شفق نيوز/ تثير الهجمات المتزايدة التي تتعرض قوات الأمم المتحدة "اليونيفيل" المتمركزة في الجنوب اللبناني منذ سبعينات القرن الماضي، من جانب القوات الاسرائيلية التي تحاول ان تتوغل في المناطق الحدودية اللبنانية، مخاوف من محاولات اسرائيل فرض واقع جديد يتعلق بالقوات الدولية، اما باخراجها وانهاء دورها، او بتعديل مهمتها لتكون اكثر انسجاما مع الأهداف الإسرائيلية من الحرب الحالية مع حزب الله.

وبلغت التحرشات العسكرية بجنود "اليونيفيل" حدا دفعت الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اليوم الى "التنديد بإطلاق النار على موقع قوات اليونيفيل أوضحنا لإسرائيل أنه لا يمكن التسامح مع هذا الحادث"، بعدما عبر البيت الأبيض عن مخاوفه من هذه الاستهدافات قائلا انه "يشعر بقلق شديد إزاء التقارير عن إطلاق إسرائيل النار على مواقع لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان"، مؤكدا انه "من الضروري ألا تهدد القوات الإسرائيلية سلامة وأمن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة".

وبينما صدرت مواقف منددة من جانب ايطاليا وإسبانيا وكندا بالاضافة الى موسكو التي أعربت وزارة خارجيتها عن الغضب من القصف الاسرائيلي على قوات "اليونيفيل" مطالبة بالكف عن الاعمال العدائية ضدهم، في حين ذهب رئيس الحكومة الاسبانية بيدرو سانشيز الى حد القول انه "من الضروري بالنظر إلى ما يحدث في الشرق الأوسط، أن يوقف المجتمع الدولي تصدير الأسلحة للحكومة الإسرائيلية".

من المقرر ان يعقد وزراء دفاع 4 دول اوروبية مشاركة في "اليونيفيل"، هي: ايطاليا، وفرنسا، واسبانيا، وايرلندا، اجتماعا خلال أيام، للبحث في التحديات التي تمثلها الاعتداءات الاسرائيلية على الجنود الاممين التابعين لهذه الدول، وتفاقم الحرب مع اتساع الهجوم الاسرائيلي على لبنان".

وبحسب مصدر سياسي لبناني رفيع المستوى تحدث الى وكالة شفق نيوز، ان هدف اسرائيل من استهداف "اليونيفيل" هو "كسر كل الخطوط الحمر بان العدو لا يثق باليونيفيل، ويريد أن يرسل رسالة واضحة للجميع انه لن يقبل بأي قرار ليس لمصلحته".

وقالت "اليونيفيل" في بيان تلقته وكالة شفق نيوز اكدت القوة الدولية وقوع إصابات في صفوف جنودها في هجمات تعرضت لها عدة مواقع لها في الجنوب، بما في ذلك إطلاق دبابة "ميركافا" نيرانها على برج للمراقبة تابع للقوة في بلدة الناقورة الحدودية واصابته بشكل مباشر.

كما تعرض موقع آخر في بلدة اللبونة لإطلاق نار مباشر من الاسرائيليين والحقوا اضرارا بآليات ونظام الاتصالات، بينما كانت طائرة "درون" مسيرة تحلق في موقع "اليونيفيل".

وطالبت القوة الدولية اسرائيل وجميع الأطراف بضرورة "احترام حرمة مباني الأمم المتحدة" مذكّرة بأن "أي هجوم متعمد على قوات حفظ السلام يشكل انتهاكاً خطيراً للقانون الإنساني الدولي وقرار مجلس الأمن 1701".

وقال مصدر برلماني لبناني لوكالة شفق نيوز إن "هناك مخاوف من أن تكون الهجمات الاسرائيلية على مواقع "اليونيفيل"، هدفها إخراج القوات الدولية من مناطق انتشارها المحاذية للحدود، ليكون بمقدور القوات الاسرائيلية الغازية تدمير القرى القريبة من حدودها الشمالية بلا أي رقابة أو شهود".

المخاوف الاخرى كما يقول المصدر السياسي اللبناني، تتعلق بمحاولات اسرائيل فرض تعديل على مهمة "اليونيفيل" في اطار اي محادثات مستقبلية لوقف إطلاق النار، بحيث تكون بمثابة "شرطي دولي" ينوب عنها في مهمة مراقبة الحدود وتوسيع صلاحيات "اليونيفيل" لاحقا ليكون بمقدوره استخدام القوة لمنع تمركز عناصر حزب الله، او الجماعات الاخرى التي قد تشن هجمات على اسرائيل مستقبلا، بالقرب من الحدود.

