شفق نيوز/ "يعتبر رمضان 2024 أهم رمضان على مستوى الدراما العراقية حيث تم إنتاج حوالي 25 مسلسلاً، ولو اختلفت المستويات لكن الكم بالاستمرار سيولد النوع الجيد، كما أن الممارسة المستمرة ستخلق دراما عراقية متطورة"، هذا ما يقوله الناقد مهدي عباس عن الدراما العراقية في رمضان الحالي.
وتسعى الدراما العراقية لتثبيت نفسها ويحاول صناعها الارتقاء بها شكلاً ومضموناً حيث يُعرض عدد كبير من المسلسلات العراقية على مختلف القنوات، وتباينت نسبة الإقبال على متابعتها بين الجمهور العراقي.
وتبث القنوات العراقية في رمضان أعمالاً درامية محلية متنوعة، ومن بينها "آمرلي"، و"الساتر الغربي"، و"ذي قار ترحب بكم"، و"عالم الست وهيبة بجزئه الثاني"، و"المتمرد"، و"عش الدبابير"، و"خان الذهب الجزء الثاني"، و"مسلسل حامض حلو"، و"ورث عمتي"، و"انفصال"، و"شجرة التفاح"، و"أقوى من الحب"، "وطن الجزء الثاني"، وغيرها.
تحسّن في الإخراج والقصة
وشهدت الدراما العراقية في الفترة الأخيرة تطوراً كبيراً وملحوظاً وتحسناً من ناحية الإخراج والقصة، فضلاً عن الغزارة في الإنتاج والتي أغلبها نالت اعجاب المشاهد، وفق المؤلف العراقي، عماد وناس.
ويشير وناس خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن "هناك الكثير من الكتاب المبدعين ولديهم مواهب وقدرة على الكتابة لكنهم بحاجة إلى جهة تتبناهم وتوفر لهم الفرصة".
ويؤكد كاتب المسلسلات العراقية والعربية، أن "الأعمال التي اشتركتُ فيها كانت ناجحة ولاقت اعجاب المشاهد في بلدانها وحصدت أعلى المشاهدات، وقدمت لهذا الموسم الرمضاني عملين عربيين هما مسلسل (البيت بيت أبونا)، ومسلسل (سكة سفر)".
ويوضح، أن "كتابة العمل العربي صعب، لأن الكاتب يكتب لجو وبيئة مختلفة وينبغي له مراعاة ذلك في القصص والحوارات لتناسب مع ذلك البلد، ونأمل أن تصل الأعمال العراقية إلى مستوى الأعمال العربية وتنافسها في المستقبل".
"الكم يفرز النوع الجيد"
بدورها، تؤكد الفنانة عواطف نعيم، أن "الدراما العراقية في حركة إنتاجية جيدة وهناك نسبة عالية من الأعمال التي ظهرت فيها وجوه شابة جديدة، وهذه إيجابية، رغم أن مستوى هذه الأعمال قد تتفاوت، لكن الكم يفرز النوع الجيد من المخرجين والكتاب والممثلين".
وتضيف نعيم لوكالة شفق نيوز، أن "تواصل الأعمال يؤدي في النهاية إلى الحصول على نتائج مميزة قادرة على التنافس مع الأعمال العربية ولاسيما المصرية والسورية والخليجية".
وتشير إلى أن "الدراما العراقية عندما بدأت في تلفزيون العراق - الذي كان أقدم تلفزيون في الشرق الأوسط - كانت متقدمة، وحظيت بمتابعة مواطني الوطن العربي وخاصة من دول الخليج، لذلك الأعمال العراقية متميزة، لكن مشكلة الفن العراقي أن البلاد تعرضت لانتكاسات كثيرة وحروب في ساحات المعارك وبالداخل، وهذه أثرت على الدراما والثقافة".
