شفق نيوز/ تلوح في الأفق بوادر شرارات ازمة قد تتطور الى مواجهة مسلحة بين لبنان واسرائيل، بعدما دخلت سفينة لإنتاج الغاز "حقل كاريش" المتنازع عليه، للبدء باستخراج الغاز ونقله لصالح اسرائيل، وسط تهديدات لبنانية بأن ذلك يمثل تهديدا للسلم والامن الدوليين، وسبق ل"حزب الله" ان توعد بالرد في حال انتهكت إسرائيل الحقوق اللبنانية في موارد الطاقة البحرية.
والان، مع مسارعة اسرائيل الى استغلال موارد الحقل المتنازع عليها تتزايد المخاوف من تحول "العمل العدائي" بحسب وصف لبنان لما جرى، من اشتعال مواجهة عسكرية بين الطرفين، في وقت يعاني لبنان من أحد اسوأ ثلاث أزمات اقتصادية في العالم خلال ال150 عاما الماضية، بحسب توصيف البنك الدولي.
وتتعاظم المخاوف أيضا في وقت حلت ذكرى اجتياح اسرائيل للبنان في العام 1982، واحتلالها للعاصمة بيروت، في وقت تكرر إسرائيل تحذيراتها من تعاظم القوة الصاروخية وسلاح الطائرات المسيرة التي بات يمتلكها حزب الله الذي يعتقد انه كان مسؤولا خلال الشهور الماضية عن عدة عمليات تسلل لمسيرات جوية عبرت الحدود الجنوبية نحو اسرائيل.
وكانت هيئة قناة السويس المصرية اعلنت الجمعة ان السفينة الأوروبية الجديدة "اينيريجان باور" التي يعتقد انها تابعة لشركة يونانية مسجلة في بورصة لندن، والتي شيدت بشكل خاص من اجل العمل في "حقل كاريش"، قد عبرت القناة يوم الجمعة، متوجهة الى "السواحل الاسرائيلية".
ووصفت القناة السفينة الاوروبية التي سبق لها ان ابحرت من سنغافورة، بانها تشكل اول عبور من نوعه في تاريخ القناة لوحدة عائمة لانتاج وتصنيع وتخزين الغاز الطبيعي المسال (FPSO). وبحسب التقارير اللبنانية، فان السفينة وصلت بالفعل الى "حقل كاريش" المقابل للساحل اللبناني الجنوبي، في منطقة ما زالت متنازع عليها قانونيا بين لبنان واسرائيل، ولم يحسم مصيرها وفق الترسيم البحري بناء على المفاوضات التي تجري برعاية امريكية بين الطرفين منذ سنوات.
ومن المفترض ان يتدفق الغاز من "كاريش" الى السفينة الخاصة على بعد 90 كيلومترا من الساحل وذلك قبالة قرية الطنطورة التابعة لحيفا حيث ستتم معالجة ناتج الانتاج وفصله قبل نقله الى "خط الغاز الوطني في اسرائيل" تمهيدا لتصديره كما هو معتقد الى اوروبا. ويعتقد ان السفينة تتمتع بقدرة معالجة تبلغ 800 مليون قدم مكعب/ يوم (8 مليار متر مكعب/ سنويا) وسعة تخزين 800 الف برميل غاز.
وجاء اتفاق اسرائيل مع الشركة الاوروبية برغم ان لبنان كان اعلن رسميا ان "كاريش" حقل متنازع عليه وذلك بموجب رسالة وجهتها الحكومة اللبنانية الى الامم المتحدة، بتاريخ 28 يناير/كانون الثاني 2022.
وجاء عبور سفينة الانتاج لقناة السويس، بعد ايام على تصريحات من قيادة "حزب الله" باحتمال التدخل لعرقلة التعدي الاسرائيلي المحتمل على حصة لبنان من الحقل. واليوم، نقلت صحيفة محلية عن عن عضو المجلس السياسي في "حزب الله" محمود قماطي، قوله انه "لن نسمح بأن تنقب إسرائيل عن النفط والغاز في المنطقة المتنازع عليها".
وكان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، دعا مؤخرا الى "تشكل إجماع وطني حول كيفية حماية هذه الثروة وكيفية استخراجها”، موجها تحذيرا واضحا الى اسرائيل عندما قال ان "ما نحتاج إليه هو امتلاك جرأة التلزيم لعدم الذهاب نحو مزيد من المديونية… وإذا أراد العدو منعنا من التنقيب فإننا قادرون على منعه".