وكانت وزارة الخارجية اللبنانية قالت في بيان اليوم، إنها "تندد بأشد العبارات بالاستهداف الممنهج والمتعمّد الذي يقوم به الجيش الإسرائيلي لقوات اليونيفيل، وهي هجمات متكررة تؤكد مرة أخرى استباحة إسرائيل للشرعية الدولية".

وبحسب البيان نفسه، فإنه "لا يمكن فصل هذه الاستهدافات عن المحاولات الإسرائيلية المتكررة والمتواصلة لتقويض مهمة "اليونيفيل".

وتزايدت المخاوف اللبنانية إزاء مثل هذه النوايا، بعدما دعا سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون إلى نقل "اليونيفيل" قواتها في جنوب لبنان لمسافة 5 كيلومترات شمالا، تجنبا -بحسب زعمه - لتصاعد القتال في الجنوب، مضيفا أن "إسرائيل لا ترغب في أن تكون موجودة في لبنان، لكنها ستفعل ما يلزم لإبعاد حزب الله عن حدودها الشمالية".

وكانت قوة إسرائيلية مدعومة بالدبابات والمدرعات، وفي إطار محاولاتها التوغل في قرى محاذية للحدود، قامت قبل يومين بالتمركز بشكل مريب، و ملاصق لمقر "اليونيفيل" في الناقورة، ما كان من الممكن أن يعرض الجنود الدوليين للخطر المباشر لان عناصر المقاومة اللبنانية كانوا يتصدون للقوات الاسرائيلية التي تحاول التقدم عند الحدود.

وقالت مصادر في حزب الله، الاثنين، إنه أمر مقاتليه بـ"التريث" في استهداف تحركات لجنود إسرائيليين خلف موقع آخر للقوات الاممية في بلدة يارون، وذلك "حفاظا على حياة جنودها".

وذكرت وكالة انباء "أنسا" الايطالية أن إسرائيل أطلقت النار على قاعدة للجنود الايطاليين في "اليونيفيل" بواسطة طائرة مسيرة، وفتحت النار على مدخل الملجأ الذي لاذ به الجنود، إلا أنه لم تقع اصابات في صفوف الايطاليين، وإنما في صفوف الجنود الاندونيسيين، في حين قال وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو أنه "لا يمكن التسامح" مع ذلك.

ولطالما اعتبرت اسرائيل ان مهمة "اليونيفيل" التي تشرف على مدى الالتزام بتطبيق القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن الدولي، ليست مرضية بالنسبة إليها حيث ان القرار ينص على أن قوة الأمم المتحدة "اليونيفيل" ستساعد الجيش اللبناني على ضمان أن تكون المنطقة الواقعة بين نهر الليطاني والحدود مع إسرائيل "خالية من أي عناصر مسلحة، أو أصول، أو أسلحة" غير حكومية.

ويقول المساعد السابق لوزير الخارجية الامريكي ديفيد شينكر، المعروف بمواقفه المؤيدة لاسرائيل، "بالتاكيد ان اليونيفيل كانت عاجزة، لكن القرار 1701 فشل إلى حد كبير لعدم التزام الجيش اللبناني والحكومة اللبنانية بتنفيذ المهمة، مضيفا أنه "مع تدهور القدرات العسكرية لحزب الله، وتعطل قيادته وسيطرته، قد يعيد الحزب النظر في موقفه المعارض" للانسحاب من جنوب نهر الليطاني.

يذكر أن "اليونيفيل" كانت قد تشكلت بموجب قراري مجلس الأمن الدولي 425 (1978) و 426 (1978)، اللذين يدعوان إسرائيل الى وقف أعمالها العسكرية وسحب قواتها من جميع الأراضي اللبنانية.

كما قرر المجلس إنشاء قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، ووصلت طلائع قوات اليونيفيل الى المنطقة يوم 23 مارس/ آذار 1978. ويشير موقع "اليونيفيل" الى ان هذه القوة المؤقتة شكلت من اجل ثلاثة أهداف واسعة التحديد، وهي:

1- تأكيد انسحاب القوات الإسرائيلية.

2- إعادة السلم والأمن الدوليين.

3- مساعدة حكومة لبنان على بسط سلطتها الفعلية في المنطقة.