شفق نيوز/ نشرت مجلة النيوزويك تقريرا مطولاً عن المعارضة الإيرانية مجاهدي خلق وحظها في تغيير الحكم في طهران.
في تفاصيل التقرير، سافر في الثالث عشر من يوليو، المحامي الشخصي للرئيس الأميركي دونالد ترمب رودي جولياني، وسبق أن كان حاكم نيويورك، إلى جماعة معارضة إيرانية هي مجاهدي خلق في مقر الجماعة الخاضع لحراسة مشددة في ريف ألبانيا، حيث يتأهب نحو 3400 عضو للإطاحة بنظام الحكم الديني في طهران.
حكومة منفى
حيث أكد جولياني - الذي وصف مجاهدي خلق بأنهم "حكومة في المنفى" - لأعضاء مجاهدي خلق بأن إدارة ترمب تعتبر الجماعة بديلاً مقبولاً للنظام الحالي.
وقال عمدة مدينة نيويورك الأسبق مخاطبًا جمهوره المتحمس: "يحدونا اليقين بأننا لن ننقذ الأرواح فحسب - إذا بذلنا الجهود للإطاحة بهذا النظام الرهيب، عاجلاً وليس آجلاً - بل سنكون قادرين على إناطة مجموعة من أكثر الناس تحملاً للمسؤولية بالمرحلة الانتقالية لإيران".
وكغيره من المسؤولين السابقين في الولايات المتحدة، فقد ظهر جولياني متحدثًا – ومن أعلى المتحدثين أجرًا - في مناسبات مجاهدي خلق على مدار السنوات القليلة الماضية مثل جون بولتون مستشار الأمن القومي، وفقاً لجوان ستوكر الكاتبة في موقع "ديفينس بوست" الإلكتروني الأميركي والخبيرة في مجاهدي خلق. وقد توقف بولتون عن مخاطبة الجماعة العام الماضي عندما تولى منصبه في البيت الأبيض، الأمر الذي يحول دون مثل هذا الظهور. ولكن في خطابه الأخير إلى مجاهدي خلق في تجمع باريس في عام 2017 أيد بولتون بحماس الجماعة بأنها أفضل الحلول البديلة للنظام الإيراني. وقال بولتون: "هناك معارضةٌ قوية لحكم من يسمون بآية الله وتتركز تلك المعارضة في هذه القاعة اليوم".
وتعد حركة مجاهدي خلق، الحركة الأقدم والأفضل تنظيماً والأكثر شهرة بين العديد من حركات المعارضة الإيرانية التي تنتظر دورها. وهناك آخرون.
فإحدى الجماعات الأخرى هي النظام الملكي، بقيادة نجل الشاه المخلوع، ولي العهد الأمير رضا بهلوي، الذي يأمل في تنسيق مختلف جماعات المعارضة وتشكيل حكومة مؤقتة حتى يمكن إجراء انتخاباتٍ ديمقراطية. كما أن هناك العديد من الجماعات المسلحة التي تمثل الأقليات العرقية والدينية المضطهدة في إيران، والتي تفضل قيام حكومةٍ على الطراز الفيدرالي، حيث تمنح مناطقها قدرًا أكبر من الحكم الذاتي.
"مجاهدي خلق" بديل!
وفي وقتٍ سابقٍ من هذا العام، قالت إدارة ترمب إنها لن تستبعد منظمة مجاهدي خلق كبديلٍ صالحٍ للنظام الحالي. بينما أكد كبار المسؤولين في الوقت نفسه، أن ترمب لا يسعى لتغيير النظام. ويقول هؤلاء المسؤولون إن الإدارة تركز بدلاً من ذلك على حملة ترمب للعقوبات الاقتصادية ضد إيران، والتي تهدف إلى إجبار النظام على التفاوض حول ما يسميه المسؤولون الأميركيون "تغييراتٍ سلوكية". حيث تشمل هذه التغييرات وضع نهايةٍ يمكن التحقق منها لبرنامج الأسلحة النووية الإيراني، ووقف تطوير الصواريخ الباليستية، وكذلك إيقاف دعمها للميليشيات التي تعمل بالوكالة في لبنان وسوريا والعراق واليمن، التي وسعت نفوذ إيران في جميع أنحاء الشرق الأوسط. هذا وقد رفضت إيران مطالب الإدارة، واصفةً إياها بأنها بمثابة تغييرٍ للنظام.
