شفق نيوز/ شكك موقع "ذا ديبلومات" الأمريكي المتخصص بأخبار منطقة آسيا والمحيط الهادئ، بأن يستجيب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لدعوة الصين له لزيارتها، مشيرة الى عقبات وتحديات تتعلق بالوضع السياسي الداخلي، وايضا التحفظات الامريكية على زيادة التقارب والمصالح بين بغداد وبكين.
وبعدما لفت التقرير الامريكي، الى ان السوداني تلقى دعوة لزيارة بكين، قال ان الجانب العراقي لا يزال مترددا على تلبيتها.
وبداية اشار التقرير الى ان العلاقة بين العراق والصين لا تعتمد على النفط فحسب، رغم انه ينظر الى النفط عادة على أنه حجر الزاوية في هذه العلاقة، مذكرا بأنه من المقرر تنفيذ اكثر من 200 مشروع بقيمة تقدر بـ 5 مليارات دولار بحسب اتفاقيات بين الصين والعراق.
وفي حين لفت التقرير إلى أن رئيس مجلس الاعمال العراقي الصيني حيدر الربيعي اقترح على السفير الصيني دعوة السوداني لزيارة الصين لبحث مشاريع التعاون المستقبلية، نقل التقرير عن مصدر مقرب من رئيس الوزراء العراقي، قوله إن الدعوة مطروحة على الطاولة ويجري تقييمها حاليا.
وبحسب التقرير، الذي نشره الموقع باللغة الإنجليزية، وترجمته وكالة شفق نيوز، فإن العلاقات بين الصين والعراق تشهد أفضل مراحلها، فيما يتزايد عدد الزعماء العرب الذين يزورون بكين، بما في ذلك لحضور منتدى التعاون الصيني العربي الاخير، مشيرا الى ان جميع رؤساء الوزراء العراقيين السابقين (باستثناء مصطفى الكاظمي) قاموا بزيارة الى الصين، بما في ذلك نوري المالكي، وحيدر العبادي، وعادل عبد المهدي الذي كان آخر مسؤول عراقي كبير يزور بكين ويلتقي بالرئيس شي جين بينغ في ايلول/سبتمبر 2019.
وتابع التقرير ان عبدالمهدي بعد عودته من بكين، ظهرت حركة تشرين الاحتجاجية في العام 2019. وكانت احدى مطالب المتظاهرين ان يستقيل رئيس الوزراء من منصبه، وهو ما حصل فعلا بعد اقل من شهر من بدء الاحتجاجات، حيث أجبر عبد المهدي على التخلي عن منصبه.
واضاف التقرير ان ذلك كان كافيا لاثارة نظريات المؤامرة التي تقول إن الاتفاق الصيني العراقي هو الذي ادى الى الاطاحة بعبد المهدي، وهي نظرية مؤامرة تحولت الى عقيدة، ليس فقط بين الناس العاديين، وإنما أيضا بين النخب.
وفي حين لفت التقرير الى تصريحات ومواقف نواب ومواطنين عاديين عراقيين يؤكدون ان الاطاحة بعادل عبدالمهدي كان سببها جزئيا الصفقة التي ابرمها مع الصين، قال ان عبدالمهدي نفسه يقول ان احتجاجات تشرين كانت محاولة من قبل الولايات المتحدة واسرائيل لتقويض العراق بعدما بدأ في الابتعاد قليلا عن السيطرة الأمريكية.
ورأى التقرير أن مثل هذه المعتقدات والأفكار الشائعة، تعكس الخلفية المعقدة للعلاقات بين الصين والعراق وبين العراق والولايات المتحدة.
وقال التقرير إنه بينما لم يلتزم السوداني حتى الآن بالقيام بزيارة الصين، فإنه كان زار مدينة هيوستن الامريكية في 19 أبريل/نيسان، برفقة وزير النفط حيان عبد الغني، ووزير التخطيط محمد علي تميم، ومجموعة من رجال الأعمال البارزين من العراق، وشارك في نقاش مائدة مستديرة مع شركات الطاقة والبنية التحتية والعقارات الامريكية بالاضافة الى المؤسسات الاكاديمية، حيث شدد السوداني طوال زيارته الامريكية على حرص العراق على اقامة شراكات استراتيجية من اجل تغيير بيئة الطاقة لدى العراق واعتماد الاستدامة والكفاءة.
