شفق نيوز/ حيرة كبيرة تعاني منها نساء عراقيات يواجهن مشكلة في الحمل لأسباب صحية، وفيما توصل الطب الحديث لحلّ لهذه المشكلة من خلال زراعة بيوضة امرأة في رحم امرأة أخرى، إلا أن الواعز الشرعي يقف حائلاً دون إجراء عمليات تساعد على أن يحظيّن بفرصة عيش حياة الأمومة ورؤية أطفال لهن، في حين نظيرات لهن يتمعتن بفسحة شرعية أقرتها بعض المرجعيات الدينية فيما حرمتها أخرى.
وعلى الرغم من أن المرجع الديني الأعلى للشيعة في العراق والعالم علي السيستاني، أجاز بفتاواه نقل بيوضة امرأة "أجنبية" لامرأة أخرى وفق شروط محددة، إلى جانب مراجع آخرين، إلا أن هناك مراجع دين يحرمون ذلك، كما أن فقهاء السنة يحرمونه أيضاً، ما يحرم الكثير من النساء من فرصة تغيير حياتهن والحفاظ على زواجهن حيث هناك الكثير من الرجال يتوجهون إلى الزواج بامرأة أخرى للإنجاب والبعض منهم يطلقون من لا تنجب.
وتولد الأنثى وفي مبيضيها ملايين البويضات غير الناضجة، وقد يُقلّل مخزون البويضات المنخفض أو الجودة المنخفضة للبويضات من فرص الحمل لدى النساء وقد يؤدي إلى العقم حتّى.
ومن أبرز العوامل المؤثرة على انخفاض مخزون البويضات هو التقدّم في العمر، لذلك فإن فرص حدوث الحمل لدى النساء فوق سن الـ35 تنخفض بشدّة مع التقدم في العمر.
ويعتبر التبرع بالبويضات إحدى طرق المساعدة على الإنجاب والتي قد تكون طريقة العلاج الوحيدة لعلاج العقم عند هذين الزوجين.
ويتمّ في هذه الطريقة تلقّي عدد من البويضات من أنثى متبرعة، بعد إجراء الإختبارات اللازمة، ويتمّ زرع الجنين المكوّن في رحم المرأة المصابة بالعقم، وذلك بعد إكتمال مراحل النمو الأولى في المختبر، وفقاً لمختصين.
وتضطر العديد من النساء اللاتي يعانين من هذه المشكلة إلى السفر خارج العراق لإجرائها، وفي صدارة الدول المقصودة إيران ولبنان وتركيا.
لكن تلك الطريقة "محرمة" لدى بعض فقهاء الإسلام وتثير الكثير من المشاكل القانونية للسبب نفسه، وهو اختلاط الأنساب وضياع الأمومة.
وفي هذا السياق، تقول باحثة اجتماعية رفضت الكشف عن اسمها، إن "الزوجة التي تلجأ إلى تلك العمليات تكون في وضع نفسي غير مستقر لعدم قدرتها على إنجاب الأطفال، فتكون محطمة نفسياً ولديها هوس بالأطفال طوال الوقت".
وتضيف لوكالة شفق نيوز، "كما أن بعض الزوجات يشعرن بأن زواجهن في خطر في حال عدم قدرتهن على الإنجاب، فالزوج يبحث عن الأطفال، لذلك قد يلجأ الزوج للزواج من امرأة ثانية في سبيل الحصول على الأطفال".
وتتابع "لذلك قد تضطر بعض النساء للسفر إلى البلدان التي تتوفر فيها تلك العمليات مثل لبنان أو إيران، لكن الحالة النفسية للزوجة لن تنتهي بإنجاب الطفل، فهي سوف تشعر دائماً أن الطفل ليس ابنها وليس من صلب رحمها".
من جهته، يقول المدير التنفيذي للمجمع الأعلى للتصوف في العراق الشيخ مروان العبيدي، إن "التبرع بالبويضات من امرأة إلى أخرى لا يجوز شرعاً، لأنها تعتبر امرأة أجنبية على نطاف الرجل، فهي محرمة لذاتها ولأنها يترتب عليها اختلاط الأنساب وضياع الأمومة".
ويشير العبيدي في حديث لوكالة شفق نيوز، إلى أن "هناك إجراءات أخرى، منها فكرة علمية على إنشاء أرحام اصطناعية، وفي حال عدم وجود اختلاط انساب - فالبويضة للزوجة الأصلية والنطفة للزوج الأصلي - فهذا يجوز".
غير الشيخ محمد السنجري، وكيل المرجع الديني علي السيستاني في العاصمة بغداد، ينقل رأي السيستاني وغيره من المراجع في هذه المسألة، مؤكداً أنها "مشروعة".
ويوضح "إذا كانت المرأة تواجه مشكلة في الحمل، فلا مانع من نقل بويضة امرأة أخرى إلى رحمها، لكن بشرط أن يكون ذلك بموافقة الأطراف الأربعة المعنية وهم المرأة المتبرعة البويضة وزوجها، والمرأة حاملة البويضة وزوجها".
ويؤكد "لا حرمة في نقل بويضة المرأة لكن الحرمة في نقل ماء الرجل الأجنبي لرحم امرأة أجنبية".
وعن قضية اختلاف الأنساب ومسألة إثباتها في المحاكم، يوضح المحامي مثنى حميد حيوي، أنه "في حال طعن الزوج، الأب الحقيقي الذي كان السبب في إخصاب البويضة من امرأة أجنبية ووضعت في رحم زوجته، أن يكون الطفل المولود من هذه البويضة طفلاً لزوجته وأن من امرأة أخرى، فإن القاضي سيفاتح الجهات الطبية ذات الشأن حول إمكانية إثبات الأم الحقيقية".
ويتابع حيوي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "المتعارف عليه في دعاوى نفي النسب، أنه لا يمكن ابتداءً نفي النسب دون إثباته لأم أخرى، لذلك الدعوى هي مركبة (نفي وإثبات النسب)، ولو طلب الأب نفي نسب الطفل عن زوجته، حينها من الواجب الذهاب إلى الأم الحقيقية صاحبة البويضة".
وينوّه، إلى أن "في هذه الحالة تظهر عقبة أخرى، هل أن الطفل تولد نتيجة زنا؟، وفي الزنا يشترط وجود مباشرة جسدية، وفي هذه الحالة لا توجد، لذلك سيكون للقضاء رؤية اجتهادية في ذلك، والتي ربما ينظر إلى أن الأم الحقيقية هي الأم التي حملت الطفل".