وسواءً بتغيير النظام أو عدم تغيير النظام، تبقى جماعات المعارضة منقسمةً بشدة، الأمر الذي يقوض فرصها في تولي السلطة، وفقًا لما يقوله خبراء إيران. وعلى مرِّ السنين، حاولت عدةُ جماعات معارضة بشكلٍ متكرر تشكيل جبهةٍ موحدة ضد طهران، إلا أن محاولاتها باءت بالفشل بسبب تشابك التاريخ وجداول الأعمال وكذلك الشخصيات.
هذا وقد كانت المعارضة للنظام الديني الإيراني - على شكل احتجاجات في الشوارع وهجمات مسلحة على المسؤولين الحكوميين والمنشآت الحكومية - موجودةً منذ الثورة الإسلامية عام 1979 إلا أن هناك شيئًا مختلفًا الآن. حيث إن ما يميز الاحتجاجات الأخيرة عن الاحتجاجات التي اندلعت في الأعوام 2009 و2017 و2018 هو مدى سوء المشاكل الاقتصادية في إيران، وتردد النظام في اتخاذ إجراءاتٍ صارمةٍ ضد المتظاهرين خشية اندلاع ثورةٍ أخرى.
وقال عبد الله مهتدي زعيم حزب كومله الإيراني الكوردي، وهو أحد جماعات المعارضة العرقية الرئيسية في البلاد، لمجلة نيوزويك: "إنهم حذرون هذه الأيام". وأردف: "إنهم يدركون مدى هشاشة النظام".
ويقول المسؤولون في الإدارة الأميركية إنه لا يسع لقادة إيران سوى التفاوض على التغييرات السلوكية التي يطالب بها ترمب، أو مشاهدة اقتصاد بلدهم ينهار. ويصرون على أن النظام الإيراني سوف ينحني في نهاية المطاف لإرادة الرئيس. بيد أنه حتى الآن، تواصل إيران تحدي ترمب من خلال حملةٍ من التهديدات والمضايقات ضد الملاحة في الخليج العربي، والتي جلبت تعزيزاتٍ بحرية وجوية أميركية وبريطانية إلى المنطقة. وفي الوقت نفسه، يقال إن تقييمًا استخباريًا سويسريًا حديثًا أظهر أن الزعماء الإيرانيين سينتظرون الانتخابات الأمريكية في نوفمبر 2020 على أمل هزيمة ترمب، وتولي إدارةٍ ديمقراطية ترفع العقوبات بموجب العودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015.
ومع ذلك، يرى العديد من المحللين أن التوترات الحالية قد تتصاعد بسهولة إلى صراعٍ مسلح وانهيار لنظام طهران. وقد أثار هذا الاحتمال مسألة نوع الحكومة الإيرانية التي قد تأتي بعد ذلك. ويتحول هذا الحديث حتماً إلى جماعات المعارضة الإيرانية.
سر "مجاهدي خلق"
لقد كانت منظمة مجاهدي خلق صوت المعارضة الرئيسي ضد الجمهورية الإسلامية لسنوات. وخلال العقد الماضي، قدم قادة مجاهدي خلق ومؤيدوهم الجماعة كمنظمةٍ علمانيةٍ ديمقراطيةٍ مسالمة تحظى بدعمٍ شعبي واسع النطاق داخل إيران.
كما تعد أيضًا الجماعة الأكثر إثارةً للجدل. حيث يشكك العديد من المسؤولين الأميركيين السابقين وخبراء إيران في مؤهلات منظمة مجاهدي خلق الديمقراطية، بالإضافة إلى عمق قاعدة الدعم لها داخل إيران. وفي الواقع، فإن كل ادعاءٍ قدمته منظمة مجاهدي خلق تقريبًا يسترعي النفي والروايات المضادة.
