شفق نيوز / هدوء حذر، قد يسبق عاصفة في محافظة ذي قار، ووفود أمنية وعشائرية وسياسية ودينية تأتي وأخرى ترحل عن مضايف العشائر في الناصرية، هكذا قضت مدينة الحرف الأول وضواحيها أيامها الماضية، فعطوة عشائرية تنقضي وأخرى تمدد، أسلحة تكدس في المناطق المتوترة أمنياً استعداداً لما هو قادم.
سلاح ثقيل
وذكر مصدر محلي بقضاء النصر شمالي محافظة ذي قار، أن مهلة عشيرة عتاب للحكومة والقوات الأمنية تنقضي ظهر الثلاثاء المقبل، وحينها لا يعرف أحد ماذا سيحصل، فعشيرة عتاب عازمة على الأخذ بالثأر لشيخها المقتول غدراً.
وأضاف المصدر لوكالة شفق نيوز، أن "قضاء النصر يشهد حالياً تواجد للقوات الأمنية بشكل مكثف في كل المناطق، فيما غادر العشرات من المواطنين إلى خارج مركز القضاء، خوفاً من تجدد النزاع بين عشيرتي (عتاب وال حاتم)"، مؤكدا ان "الأمر ينتهي بمجرد خطوة واحدة من القوات الأمنية وهي اعتقال الجناة الـ12 شخصاً المتهمين بقتل الشيخ جميل العتابي، وهو ما لم يحصل لغاية الآن مع قرب انتهاء المهلة ".
وتابع، أن "هناك المئات من الرجال المسلحين زاروا القضاء من مناطق الفضيلية في بغداد والكوت وعدد من المحافظات الأخرى خلال الفترة الماضية، كسند لعشيرة عتاب في نزاعها مع آل حاتم"، لافتا إلى أن "هؤلاء الأشخاص نقلوا معهم العشرات من قطع السلاح للمدينة، وغالبية هذه الأسلحة من النوع الثقيل".
في السياق، سارت العشائر في قضاء الإصلاح شرقي محافظة ذي قار، بجمع السلاح، حيث نُقلت المئات من قطع السلاح المرخص وغير المرخص إلى قرى عشيرتي (آل عمر والرميض)، استعداداً لما هو آت في الأيام المقبلة، على خلفية مقتل ضابط الأمن الوطني (عبد المهدي العمري)، فالسير بات في المدينة بحذر شديد، خوفا من التعرض للاغتيال، والحرب بين العشيرتين تحولت بحسب متابعين إلى كر وفر في بدايتها.
وتابع المصدر: "إلا أن تدخل المرجعية الدينية في النجف الأشرف وعدد من قادة القبائل ساهم بتهدئة الوضع في القضاء لفترة محدودة، فيما غادر أحد زعامات عشيرة ال عمر ووالد المقتول بكمين مسلح غادر، الشيخ جميل العمري، القضاء إلى مدينة النجف للسكن هناك مؤقتاً بسبب الضغوط التي يتعرض لها من قبل زعامات القبائل الأخرى لتمديد العطوة العشائرية لعشيرة الرميض، لفترة أخرى، فيما يزال مصير الجناة مجهولاً لغاية الآن".
في غضون ذلك، قال الصحفي والناشط المدني، عدنان عزيز، إن "الصراعات العشائرية في المحافظة تنذر بما لا يحمد عقباه في المستقبل، ورغم أنها لا تشكل ظاهرة لكنها في الحقيقة باتت تأخذ أبعاداً تصادمية خطرة وشديدة بين عشائر ذي قار".
ولفت عزيز، في حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "النقطة المهمة والتي يجب أن يتم التركيز عليها وهي انحدار بعض العشائر إلى الاصطباغ بصبغة سياسية او تلقي دعم من مجاميع مسلحة مرتبطة بالسلطة، وهذه نقطة يجب ان يتوقف عندها الجميع، لأنها في الحقيقة تهدد البنية الاجتماعية للمجتمع العراقي وتنسفه من جذوره"، مردفاً بالقول: "علينا جميعاً أن نحذر ونبتعد عن هذا الطريق قدر المستطاع لان الدخول إليه أشبه بالانتحار الاجتماعي".
وزاد بالقول، إن "هناك عشائر تملك سلاحاً ثقيلاً، والسؤال الذي يطرح نفسه، من أين جاءت هذه العشائر بهذا السلاح؟، ثم لماذا ينسب هذا السلاح إلى جهات أمنية حكومية كالحشد الشعبي عندما تعمد الدولة إلى مصادرته؟ علمًا أن الحشد الشعبي بريء من هذه الأمور وهو جهة امنية حكومية ولديها مخازن تحت سيطرته بامكانه خزنها هناك".
