسف فإن كثيرين في الولايات المتحدة كانوا يعتقدون أن المدونة "ريفربند" ليست سوى أحد المواطنين الغربيين المنتحل لصفة عراقية باعتبار أن المدونة "حادة وذكية ومفكرة نقدية" وان عدم التصديق بأن المدونة في واقع الأمر هي عراقية، يعكس النظرة الاستشراقية السائد في الولايات المتحدة، مشيرة إلى أن وجهة نظر الرأي العام الأمريكي حول مناطق من غرب ووسط آسيا تستند بشكل كبير على فكرة شيطنة وسائل الإعلام الأمريكية لهذه المناطق، والتي ساهمت في تمكين صناعة التأييد للعمليات العسكرية المختلفة التي قامت بها الولايات المتحدة في هذه المناطق من العالم.
واشار التقرير الى ان مريم يوسف، مثلها مثل "ريفربند"، تركز في أعمالها على تصوير الشعب العراقي وتراثه، موضحا أن الشخصيات الطينية التي تصنعها تمثل المنحوتات البارزة في بلاد ما بين النهرين القديمة، وهي بمثابة تذكرة بأن الأمة العراقية المعاصرة التي دمرتها الحرب، كانت في يوم من الايام "مهد الحضارة"، المعروفة بفنونها وعلمها وابتكاراتها الثقافية مثل الكتابة والزراعة، بالاضافة الى ان الشخصيات التي تقدمها مريم يوسف هي من النساء اللواتي يشهدن على ما يجري امامهن.
وتابع التقرير ان بعض الاعمال الفنية لمريم يوسف تتضمن مقاطع عرضية لمنازل بغدادية قديمة ومنحوتات تتضمن شرفات خشبية تتمتع بنقوش مزخرفة، تُعرف باسم "الشناشيل" الخاصة بالمنزل.
ونقل التقرير عن مريم يوسف اشارتها الى انها استلهمت اعمالها من الفن الذي قدمه جواد سليم، بما في ذلك المقطع العرضي لمنزل بغدادي قديم والتي تقدم أجزاء مختلفة من هندسته المعمارية، مضيفة أن "النساء كن ينظرن من النوافذ، ويظهر الفناء السفلي للمنزل والذي يحتوي على شجرة ومنحوتة لثور ووعاء. لقد اردت ان أقوم بالشيء نفسه".
وبحسب مريم يوسف، فإن مجموعة المنحوتات الموضوعة داخل اطارات مقاطع النوافذ، تتضمن منحوتات فنية مستوحاة من أعمال جواد سليم، وهي تذكرها بثقافة وطنها، حيث ان احدى القطع هي لإبريق شاي عربي، الذي يعتبر عنصرا أساسيا من عناصر الضيافة. كما ان هناك قطعة اخرى لمنحوتة البطة التي يمكن ملاحظتها في القطع الاثرية السومرية.
وتابع التقرير بالقول انه ليست كل القطع النحتية لمريم يوسف تعكس الايجابية او تحمل طابع الحنين حيث أنه على سبيل المثال، هناك قطعة فنية تمثل شجرة نخيل مقطوعة الى ثلاثة اقسام. ونقل التقرير عن مريم يوسف قولها "إنها كانت صورة خطرت فكرتها في البال عندما قرات ريفربند وهي تحكي كيف أثرت الحرب على مزارعي النخيل، وكيف عانت أشجار النخيل، وكيف جرى استخدام سعف النخيل لتحديد الجثث المجهولة الهوية في شوارع بغداد".
وختم التقرير بالإشارة إلى أن معرض سان فرانسيسكو القائم تحت اسم "ريفربند"، مهم ويزداد جاذبية بسبب نجاح الفنانة مريم يوسف في تقديم سرديتها من دون أي إشارة بصرية واضحة للاحتلال الامريكي، وانما حول اعمال مرتبطة بالناس العراقيين، وصدمتهم وقدرتهم على الصمود وعلى تراثهم.
وأضاف أن المعرض يتعلق أيضا بامرأة عراقية واحدة بشكل خاص، هي المدونة المجهولة التي منحت كتاباتها جيلا من مستخدمي الانترنت سببا للتشكيك بالدعاية التي رافقت خراب العراق. واشار التقرير الى انه برغم ان المعرض الفني في سان فرانسيسكو لا يحمل أيا من الغضب المحق الذي ترحه مدونة "بغداد تحترق"، الا انه يعكس تماما الشعور بالامل والرغبة في السلام الذي أشرق من خلال كتابات "ريفربند".
وذكر التقرير بجملة للمدونة المجهولة تقول فيها "سألتقي بك عند المنعطف يا صديقي، حيث يمكن للقلوب أن تشفى وأن تتعافى الارواح".
ترجمة وكالة شفق نيوز