شفق نيوز/ كشف موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، عن تفاصيل ضغوط وإغراءات تمارسها إيران، خصوصا على الحزب الديمقراطي الكوردستاني ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، لأجل اقناعهما بالتخلي عن المشروع السياسي للصدر، وضمان مصالح حلفائها في العراق.
كما كشف الموقع البريطاني، في تقرير له ترجمته وكالة شفق نيوز، عن تفاصيل الصفقة الأخيرة التي طرحها الصدر على قادة الإطار التنسيقي لأجل إيجاد مخرج للانسداد السياسي، والتي تتضمن مقترحات عدة، وأن قوى الإطار رفضت الصفقة.
الأجنحة الناعمة
ونقل التقرير البريطاني، عن سياسيين ومراقبين عراقيين قولهم إن "مع بقاء نحو أسبوعين على انقضاء مهلة انسحاب الصدر من العمل السياسي، فإن إيران تعتقد أن الانسحاب "التكتيكي" للصدر قد منح القوى الحليفة لها، فرصة "لا غنى عنها" لتفكيك تحالفه الثلاثي مع الزعيم الكوردي مسعود بارزاني وزعيم كتلة السيادة محمد الحلبوسي، مشيرة إلى أن الضغوط تزايدت على ما أسمته "الأجنحة الناعمة" للصدر، والمتمثلة بالحزب الديمقراطي الكوردستاني وقوى سنية يقودها الحلبوسي.
وبحسب سياسيين عراقيين مطلعين، فإن "الإيرانيين وحلفاءهم يحاولون عزل الصدر واجباره على تغيير مواقفه فيما يتعلق بتشكيل الحكومة، مما يفتح الطريق للتوصل الى اتفاق يتيح تشكيل حكومة تضم جميع القوى البارزة".
ونقل التقرير عن زعيم شيعي بارز من المقربين إلى إيران، قوله إن "الصدر عنيد ومتهور، ولا يمانع دفع الامور باتجاه حافة الهاوية إذا تدخل الايرانيون بشكل مباشر، وذلك على عكس حلفائه الكورد والسنة".
وأضاف الزعيم الشيعي، أن "الايرانيين اختاروا اللعب معه بأسلوب غير مباشرة، فمضاعفة الضغط على بارزاني والحلبوسي أكثر فاعلية وأقل ضررا من الضغط على الصدر".
حلفاء الصدر
وبعدما أشار التقرير إلى "خسائر مهينة" لحقت بإيران وحلفائها في انتخابات تشرين الأول 2021، نقلت عن سياسيين عراقيين قولهم إن "طهران تسعى حاليا الى تعويض هذه الخسائر والحفاظ على نفوذها، والتصدي للتحالف الثلاثي بقيادة الصدر لوقف توليه السلطة وهي مسألة أصبح لها أولوية".
ولفت المصدر المتمثل بالزعيم الشيعي، إلى أن "الايرانيين سيكونون راضين في حال تمثلت بعض القوى المندرجة في الإطار بالحكومة"، مشيرا الى ان "تسوية الخلاف بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني حول مرشح رئاسة الجمهورية، تنظر اليه إيران على أنه مفتاح لإنهاء المأزق السياسي".
واعتبر حلفاء إيران في العراق، وفقاً للتقرير البريطاني، أن ما تقوم به طهران ليس كافياً، حيث قال سياسيون عراقيون إن "الإطار التنسيقي يعتقد أنه بالإمكان ممارسة ضغوط أكبر على حلفاء الصدر، من اجل ضمان ان يتم ضم جميع قوى التحالف الشيعي إلى الحكومة.
رهان على بارزاني
ورغم معرفة الجميع بأن الضغط الإيراني عادة على الأحزاب العراقية، يتراوح ما بين الترهيب والإغراءات، نقل "ميدل إيست آي" البريطاني، عن مسؤولين أمريكيين وعراقيين قولهم إنهم ليسوا على علم محدد بالعرض الذي تطرحه إيران على بارزاني، لكنهم أعربوا عن تقديرهم أن طهران قادرة على استخدام أدوات عدة".
ويمكن لإيران، بحسب ما يقول مسؤولون أمريكيون وعراقيون، أن "تقدم لبارزاني إغراءات عدة، من بينها أن تطلب من الفصائل المتحالفة معها تخفيف الضغط، ومساعدة الحزب الديمقراطي الكوردستاني في نيل المزيد من المناصب البارزة في الحكومة، ودعم أربيل في خلافها مع بغداد حول العائدات النفطية، وتجاهل عمليات التهريب عبر الأراضي الإيرانية".