وتتابع، أنه "ورغم كل هذا استمر العمل في الدراما والفن، ولو كان العراق معافى كما باقي الدول الأخرى لكانت الدراما العراقية وصلت إلى أوجها، كما ينبغي الإشارة له إلى تأثير الدعم الخليجي كما يحصل مع الدراما السورية، ولو كان هناك هذا الدعم للدراما العراقية لتم تقديم ما يأمل له المخرج والممثل، إذ أن هناك الكثير من النقوصات التي يعانون منها وخاصة على مستوى التقنيات".
"أهم رمضان"
من جهته، يرى الناقد مهدي عباس، أن "رمضان 2024 يعتبر أهم رمضان على مستوى الدراما العراقية، حيث تم إنتاج حوالي 25 مسلسلاً، ولو اختلفت المستويات، لكن الكم بالاستمرار سيولد النوع الجيد، كما أن الممارسة المستمرة ستخلق دراما عراقية متطورة".
لكن لدى عباس ملاحظات على دراما رمضان 2024، حيث يقول لوكالة شفق نيوز إنها يمكن تلخيصها على تسع نقاط، الأولى، "ظهرت أعمال جيدة حازت على متابعة الجمهور والمتخصصين أمثال (العائلة إكس) لعلي فاضل، و(عالم الست وهيبة) لسامر حكمت، و(قصة) لمراد الترك، وغيرها".
النقطة الثاني وفق عباس هي أن "الدراما أعطت الفرصة لمخرجين شباب يقدمون تجربتهم الأولى في الإخراج أمثال ملاك عبد علي (ناي)، ومراد ترك (قصة)، ومحمد جعفر (الساتر الغربي) و(كريستال)".
النقطة الثالثة تتمثل "بزج عدد كبير من الوجوه الجديدة وهي بلا شك سترفد الدراما العراقية بدماء جديدة"، والرابعة: "غلب على موضوع الأعمال الدرامية الجريمة، والعنف، وقصص الحب، وانتشار حبوب الكريستال والحشيشة".
ويشير إلى أن الملاحظة الخامسة، هي "ظهور عملين وطنيين عن بطولات مدن عراقية هما: (الساتر الغربي) لمحمد جعفر، و(آمرلي) لأحمد إبراهيم"، والسادسة: "عودة المخرج عزام صالح إلى الدراما بعد غياب 14 عاماً من خلال مسلسل (أقوى من الحب)".
أما النقطة السابعة فهي "ظهور كبار الفنانين العراقيين في دراما 2024 أضاف لها نكهة خاصة أمثال محمود أبو العباس، وسامي قفطان، وآسيا كمال، وأميرة جواد، وعبدالستار البصري، وهيثم عبدالرزاق وغيرهم"، والثامنة أن "نجوم الكوميديا المعروفين كرروا أنفسهم بالأدوار والحركات نفسها ولم يضيفوا جديداً مع للأسف".
الملاحظة التاسعة والأخيرة يقول فيها عباس: "لا يزال تدخل أصحاب (الطشات) مستمراً بحجج واهية، حيث تم منع (عالم الست وهيبة) كما اشتكى البعض على مسلسل (وطن)، ومسلسل (انفصال)، لكن تمت إعادة (عالم الست وهيبة) بأمر قضائي".
"تراوح في مكانها"
في المقابل، انتقد القاص والروائي، خالد الوادي، الدراما العراقية "التي تراوح في مكانها ولم تتقدم خطوة واحدة منذ سنوات عديدة"، مبيناً أن "الإشكالية في الأساس على تقع على النص (السيناريو)، إذ أن سيناريو الأعمال الدرامية وخاصة في رمضان يتناول قضايا لا تمت للواقع بصلة".
ويعزو الوادي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، هذا الوضع إلى "أن ما بعد أحداث عام 2003 حصل انفلات بالمفاهيم والسلوك وهذا أحال المجتمع والمؤسسات إلى قراءات خاطئة وخاصة الدراما العراقية التي ليست بصاحبة التاريخ الطويل، فالعراقيون عادة مبدعون في المسرح، أما الأعمال الدرامية الجيدة والمهمة فهي تعد على الأصابع".