لقد تأسست حركة مجاهدي خلق عام 1965 على يد طلابٍ إيرانيين عارضوا نظام الشاه محمد رضا بهلوي الذي أقامته الولايات المتحدة، وقد تبنى مجاهدو خلق خلطًا غريبًا بين الماركسية والإسلام. وقد كانت أول جماعة معارضة تحمل السلاح ضد الشاه وأنصاره في الغرب. ووفقًا للمخابرات الأميركية قامت منظمة مجاهدي خلق - في السبعينيات من القرن الماضي - باغتيال ثلاثة من ضباط الجيش الأميركي، وقتلت ثلاثة متعاقدين أميركيين وقصفت منشآت العديد من الشركات الأميركية، ما جعلها تنال مكانًا في قائمة واشنطن للمنظمات الإرهابية الأجنبية.
كما دعمت منظمة مجاهدي خلق آية الله روح الله الخميني، الذي قاد الثورة الإسلامية التي أطاحت بالشاه في عام 1979 وقد دعمت الجماعة الاستيلاء على السفارة الأميركية، لكنها انفصلت عن الخميني بسبب قراره بالإفراج عن الرهائن الأميركيين. وفي عام 1981 بعد شنّ انتفاضةٍ فاشلةٍ ضد نظام الخميني، أُجبر مجاهدو خلق على الاختفاء عن الأنظار في حين فرّ كبار قادتهم - الزوجين مسعود ومريم رجوي - إلى باريس لتجنب الاعتقال.
بيد أن الحرب العراقية الإيرانية، التي بدأت في عام 1980، قد منحت مجاهدي خلق فرصةً أخرى لمحاربة النظام. حيث تحالفت الجماعة مع صدام حسين وأرسلت حوالي 7000 من أعضاء مجاهدي خلق إلى العراق للتدريب العسكري. وبتجهيزٍ من صدام، خاض مجاهدو خلق معارك عديدة ضد القوات الإيرانية خلال الحرب. وفي عام 1988، شنت الجماعة غزوًا مسلحًا لإسقاط النظام، لكنها مُنيت بهزيمة كبيرة، وفقدت أكثر من 3000 جندي.
كما دفع الغزو إيران إلى إعدام آلاف السجناء السياسيين من مجاهدي خلق. وبمجرد انتهاء الحرب في وقتٍ لاحقٍ من ذلك العام، منع صدام الجماعة من شن المزيد من الهجمات عبر الحدود.
ويقول العديد من العلماء المستقلين إن تحالف مجاهدي خلق مع صدام في تلك الحرب الطويلة والدموية قد حوّل الجماعة إلى "خونة" في نظر معظم الإيرانيين. وفي التسعينيات من القرن الماضي، فرض الرجويين عددًا من الإجراءات شبه الدينية لمنع الانشقاقات. إذ وفقًا لتقرير هيومن رايتس ووتش لعام 2005، وبناءً على مقابلات مع العديد من المنشقين، فقد طُلب من الأعضاء أن يطلقوا زوجاتهم ويرسلوا أطفالهم إلى الخارج للتبني - من بين طلباتٍ أخرى - خشية أن تحول الالتزامات العائلية دون تركيزهم في الكفاح ضد الجمهورية الإسلامية.
وبعد أن أطاحت القوات الأميركية بصدام واحتلت العراق عام 2003، قامت بنزع سلاح مجاهدي خلق ووضعت أعضاءها البالغ عددهم 3400 تحت حماية الولايات المتحدة. وفي نفس العام، اختفى مسعود رجوي في ظروفٍ غامضة، وتولت مريم قيادة الجماعة بمفردها.
حيث أطلقت حملةً بملايين الدولارات من مقرها في باريس عام 2009 لإزالة مجاهدي خلق من قائمة واشنطن للإرهاب. ورغم وضعها الرسمي كمنظمة إرهابية أجنبية، فقد عملت منظمة مجاهدي خلق بشكل علني في واشنطن من مكاتب في نادي الصحافة الوطني، الأمر الذي لقي ترحيبًا لدى المعادين لإيران. حيث أقامت الجماعة حفلات الاستقبال الفخمة في الكابيتول هيل، وبدأت في دفع ما يصل إلى 50000 دولار لشخصياتٍ سياسية وعسكرية أميركية بارزة لإلقاء الخطب، التي أكدت ما قالته الجماعة من التزامها بإيران ديمقراطية علمانية.
