شفق نيوز/ ما من شيء سَلَم من شرور تنظيم داعش في المحافظات التي سيطر عليها لقرابة ثلاث سنوات، فبالإضافة إلى جرائمه تجاه المواطنين المدنيين ومنتسبي القوات الأمنية، وكذلك التداعيات الاقتصادية، والدمار الذي خلفه في تلك المدن، فلم تسلم منه حتى الحيوانات.
محافظة الأنبار التي شهدت أول ظهور لتنظيم داعش، تكبدت الثروة الحيوانية خسائر فادحة، وبالأخص مزارع تربية الخيول، حتى أن أطباء بيطريين ومربي الخيول حذروا من انقراض هذه المهنة في المحافظة في حال استمرار غياب الدعم الحكومي.
مدير شعبة الرعاية بدائرة الثروة الحيوانية في الأنبار، عصام حميد، أكد لوكالة شفق نيوز، أن "عدد مربي الخيول في محافظة الأنبار ليس بالقليل، إلا أن هذه الثروة تفتقر للكثير من الاحتياجات، منها اسطبلات الخيل والأعلاف وغيرها، كما أن المربين يعانون من انعدام توفير الأدوية اللازمة".
مورد اقتصادي مهمل
وأوضح حميد "في الأنبار وباقي المحافظات، خاصة المحررة من تنظيم داعش، الثروة الحيوانية بصورة عامة تعاني الإهمال وغياب الدعم الحكومي، رغم أنها تعد مورداً اقتصادياً مهماً بالنسبة للكثير من دول العالم، ورغم أن العراق يتمتع بمساحات زراعية وصحراوية شاسعة تصلح لتربية الحيوانات واعتمادها كمورد اقتصادي، الا انها ثروة مهملة".
بدوره قال الطبيب البيطري الاستشاري المختص بالخيول، قاسم اسود، إن "غالبية الخيول الموجودة في عموم العراق يتم إدخالها عن طريق تركيا، لكن بطرق غير شرعية، ففي كل دول العالم يتم نقل الخيول من دولة إلى أخرى بجوازات سفر رسمية، لكن في العراق يتم إدخالها عن طريق التهريب".
ويضيف أسود، وهو من المهتمين بالخيل أيضاً، في حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "أغلب الحيوانات التي يتم إدخالها بطرق رسمية ونظامية إلى الأراضي العراقية، تكون بنوعية وفصيلة من الدرجة الرابعة او الخامسة، كما أنها غير مرغوب بها في باقي دول العالم".
وبين أنه "بعد العام 2003 تم تهريب اكثر الخيول التي تعرف بالأصيلة إلى إيران وسوريا ودول الخليج"، مردفاً بأن "الأشخاص المهتمين برعاية الخيول وتربيتها في الوقت الحاضر، هم من كانوا يمارسون هذه المهنة قبل العام 2003، وخاصة الموجودون في محافظة الأنبار وتحديدا مناطق البوعيثة، والبوعساف".
واستدرك أسود بالقول، إن "في البوعيثة هناك أربع أُسر تقوم إلى الآن بتربية الخيول وقد اشتهرت بذلك، أما في البوعساف فهناك قرابة عشر أسر او أكثر"، مضيفاً أن "كل أسرة من هذه الأُسر لم تعد تملك سوى خمسة او ستة خيول بعد ما كانت كل أسرة تملك قرابة خمسين رأساً، وذلك نتيجة سوء الظروف الأمنية التي شهدتها المحافظة".
خسائر فادحة
يقول حمادي ربيع، أحد مربي الخيول في منطقة البوعساف شرقي الأنبار "في سنوات سيطرة تنظيم داعش على الأنبار، وعند النزوح تحديدا، تركنا كل ممتلكاتنا، ومن ضمنها الخيول والابقار وغيرها من الحيوانات، وهذا ما خلف تلفاً كبيراً في الثروة الحيوانية لمناطقنا، قد تصل نسبة هذا التلف إلى أكثر من 90%".
ويشير ربيع، في حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أنه "بالإضافة إلى قلة أعداد الخيول ومربيها في الأنبار، نعاني أيضاً من انعدام الدعم الحكومي، سوى أن وزارة الزراعة قامت قبل مدة طويلة بتوفير الاعلاف، لكن بسعر مقارب للسوق، وكمربّين اعرضنا عن شرائه".
اما حارث العنزي، وهو من المشاركين في السباقات المحلية للخيول سابقاً، فيقول "لم يعد لدى مربي الخيول في المحافظات المحررة عموماً، اي فرس جيدة كفاية للمشاركة في سباقات الخيول العربية وحتى المحلية، وعلى عكس ذلك في باقي المحافظات، وخاصة محافظات إقليم كوردستان، فما زال هناك مربون يشاركون بخيولهم في السباقات، ومنهم من تمكن من الحفاظ على النوعيات الجيدة من الخيول".
واكد العنزي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، بالقول "نحن بحاجة إلى توفير العلاجات والأعلاف إلى مربي الخيول، إذ أن هناك أمراضاً تصيب الخيول وتهدد صحة الإنسان حتى، كمرض الرعام، وكل العلاجات وغيرها من احتياجات الخيل يتم توفيرها من قبل المربين فقط".