دور القضاء
ومن أجل إعطاء القضيتين أهمية أكبر، لإقناع أصحاب الدم، بأن الحكومة مهتمة بملاحقة الجناة، وجه القضاء العراقي، بنقل القضيتين من مراكز الشرطة المحلية في قضائي النصر والاصلاح، إلى جهاز مكافحة الإرهاب، ليتولى التحقيق بهما وملاحقة 16 متهماً بارتكاب الجريمتين (4 متهمين من عشيرة الرميض، و12 متهما من عشيرة ال حاتم).
يد من حديد
في غضون ذلك، قال قائد شرطة ذي قار، اللواء مكي شناع، ان القوات الأمنية ما تزال تنتشر في كافة النقاط التي تشهد توتراً أمنيًا في المحافظة وهي تقوم بعملها على أكمل وجه. وذكر شناع لوكالة شفق نيوز، أن "التوجيهات التي صدرت للقوات الأمنية المرابطة هناك، تتضمن الحفاظ على حقوق الإنسان والتعامل مع كل من يسيء إلى أمن المحافظة وفق القانون بضربهم بيد من حديد، ولن نسمح بتعكير صفو الأمن في ذي قار".
وتابع قائد شرطة ذي قار، بالقول: "الاجتماع مع وزير الداخلية يوم أمس، تضمن دعم قيادة الشرطة بجميع الامكانيات من أجل تعزيز الأمن في المحافظة وعدم التهاون مع النزاعات العشائرية مهما كلف الامر ".
زيارة سريعة
وكان وزير الداخلية، الفريق الركن، عبد الأمير الشمري، وصل ذي قار أمس الأحد في زيارة استغرقت ساعتين فقط، اصطحب فيها، عدداً من القيادات الأمنية الرفيعة، وهم نائب قائد العمليات المشتركة، وقائد قوات الرد السريع، كامل الحسيني (أبو تراب)، حيث اجتمع خلال زيارته مع قائد عمليات سومر، وقائد شرطة ذي قار، والمحافظ محمد الغزي.
وتشير المصادر إلى أن الشمري أبدى امتعاضه الشديد خلال الاجتماع من سوء ادارة الملف الامني في الناصرية، وتهاون القوات الامنية في ملاحقة الجناة
أسباب الاقتتال العشائري
من جانبه، أوضح الناشط الاجتماعي، كاظم العبودي، أن المحافظة شهدت في الآونة الأخيرة صراعات عشائرية مسلحة، وتخللت هذه الصراعات عمليات قتل واغتيال دون أي رادع من قبل الدولة للمتمردين على أجهزتها.
وقال العبودي للوكالة، إن "هناك عملية استقواء من قبل العشيرة على الدولة وعناصرها الامنية وأنظمتها الوضعية، وهذا الامر متولد من عدة أسباب، أبرزها : هي عملية التخادم السياسي بين شيخ العشيرة والأحزاب السياسي، وهذا التخادم ناتج عن معادلة متبادلة بين الطرفين، تتمثل بقيام العشيرة بانتخاب الحزب او السياسي، بما يقابله من تحقيق فائدة عدم تطبيق القانون على العشيرة في حال دخولها بنزاع مسلح مع عشيرة أخرى0
وزاد: "بات هؤلاء الشيوخ وعشائرهم أصحاب نفوذ، وهذا ينعكس على الواقع بشكل عام، اذ حولت هذه الأمور العشائر قوة كبيرة داخل الدولة، وهذا مكنها من امتلاك أسلحة ثقيلة تفوق ما موجود عند الدولة ومراكز الشرطة".
وأضاف العبودي، أن "من أسباب اندلاع النزاعات العشائرية أيضا إيقاف تنفيذ القوانين بشكل إجباري وفرضها على المخالفين، من خلال ما نلاحظه من سلب رجل الأمن بكافة صنوفه من صلاحياته في ملاحقة المجرمين، وخاصة في حال اعتقل الجاني أو دخل باشتباك مسلح معه يكون هو المدان، وبالتالي لم يعد يشعر هذا العنصر الأمني بالأمان أثناء تنفيذ واجبه، بل أن رجل الأمن بات يتعرض للگوامة العشائرية، نتيجة قيامه بتنفيذه واجبه، ويجبر على دفع الدية أو الفصل العشائري بوقت لاحق".
وبين أن "هناك سبباً لاستمرار الخلل الأمني بالمحافظة، وهو كثرة تغيير القادة العسكريين لأي سبب كان، دون دعمهم من قبل الحكومات المركزية، وبالتالي هؤلاء في حال شعورهم بعدم الدعم، لا يسعون لتنفيذ القانون، لأنهم يخشون على ضياع المنصب المكلفين بأداء الواجب فيه".