وبالإضافة إلى بولتون وجولياني، شملت قائمة المتحدثين مدفوعي الأجر لمنظمة مجاهدي خلق رئيس موظفي البيت الأبيض السابق أندرو كارد ومستشار الأمن القومي السابق الجنرال جيمس جونز، ومستشارة البيت الأبيض السابقة لشؤون الإرهاب فران تاونسيند والنائب العام السابق مايكل موكاسي ووزير الأمن الداخلي السابق توم ريدج، وكذلك مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق لويس فريه ومدير وكالة المخابرات المركزية السابق بورتر غوس، والنائب السابق لمدير وكالة المخابرات المركزية جون سانو ورئيس هيئة الأركان المشتركة السابق الجنرال ريتشارد مايرز، بالإضافة إلى الجنرال ويسلي كلارك والجنرال أنتوني زيني وحاكم ولاية فيرمونت السابق هوارد دين وحاكم ولاية بنسلفانيا السابق إد رينديل والسيناتور السابق روبرت توريسيللي والسيناتور السابق إيفان بايه والنائبان جون لويس وباتريك كينيدي، وآخرون غيرهم.
وقالت باربرا سلافين مديرة مبادرة مستقبل إيران في المجلس الأطلسي، وهو مركز أبحاثٍ سياسي في واشنطن ومتعاطفة مع نظام إيران: "يفعل بعض الناس ذلك فقط من أجل المال، بينما يفعله البعض الآخر لأنهم يكرهون جمهورية إيران الإسلامية". وأكملت: "إنهم يعتنقون القول المأثور الذي يقول إن عدوّ عدوي هو صديقي، كما يعلمون بأن هذه الجماعة تغيظ إيران. وعلاوةً على ذلك، فهي تدفع جيدًا".
وفي هذه الأثناء، أصبح مجاهدو خلق معروفين كمصادر استخباراتية قيمة. ففي عام 2002، كان الفضل يرجع لمنظمة مجاهدي خلق في فضح محطة تخصيب اليورانيوم الإيرانية السرية آنذاك في نطنز، مما أدى إلى قيام الأمم المتحدة بعمليات تفتيش. وعلى مدى خمس سنوات منذ عام 2007م، قام قتلة مجاهدي خلق – بتمويلٍ من جهاز المخابرات الإسرائيلي الموساد وتدريبه وتسليحه – بقتل ستةٍ من العلماء النوويين الإيرانيين، وذلك بحسب ما قاله مسؤولون أميركيون لشبكة إن بي سي نيوز.
وفي عام 2011، قتلت الميليشيات الموالية لإيران في العراق حوالي 140 من أعضاء مجاهدي خلق، وأحرجت بشدة الجيش الأميركي الذي كان مسؤولاً عن حمايتهم. ولمنع ارتكاب المزيد من المجازر، قامت وزيرة الخارجية الأميركية آنذاك هيلاري كلينتون بإزالة الجماعة من قائمة الإرهاب في عام 2012، وهي الخطوة التي مهدت الطريق لإجلاء أعضاء مجاهدي خلق في معسكر أشرف إلى ألبانيا.
صرح دانييل بنجامين، منسق مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأميركية آنذاك، لمجلة نيوزويك بأن الإزالة قد "تمت بناءً على تقدير الوزيرة بدواعي قلقٍ إنسانية حيث لن تأخذهم أي دولة دون ذلك، ولم تكن بسبب أي تغيرٍ في التفكير داخل منظمة مجاهدي خلق. ببساطة لم نرد أن تتلطخ أيدينا بمزيدٍ من الدماء".
وقال بنجامين، الذي أصبح مديرًا لمركز ديكي للتفاهم الدولي في كلية دارتموث: "لقد أنجزت منظمة مجاهدي خلق عملاً رائعًا في إظهار نفسها كديمقراطية". وأضاف: "يتحدثون نفس الحديث، لكن لا يوجد أي دليل على الإطلاق على أنهم قد تغيروا بأي شكلٍ من الأشكال. ولا يوجد أي سؤالٍ حول دعمهم داخل إيران نفسها – حيث أنه لا توجد لديهم مجموعة من المؤيدين ذات أهميةٍ إحصائية في إيران."
هذا وينكر مسؤولو منظمة مجاهدي خلق وذراعها السياسي (المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية) بشدة هذه الرواية لتاريخ الجماعة، بما في ذلك أي مسؤوليةٍ عن اغتيال الأميركيين.
