شفق نيوز/ فيما تضخ خراطيم عجلات الدفاع المدني كميات كبيرة من المياه لإخماد حريق اندلع في احد البساتين بأطراف مدينة بعقوبة، مركز محافظة ديالى، هناك من يتساءل عن اسباب تزايد حوادث الحرائق في مختلف الوحدات الادارية في المحافظة.
موسم الصيف الحالي سجل اعلى معدلات الحرائق في بساتين ديالى، ما تسبب بهلاك عشرات الالاف من الدوانم الزراعية المثمرة وتركها أراضٍ مهملة ومتهالكة جراء الجفاف وانعدام الدعم الحكومي.
مطامع التعويضات
ابو محمد (56 عاما) من سكان منطقة دور الباوية في اطراف بعقوبة، يرى ان بعض المزارعين اضطروا الى حرق بساتينهم للحصول على تعويضات مالية، وذلك بعد هلاك البساتين بسبب الجفاف والإهمال الحكومي.
ويعزز أبو محمد رأيه في حديثه لوكالة شفق نيوز، بالقول ان "البساتين المحروقة خلال الفترات الماضية لا يمكن تأهيلها او اعادة نشاطها جراء الاضرار التي لحقت بها بسبب نقص المياه وانتهاء عمر الاشجار المثمرة في اغلب الوحدات الادارية وغياب خطط دعم قطاع البستنة ومواكبة التحديثات الزراعية لانتاج اشجار مثمرة تقاوم الظروف البيئية القاسية".
البعض من اصحاب البساتين ونتيجة للاوضاع المعيشية المتردية والازمات المالية المستمرة، قرروا تجريف بساتينهم لتحويلها الى ارض سكنية تباع بأموال طائلة، وعلى الرغم من صدور قرارات حكومية بحق كل من يجرف ارضه الزراعية، إلا أن اصحابها تمردوا على هذه القرارات بحرائق مفتعلة.
التفاف على القانون
وعلى خلفية الحرائق المتعمدة ومطامع المزارعين، يؤشر قائممقام بعقوبة، عبد الله الحيالي، وجود "التفاف" على القوانين الصارمة التي تحول دون تجريف الاراضي وبوسائل "بشعة" كحرق اشجار الحمضيات والنخيل التي كانت تزين المدينة، "من اجل حفنة من المال".
ويواصل حديثه لوكالة شفق نيوز، بالقول ان "المنتوج المستورد من الخضار والفواكه وتراجع الانتاج المحلي الى جانب ازمة السكن وارتفاع اسعار العقارات داخل مدينة بعقوبة، دفع اصحاب هذه الاراضي الى حرقها ومن ثم تجريفها وبيعها بعد فترة كأرض سكنية".
وأشار الى ان "الأحياء الزراعية او ما يعرف محليا (بالزراعي) اصبحت هدفاً لاقتناء مساحة لبناء منزل من قبل اصحاب الدخل المحدود الذين لا يمتلكون القدرة المالية لشراء بضعة امتار من الاراضي السكنية (طابو) بسبب الغلاء الفاحش في اسعارها".
ويوضح الحيالي ان "التوصيات الحكومية تمحورت حول ضرورة تنفيذ قرار مجلس الوزراء 71، واتخاذ اجراءات عقابية ومحاسبة المتجاوزين على البساتين والاشجار المعمرة ومنع توسع ظاهرة التجريف مستقبلا".
وشدد على ضرورة "فرض رسوم جمركية على المحاصيل المستوردة من دول الجوار لتشجيع المنتج المحلي، الى جانب منح رؤساء الوحدات الادارية صلاحيات تطبيق قرار مجلس قيادة الثورة المنحل المرقم 634 لسنة 1981 والذي ينص على مصادرة هذه البساتين من قبل الدولة".
ودعا الحيالى الى "تضافر جهود الجهات الزراعية والامنية لوقف عمليات التجريف"، محذرا من "اتساع ظاهرة تجريف البساتين وتحويلها الى اراض سكن في ظل ازمة السكن في عموم المحافظة مما يهدد الثروة النباتية في القضاء ويقود الى تزايد عمليات البناء العشوائي".
تدمير الغطاء النباتي
يعتقد مدير اعلام مديرية زراعة ديالى، محمد المندلاوي، ان الكثير من حرائق البساتين "متعمدة" بهدف تحويلها الى ارض سكنية.
ويبين المندلاوي لوكالة شفق نيوز، ان "القوانين العراقية صارمة بحق كل من يقوم بإحراق او تجريف الاراضي الزراعية لكن اغلب هذه الحوادث لا يمكن التعرف على الجاني الحقيقي وراءها، وتعزو عادة الى عوارض طبيعية كارتفاع درجات الحرارة او تماس كهربائي".
ووفقا لإحصائيات بيئية رسمية، فإن 30% من الغطاء النباتي دمر خلال السنوات العشر الماضية بفعل عوامل عدة أبرزها الجفاف والأمن والحرائق والآفات الزراعية، إضافة إلى اتساع ظاهرة تجريف البساتين لبيعها كأراض سكنية أو تجارية، خاصة قرب مراكز المدن الرئيسة.
ثارات شخصية وظروف مناخية
قائممقام قضاء المقدادية، حاتم عبد التميمي، لم يتفق مع فرضية تعمد حرق البساتين لتحويلها الى سكنية، مشيرا الى ان التجريف المتعمد ينحصر في الاراضي القريبة من مراكز المدن والوحدات الادارية لارتفاع اسعار العقارات السكنية والمردودات المادية الكبيرة المترتبة.
ويوجز التميمي لوكالة شفق نيوز، اسباب حرائق البساتين الى "تهالك البساتين والاهمال وتنامي الادغال والظروف المناخية الطارئة، او ربما عمليات مقصودة او غير متعمدة"، مشيرا الى وجود "اياد ارهابية وراء حوادث الحرائق في المناطق والقرى الساخنة امنية في ديالى".
ونبه الى ان "الثارات الشخصية والنزاعات ربما تكون احد اسباب الحرائق في القرى والمناطق البعيدة او تلجأ مجاميع ارهابية لاحراق البساتين لدواع انتقامية".
وفي ضوء هذه المعطيات والدوافع وراء الحرائق في ديالى، الا ان التحقيقات الامنية والحكومية حيال الحرائق غائبة وسجلت جميع الحوادث على انها عرضية او بفعل فاعل مجهول.