اما المفتي الجعفري الشيخ أحمد قبلان فقد حذر قائلا "لن نقبل أن تتنعم تل أبيب بالنفط والغاز اللبناني، فيما لبنان عاجز عن تأمين إمداداته من النفط والغاز، وسط أسوأ أزمة بتاريخه، والإحتلال الإسرائيلي لحقل كاريش يشبه الاحتلال الاسرائيلي للعاصمة بيروت ، وكل الشعب اللبناني وقواه الوطنية حاضرة لأن تكون جزءً من هذه المعركة الوطنية الفاصلة".
وبحسب رئاسة الجمهورية اللبنانية فانها اعلنت الأحد في بيان ان "لبنان أودع الأمم المتحدة قبل أسابيع رسالة يؤكّد فيها على تمسكه بحقوقه وثروته البحرية، وأن حقل كاريش يقع ضمن المنطقة المتنازع عليها، وجرى تعميمها في حينه على كافة أعضاء مجلس الأمن كوثيقة من وثائق المجلس تحت الرقم S/2022/84 بتاريخ 2 شباط 2022".
وطلب لبنان في الرسالة من مجلس الامن عدم السماح لاسرائيلي بالقيام بأي أعمال تنقيب في المناطق المتنازع عليها "تجنبا لخطوات قد تشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين". كما لفتت الرسالة اللبنانية الى أن لبنان ما زال يراهن على نجاح مساعي الوساطة التي يقوم بها الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين من اجل التوصل لحل تفاوضي لمسألة الحدود البحرية برعاية الأمم المتحدة.
واعلن رئيس الجمهورية ميشال عون اليوم انه اجرى اتصالات مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وغيره من المسؤولين المعنيين لمتابعة قضية السفينة، و"طلب من قيادة الجيش تزويده بالمعطيات الدقيقة والرسمية ليبنى على الشيء مقتضاه"، لافتاً الى ان "المفاوضات لترسيم الحدود البحرية لا تزال مستمرة، وبالتالي فإن اي عمل او نشاط في المنطقة المتنازع عليها يشكل استفزازا وعملاً عدائيا".
اما ميقاتي فقد حذر من محاولات "العدو الاسرائيلي لافتعال أزمة جديدة، من خلال التعدي على ثروة لبنان المائية، وفرض أمر واقع في منطقة متنازع عليها ويتمسك لبنان بحقوقه فيها، أمر في منتهى الخطورة، ومن شأنه إحداث توترات لا أحد يمكنه التكهّن بتداعياتها".
ودعا ميقاتي "الامم المتحدة وجميع المعنيين إلى تدارك الوضع والزام العدو الإسرائيلي بوقف استفزازاته".
وجاء الاعلان عن عبور السفينة بعد ايام على انتهاء مناورات عسكرية اجراها الجيش الإسرائيلي في قبرص، بمشاركة وحدات برية وجوية وبحرية نخبوية.
وتوقف مراقبون عن تصريحات المدير العام للامن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم الذي عاد لتوه من زيارة الى واشنطن، حيث اشار لمجلة الامن العام الى ان ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل حول الخطين البحريين 23 و29 كان من بين القضايا التي بحثها مع المسؤولين الأمريكيين.
وقال اللواء ابراهيم للمجلة أن لبنان يعتبر ان خط 29 هو خط التفاوض، وان كل ما هو داخل الخط 29 يصبح مناطق متنازع عليها، ولا يحق للعدو استخراج النفط أو التصرف بأي شيء شمال هذا الخط، وبالتالي، سيصبح المساس بالثروة النفطية اللبنانية او غيرها، بمثابة تعد على السيادة اللبنانية وحقوق لبنان، مضيفاً أنه "طالما أن الحدود البحرية لم يتم ترسيمها بعد، فسيكون للبنان رد كما لو أن لبنان قد تعرض الى اعتداء على سيادته وحقوقه".
ومن جهته، دعا اللواء العسكري المتعاقد امين حطيط الذي قاد ترسيم الحدود البرية مع اسرائيل عندما انسحبت من غالبية الاراضي اللبنانية في العام 2000، في تغريدة له على تويتر" الى انعقاد "مجلس الدفاع الأعلى" من اجل "اتخاذ القرارات المناسبة لمواجهة اسرائيل ومنعها من العمل في المنطقة المتنازع عليها بين الخطين 23و 29"
خاص شفق نيوز