شفق نيوز/ أعلن ريتشارد ميلز، القائم بعمل السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة، الخميس 18 فبراير/شباط 2021، سحب الولايات المتحدة تأكيد إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، إعادة فرض كل عقوبات الأمم المتحدة على إيران في سبتمبر/أيلول.
جاء ذلك في رسالة بعث بها ميلز إلى مجلس الأمن الدولي، واطلعت عليها وكالة رويترز.
كانت واشنطن قد انسحبت في مايو/أيار 2018، من الاتفاق النووي الموقع في 2015، بين إيران ومجموعة (5+1)، التي تضم روسيا وبريطانيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا، وفرضت على طهران عقوبات اقتصادية.
فيما أعلنت إيران في يناير/كانون الثاني 2020، تعليق جميع تعهداتها الواردة بالاتفاق النووي، رداً على اغتيال واشنطن قائد "فيلق القدس" قاسم سليماني، ونائب رئيس "هيئة الحشد الشعبي" العراقي أبو مهدي المهندس، وآخرين في قصف جوي بالعاصمة العراقية بغداد.
بايدن مستعد للمحادثات
كما أبلغ وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، الحلفاء الأوروبيين، الخميس، أن إدارة بايدن مستعدة لمحادثات مع إيران بشأن عودة البلدين للالتزام بالاتفاق النووي.
الولايات المتحدة ستكون مستعدة لإجراء محادثات مع إيران إذا وجّه الاتحاد الأوروبي دعوة لذلك، راسماً مساراً دبلوماسياً محتملاً لاستعادة اتفاق إيران النووي، حسبما صرّح مسؤول أمريكي رفيع المستوى لوكالة رويترز.
حيث قال المسؤول الأمريكي، عقب محادثات بين وزراء خارجية الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا: "نحن مستعدون للمشاركة إذا عُقد مثل هذا الاجتماع".
المسؤول الأمريكي أشار إلى أن بلاده أبلغت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة أنها ستخفف قيود السفر على الدبلوماسيين الإيرانيين، مؤكداً أن "إدارة بايدن لم تتواصل مع مسؤولين إيرانيين بخلاف الإبلاغ بتخفيف قيود السفر".
الفرصة لأول
بينما قال مسؤول أمريكي ثانٍ، إن هناك الآن فرصة لأول مرة منذ سنوات، لإنهاء الضغوط القصوى والعودة إلى الدبلوماسية مع إيران، مشدّداً على أن تعليق إيران للبروتوكول الإضافي، ومنع عمليات التفتيش المفاجئة سيكون "خطوة خطيرة"، ومن الصعب تصوُّر إحياء الاتفاق النووي إذا لم تتم معالجة بعض القضايا الإقليمية (دون تحديد).
سبق ذلك تصريحات لمسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي أكد فيها أنه مستعد للدعوة إلى اجتماع بين أطراف الاتفاق المعنية.
كانت الولايات المتحدة قد حثت الأربعاء، 17 فبراير/شباط الجاري، على العدول عن أي خطوات يمكن أن تلحق الضرر بالتزاماتها الواردة في الاتفاق، خاصةً أن الرئيس الأمريكي جو بايدن يسعى إلى العودة للاتفاق الذي وافقت إيران بموجبه على فرض قيود على برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات، وكان إنجازاً كبيراً لإدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما حتى انسحب منه ترامب.
لكن رغم أن طهران وواشنطن تقولان الآن إنهما تريدان إحياء الاتفاق، فإنهما يختلفان بشأن مَن يتعين عليه اتخاذ الخطوة الأولى.
إن إيران تقول إنه يجب على الولايات المتحدة أولاً رفع العقوبات التي فرضها ترامب، فيما تقول واشنطن إن على طهران العودة أولاً إلى الالتزام بالاتفاق الذي بدأت انتهاكه -حسب الاتهامات الموجّهة لها- بعد إعادة فرض العقوبات.
وينص الاتفاق على التزام طهران بالتخلي، لمدة لا تقل عن 10 سنوات، عن أجزاء حيوية من برنامجها النووي، وتقييده بشكل كبير، بهدف منعها من امتلاك القدرة على تطوير أسلحة نووية، مقابل رفع العقوبات عنها.
الاتحاد الأوروبي والدبلوماسية
كان رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشال، قد أكد للرئيس الإيراني، حسن روحاني، الخميس 18 فبراير/شباط 2021، أهمية تغليب الدبلوماسية لاستمرار الاتفاق النووي بين طهران والقوى العالمية في المرحلة الراهنة.
