شفق نيوز/ يحتفل العالم اليوم 8 أيلول/سبتمبر باليوم العالمي لمحو الأمية، في وقت تقترب نسبة الأمية في العراق من 12.7 بالمائة، وترتفع هذه النسبة بين الإناث 21 بالمائة أكثر من الذكور 12 بالمائة، وفي ظل الخطط المرسومة من المتوقع أن تنخفض معدلات الأمية إلى أدنى مستوياتها خلال العقد المقبل، بحسب وزارة التخطيط العراقية.
وبدأ الاحتفال باليوم العالمي لمحو الأمية عام 1967، لتذكير صنّاع السياسات والممارسين والجمهور بأهمية محو الأمية في خلق مجتمع أكثر معرفة بالقراءة والكتابة وأكثر عدالة وسلاماً واستدامة.
وفقاً للموقع العالمي لليونسكو، فمحو الأمية مطلب حياتي أساسي، فالعلم كالماء والهواء، ولا يمكن للإنسان أن يعيش بدونهما، ومن ثمّ فمحو الأمية هو الأساس الذي يمكّن الناس من اكتساب المعرفة والمهارات.
وعلى الرغم من أهمية محو الأمية وما تمثله في بناء الإنسان وللمجتمعات وتطورها ونهضتها، إلا أن الدراسات تخبرنا بأن الملايين حول العالم ما زالوا يرزحون تحت وطأة الجهل ويفتقرون إلى مهارات القراءة والكتابة الأساسية.
وتستعرض وكالة شفق نيوز قصة أم عراقية تثبت أن التعليم لا يعرف العمر أو الظروف الاجتماعية، وأن الإرادة والعزيمة يمكن أن يحققا النجاح في مواجهة التحديات.
رقية علي من محافظة بابل (37 عاماً)، هي أم لثلاثة أطفال، لم تكن تستطيع القراءة والكتابة ولكنها قررت محو أميتها لتحقيق حلمها في تعلم القراءة والكتابة، ولتتمكن من متابعة دروس أطفالها وتعليمهم، مقدمة في ذلك نموذجاً ملهماً للنساء.
نشأت رقية في ظروف معيشية صعبة، حيث لم تتيح لها الفرصة لتلقي تعليمها بشكل طبيعي نظراً للوضع الاقتصادي التي كانت تمر بها عائلتها، ما اضطر والدها إلى عدم تسجيلها مع إخوتها وأخواتها في المدرسة، لكن بقى حلم التعليم يراود رقية حتى بعد زواجها وإنجاب الأطفال.
تقول رقية لوكالة شفق نيوز، "بعد دخول أطفالي المدرسة الابتدائية بدأت أواجه صعوبة في متابعة دروسهم، ما أعطاني حافزاً لتحقيق حلمي، لذلك لجأت إلى اليوتيوب لمشاهدة فيديوهات تقدم محتويات لتعليم القراءة والكتابة، وبدأت بتعليم الحروف من خلال تلك الفيديوهات وساعدتني في ذلك أيضاً معلمة كانت قريبة من دارنا".
وتضيف: "بعدها قررت إجراء امتحان السادس الابتدائي خارجي، ولاحظت خلال الامتحانات وجود الكثير من النساء اللواتي يشبهن حالتي وساعدهن الإنترنت أيضاً في تعلم القراءة والكتابة، وبعد النجاح في السادس الابتدائي قررت إكمال مسيرتي الدراسية وقدمت على الامتحان الخارجي للثالث المتوسط وبعدها على السادس الاعدادي ونجحت فيهما بعد الاستعانة مدرسين خصوصيين، ولن يتوقف طموحي عند هذا الحد، بل أنا أسعى حالياً لدخول الكلية والحصول على شهادة البكالوريوس".
