شفق نيوز/ خلصت الإذاعة الوطنية الأمريكية "ان بي آر" إلى أن اغتيال القيادي في كتائب حزب الله العراقي أبو باقر الساعدي في 7 شباط/ فبراير الجاري، له تداعيات أوسع على مستقبل الوجود العسكري الأمريكي، وسط تكهنات بأن التحالف الدولي سيتم حله خلال عام، وأن الأمريكيين سيحتفظون بوجود عسكري رمزي في حجمه داخل العراق.
وبرغم أن التقرير الأمريكي الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، قال إن اغتيال الساعدي لم يكن الضربة الأولى التي تنفذها الولايات المتحدة رداً على هجوم قاتل على القاعدة الأمريكية في الاردن، إلا أنه أشار إلى أن هذا الاغتيال، مشابه للاغتيال الذي قامت بها واشنطن قبل 4 سنوات، في إشارة إلى مقتل نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس وقائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني في مطار بغداد، حيث هناك تداعيات أكبر لهذا الهجوم على مستقبل التواجد العسكري للولايات المتحدة في العراق.
شرارة التوتر
ولفت التقرير إلى أن الحرب في غزة بين إسرائيل وحركة حماس، أشعلت بؤر التوتر في أجزاء أخرى من المنطقة، مما يثير مخاوف من اندلاع حرب أوسع نطاقاً، بما في ذلك في العراق حيث اشتعلت الأعمال العدائية بين ميليشيات تدعمها إيران وبين والولايات المتحدة، وتحولت إلى هجمات قاتلة بين الطرفين.
وأشار التقرير الأمريكي إلى أن الحكومة العراقية انتقدت الغارة الأمريكية التي قتلت الساعدي في العاصمة ووصفتها بأنها اعتداء على السيادة، بينما تجاوب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني الذي وصل إلى السلطة بدعم من القوى السياسية المدعومة من إيران، مع الدعوات لحل التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة.
وبعدما ذكرّ التقرير بمرحلة صعود داعش وسيطرته السريعة وسقوط ألوية للجيش العراقي في المواجهات الأولى مع الإرهابيين، أكد التقرير أن الميليشيات المدعومة من إيران على ساحة المواجهة حتى قبل أن تأتي الولايات المتحدة، مذكرّاً في هذا الإطار بفتوى المرجعية العليا التي يمثلها السيد علي السيستاني لحمل السلاح للتصدي لداعش.
اغتيال الساعدي
والآن، يقول التقرير إن المسؤولين العراقيين يقولون إن اغتيال الساعدي يتسبب في تسريع رحيل القوات الأمريكية من البلاد.
ونقل التقرير عن مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي قوله عن الساعدي، إن "الرجل مقاتل وقائد في قوات الحشد الشعبي التي هي مؤسسة وطنية وهي جزء من المنظومة الأمنية، وبالتالي هذا استهداف لسيادة الدولة العراقية".
واعتبر الأعرجي أن هذه الحادثة "ستعزز ضرورة إنهاء مهمة التحالف الدولي"، معرباً عن اعتقاده بأن التحالف سيتم حله خلال عام.
وتابع التقرير أن القيادي في كتائب حزب الله أبو طالب السعيدي قال خلال مشاركته في مراسم تأبين الساعدي بأنه مقاوم شارك في أكثر من ربع الهجمات الـ200 التي نفذت ضد أهداف أمريكية وإسرائيلية في إطار التضامن مع الفلسطينيين.
وأوضح السعيدي "لنا هذا الموقف الشجاع والبطولي والمقدس مع أهل غزة، ونحن ندافع عن السيادة العراقية والحكومة العراقية وندافع عن شعب مسلم آخر يقتل كل يوم في ظل هذا الصمت العالمي الكبير".
وذكرّ التقرير بأن الغارات الأمريكية التي سبقت ذلك في 2 شباط/ فبراير الجاري على قاعدة للميليشيات في محافظة الأنبار، بالقرب من الحدود السورية، أدت إلى مقتل 17 شخصاً على الأقل، مشيراً إلى أن هذه الضربات الجوية البعيدة عن بغداد والتي كان غالبية قتلاها من صغار المقاتلين، كان تأثيرها أقل بكثير من تأثير اغتيال الساعدي.
كتائب حزب الله تتوعد
وبحسب مسؤول عراقي كبير، طلب عدم الكشف عن هويته، فإنه منذ أن تحدثت الولايات المتحدة في بداية شهر شباط/ فبراير الجاري بأنها ستقوم بالرد على الضربة على قاعدتها الأردنية، قام العديد من كبار قادة الميليشيات بمغادرة العراق إلى إيران.
ونقل التقرير عن المسؤول العراقي الكبير قوله أيضاً إن قيادات أخرى من الميليشيات ممن ما يزالون في بغداد، يعمدون إلى تبديل سياراتهم وتجنب المواكب لتجنب اكتشافهم، مثلما حاول الساعدي أن يفعل قبل أن يتم اغتياله.
وتابع التقرير أن كتائب حزب الله أكدت أنها بعد اغتيال الساعدي، لن تلتزم بالتعهد الذي قدمته للحكومة العراقية بالتوقف عن شن الهجمات على أهداف أمريكية.