ميشال شدد على أهمية التنفيذ الكامل للاتفاق، مُعرباً عن قلقه من تخلي طهران عن التزاماتها المتعلقة بالاتفاق المذكور.
كما أشار إلى أهمية تعاون إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مؤكداً أنَّ "صون المجال الدبلوماسي المدعوم بخطوات إيجابية أمر حيوي في هذه المرحلة"، مضيفاً أن الاتحاد الأوروبي سيواصل بذل جهوده لتنفيذ الاتفاق بالكامل وعودة الولايات المتحدة الأمريكية إليه.
إيران تلعب بالنار
تجدر الإشارة إلى أن وزير الخارجية الألماني هايكو ماس حذّر، الخميس 18 فبراير/شباط 2021، من أن المحادثات الخاصة بالاتفاق النووي (لعام 2015) تزداد تعقيداً بشكل كبير في الوقت الراهن، لأن إيران برأيه لا تسعى لخفض التصعيد، بل للتصعيد، وهذا لعب بالنار، حسب قوله.
ماس أكد أن أحدث خطوات تتخذها إيران تعرّض للخطر إمكانية عودة الولايات المتحدة للاتفاق النووي، مضيفاً أنه "كلما زادت الضغوط زادت صعوبة إيجاد حل سياسي".
اتصال نادر
يشار إلى أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أجرت الأربعاء 17 فبراير/شباط 2021، اتصالاً نادراً مع الرئيس الإيراني حسن روحاني، أعربت خلاله عن "القلق" حيال مستقبل الاتفاق النووي، في ظل ما وصفته بتراجع طهران عن التزاماتها ضمنه، داعيةً طهران إلى "بوادر إيجابية تزيد من فرص الحل الدبلوماسي".
إذ قال المتحدث باسم الحكومة الألمانية، شتيفن زايبرت، إن اتصال ميركل تناول سبل منع طهران من التملص من التزاماتها بشأن السماح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بتفتيش المنشآت النووية الإيرانية.
الأفعال لا الأقوال
كان المرشد الإيراني الأعلى، آية الله علي خامنئي، قد طلب الأربعاء 17 فبراير/شباط الجاري، من الولايات المتحدة "الأفعال لا الأقوال" إذا كانت تريد إحياء الاتفاق النووي، وذلك في أحدث تحدٍّ للرئيس الأمريكي جو بايدن، ليتخذ الخطوة الأولى نحو كسر جمود الوضع.
فقد حددت طهران لبايدن موعداً نهائياً الأسبوع المقبل، كي يبدأ في التراجع عن العقوبات التي فرضها سلفه دونالد ترامب، وإلا فستتخذ إيران أكبر خطواتها حتى الآن لانتهاك الاتفاق النووي، بحظر عمليات التفتيش التي تجريها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بعد وقت قصير من تقديم إخطار بها.
حيث قال خامنئي، في كلمة بثها التلفزيون الحكومي، إنهم سمعوا الكثير من الأقوال والوعود "الجميلة" التي انتُهكت على أرض الواقع، مشدّداً على أنه "لا جدوى من الكلام والوعود، هذه المرة نطلب التطبيق العملي للوعود فقط والوفاء بها، وإذا لمسنا ذلك في الجانب الآخر فسنقوم بالعمل أيضاً".
يُذكر أن محادثات انطلقت، الخميس 18 فبراير/شباط 2021، بين وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة حول كيفية إنقاذ الاتفاق الرامي إلى احتواء البرنامج النووي الإيراني.
وفي أحدث تحرُّك من جانبها لزيادة الضغط على واشنطن أبلغت إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التابعة للأمم المتحدة، أنها تخطط لتركيب مزيد من أجهزة الطرد المركزي المتطورة من طراز آي.آر-2إم بمحطة تخصيب اليورانيوم تحت الأرض في نطنز. جاء ذلك في تقرير للوكالة يوم الأربعاء.
كان تقرير للوكالة الدولية قد أشار في 1 فبراير/شباط الجاري، إلى أن إيران قامت بتشغيل سلسلة ثانية من أجهزة الطرد المركزي آي.آر-2 إم في محطة نطنز لتخصيب الوقود، وكانت تقوم بتركيب اثنين آخرين. وينص اتفاق إيران مع القوى الكبرى المبرم عام 2015، على أنه لا يمكنها التخصيب إلا في محطة تخصيب الوقود باستخدام أجهزة طرد مركزي من الجيل الأول الأقل كفاءة بكثير من آي.آر-1.