شفق نيوز/ يتصاعد الحديث في الآونة الأخيرة عن حراك نيابي لتعديل قانون الانتخابات تمهيداً لإجراء انتخابات تشريعية مبكرة في العراق، فيما تؤكد اللجنة القانونية النيابية أن الكلام بهذا الخصوص "سياسي وإعلامي" فقط، ولم يصلها طلب من داخل اللجنة أو خارجها بهذا الخصوص، كما يستبعد مختصون في المجال الانتخابي إجراء انتخابات برلمانية مبكرة نظراً لعدم وجود أي استعدادات لها.
ويقول عضو اللجنة القانونية النيابية، رائد المالكي، لوكالة شفق نيوز، إن "اللجنة لم تلاحظ لغاية الآن أي تحرك نيابي لتقديم مقترح قانون أو مشروع قانون يخص تعديل قانون الانتخابات، كما لم يصل إلى اللجنة القانونية لا من داخل اللجنة ولا من خارجها طلباً يخص تعديل قانون الانتخابات، وإنما كلام سياسي وإعلامي فقط".
ويستدرك "لكن من الناحية الدستورية والقانونية لا يوجد مانع من تعديل قانون الانتخابات، فهو كأي قانون قابل للتعديل في حال تم تقديم مقترح بذلك وفقاً للسياقات القانونية ومشفوعاً بالتواقيع كما حصل في التعديل الثالث، وكذلك الحال إذا جاء مشروع قانون من الحكومة، ففي الحالتين لا يوجد ما يمنع دستورياً وقانونياً من تعديل قانون الانتخابات".
وتابع "أما من الناحية السياسية، فهناك حديث مفاده أن كثرة التغييرات والتعديلات على القانون الانتخابي تؤثر على استقرار النظام السياسي، وهو ما تم التنبيه عليه سابقاً بالاعتراض على قانون انتخابات عام 2020 والدعوة إلى استمرار النظام الفردي واعطاء المجال لتظهر آثاره بعد فترة من الزمن، لكن لم يستجب الآخرون لذلك بزعم أن ذلك النظام تسبب بعدم استقرار النظام السياسي، وحالياً الجهات نفسها التي كانت تدافع عن التغيير رغم قصر المدة في حينها، هي الآن تتحدث عن عدم جواز تغيير قانون الانتخابات بداعي أنه لا يؤدي إلى الاستقرار السياسي".
ويشير النائب، إلى أن "السبب الحقيقي وراء عدم الرغبة بتغيير قانون الانتخابات يعود إلى أن الكتل السياسية حصلت على المكاسب، فهي تتعامل مع القانون بقدر ما يأتي لها من مصالح".
ويوضح المالكي أن "تأجيل الانتخابات من الناحية الدستورية لا يجوز، لأن البلاد ستدخل في فراغ دستوري عندما تنتهي دورة مجلس النواب في الشهر العاشر من العام المقبل 2025، وحينها سوف تتحول الحكومة إلى تصريف أعمال ولا يستطيع بعدها مجلس النواب من مزاولة أعماله، لذلك تأجيل الانتخابات غير ممكن، أما تقديم الانتخابات فهو ممكن من خلال طلب حل البرلمان وهذا يخضع لإجراءات وسياقات دستورية، لكن لا يمكن تأجيلها وتمديد مدتها".
ويعزو مختصون صعوبة إجراء انتخابات مبكرة إلى وجود إشكاليات عديدة تتعلق بالقانون الانتخابي والمنظومة الانتخابية عموماً، ما يؤكد الحاجة إلى مراجعة شاملة لهذه المنظومة بكل تفاصيلها.
وفي هذا السياق، يقول النائب الأسبق لرئيس مجلس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، سعد الراوي، إن "الدورة الانتخابية حسب الدستور والقانون هي 4 سنوات، لكن أي فقرة في القانون الانتخابي أو في الدستور لم تُفصّل بشكل واضح يتم تفسيرها لصالح الفاعل السياسي، وهذا هو الإشكال في المنظومة الانتخابية".
ويبين الراوي في حديث لوكالة شفق نيوز، أن "قانون الانتخابات العراقي يتكون من 25 صفحة فقط رغم أنه يشمل انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات، في حين أن قانون انتخابات أستراليا على سبيل المثال يتكون من 522 صفحة، وعند إجراء انتخابات مبكرة في الدولة المذكورة ينشئ البرلمان الجديد بعد 36 يوماً من حل البرلمان القديم، فيما لا يستغرق تشكيل الحكومة سوى أياماً معدودة، أما القانون العراقي فلم يُفصّل هذا الأمر".