إذ قال علي صفوي مدير مكتب الجماعة في واشنطن، لمجلة نيوزويك: "لقد شارك النظام الإيراني في هذه الحملة الخاطئة على مدى أربعة عقود". وأردف: "لقد استثمروا مبالغ ضخمة من المال في ذلك، وطوروا شبكة متطورة من المتحدثين وجماعات الضغط في الولايات المتحدة وأوروبا لتشويه صورة المعارضة الإيرانية على أنها لا تتمتع بأي دعمٍ داخل إيران وأنها ليست ديمقراطية".
وقال اليوم، إن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية "يجمع العديد من المجموعات المختلفة وحوالي 500 شخصية معارضة معروفة ممن يلتزمون بإقامة جمهورية ديمقراطية علمانية وغير نووية". ويقول إن تمويلها يأتي فقط من أفرادٍ أثرياء من جاليات الشتات الإيراني.
بروز شخصية ملكية
في الوقت الذي تشدد فيه إدارة ترمب الخناق الاقتصادي على الجمهورية الإسلامية، كان ولي العهد رضا بهلوي يتحدث ضد النظام في طهران ويدعو المعارضين إلى التوحد تحت قيادته ورؤيته نحو إيران ديمقراطية.
لقد كان بهلوي - البالغ من العمر 58 عامًا - بعمر 17 عامًا فقط عندما دفعت الثورة الإيرانية عائلته إلى المنفى. لكنه راقب عن كثب التطورات في إيران على مدار العقود الأربعة الماضية، حيث يقول إن الاستياء من الفساد الحكومي وسوء الإدارة الاقتصادية قد أوصل النظام إلى حافة الانهيار. وقال لإذاعة فاردا (خدمة البث الإذاعي باللغة الفارسية التابعة للحكومة الأميركية) في فبراير: "يبدو أن الجو [في إيران] يقترب من نقطة الانفجار".
ورغم أن بهلوي يعيش قرب واشنطن، إلا أنه يعد شخصيةً غير مألوفة في دوائر السياسة الخارجية. حيث قال النقاد إنه يفتقر إلى الجاذبية والعزيمة.
في عام 1980، أصدر بيانًا يعلن فيه أنه شاه، لكنه تراجع عنه لاحقًا. يذكر أن المخابرات الأميركية وجهت لبهلوي في ثمانينيات القرن الماضي عرضًا بفرض نظام ملكي في جزيرة كيش الإيرانية الواقعة في الخليج العربي، وذلك بدعمٍ بحري وجوي أميركي. ويزعم أن أول سؤالٍ لبهلوي كان قد ركز على استراتيجية الانسحاب.
ولكن منذ أواخر العام الماضي، بدأ بهلوي في رفع مكانته من خلال الاجتماع مع مراكز الفكر لشرح الدور الذي يمكن أن يقوم به، في الوقت الذي تستعد فيه جماعات المعارضة المختلفة لسقوط النظام. ويقول بهلوي إنه يعتبر نفسه شخصيةً بارزةً يمكنها توجيه تلك الجماعات لوضع خطة مشتركة للانتقال السياسي. لقد اتخذ بالفعل خطوةً في هذا الاتجاه من خلال مشروع العنقاء، وهو محاولةٌ لجمع العلماء والأكاديميين والخبراء الإيرانيين المنفيين من أجل التصدي للمشكلات التي ستواجهها أي حكومةٍ ديمقراطيةٍ تخلف في إيران. هذا وقد قال إنه لا يطمح شخصيًا لحكم إيران.
يشمل أنصار بهلوي العديد من الجماعات الملكية التي تتكون من الإيرانيين المنفيين في الولايات المتحدة وأوروبا، بالإضافة إلى عددٍ غير معروف في إيران، حيث دعا بعضهم إلى عودة النظام الملكي خلال المظاهرات المناهضة للحكومة في عام 2017.
وخلال السنوات القليلة الماضية، قامت عدة محطاتٍ تلفزيونية مقرها أوروبا ببث برامج مؤيدة للنظام الملكي في إيران، في محاولةٍ لخلق جو من الحنين إلى ما قبل الثورة.
