شفق نيوز/ استعادت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية الدولية، قصة وفاة الشاب العراقي علي حسين جلود بسبب التلوث البيئي، من اجل مطالبة الحكومة العراقية بالانتقال الى ما هو أبعد من مجرد الاعتراف بمشكلة التلوث الناجم عن إنتاج النفط وحرق الغاز المستمرة، وذلك من خلال سن القوانين اللازمة لتقييد ظاهرة الحرق، وتأمين الخدمات الصحية المناسبة للمجتمعات العراقية المتضررة.
وذكر تقرير للمنظمة ترجمته وكالة شفق نيوز، بأن العراقي علي حسين جلود كان بالكاد في العشرينيات من عمره عندما توفي في 21 نيسان/ ابريل الماضي، بسبب سرطان الدم، وهو مرض كان علي وعائلته اكدوا انه ناجم عن التلوث بسبب النفط ومشاعل الغاز المتواصلة التي تلف مجتمعهم في بلدة الرميلة، الواقعة على بعد 50 كيلومترا من ميناء مدينة البصرة.
العراق ثاني بلد بحرق الغاز
واشار التقرير الى ان كثيرين في أنحاء العالم كافة شعروا انهم يعرفون علي جلود وتأثروا بشكل شخصي بوفاته بعدما تابعوا قصته عبر هيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي" التي بثت تحقيقات مصورة حول الخسائر البشرية والبيئية التي تسببها عمليات حرق الوقود الأحفوري في العراق، وخصوصا الاضرار التي تسببها عمليات حرق الغاز.
واوضح التقرير ان عملية الحرق تتعلق بحرق شركات النفط غاز الميثان الزائد من عمليات استخراج النفط بدلا من احتجاز الغاز في خطوط الانابيب، مشيرا الى انه خلال هذه العملية يتم اطلاق الغازات القوية اكثر من 80 مرة بتأثيرها في الاحتباس الحراري من ثاني اكسيد الكربون على مدى 20 عاما، في الغلاف الجوي.
وتابع التقرير انه بعد روسيا، يعتبر العراق هو المسؤول عن اكثر الغازات حرقا في العالم.
ملوثات سامة
وبالإضافة الى ذلك، فإن العملية تطلق ايضا ملوثات سامة معروفة بأنها تلحق الضرر بصحة الانسان، بما في ذلك البنزين، وهو مادة مسرطنة للانسان يمكن ان تسبب اللوكيميا.
واشار الى تقرير صادر عن وزارة الصحة العراقية يخلص الى ان التلوث الناجم عن صناعة النفط، الى جانب اسباب اخرى، يعتبر السبب الرئيسي لارتفاع نسبة الاصابة بالسرطان في البصرة بنسبة 20% بين عامي 2015 و2018، مضيفا ان حالات الاصابة بالسرطان في هذه المنطقة العراقية، اعلى بثلاثة اضعاف من الارقام التي تم الكشف عنها.
السرطان والنفط
ولفت التقرير الى اقرار الحكومة العراقية بوجود صلة بين التلوث النفطي الناجم عن الاحتراق وبين السرطان، مذكرا بتصريح لوزير البيئة العراقي السابق جاسم الفلاحي، قال فيه ان التلوث الناتج عن انتاج النفط يشكل سببا رئيسيا لارتفاع معدلات الاصابة بالسرطان في البصرة.
اما وزير الكهرباء السابق لؤي الخطيب فقد سبق له القول ان العمليات النفطية غير المنظمة في جنوب العراق و"الغازات السامة التي يتم حرقها في الهواء" هي الرابط لارتفاع نسب الإصابة بالسرطان.
تشريع قوانين صارمة
وبعدما أكد تقرير هيومن رايتس ووتش ان ظاهرة حرق الغاز تشكل ازمة على مستوى العالم وان لها حلول واضحة، دعا الحكومة العراقية للبدء بالانتقال الى ماهو ابعد من مجرد الاقرار بالمشكلة، والوصول الى مرحلة سن وتنفيذ لوائح صارمة من اجل تقييد ظاهرة الحرق بالإضافة الى تأمين الخدمات الصحية الملائمة للمجتمعات المتضررة.
كما دعا التقرير الحكومة العراقية الى جعل الجهات المتسببة بالتلويث، تقوم بتعويض من يعاني من آثاره مثلما يقتضي القانون العراقي.
لكن بالاجمال، حث التقرير الحكومة العراقية على الانتقال بعيدا عن عمليات الوقود الاحفوري، وذلك من اجل لمعالجة الضرر الكامل الذي يصيب المجتمعات المحلية والمناخ العالمي.
وختم التقرير بالقول ان وفاة علي جلود كانت مأساوية، الا انها كانت متوقعة. ونقل التقرير عن علي قوله في الفيلم الاستقصائي لـ"بي بي سي" البريطانية "أنا آمل ان تختفي هذه الشركات مستقبلا، وان تتوقف الانبعاثات (الغاز)، لكي يتمكن الاطفال من العيش بسلام".