ويضيف، "كما أن ولاية مجلس المفوضين تنتهي بداية شهر تموز/ يوليو المقبل، ولا يحق لأي جهة أن تمدد عمله وفقاً لقانون المفوضية، لكن تم التمديد له سابقاً عن طريق مجلس النواب، والتساؤل الحالي هو هل سيكون هناك تمديد آخر أم سوف يتم تشكيل مجلس مفوضية جديد؟".
ويلفت إلى أن "مفوضية الانتخابات في دولة تونس على سبيل المثال يتم استبدال اثنين من أعضاء مجلس المفوضين كل عامين، وبهذه الطريقة يكون المجلس متكاملاً بشكل دائم، أما في العراق فيتم حل كل المجلس، ويؤتى بمجلس جديد، ومن ثم يصار إلى ورش ودورات من منظمات دولية وخصوصاً من الأمم المتحدة للمجلس الجديد ليتمكن من تنفيذ عملية انتخابية".
ومن الإشكالات الأخرى، يقول الراوي، إن "هناك أكثر من 500 موظف بدرجة خاصة من رئيس شعبة فما فوق (رئيس قسم، معاون مدير عام، مدير عام، أعضاء مجلس المفوضية) فهؤلاء جميعهم تمت إزاحتهم عن مواقعهم، وهذه إشكالية تعيق إجراء انتخابات مبكرة".
ويتابع، "كما هناك خلافات جمة في القانون الانتخابي، من تسجيل الدوائر وتوزيع المقاعد ونوع الكتلة والقائمة الانتخابية وبقاء أو عدم بقاء سانت ليغو، فهذه كلها إشكالات لم يفصّلها القانون".
ويشدد الراوي على ضرورة "إجراء مراجعة شاملة للمنظومة الانتخابية بكل تفاصيلها، المنظومة الانتخابية، قانون الأحزاب، قانون الانتخابات، قانون الاستبدال، قانون مفوضية الانتخابات".
من جهته، يؤكد المدير العام الأسبق لدائرة العمليات في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، وليد الزيدي، أن "أول انتخابات مبكرة حدثت في العراق كانت عام 2021، والأنباء عن وجود مساعي لإجراء انتخابات مبكرة ثانية هي مجرد حديث وتصريحات غير رسمية".
ويضيف الزيدي في حديث لوكالة شفق نيوز، أن "إجراء انتخابات مبكرة يتطلب أن يسبقها تنسيق بين الكتل وربما يكون بطلب من التيار الصدري كونه بدأ يعطي إشارات للعودة إلى العملية السياسية وقد لا ينتظر انتهاء ولاية مجلس النواب الحالي في الشهر العاشر من العام المقبل، وفي حال حصول الاتفاق ستكون هناك تحضيرات للانتخابات".
ويوضح، أن "إجراء الانتخابات تحتاج إلى تحضيرات من 8 إلى 10 أشهر، منها تعديل قانون الانتخابات وعمليات تحديث السجل والبايومتري والبطاقات الانتخابية".
بدوره، يقول رئيس المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية، علي الصاحب، إن "الانتخابات النيابية التي تقام كل 4 سنوات تشهد في كل دورة انتخابية موجة من الجدل واللغط من جميع الأطراف، فكل طرف يسعى إلى الاستفادة منها لصالحه ويكمن ذلك من خلال (الدائرة الواحدة أو الدوائر المتعددة)".
ويتابع الصاحب حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "قانون الانتخابات سانت ليغو المعدل (1,9/1,7) هو في الحقيقة فُصّل على مقاسات الكتل الكبيرة صاحبة النفوذ والمال السياسي والجمهور، ومع كل ذلك تسعى هذه الكتل إلى محاولة تغيير فقرات هذا القانون، وأن كان سانت ليغو هو معادلة حسابية لتوزيع المقاعد على أعضاء البرلمان".
ويعتبر الصاحب، أن "الذهاب إلى انتخابات مبكرة وتغيير الشخوص والمناصب مزحة يتلهى بها السياسيون في أوقات فراغهم، فلا انتخابات مبكرة ولا هم يحزنون، ففي العراق (كلٌ يبكي على ليلاه)".