شفق نيوز/ لم يعد ما تشهده البصرة مجرد احداث وانتهاكات أمنية متفرقة لا سياق لها. عمليات الاغتيال والتفجيرات التي تجري تبدو في سياق ممنهج، مازالت القوى الأمنية غير قادرة على تحديد أهدافها، اقله بحسب المعلن رسميا حتى الآن، لكنه سياق يوحي بمخططات تحاك للمدينة وأهلها.
وان يضطر رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي الى التغريد من واشنطن التي يزورها للمرة الاولى للقاء تاريخي الطابع مع الرئيس الاميركي دونالد ترامب، للتأكيد على متابعته جرائم البصرة واتخاذه قرارت أمنية كبيرة، يعني ان المشهد في هذه المدينة الجنوبية، بلغ حدود الخطر الكبير.
كما أن إصدار السفارة الاميركية لبيان يندد بجرائم البصرة التي طالت ناشطين من المجتمع المدني ومتظاهرين، يعكس الاهتمام الخارجي الذي صار مسلطا على المدينة، خاصة ان السفارة دعت الحكومة العراقية، وبينما لا يزال الكاظمي في واشنطن، ل"محاسبة أولئك المسؤولين بموجب القانون".
وكانت المدينة فجعت بجريمة جديدة ليل الاربعاء، بعدما قتل مسلحون امرأتين احداهما طبيبة. وسبق ذلك بأيام قليلة اغتيال ناشط من المتظاهرين.
وفي دلالة اضافية على خطورة الموقف، قام وزير الداخلية عثمان الغانمي بزيارة المدينة، واصدر أولى أوامره التي من بينها بحسب ما كشف مصدر أمني لوكالة شفق نيوز، "منع سير المركبات التي لا تحمل ارقاماً"، ومنع السيارات المظللة.
كما أعطى وزير الداخلية تعليمات للقيادات الامنية في المدينة "بالوصول لمرتكبي عمليات الاغتيال بأسرع وقت، ووضع الموضوع في قائمة الأولويات الامنية".
وقام الغانمي بزايرة البصرة برفقة وفد أمني رفيع ضم مدير جهاز الامن الوطني عبد الغني الاسدي ومستشار الامن الوطني قاسم الاعرجي وشخصيات من المخابرات والدفاع والوكلاء.
وتشهد المدينة حاليا إجراءات امنية مكثفة في شوارعها، بعدما تكررت عمليات اغتيال ناشطين من قبل مسلحين مجهولي الهوية، فيما يشبه الانفلات الامني الشامل، وبظل تحرك شبه علني للمجاميع المسلحة، التي تقتل في وضح النهار ومن دون لثام؛ بحسب ما تظهره بعض الفيديوهات المصورة بواسطة كاميرات المراقبة في الشوارع.
ولم ينتظر الكاظمي العودة من واشنطن، وغرد متعهدا بحماية المدينة معلنا في الوقت نفسه، انه اقال "قائد شرطة البصرة وعدداً من مديري الأمن بسبب عمليات الاغتيال الأخيرة، وسنقوم بكل مايلزم لتضطلع القوى الأمنية بواجباتها"، متوعدا بأن "التواطؤ مع القتلة او الخضوع لتهديداتهم مرفوض".
وتوحي الأحداث الجارية في البصرة والقراءة في طبيعتة المعلومات المتوفرة حولها ان الصراع يشتد على محافظة البصرة من قبل جهات سياسية مرة من المدينة وخارجها، خاصة بعد استهداف لمحافظ البصرة بعبوات متفجرة. ومن غير المستبعد ان يكون التوتر الأمني الحاصل في البصرة تقف وراءه جهات سياسية هدفها الحصول على مشاريع بالمليارات بحسب المحلل السياسي المستقل مسلم الموسوي الذي يقول لوكالة شفق نيوز ان مؤشر الاغتيالات لبعض الناشطين هدفه ان تخلق جهات سياسية فاسدة الرعب في البصرة وتحريك الجماهير في محافظة معروفة باهميتها للعراق.
واوضح الموسوي ان البصرة في حال استقرار منذ فترة طويلة واعادة التوتر اليها، مؤشر لتحرك جهات فاسدة جائعة لمغانم واموال تريد ان تملأ بها بطونها، لكن عناد رأس الهرم ضد هذه الجهات تسبب بمشاكل سياسية اسفرت عن توتر أمني في مختلف المناطق في البصرة .
ويرى الموسوي ان الحل الأمني في البصرة يتمثل بإصدار قرارات امنية جديدة في البصرة تتعلق ليس فقط بتغير قيادات امنية، وانما من خلال التحرك تجاه الإسراع في تنفيذ مشروع منظومة كاميرات المراقبة في المحافظة التي من خلال يمكن السيطرة على الخروقات الامنية المتكررة التي تشهدها المدينة والتي من ضمنها استهداف بعض الصحفيين والناشطين.
ودعا حكومة البصرة المحلية الى الاسراع في تنفيذ مشروع منظومة الكاميرات للكشف عن العصابات التي تستهدف الأبرياء للتاكد مما اذا كانت تابعة الى أحزاب وجهات سياسية، ام ان هدفها جنائي وعشائري.
وفي ظل هذه الاوضاع، كشف مصدر امني لم يفصح عن هويته لوكالة شفق نيوز عن عقد اجتماع حضره رئيس اللجنة الامنية العليا في البصرة المحافظ اسعد العيداني وقائد عمليات البصرة اكرم صدام وقائد شرطة البصرة الجديد عباس اللامي ومديري المخابرات والامن الوطني والاستخبارات وجهات امنية اخرى، تطرق الى ضرورة وضع خطط امنية عاجلة لوضع حل لاي خرق امني بعد تكرار حالات الاستهداف لمختلف الناشطين في محافظة البصرة، مبينا ان هناك معلومات عديدة تشير بوجود جهات سياسية هدفها خلق الفوضى في البصرة نتيجة الصراع على المشاريع.
من جهته، طالب الناشط المدني محمد موسى عبر وكالة شفق نيوز القوات الامنية بفتح تحقيق عاجل حيال الخروقات الامنية التي استهدفت الناشطين ومعرفة من هي الجهات التي تريد النيل من اصوات الابطال في النشاط المدني الذي يدافع عن حقوق البصريين المسلوبة، متهما في الوقت نفسه الحكومة المحلية وجهات حزبية فاسدة بمحاولة العودة للسيطرة على البصرة من خلال الفساد وسرقة خيرات البصرة التي لم ينعم بها البصريون على حد قوله .