ويرى باتريك كلاوسون، مدير الأبحاث في معهد واشنطن، أن بهلوي يفضل أن يتولى دور الملك الرسمي دون مسؤوليةٍ عن الحكم على غرار الملكية الدستورية البريطانية. حيث قال كلاوسون لسلافين في المجلس الأطلسي: "إنه يريد أن يصبح الملكة إليزابيث".
القتال على الأرض
ومن جماعات المعارضة الإيرانية – التي تخوض المعارك الفعلية ضد النظام – تلك الجماعات التي تمثل الأقليات العرقية والدينية في البلاد: الكورد والأذربيجانيين في الشمال الغربي، والعرب في الجنوب الغربي، والبلوش في الجنوب الشرقي، وجميعهم يطالبون بالحكم الذاتي لمناطقهم.
ووفقًا لنيسان رأفت، خبير شؤون إيران في مجموعة الأزمات الدولية، فإن هذه الجماعات تشنّ هجماتٍ متكررة ولكنها صغيرة على أهدافٍ حكومية منذ الثورة. بينما تصورهم الحكومة على أنهم إرهابيون، يدعمهم الخصوم الإقليميون.
وعلى مدار الأعوام القليلة الماضية، تولى حزب كومالا في كردستان الإيرانية زمام المبادرة في محاولةٍ لتوحيد هذه المجموعات المختلفة خلف فكرة استبدال النظام الديني الإيراني بحكومةٍ فيدرالية لا مركزية، والتي يحمي دستورها حقوق الأقليات العرقية في البلاد.
وقال مهتدي من حزب كومالا: "من المؤكد أن هذا النظام سينهار عاجلاً أم آجلاً". وأضاف: "ما نريده هو تجنب الاحتمال في أن يؤدي هذا الانهيار إلى تقسيم البلاد إلى مناطق عرقية مختلفة."
ويحث مهتدي إدارة ترمب على إجراء اتصالات مع جماعات المعارضة للتخطيط لما سيأتي بعد ذلك. حيث حذر من أنه دون اتخاذ مثل هذه الاستعدادات، فإن انهيار النظام يمكن أن يتبعه استيلاء الحرس الثوري الإيراني على السلطة، أو تفكك البلاد في حالةٍ من الفوضى. وقال مهتدي: "لقد ضغطت إدارة ترمب على النظام الإيراني اقتصاديًا وسياسيًا، لكنها لم تتخذ خطوةً جدية فيما يتعلق بالتواصل مع المعارضة الإيرانية".
في الواقع، لم تلتقِ إدارة ترمب بأي شخصياتٍ من المعارضة الإيرانية، وقد نأت بنفسها عمدًا عن الجماعات في الوقت الحالي. حيث قال براين هوك، المبعوث الأميركي الخاص لإيران، لمجلة نيوزويك في مقابلة: "إن مستقبل إيران سيقرره الشعب الإيراني". وأكمل: "نحن لا نختار الفائزين والخاسرين في هذه القضية."
إلا أن هذا يمكن أن يتغير بين عشيةٍ وضحاها. إذ يقول مساعدو البيت الأبيض إن بولتون لا يزال يحاول إقناع الرئيس بتبني سياسةٍ واضحةٍ لتغيير النظام في إيران، مما سيزيد من قيمة جماعات المعارضة. ويقول المحللون إن هذا الحال سينطبق بشكل خاص على جماعة مجاهدي خلق، بالنظر إلى تنظيم الجماعة وتمويلها ومكانتها البارزة في واشنطن.
ويعتقد بعض المؤيدين أن منظمة مجاهدي خلق قد انتقلت بالفعل إلى مقدمة الصف، مع قرار الإدارة بعدم استبعاد الجماعة كبديلٍ ناجحٍ للنظام في طهران.
بيد أنه حتى الآن، فإن العقوبات الاقتصادية التي فرضها ترمب تظل هي العنصر الرئيسي في سياسته تجاه إيران. حيث قال هوك: "إذا أردنا الوصول إلى مرحلةٍ حيث يكون وكلاء إيران أضعف ولا يملك النظام الموارد التي يحتاجها لزعزعة استقرار الشرق الأوسط، فسيتطلب ذلك ضغطًا اقتصاديًا". وأردف: "لا توجد وسيلةٌ أخرى لتحقيق هذا الهدف."