شفق نيوز/ تكررت خلال الفترة الماضية، الهجمات الإيرانية والتركية ضد مناطق في إقليم كوردستان، بداعي محاربة "التنظيمات الارهابية" التي تتواجد في تلك المناطق، وسط مخاوف من تصاعد وتيرتها خلال المرحلة المقبلة، وتحولها إلى اجتياح بري داخل العمق العراقي في حال استمرار "الصمت" الحكومي العراقي إزاء هذه الاعتداءات.
وأعلن الحرس الثوري الإيراني، الخميس الماضي، أنه سيواصل هجماته في كوردستان العراق ضد المجموعات المسلحة التابعة للمعارضة الكوردية الإيرانية التي تصفها طهران بـ"الإرهابية".
وفي اليوم نفسه، أعلن وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، قصف مواقع لحزب العمال الكوردستاني في الأراضي العراقية "على بعد 140 كيلومترا من الحدود"، مؤكدا أن "كفاحنا ضد الإرهابيين سيتواصل حتى تحييد آخر إرهابي" وفق تعبيره.
"وصمة عار" على جبين الأمم المتحدة والتحالف الدولي
وفي هذا الشأن، يدين عضو مجلس النواب العراقي عن الحزب الديمقراطي الكوردستاني، محما خليل، استمرار مسلسل القصف التركي والإيراني على مناطق في إقليم كوردستان، مؤكدا أنه "اعتداء على سيادة العراق والمواطنين، ويهدد السلم المجتمعي واستقرار المنطقة"، معتبرا إيّاه "وصمة عار على جبين الأمم المتحدة، والتحالف الدولي، وأيضا على الاتفاقية الاستراتيجية مع الولايات المتحدة".
ويضيف خليل، لوكالة شفق نيوز، أن "أي تجاوز يعتبر انتهاكا صارخا لسيادة البلاد"، لافتا إلى أن "تجرأ الدول المجاورة على قتل العراقيين بدم بارد يعود إلى ضعف الحكومة الحالية التي هي غير قادرة على حماية مؤسساتها داخل بغداد فكيف بأقصى البلاد؟".
ويشير النائب، إلى أن تجاوزات دول الجوار تستند إلى "حجج وذرائع واهية وغير صحيحة، فهم يصدّرون أزماتهم الداخلية إلى العراق"، مبينا أنه "في حال لم تتمكن الحكومة الاتحادية والقوى السياسية من اتخاذ رد صارم تجاه تلك الهجمات فإنها ستكرر مستقبلا، لذلك يجب وضع معالجات حقيقية لمنعها، والتحرك محليا ودوليا بالطرق الدبلوماسية لمنع التجاوزات على سيادة البلاد وقتل الأبرياء".
ومنذ أكثر من أسبوع، تشنّ إيران ضربات متفرقة في إقليم كردستان، كان أعنفها الأربعاء الماضي، بأكثر من 70 صاروخاً بضربات لطائرات بلا طيار، استهدفت مجموعات كوردية إيرانية معارضة.
وقتل على الأقلّ 14 شخصاً بينهم امرأة حامل في هذا القصف، وأصيب 50 آخرون بجروح "معظمهم من المدنيين وبينهم أطفال دون سن العاشرة"، بحسب جهاز مكافحة الإرهاب في الإقليم.
ويتهم الحرس الثوري، المجموعات الكوردية المتمركزة في العراق بـ"مهاجمة إيران والتسلل إليها لزعزعة الأمن وإثارة أعمال شغب ونشر اضطرابات".
انتهاك سيادة "ثنائي" وازدواجية تعامل
ويؤكد عضو البرلمان العراقي عن الحزب الديمقراطي الكوردستاني، شيروان الدوبرداني، بـ"وجود تقصير واضح من قبل الحكومة الاتحادية تجاه الهجمات الإيرانية على إقليم كوردستان، حيث كان من المفترض اتخاذ موقف حازم خاصة بعد سقوط عشرات الضحايا من المدنيين بينهم نساء وأطفال في القصف الأخير".
ويضيف الدوبرداني، لوكالة شفق نيوز، أن "سيادة العراق تنتهك من قبل إيران وتركيا، لكن ما يلاحظ أن هناك ازدواجية في التعامل مع الدولتين في خرقهما لسيادة العراق، وفي حال لم يكن هناك موقف صارم من قبل الحكومة الاتحادية، ستستمر الاعتداء ويتطور إلى اجتياح بري بحجة وجود حزب العمال الكردستاني، لاحتلال بعض مناطق إقليم كوردستان ومناطق عراقية أخرى، وهذا ما نخشاه".
ويتابع النائب، "لذلك تم جمع تواقيع لأكثر من 113 نائبا من أجل عقد جلسة استثنائية طارئة للبرلمان بخصوص الهجمات الإيرانية واستمرار العدوان على الأراضي العراقية".
حكومة ضعيفة وولاءات حزبية
ويعزو محللون سياسيون "سكوت" الحكومة الاتحادية عن الهجمات المتكررة على إقليم كوردستان، إلى محاولة "إرجاع" الأخير مضطرا إلى بغداد، فضلا عن ولاءات الأحزاب العراقية لدول الجوار.
وفي هذا الجانب يذكر المحلل السياسي، صابر إسماعيل لوكالة شفق نيوز، أن "الحكومة الحالية مؤقتة وضعيفة، كونها (تصريف أعمال)، كما هناك خلافات ومشاكل كثيرة عالقة بين الإقليم وبغداد حول قضية النفط والنقاط الكمركية، وترى بغداد أن تلك الهجمات قد تضعف من قوة الإقليم، وبالتالي سيلجأ الأخير إليها مضطرا في نهاية المطاف".
ومن الأسباب الأخرى "للصمت" الحكومي، يقول الخبير القانوني والباحث في الشأن السياسي، نجم اليعقوب، إن "ولاءات الأحزاب وخاصة لتركيا وإيران تؤثر على مواقفها تجاه الدولتين، بالإضافة إلى ضعف المؤسسة العسكرية والأمنية، وعدم بناء قوة ردع مناسبة لتلك الاعتداءات التي تخالف سياقات حسن الجوار وقوانين الأمم المتحدة ومجلس الأمن".
ويدعو اليعقوب عبر وكالة شفق نيوز، "الحكومة العراقية إلى اتخاذ قرارات رادعة، من خلال التوجه إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن للمطالبة بإجراءات بحق الدولتين، فضلا عن الاسراع في حل الأزمة السياسية بتشكيل حكومة انتقالية وإجراء إصلاحات حقيقية تستطيع أن تعيد العراق إلى حالة التوازن في المنطقة".
ويضيف الباحث السياسي، "وأن يطالب العراق من الدولتين التعويض عن اعتداءاتهما وفق ما يقرّه القانون الدولي، واعطاء المواطنين المتضررين الحقوق التي يكفلها القانون".
وكان وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، أعلن الخميس الماضي، تنفيذ "عملية جوية الاثنين (الماضي) في شمال العراق في منطقة أسوس على بعد 140 كيلومترا من الحدود".
وبحسب أكار، استهدف الجيش التركي موقع "قيادة لحزب العمال الكردستاني" الذي تصنفه أنقرة وحلفائها في الغرب تنظيما "إرهابيا".
ويشنّ الجيش التركي منذ منتصف نيسان/أبريل عمليات ضد مواقع حزب العمال الكردستاني وحلفائه في شمال العراق، ويهدد بشن هجوم واسع متزامن ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني في شمال سوريا، لإنشاء منطقة أمنية على طول حدود بلاده الجنوبية.