شفق نيوز/ عدت صحيفة إسرائيلية، يوم الاثنين، بأنه لم يتم الاعتراف بـ"إبادة" حلبجة دولياً، وفيما بينت أنها كانت بداية لإسقاط نظام صدام حسين عام 2003 الذي لم يكتفِ بهذه الابادة وأرتكب بعدها مجازر الانفال، أكدت أن حلبجة اظهرت كيف يمكن للدول التي سلحت النظام البعثي ان تفلت من العقاب، مع وفاة العشرات من مصابي حلبجة سنوياً بسبب تأثيرات الاسلحة الكيماوية آنذاك.
وقالت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز؛ إن "جريمة حلبجة تم نسيانها بالكامل، وإنها كانت بمثابة برهان على امتلاك نظام صدام حسين اسلحة دمار شامل، وإنها إرتدت على مرتكبي الجريمة عندما تم إسقاط النظام العام "2003، داعية العالم الى "الإعتراف بأن ما جرى في حلبجة قبل 34 سنة، كان إبادة جماعية".
وذكّرت الصحيفة بــ"المشاهد في شوارع حلبجة غير المعبدة" مؤكدة أنها "كانت تشبه فظائع الهولوكوست، بعدما تعرضت مع نهاية الحرب العراقية-الايرانية، الى قصف كيميائي من قبل الجيش العراقي".
وأضاف التقرير أنه "جرى نسيان الحادثة إلى حدٍ كبير، ولا تزال غير معترف بها على أنها إبادة جماعية"، مبينا أن "23 مقاتلة جوية عراقية بدأت في 16 اذار/ 1988، قصف حلبجة وطال ستة أيام".
ونقلت الصحيفة عن نوشيروان باشا الذي يبلغ من العمر 45 سنة الآن، ويقيم في أوروبا، قوله "إختبأنا في كهف على الحدود مع إيران لايام عدة في حين واصلت الطائرات قصفها".
ولفت التقرير الى أن "الطائرات استخدمت اسلحة دمار شامل محظورة دوليا مثل غاز الخردل والسيانيد وغاز الاعصاب، ما أوقع الاف الضحايا وشرد أكثر من 10 الاف اخرين، فيما كانت تقيم أقليات قومية ودينية عدة في حلبجة ما يعني أن إنكار حزب البعث وقتها لوجودها ومحاولته القضاء عليها، يجعل منها النموذج للابادة الجماعية التي تعني استهداف ابادة عرقية او قومية او دينية".
وأشارت الصحيفة إلى أن "حلبجة الواقعة على بعد 15 كم فقط من الحدود مع ايران، وأن القوات الايرانية لم تتمكن من السيطرة عليها خلال الحرب حيث نشر صدام حسين هناك أحد الفرق العسكرية التسعة في محافظة السليمانية التي تضم حلبجة"، فيما لفتت الى ان "العقيد العراقي علي النجفي المسؤول عن الجيش المتمركز في حلبجة، كان بايع طهران سراً".
ووفقاً لرواية مستشار بعثي سابق فإن "مع بداية عملية (ظفر-7)الايرانية للاستيلاء على السليمانية في منتصف شهر آذار/مارس 1988، جاء صدام حسين الى السليمانية ومن هناك اجرى اتصالا بالعقيد النجفي ليسأله عما إذا كان بحاجة الى المزيد من المساعدة العسكرية"، فيما رد عليه النجفي بإهانة قائلا "دع المساعدة تذهب إلى قبر والدك".
وبحسب الرواية ذاتها، فان النجفي "استسلم لإيران في وقت لاحق من ذلك اليوم، فيما دخل الحرس الثوري وحلفائه من المقاتلين الكورد الى حلبجة، وقرر صدام حسين محو المدينة".
ورأى التقرير ان "صدام حسين بعد ثمانية أعوام من حرب الخنادق مع ايران، اصبح مقتنعاً ان عليه إيقاف الحرب، لا بسبب احساس ضميره بالذنب ازاء حلبجة، وانما خشية انهيار جيشه"، مبيناً انه "على الرغم من أن قرار قصف حلبجة كيميائيا لم يكن مخططاً له مسبقاً، الا أن النظام البعثي ارتكب جرائم مشابهة حيث أنه في 14 نيسان/أبريل 1988 بدأ تنفيذ حملة الانفال التي راح ضحيتها عشرات آلاف الكورد من جميع الاعمار والاجناس، دفنوا في الصحراء في معسكرات صدام حسين".
وبالاضافة الى ذلك، اشار التقرير الى "استهداف النظام البعثي العشوائي للمدن الايرانية خلال الحرب والذي تسبب بمقتل آلاف الأشخاص".
وأشار التقرير إلى أن "حلبجة وأن ساهمت في انتهاء اطول حرب خلال القرن العشرين، إلا أنه حرمت من الاعتراف المناسب بها"، مبينا ان "صدام حسين شعر بخطورة جريمته، وبعد أشهر من القصف الكيماوي عليها، أقام مدينة حلبجة الجديدة على بعد حوالي 30 كم من حلبجة الاصلية، وصارت ماهولة بالسكان في غضون ستة شهور، وغالبيتهم من الكورد الذين فروا من حلبجة".
واوضح التقرير؛ ان "النظام البعثي شيد المدينة ليبرهن للمجتمع الدولي أنه لم يدمر حلبجة باسلحة الدمار الشامل، وأن المدينة الجديدة كانت لاخفاء نموذج المدينة التي تعرضت لابادة جماعية"، مبيناً أن "مئات الصحفيين التقطوا صوراً لاهالي حلبجة الذين اختنقوا حتى الموت وتناثرت جثثهم في الشوارع"، فيما وصفه الصحفي الايراني احمد النتقي الذي غطى حادث الهجوم على حلبجة أثناء تحليق الطائرات بأنه كان مشهداً مروعاً رؤية الاطفال الرضع وهم مختنقين بين ذراعي امهاتهم".
وتابع التقرير أن "الوثائق التي جمعت في حلبجة ساهمت في إسقاط مرتكبي الجريمة بعد سنوات، حيث ان حلبجة كانت عاملا كبيرا في تبرير الغزو الأمريكي للعراق"، مضيفا أنه "بعد بعد شهور من عمليات البحث عن اسلحة دمار شامل، لم يعثر التحالف الدولي ضد صدام حسين على أي دليل، الا انه اضاف انه بالرغم من عدم وجود دليل رسمي على وجود اسلحة دمار شامل في العراق، اثبت حلبجة ان بغداد تمتلك اسلحة دمار شامل".
وخلص التقرير الى القول ان "حلبجة تظهر كيف يمكن للدول التي سلحت صدام حسين ان تفلت من العقاب، كما انه لا يزال هناك عشرات المصابين من الاسلحة الكيماوية الذين يحتاجون الى رعاية فورية، ويموت سنوياً العديد من الناس متأثرين بجراحهم".
وبالإضافة إلى فظائع الإبادة الجماعية، اعتبر التقرير أن "حلبجة تخبرنا كيف ان الحرب تضحي بكل شيء من اجل انتصارات عسكرية لا معنى لها، كما انها تذكرنا كيف ان الابادة الجماعية تكون عادة من الآثار الجانبية للحرب.
وتابع قائلا ان معظم جرائم الابادة حدثت خلال الحروب، بما في ذلك الهولوكوست النازي والابادة الجماعية بحق الأرمن".
واكد التقرير ان "حلبجة تستحق الاعتراف بها دوليا كابادة جماعية. لقد ساعدت العالم على ادراك تهديدات صدام حسين للسلام والأمن العالميين".
ترجمة: وكالة شفق نيوز