وبحسب التقرير، فإن الولايات المتحدة تحاول التأثير على سوق الطاقة العراقي من خلال التركيز على نقطتين رئيسيتين: الاكتفاء الذاتي والتحديث، وهي اهداف يعتزم العراق تحقيقها بحلول العام 2030، مشيرا إلى أنه جرت دعوة الشركات الامريكية الكبرى بما في ذلك، "بيكر هيوز"، و"جي اي فيرنوفا"، و"هانيويل"، و"كي بي ار"، و"اس ال بي"، و"توتال".
ولفت التقرير إلى أن السوداني دعا خلال اجتماع هيوستن الشركات الأمريكية إلى تقديم عطاءاتها خلال جولة التراخيص السادسة لحقول الغاز والنفط، وهو ما أثار مشاعر بالحماس.
إلا أن التقرير قال ان ذلك لم يدم طويلا، موضحا انه بعد مرور شهر، وتحديدا في 11 مايو/ايار، نظمت الحكومة العراقية الجولتين الخامسة والسادسة من العطاءات ، والتي شملت 29 مشروعا، وذهب 10 منها الى شركات صينية، بينما لم تفز اي شركة امريكية باي عرض على الرغم من الدعوات الشخصية التي وجهها السوداني للشركات الامريكية خلال لقاء هيوستن.
وعندما قال التقرير أن "الفائز كان الصين"، اشار الى انه يبدو ان الموجة انقلبت بالكامل ضد الشركات الامريكية. وتابع قائلا انه لا الصين ولا الولايات المتحدة علقت علنا على الديناميكيات التنافسية بينهما في العراق.
وذكر التقرير بالاستناد الى دبلوماسيين ومراقبين امريكيين، فانه من الواضح ان واشنطن أصبحت مهتمة بنفوذ الصين في قطاعي التكنولوجيا المتقدمة والاتصالات وليس النفط. واضاف انه رغم هذه المخاوف، فإن الولايات المتحدة لم تتمكن من وقف توسع الصين في قطاع الاتصالات والمراقبة العراقية.
وفي هذا الإطار، قال التقرير ان شركة "اسياسيل"، الأكبر في اتصالات في العراق، ولها اكثر من 15 مليون مشترك، توصلت الى إبرام "شراكة رائدة" مع شركة "هواوي" الصينية، والتي تفرض عليها الولايات المتحدة عقوبات قاسية.
واشار التقرير الى مفارقة مفادها انه بالنظر الى العلاقات التجارية المزدهرة بين الصين والعراق، فإنه قد يكون من المتوقع ان تحدث زيارات متبادلة بشكل أكبر مما يحصل، خصوصا على مستوى القادة، لكن ذلك لم يحصل، مضيفا ان السوداني لم يعقد سوى اجتماعا واحدا مع شي جين بينغ حتى الان، خلال زيارة الى الرياض العام 2022.
واعتبر التقرير ان تجنب رؤساء الوزراء العراقيين منذ عادل عبد المهدي عن زيارة الصين، حتى برغم استمرار المشاريع الصينية، تمثل "لغزا محيرا"، مضيفا أن هذا اللغز يجعل البحث عن إجابة لسؤال "هل سيزور السوداني بكين"، امرا معقدا بشكل ما.
وتابع التقرير انه رغم ان السوداني تلقى دعوة للزيارة وتأييد قطاع الاعمال العراقي لهذه الزيارة، الا ان السوداني قد يكون مترددا في الذهاب.
وبعدما ذكر التقرير بأن السوداني يعتزم الترشح لمنصب رئيس قائمة سياسية في الانتخابات المقبلة العام 2025، قال انه من المرجح ان السبب الرئيسي لمأزقه هو محاولة معرفة ما اذا كانت زيارته المحتملة الى الصين ستساعده في الفوز بالانتخابات ام لا، خصوصا ان نوري المالكي، الذي وصفه التقرير بانه احد اكثر القادة السياسيين نفوذا في العراق والطائفة الشيعية، يقف ضده.
وتابع التقرير ان السوداني بعد زيارته الى واشنطن، يدرك ان الولايات المتحدة ليست راضية عن الوضع العام للعلاقة الصينية-العراقية، خصوصا في مجالات الغاز والتكنولوجيا المتقدمة، وهو بالتالي قد لا يرغب في المخاطرة برد فعل عنيف في وقت حساس بالنسبة له سياسيا.
وختم التقرير قائلا انه "في ظل الظروف الحالية، فانه من الصعب رؤية السوداني يسافر الى بكين. وقد يرغب في السماح للشركات الاجنبية بالعمل في العراق، بدءا من الصين الى الولايات المتحدة، ولكن كما اظهرت نتائج مزاد النفط الاخير، فانه من الصعب استيعابهم جميعا".
ترجمة وكالة شفق نيوز