ويؤكد، أن "الدراما العراقية بحاجة إلى تنظيم في العمل وإلى تدخل حكومي، حيث ان الفضائيات هي من تتبنى إنتاج الأعمال الدرامية، وبالنتيجة تنزاح هذه الأعمال إلى سياسة هذه القناة التي هي في الأساس تابعة لأحزاب وشخصيات".
ويوضح، أن "الشركات ومؤسسات الإنتاج هي من تساهم بتطوير الدراما، لكن هذا لا يوجد في العراق، لذلك على الحكومة التدخل في إنتاج الأعمال الدرامية للارتقاء بالعمل، ورغم أن المؤسسة الحكومية أنتجت في هذا العام مسلسلات لكنها أيضاً لم ترتقِ لمستوى الطموح".
ويعرب الوادي عن أمله "في أن تجد الدراما العراقية ضالتها في النص (السيناريو) في المستقبل، وأن يكون كاتب النص كاتباً حقيقياً والمخرج كذلك وحتى الممثلين، إذ إن بعض الممثلين لا يمتلكون ثقافة بصرية حقيقية لتقمص الأدوار تؤهلهم ليكونوا ممثلين بارعين".
دعم حكومي
يذكر أن كانون الأول من العام الماضي، أطلق رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، مشروعاً ثقافياً وفنياً كبيراً في العراق، لدعم السينما والدراما والمسرح والفن التشكيلي والأدب والكُتاب وأدب الطفولة.
وقال المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء في بيان، إن "رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، استقبل، جمعاً كبيراً من نجوم الفن العراقي وممثلين عن اتحاد الأدباء وعدد من الكتّاب والمثقفين".
وأضاف البيان، إن "رئيس الوزراء أعلن عن تخصيص مبلغ ثلاثة عشر ملياراً وخمسمائة مليون دينار عراقي لتنفيذ المشروع".
وأكد السوداني، بحسب البيان، "إكمال الإجراءات الخاصة بالتخصيصات المالية المطلوبة للنشاطات الفنية والأدبية، التي عانت من الركود بسبب غياب الدعم والمبادرات". مؤكداً، "ضرورة دخول القطاع الخاص في الإنتاج الفني، وعدم الاعتماد على الدعم الحكومي فقط"، مشيراً، إلى أنه "ليس مطلوباً من الفنانين والأعمال الفنية مراعاة مزاج الحكومة أو أي جهة، بل شرطنا الوحيد هو أن تكون بجودة كبيرة ومستوى فني عال".
ولفت السوداني، إلى أن "المجالات الثقافية والفنية تكتسب أهمية بالغة لدى الحكومة؛ نظراً لتأثير نتاجاتها ومهرجاناتها الفنية والأدبية في خلق انطباع إيجابي عن استقرار البلد، وإمكانية استثمار الفن والثقافة، لمحاربة مختلف الظواهر الخطيرة كالعنف والتطرف والمخدرات". مؤكداً، أنّ "واجب الحكومة رعاية الفنانين والمبدعين، وسبق أن خصصت 5 مليارات دينار سابقاً لنقابة الفنانين تخص صندوق تقاعد الفنانين، وكذلك 3 مليارات لصندوق التكافل الاجتماعي الخاص باتحاد الأدباء".
وأوضح البيان، أنّ "المشروع خصص مبلغ 5 مليارات دينار لدعم الدراما العراقية، ومبلغ 5 مليارات دينار لدعم السينما العراقية، فيما خصص مليار دينار عراقي لطباعة النتاجات الأدبية والفكرية للكتّاب والأدباء العراقيين".
وتابع، أنه "تم أيضاً تخصيص 200 مليون دينار، لدعم الفنانين التشكيليين في إقامة المعارض الخاصة، وتخصيص 300 مليون دينار لدعم الفنون الموسيقية المختلفة، وكذلك تخصيص مليار ونصف مليار دينار لاتحاد الأدباء والكتّاب في العراق، لإقامة المؤتمرات والمهرجانات الرسمية، فضلاً عن تخصيص 500 مليون دينار لدعم أدب الطفل".