من جهته، يشير الخبير التربوي، حيدر الموسوي، إلى أن "الواقع التربوي والتعليمي بعد عام 2003 وإلى الآن في تغير واضح بالعراق، فهو يختلف عما كان عليه سابقاً من ارتفاع الأمية حتى وصلت إلى نسبة 35 بالمائة أو أكثر في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، نتيجة للظروف السابقة التي فرضت واقعاً معيناً على الشعب العراقي منها تراجع الاقتصاد الذي ألقى بظلاله على التعليم".
ويتابع الموسوي حديثه لوكالة شفق نيوز: "لكن بعد عام 2003 والتغير الاقتصادي وارتفاع مستوى المعيشة في العراق حصل توجه نحو المدارس وكذلك انخفضت نسبة التسرب من المدارس، بل يلاحظ حالياً ارتفاع نسبة حملة الشهادات العليا، أما شهادة البكالوريوس فهي باتت منتشرة بشكل كبير".
ويؤكد، "كما هناك ارتفاع في نسب الإقبال على الامتحان الخارجي سواء للابتدائية أو الثانوية، كما هناك لجوء إلى الدراسة المسائية في الجامعات بأعداد توازي حتى الصباحي، وهذه الدلالات تؤكد انحسار الأمية، إلى جانب الإجراءات والحملات التي تقوم بها الحكومة ووزارة التربية لاستقبال المتسربين من المدارس".
ويضيف، "كما أن توجه الحكومة في قضية التعيين أو فتح فرص عمل معينة هي بالتركيز على حملة الشهادات على أقل تقدير شهادة الابتدائية، وهذا يعطي حافزاً للمواطن الذكر أو الأنثى بالسعي إلى التعليم، فيما أعطت وسائل التواصل الاجتماعي والتطور الإلكتروني دافعاً آخر على التعليم للتواصل مع العالم".
لكن عضو لجنة التربية النيابية السابقة، رعد المكصوصي، يرى أن "واقع التعليم في العراق متردي حيث إن الحكومات المتعاقبة لم تولِ اهتماماً يليق بواجهة العراق العلمية، بل هناك تردياً في الواقع العلمي والتعليمي وتراجع واضح لأسباب منها قلة الأبنية المدرسية التي تليق بالطلبة".
ويضيف المكصوصي لوكالة شفق نيوز، كما أن "الكادر التعليمي والتدريسي في مستوى لا يليق بتربية أجيال، بل وصل الحال إلى حاجة بعض الكوادر التعليمية إلى محو أمية، فلا تستطيع كتابة جملة واحدة دون أخطاء إملائية، والبعض الآخر لم يتلقَ دورات طرق تدريسية لإيصال الفكرة للتلاميذ".
ويؤكد، "لذلك هناك حاجة إلى التفاتة لبناء مدارس وتهيئة كوادر تعليمية وتدريسية والاهتمام بالتلاميذ وطباعة الكتب وتوفير القرطاسية وغير ذلك".
وعن إحصائيات الأمية في العراق، يوضح المتحدث باسم وزارة التخطيط العراقية، عبد الزهرة الهنداوي، أنه "لا توجد إحصائيات جديدة، على اعتبار أن نتائج المسح الاقتصادي الاجتماعي الذي سينتهي قريباً سيعطي مؤشرات عن واقع الأمية وغيرها من التفاصيل، لكن المؤشرات السابقة تشير إلى وجود نسبة أمية تقترب من 12.7 بالمائة في عموم العراق من أعمار 15 سنة فما فوق، وترتفع هذه النسبة بين الإناث 21 بالمائة أكثر من الذكور 12 بالمائة".
ويبين الهنداوي لوكالة شفق نيوز، أن "هذه النسبة (12.7 بالمائة) انخفضت عن 10 سنوات سابقة التي كانت تصل إلى 20 بالمائة، وهذا يعود إلى الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في السنوات الماضية حتى أصبحت مؤسسات الدولة تخلو تماماً من الأمية، كما هناك مراكز افتتحت في وقت سابق لتعليم كبار السن من قبل جهاز محو الأمية التابع لوزارة التربية، وفي ظل الخطط المرسومة من المتوقع أن تنخفض معدلات الأمية إلى أدنى مستوياتها خلال العقد المقبل".