شفق نيوز/ لم تعد الصين تخفي رغبتها بالسيطرة على الحقول النفطية في العراق مستفيدة من انسحاب الشركات الغربية من بعض الحقول، فضلاً عن منافسة شركات صينية عدة في جولات التراخيص التي يعلن عنها العراق بين الحين والآخر سواء كانت نفطية أو غازية، ومحاولة الحصول على الرقع التي تعلن عنها وزارة النفط حتى وإن كانت تعود بأرباح قليلة.

بالمقابل يحاول العراق أن يبقي الشركات الأوروبية والأميركية لتطوير حقوله النفطية والغازية باعتبار أن هذه الشركات لها خبرة واسعة وقدرات متقدمة في مجال الطاقة وهي قادرة على رفع قدرات العراق النفطية والغازية.

الشركات الغربية "تطور المجتمع"

ويقول وزير النفط السابق إحسان عبد الجبار، في حديث لوكالة شفق نيوز؛ إن "الاستثمار الحقيقي الذي ينتج للبلد قيمة حقيقية ويطور المجتمع والبشر ويرفع مستوى أخلاقيات العمل، هو ما تقوم به الشركات الغربية".

ويضيف أن "الشركات من الجنسيات الأخرى جيدة في العمل ولكنها لا تلبي كل هذه المتطلبات"، لافتاً إلى أن "الوزارة تحاول أن تأتي بأفضل الشركات القادرة على خلق بيئة اجتماعية وعمل جيد وتنفذ مشاريع بأرخص الأسعار وبأعلى عائد".

ويسعى العراق إلى جذب الاستثمارات، وخاصة الشركات الأميركية والأوروبية، في قطاع الغاز المصاحب من أجل تقليل إحراق الغاز وتعزيز الإنتاج.

الاكتفاء الذاتي

بدوره يشير وكيل وزارة النفط لشؤون التوزيع، حامد يونس، خلال حديث لوكالة شفق نيوز، إلى أن "وزارة النفط تعمل على تحفيز الشركات الأجنبية للعمل في العراق والحكومة الحالية تضع خططاً للاستثمار والتعاون مع الشركات العالمية، والعراق حريص على تطوير قطاع الغاز وتحقيق التقدم".

وبهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز في غضون خمس سنوات، يسعى العراق بنشاط إلى جذب الاستثمارات، مع تشجيع الولايات المتحدة للشركات الأميركية على دخول قطاع الطاقة في البلاد.

وقد زارت وفود عراقية رفيعة المستوى الولايات المتحدة مرتين هذا العام للقاء مسؤولين في الحكومة الأميركية وشركات من القطاع الخاص، حيث أسفرت الزيارة الثانية عن إبرام العديد من الصفقات.

ويلفت يونس إلى "منح الإذن لشركات أميركية وأوروبية للعمل مع الحكومة العراقية، كما أن الحكومة الأميركية تضع خططاً للتعاون مع الشركات العراقية المحلية".

يشار إلى أن المصالح الأميركية في العراق مزدوجة، ففي جانب منها تعمل على الحد من النفوذ الصيني المتزايد في قطاع الطاقة العراقي، وتقليل اعتماد العراق على واردات الكهرباء والغاز من إيران.

ومع انسحاب الشركات الغربية الكبرى من قطاع الطاقة في العراق، اتجهت البلاد شرقاً لتحقيق أهدافها في تعزيز القدرة على إنتاج النفط الخام والغاز والحد من حرق الغاز.

على سبيل المثال، تولت شركة "بتروتشاينا" الصينية تشغيل المشروع في غرب القرنة 1 بعد خروج شركة "إكسون موبيل" في العام 2023، في أعقاب بيع حصتها البالغة 22.7% لشركة نفط البصرة العراقية.

تجدر الإشارة إلى إن نجاح الصين في قطاع الطاقة العراقي قائم منذ فترة طويلة، كما تعد الصين أكبر مشترٍ للخام العراقي. فخلال الأشهر التسعة الأولى من العام 2024، استوردت الصين 33.42% من الخام العراقي.

وأثبتت الشركات الصينية كفاءتها التي توازي الشركات الأوروبية، ولكن الأخيرة تفكر في الربحية العالية وعامل الخطورة القليل، بينما الصينية لا تهتم كثيراً لهذين العاملين.

التنافس

وبهذا الصدد، يبين الخبير النفطي حمزة الجواهري في حديث لوكالة شفق نيوز، أن "الشركات الصينية لديها تنافسية عالية جداً مع باقي الشركات العالمية، وجولات التراخيص مفتوحة للجميع وبالتالي عندما تفوز الشركات الصينية بالعقود فمن حقهم العمل في الحقول التي فازوا بها بجدارة وشفافية".

وينبه إلى أن "القوانين العراقية لا تسمح للشركات سواء الصينية أو غيرها بالهيمنة على الحقول النفطية أو الغازية من حيث العاملين فيها إذ يجب أن يشارك العراقيون في هذه الحقول، وبمجرد انتهاء مدة العقد تنسحب الشركات من الحقول التي طورتها".

ويتابع الجواهري "الشركات الصينية فازت بالعديد من جولات التراخيص التي يعلن عنها العراق لأنهم ليس جشعين مثل الأميركيين والأوروبيين، بل أنها تكتفي بالربح القليل".

وأدت عمليات بيع الشركات الغربية لحصصها في الحقول النفطية والغازية إلى زيادة سيطرة الصين على قطاع النفط العراقي. ففي جولة التراخيص الأخيرة في آيار/ مايو الماضي، فازت شركات صينية كبرى بعشرة من بين 13 مشروعاً للنفط والغاز، كما فاز شركات صينية أصغر حجماً، وهو ما يشير إلى ترسيخ أعمق للشركات الصينية في قطاع النفط العراقي.

العمل بكلف أقل

من جانبه، يلفت الخبير الاقتصادي هلال الطعان، في حديث لوكالة شفق نيوز، إلى أن "الشركات الصينية كبيرة وتعتمد على كوادر استشارية متخصصة وأيضاً عمقت علاقاتها بالمجتمعات المحلية العراقية وشغلت عمالة كثيرة منهم، وهي تعمل بشروط وكلفة أقل وبكفاءة ليست أقل جودة من مثيلاتها العالمية".

ويردف "الشركات الغربية الكبرى باعت حصصها بعد تراجع توقعات نمو الطلب العالمي، وتراجع العراق عن إنتاج الذروة المستهدف والذي كان يصل ضمن المخططات إلى تسعة ملايين برميل يومياً لكن واقع السوق العالمية وقابليات التصدير حالت دون الوصول إليه، كما أن إلزام العراق للشركات بتقليل الإنتاج لتنفيذ متطلبات أوبك بلاس أدى إلى بيع الشركات الغربية حصصها لنظيراتها الصينية".