ونقل التقرير عن محمد يحيى، وهو متحدث باسم الكتائب قوله إن الولايات المتحدة ستدفع ثمناً باهظاً لاغتيال الساعدي الذي وصفه بأنه "أحد قادتنا الكبار وأحد الشخصيات البارزة التي تجرأت الولايات المتحدة على استهدافها، وإن شاء الله سنواجه الولايات المتحدة ولن نطردها من العراق فقط بل من المنطقة برمتها".
وفي ظل موقف الولايات المتحدة الداعم لإسرائيل، قال التقرير إن العديد من الميليشيات التي تهاجم القوات الأمريكية، أصبحت تنظر إلى هذه المواجهة على أنها معركة مقدسة.
كتائب سيد الشهداء
وفي هذا الإطار، نقل التقرير عن المتحدث باسم كتائب سيد الشهداء الشيخ كاظم الفرطوسي قوله إن "العراقيين اليوم هم من يختارون هذه الحرب"، وذلك في مقارنة مع الحروب السابقة التي فرضت على العراقيين خلال عهد الدكتاتور السابق صدام حسين سواء في الحرب مع إيران أو غزوه للكويت.
وبحسب الفرطوسي، فإن انخراط الفصائل العراقية في الدعم للفلسطينيين وغزة يعزز تمسكها "بوطنها وسيادة العراق" ويعكس تضامنها مع العالمين العربي والإسلامي.
ونقل التقرير عن الفرطوسي قوله إن المقاومة مصممة على خروج القوات الأمريكية من العراق قبل حلول الانتخابات الأمريكية في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، لأنها تعتقد أن الإدارة الأمريكية كانت تستخدم ضرباتها في العراق من أجل تعزيز الدعم السياسي المحلي لها.
حرب الحليف والجار
وبينما ذكرّ التقرير بتصريح مستشار رئيس الوزراء العراقي حسين علاوي بأن التعاون العسكري مستقبلاً، سيركز على الاتفاقيات الثنائية مع الحلفاء، فإن التقرير نقل عن وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين قوله إن هناك سؤالاً أكثر اتساعاً وهو "ما هي طبيعة العلاقة التي نريدها مع الأمريكيين؟".
وأوضح علاوي أن "العراقيين عالقون بين الحليف، وهو الأميركي، وبين الجار، وهو الإيراني، وهم يتقاتلون مع بعضهم البعض على أرضنا وهو أمر شديد الغرابة"، داعياً واشنطن وطهران إلى وقف هجماتهما على الأراضي العراقية.
وفي حين أشار التقرير إلى أن الهجوم الإيراني بالصواريخ على أربيل في كانون الثاني/ يناير الماضي، والذي استهدف منزل رجل أعمال كوردي بارز، وأن إيران ادعت أنه مركزاً للموساد الإسرائيلي، نقل عن وزير الخارجية العراقي قوله إنهم "يعلمون أن ما يتحدثون عنه بلا أساس، لكنهم يهاجموننا".
وأضاف أنه يعتقد أن السبب وراء ذلك هو خشية إيران من مهاجمة إسرائيل بشكل مباشر، لافتاً إلى أنه ما يزال ينتظر دليلاً من الإيرانيين على ادعائهم بوجود الموساد.
المحادثات العراقية الأمريكية
وبينما ذكر التقرير أن العراقيين قالوا إن المحادثات العسكرية حول وجود الأمريكيين في العراق ستستمر طالما لم تقع هجمات بين الميليشيات والولايات المتحدة، إلا أنه لفت إلى أن الطرفين أشارا إلى أن الهجمات الانتقامية لم تنته بعد، بينما قال الوزير العراقي إنه "في حال وقعت هجمات وهجمات مضادة، فسيكون من الصعب التفاوض. لا يمكننا التفاوض تحت الرصاص".
ونقل التقرير عن مسؤول أمريكي كبير رفض الكشف عن هويته، قوله إن المحادثات مع الجانب العراقي، مهمة، وأن الولايات المتحدة تريد استئنافها، موضحاً أن طبيعة ونطاق المهمة المستقبلية سيعتمدان على جهوزية القوات العراقية، وبيئة العمليات، ومدى التهديد الذي يمثله تنظيم داعش.
وذكر التقرير أنه في حين أن الجيش العراقي قام بإعادة بناء نفسه منذ العام 2014، إلا أن الولايات المتحدة ما تزال توفر خدمات مراقبة واستطلاع ومساعدة استخباراتية مهمة إلى جانب الدعم الجوي للعمليات العراقية.
وتابع التقرير أن مسؤولين عراقيين وحتى قادة في الميليشيات، يقولون إنهم لا يعارضون وجود عدد صغير من المستشارين العسكريين في البلد.
وبحسب وزير الخارجية العراقي، فإنه بما أن الأحزاب الكوردية والسنية تريد بقاء القوات الأمريكية، فإن أي قرار سيتخذ يجب أن يكون قراراً مشتركاً.
وختم التقرير بالإشارة إلى أن جلسة البرلمان التي تمت الدعوة إليها في وقت سابق من هذا الشهر بهدف التصويت على إخراج القوات الأمريكية، جرت مقاطعتها من جانب النواب الكورد والسنة، كما تغيب بعض النواب الشيعة، بينما حضر أقل من 40% من أعضاء المجلس الذين حضروا للتصويت.
وأضاف التقرير أن أي قرار برلماني لن يكون ملزماً، لكنه سيكون بمثابة مقياس للضغط السياسي على رئيس الحكومة السوداني.
ترجمة: وكالة شفق نيوز