شفق نيوز/ يحتفل الشباب العراقي الذي يشكل أكثر من 60% من
المجتمع، اليوم الاثنين، باليوم العالمي للشباب، في ظل قلة فرص العمل وارتفاع نسبة
الفقر، وتعرضهم لـ"أقسى وسائل التهميش والإهمال والتقصير، مع انتشار المخدرات
والميليشيات والسلاح المنفلت"، فيما يحذر مختصون من أن هذه العوامل تدمر
المجتمع في حال عدم معالجتها بشكل سريع ومستدام.
ويحتفل العالم في 12 آب/أغسطس من كل عام باليوم العالمي
للشباب، وهو يوم مخصص لتسليط الضوء على دور الشباب في المجتمع وتحدياتهم
وإمكاناتهم، ولتشجيع المشاركة الشبابية في صنع القرارات والتغيير الإيجابي.
وبمناسبة هذا اليوم، قال حسين سجاد (18 عاماً) من محافظة
كربلاء، إن "الشباب العراقي غير متمكن اقتصادياً لتحقيق أحلامه وطموحاته،
بسبب قلة فرص العمل في القطاعين العام والخاص، وهذه المعاناة تشمل حتى خريجي
الكليات بما في ذلك المجموعة الطبية".
وأضاف الشاب، لوكالة شفق نيوز، "أما القطاع الخاص
فهو غير مفعل، وهناك الكثير من المعامل والمصانع المتوقفة، في وقت هناك اكتساح من
قبل العمال الأجانب على فرص العمل الشحيحة في الأساس، لذلك الشاب العراقي لا
يستطيع تحقيق أمنياته في العيش الكريم من إيجاد وظيفة مناسبة والزواج وتأسيس عائلة
في ظل هذه الظروف الحالية".
"وبحسب إحصائيات وزارة التخطيط والأمم
المتحدة، فإن 64 بالمائة من المجتمع العراقي من الشباب، لذلك العراق بلداً شاباً،
لكن رغم ذلك لا يزال الشباب العراقي يعاني من الكثير من المشكلات والتهميش على
الأصعد كافة، أهمها عدم مواءمة مخرجات التعليم بالقطاع الخاص، حيث تخرج الجامعات
الآلاف من الطلبة الشباب سنوياً لكن لا توجد لهم فرص عمل، ما أدى إلى خروجهم
بتظاهرات حاشدة بشكل متكرر منذ سنوات"، وفق رئيس منظمة الأقران لتنمية الشباب،
مصطفى القشعمي.
سياسة "إطفاء الحرائق"
وأوضح القشعمي، لوكالة شفق نيوز، "أما الحكومة
العراقية فهي تلجأ إلى حلول وقتية للمشاكل وليست مستدامة عبر تطبق سياسة إطفاء
الحرائق، أي تعيين الشباب بعقود مؤقتة، حيث هناك الآلاف من الشباب يوقعون على عقود
تستمر لمدة 3 إلى 4 سنوات وبمبالغ زهيدة عسى تثبيتهم في المستقبل، ويصل الحال
بالآخرين إلى الموافقة على عقود مجانية كما في المحاضرين من المدرسين
والمعلمين".
وبين أن "التطرف العنيف الذي ظهر بعد الطائفية
والحروب آخرها ضد داعش ما شكل أزمة في البلاد، حيث يعاني الكثير من الشباب
بالانخراط في الجماعات المسلحة أو إحساسهم بالإبعاد أو التهميش بسبب تأثير ذلك
عليهم، في وقت لا توجد برامج طويلة الأمد لاستعابهم وضمان انخراطهم في مشاريع صحية
مستدامة".
"وقود يحترق كل يوم"
في غضون ذلك، تؤكد المدافعة عن حقوق الإنسان، سارة جاسم،
أن "الشاب في العراق عبارة عن وقود يحترق كل يوم بسبب عيشه في منظومة فاسدة،
إذ أن الحكومات المتتابعة منذ عام 2003 لم تستطع أن تضع فرصاً وبرامج لاستثمار هذه
الشريحة المهمة حتى مع الحكومة الحالية وإطلاق المبادرات التي تستهدف الشباب من
خلال مجلس الشباب الذي أسس حديثاً".
ولفتت جاسم، خلال حديثها للوكالة، إلى أن "الفجوة
التي تركت لا يمكن تغطيتها بمبادرات بسيطة، والدليل نحن نشاهد التظاهرات المستمرة
للخريجين الشباب وحاجتهم للوظائف الحكومية بعد تخرجهم، بسبب إخفاق وزارة التعليم
في تنسيق المناهج وفق حاجة سوق العمل للقطاع الخاص ليجد الشباب فرص عمل مناسبة،
كما هناك إخفاقات لوزارة الشباب والرياضة في دعم الشباب".
وتابعت: "لذلك نحن اليوم نقرع ناقوس الخطر في تكدس
الشباب العاطل عن العمل مع انتشار المخدرات والميليشيات والسلاح المنفلت، فهذه
عوامل تدمر المجتمع اذا لم تعالج بشكل سريع ومستدام".
وأعربت جاسم، في ختام حديثها عن أملها "من المنظمات
الدولية أن تركز مشاريعها على شريحة الشباب الذين هم جزء مهم من نهضة
المجتمعات".
"قتل أحلام الشباب"
بدوره، قال الباحث في الشأن الاقتصادي، أحمد عيد، إن
"الشباب في العراق يتعرضون لأقسى وسائل التهميش والإهمال والتقصير، وساهمت
سياسات الحكومات التي تعاقبت على العراق في قتل أحلام الشباب وإدخالهم في دوامة
نفسية واضطرابات دفعت بالكثير منهم إلى تعاطي المخدرات أو اللجوء للتطرف والانتماء
لميليشيات مسلحة ومجاميع العصابات المنظمة".
وذكر عيد، خلال حديثه للوكالة: "أما من الناحية
الاقتصادية، فلا ينعم شباب العراق اليوم بمقومات الحياة الكريمة في ظل انعدام فرص
التقدم وغياب وسائل التنمية المستدامة، بالإضافة الى عدم وجود التوليف الأمثل لفرص
اكتساب المهارات اللازمة للتوظيف".
وأشار إلى أن في ظل تزايد معدلات البطالة وارتفاع نسبة الفقر،
بقي الشباب العراقي في دوامة الصراع القائم، وأجندات البلدان الأخرى التي سعت
ومازالت تسعى عبر أدواتها في العراق لعرقلة التنمية والصناعة والزراعة التي من
شأنها أن تعالج نسبة كبيرة من معاناة الشباب في العراق".
وزاد بالقول: "كما هناك أطراف سياسية متنفذة وميليشيات
مسلحة تمتلك سلطة أعلى من سلطة الدولة، تعمل على زعزعة الأوضاع العامة وتسيطر على
مفاصل القرار السياسي والاقتصادي، هدفها إبقاء العراق في مراكز متأخرة ليبقى رهينة
لعسكرة المجتمع في الداخل على المستوى الأمني، وأسيراً لاقتصادات الدول الأخرى
التي تعتاش على أموال العراقيين سواء من ناحية الاستيراد منها وتصريف منتجاتها أو
تهريب العملة الصعبة إليها".
وخلص عيد، في نهاية حديثه، إلى أن "الحكومة العراقية
مطالبة وبشدة في تحسين الواقع الاقتصادي العراقي، والعمل على تحقيق أعلى قدر من
وسائل التنمية لتوفير فرص العمل للشباب، وتنميتهم تنمية علمية ومهنية صحيحة بعيداً
عن العسكرة ولغة السلاح".