شفق نيوز/ ظواهر كثيرة بات المواطن يلمسها في شوارع كركوك، وهي بين الإنسانية واستغلالها من قبل البعض في توفير العلاجات للمرضى، أو استغلالها من قبل أشخاص تحت مسمى المرض، يقفون في شارع بغداد في قلب المحافظة، ويختارون الإشارة الضوئية كمكان لصيد من يتمكنون من استغفاله، رافعين صور مرضى، ويطالبون الناس بمساعدتهم.

وما أن تدخل شارع بغداد وتقترب من منتصف الطريق حيث توجد إشارة مرور لغرض عبور المشاة ومطبات صناعية تجبرك على التوقف بسيارتك، حتى تجد مجموعة أشخاص مقسمين على الشارع ذهاباً وإياباً يضعون صورة كبيرة وسط الشارع ويحملون صورة مريض واسمه ونوع مرضه، وعبارة "أنقذوا الشاب أو الشابة الفلانية من الموت فهو بحاجة إلى مبلغ 150 مليون دينار لإجراء عملية زرع الكلى"، أو أنه مصاب بمرض السرطان ويحتاج لمبلغ يقدر بالملايين.

مجبورون على الاستجداء

ويقول أحد المواطنين المتواجدين وسط شارع بغداد ويدعى عبدالله سعدون (21 عاماً)، لوكالة شفق نيوز، إن "وقوفنا في وسط الشارع رافعين صورة المريض سببه العوز المالي الذي يجبر الإنسان لاستجداء عاطفة أهالي كركوك، لأن أهل المريض تجدهم فقراء وغير قادرين على تلبية المبلغ الخاص بالمريض، لأن هناك أمراض علاجها بعشرات الملايين، والفقير الذي لا يملك أين يذهب، أما أن يترك مريضه على فراش الموت يصارع الألم، أو يذهب للشارع لجمع بعض المال للمريض لعلاجه".

ويشير إلى أن "الظاهرة هي مستجدة في شارع كركوك، ونحن مع تنظيم عمل هكذا أعمال خيرية في المحافظة تشرف عليها الإدارة المحلية مع الجهات الأمنية لمنع استغلال هذه الظاهرة من قبل بعض ضعاف النفوس، حيث هناك أشخاص نصابون ومحتالون يحاولون استغلال الموضوع لأغراض شخصية ونفعية، وهم بهذا يقطعون سبيل الخير والمعروف".

ويؤكد سعدون أن "الوقوف في الشارع وطلب المساعدة أمر ليس بالسهل لمن لم يعرف طريق طلب المساعدة، ولكن هناك مرضى يحتاجون إلى علاج وأموال، ومقابل ذلك نجد أطباء بلا ضمير وصيادلة مجرمين نسوا الله تعالى وقسم الشرف الذي أقسموا عليه بأنهم سيكونون عند شرف المهنة والإنسانية التي نسوها، وصار هم الطبيب كيف يستغل المريض بعملية مقدارها ملايين الدنانير، ويقف في المقابل صيدلاني رفع الدواء إلى 100 مرة عن سعره الحقيقي".

ويكمل أنه "على الحكومة الاتحادية والإدارة المحلية أن تشكل لجاناً خاصة تنظر في الطلبات الخاصة بالمرضى من الفقراء وذوي الدخل المحدود، وتحدد لهم مبالغ أو علاج في المستشفيات في كركوك أو في بغداد، وصاحب المريض عندها يتوقف عن التوجه للشارع وطلب المساعدة من الأهالي".

عمل غير قانوني

ويقول رئيس لجنة الخدمات في مجلس محافظة كركوك الدكتور أحمد فاتح مصطفى لوكالة شفق نيوز، إنه "من خلال متابعة اللجنة لوجود ظاهرة غير حضارية، وبعد متابعة ظاهرة وضع صناديق التبرعات في الأماكن العامة داخل مدينة كركوك، تبين للجنة بأنه لا يوجد لأي من أصحاب هذه الصناديق أجازات أو رخصة رسمية من المحافظة".

ويضيف: "لا نعرف أين تصرف الأموال التي تجمع في هذه الأماكن، ونحن نعمل مع إدارة المحافظة والجهات ذات العلاقة على منع هكذا ظواهر داخل مدينة كركوك".

صناديق في المولات والأسواق

وما أن تهم بالدخول إلى أي مول تجاري أو أسواق حتى تجد صندوقاً خشبياً مزججاً، ووضعت عليه عبارة "تصدق لكفالة الأيتام"، ومع الصندوق قف صغير كتبت عليه أسماء جمعيات تحت يافطة الجمعية الخيرية الفلانية.

ويقول أحد أصحاب المتاجر (الأسواق) ويدعى خلدون جليل لوكالة شفق نيوز، إن "هناك أشخاصاً يضعون هذه الصناديق، التي هي بين الجمعيات الخيرية ورعاية الأيتام، وبعضها يعود لجمعيات إسلامية حسب ما مكتوب على بعض صناديق جمع الأموال التي توضع في الأسواق، ويأتي شهرياً ويجمع المبالغ التي توضع في الصندوق من قبل المتبضعين من السوق التجاري".

ويشير إلى أن "هذه الصناديق موجودة في عموم أحياء كركوك، ولا تقتصر على حي بعينه، ولا نعلم إذا كانوا يمتلكون موافقات رسمية أم غير مجازين قانونياً، ولكن المساعدة تقدم حسب الشخص".

الوقف السني يتبرأ

ويقول مدير دائرة الوقف السني في كركوك سالم مجيد ولي لوكالة شفق نيوز، إن "الوقف السني في كركوك لا علاقة له بأي شكل من الأشكال بوجود صناديق أو أشخاص يقومون بجمع الأموال، لأن هذه الظاهرة مرفوضة قانوناً، وأن الوقف السني لا يعطي أي موافقة لأي منظمة أو يتعاون معها لغرض جمع الأموال".

ويضيف أن "ظاهرة الوقوف في الشوارع وجمع الأموال بصورة غير قانونية أمر مرفوض مجتمعياً وحتى قانونياً، ويجب أن يتم إنهاء هذه الظاهرة بصورة نهائية من شوارع كركوك".