وبرغم أن ثلاثة من قادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني رفضوا الكشف عن أي تفاصيل تتعلق بالعروض المقدمة من إيران، لـ"ميدل ايست آي" البريطاني، إلا أنهم لم ينفوا أن هناك ضغوطاً إيرانية تزايدت في الأسابيع الأخيرة".
ونقل التقرير عن قيادي في الحزب الديمقراطي الكوردستاني، مقرب من بارزاني، قوله "لقد تلقينا حصتنا من الضغط الإيراني مقدما، فهل هناك ضغط أكبر من الهجوم بصواريخ باليستية وإقرار قانون يجرد حكومة الإقليم من حقها في التصرف بنفطها؟".
وأضاف القيادي الكوردي، أن "الايرانيين صبورون لقد لعبوا الورقة الامنية والمحكمة الاتحادية، لكن ما يزال لديهم المزيد من الأوراق، وما يهمهم هو أن الصدر لا يغير التوازن بطريقه، وألّا تسير الامور بالطريقة التي يريدها، ولكن حتى الان لا تغيير في موقفنا، ولكن إذا اختار الصدر أن يذهب إلى المعارضة، فالوضع سيتبدل".
خصوم الحلبوسي
وبشأن جناح الصدر السنّي، لفت التقرير إلى أن "الضغط على الحلبوسي هو قصة مختلفة"، إذ اعتمدت إيران استراتيجية تقويض سيطرته على الساحة السنية بدعم زعماء سياسيين وعشائريين خصوم له وبإمكانهم تحدي سلطته".
ويأتي ذلك، بعد عودة شخصيات مثل وزير المالية الأسبق رافع العيساوي والقيادي العشائري علي حاتم السليمان.
وأوضح التقرير البريطاني، أن "قرارات المحكمة الأخيرة إلغاء قضايا مرفوعة ضد العيساوي والسليمان، تمثل جانبا من محاولات إيران لتقويض سيطرة الحلبوسي على المشهد السياسي السني".
ونقل التقرير عن سياسي سني قوله إن "الهدف من اعادة مثل هذه الشخصيات، واضح فالمستهدف هو تحالف السيادة والحلبوسي"، مضيفا انه مهما كان شكل الضغط وحجمه، فليس بمقدور تحالف السيادة التخلي عن الصدر الآن لأن ذلك سيعني نهايتنا، البوصلة ممكن تغييرها إذا قرر الصدر الذهاب إلى المعارضة، وعندها فقط سيكون بمقدورنا التحالف مع الإطار التنسيقي".
الصدر يتحرك
واعتبر التقرير البريطاني أن "الصدر المدرك للضغوط الممارسة على حلفائه، دعا قبل ايام زعماء الإطار التنسيقي هادي العامري وفالح الفياض للاجتماع في مقره في الحنانة في النجف، وان الصدر قدم اقتراحا جديدا بثلاثة خيارات.
وأشار سياسيون شيعة مطلعون، وفقاً للتقرير، إلى أن "الخيار الأول تضمن أن ينضم نصف نواب الإطار التنسيقي إلى ائتلاف الصدر، باستثناء ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه نوري المالكي، والخيار الثاني تضمن فكرة انضمام نواب المالكي إلى الصدر، على أن يجري استبعاد النصف الآخر من نواب الإطار التنسيقي، في حين كان الخيار الثالث الدعوة إلى التحاق الصدر بصف المعارضة والتخلي عن تشكيل الحكومة لخصومه".
موقف الإطار
وذكر التقرير أن "الإطار التنسيقي لم يقدم اجابة رسمية على عرض الصدر الأخير، برغم أن بعض القادة السياسيين الشيعة اعتبروا أن قادة الإطار سيقبلون تقسيم تحالفهم من أجل الانضمام الى الصدر، الا أن اثنين من قادتهم قالوا إن اقتراح الصدر قد تم رفضه".
وبحسب أحد قادة دولة القانون، أبلغ الموقع البريطاني، فإن "العرض رفض لعدم إمكانية تقسيم صفوف قوى الإطار التنسيقي"، موضحا أن "هناك التزاما اخلاقيا بين قوى الإطار ولا يمكن انتهاكه من خلال القبول بعرض الصدر".
وبشأن خيار ذهاب الصدر إلى المعارضة، قال قيادي في الإطار التنسيقي، للموقع، إن "ذلك غير مقبول أيضاً، فتواجد الصدريين في صفوف المعارضة يعني عدم استطاعة أي حكومة البقاء أكثر من 6 أشهر، أو لمدة عام كحد أقصى"، مختتماً حديثه بالقول "ما من خيار لدينا، سوى تفكيك التحالف الثلاثي وعودة الصدر الى الحضن الشيعي".