شفق نيوز/ تساءلت مجلة "فوربس" الأمريكية عما إذا كانت الولايات المتحدة ستزود العراق بأنظمة دفاع جوي اضافية، بعد الهجوم بالصواريخ الباليستية الذي تعرضت له مدينة اربيل مؤخرا، وما إذا كانت أي دولة أخرى ستقوم بذلك بدلا عن واشنطن، وذلك فيما تؤثر مخاطر الحرب الروسية - الاوكرانية على أي مبادرة بهذا المجال.
وبدايةً ذكّرت المجلة بالهجوم الصاروخي الذي شنته إيران في 13 آذار/مارس الحالي على اربيل ما تسبب بالحاق اضرار بمنطقة سكنية بما في ذلك مقر تلفزيون "كوردستان-24" المحلية، من دون وقوع ضحايا بشرية، مشيرة إلى أن طهران زعمت بشكل مشكوك فيه بأن الموقع المستهدف هو قاعدة إسرائيلية لكنها لم تكشف عن أي دليل يمكن الوثوق به.
قدرات صاروخية
كما ذكر التقرير الذي ترجمته وكالة شفق نيوز؛ بأن مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان قال بعد الهجوم إن واشنطن تعمل من أجل تزويد العراق بوسائل يحتاجها للدفاع عن نفسه، موضحا "نحن نتشاور مع الحكومة العراقية وحكومة اقليم كوردستان، لمساعدتهم من أجل الحصول على قدرات الدفاع الصاروخي لكي يتمكنوا من حماية أنفسهم في مدنهم".
ولفتت المجلة الأمريكية إلى أنه من غير الواضح ما الذي كان سوليفان يقصده بذلك، مشيرة الى ان العراق بحوزته حاليا مجموعة صغيرة من أنظمة الدفاع الجوية بخلاف نظام "بانتسير-اس 1" الذي حصل عليه من روسيا خلال العقد الأول من القرن ال21.
كما لفت التقرير الى نقطة مهمة اخرى، حيث انه "لا يمكن لاقليم كوردستان أن يشتري أو يستورد انظمة دفاع جوي بشكل مستقل لأنه ليس دولة مستقلة، وكنتيجة لذلك، تعرض الإقليم لسلسلة من الهجمات الصاروخية من جانب الميليشيات بالاضافة الى هجمات بالطائرات المسيرة، والتي استهدفت منذ خريف العام 2020، قاعدة للقوة الأميركية في مطار اربيل الدولي كما قاعدة عين الاسد الضخمة في محافظة الأنبار، خاصة بعد اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني.
وتابع أنه بعد بضعة شهور، قامت الولايات المتحدة بنشر أنظمة "باتريوت" و"سي رام" في القاعدتين، لحمايتهما من التهديدات المتمثلة بالصواريخ وقذائف الهاون والمدفعية.
درع جوي
ونقل التقرير عن نائب مدير وحدة الأمن البشري في معهد نيولاينز للاستراتيجيات والسياسات نيكولاس هيراس قوله ان اقليم كوردستان هو بمثابة هدف يجذب الهجمات من جانب إيران ووكلاء إيران من خلال الصواريخ والطائرات المسيرة، لان قاعدة عسكرية اساسية تقع في مطار مدني كما يمكن ضرب القنصلية الامريكية من جهات متعددة، في المناطق الحضرية والريف".
وتابع هيراس قوله ان "المواقع الامريكية في اقليم كوردستان تتطلب بالحد الادنى، شبكة من أنظمة الدفاع الجوي بما في ذلك أنظمة "باتريوت" و"سي-رام" و"افينجر"، مضيفا في الوقت نفسه ان هذه الانظمة لا تكفي وحدها من اجل حماية المنشآت، وان "هناك حاجة إلى اقامة درع جوي اكثر شمولا فوق مدينة اربيل على الاقل".
واعتبر هيراس؛ أن هناك أيضا حاجة إلى نشر أنظمة "ثاد" للدفاع الجوي، وهي انظمة موجودة في مناطق اخرى من الشرق الأوسط التي تضم منشآت امريكية ومعرضة هي الأخرى للتهديد ايضا من جانب ايران.
وأوضح أن الدفاع عن عن اقليم كوردستان خارج المنشآت الامريكية أصبح ضروريا الآن من أجل تأمين حماية أفضل للأفراد الأمريكيين في الإقليم".
وأضاف هيراس؛ أن الإقليم يعتمد على التواجد الأمريكي من أجل نشر انظمة دفاع جوي اكثر تطورا على أراضيه، خاصة بالنظر الى علاقة اربيل المعقدة مع بغداد، مؤكدا ان "صفقة مع بغداد ستسمح بوجود أنظمة دفاعات جوية طويلة الأمد ومتواجدة بشكل مستمر في كوردستان".
طرف ثالث
ومن جهته، قال المحلل الأمني لشؤون العراق في شركة "هورايزون كلاينت آكسس" للطاقة أليكس آلميدا أنه ليس واثقا مما كان يتحدث عنه مستشار الامن القومي الامريكي عندما أدلى بهذه الملاحظة.
وأعرب آلميدا عن شكوكه في أن تلجأ الولايات المتحدة الى اعادة "الباتريوت" الى اربيل في هذه المرحلة في ظل الحاجة الكبيرة لهذه الانظمة حاليا في شرق أوروبا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ.
كما أنه استبعد حدوث عمليات "نقل أو بيع انظمة باتريوت او ثاد سواء الى العراق او اقليم كوردستان" لكنه لم يستبعد أن تقوم الولايات المتحدة بمساعدة الاقليم الكوردي على اقتناء أنظمة أصغر محمولة مضادة للطائرات المسيرة للتعامل مع التهديد المستمر من جانب الميليشيات بمثل هذه الطائرات.
ونقل التقرير عن الباحث في معهد واشنطن مايكل نايتس الخبير بالشؤون العراقية، قوله إن واشنطن لا يمكنها حاليا تزويد او اعارة صواريخ الباتريوت للعراق لمساعدته، معربا عن اعتقاده بأن هناك "حاجة إلى طرف ثالث للمساعدة، على ألا يكون إسرائيل لأن ذلك سيبدو شديد السمية، ولكن بعضا من مستخدمي انظمة أمريكية قديمة".
وبرغم ذلك، ذكر التقرير ان العراق "قد يجد أن خياراته محدودة للغاية".
واوضح ان المانيا قد تمتنع عن بيع أو نقل أي من هذه صواريخ باتريوت إلى العراق حاليا بسبب انشغالها بالحرب الاوكرانية. أيضا، بالإضافة إلى أن برلين تعتمد سياسة عدم تزويد الدول التي تشهد حربا بالاسلحة، وهي سياسة قامت بمراجعتها في ظل الازمة الاوكرانية، وكانت ايضا قد خرجت بشكل استثنائي عنها عندما قررت تزويد البيشمركة ببنادق هجومية من طراز "جي 36" وصواريخ "ميلان" المضادة للدبابات وذلك عندما هاجم تنظيم داعش كوردستان في العام 2014.
وبالاضافة الى ذلك، فان العديد من الدول العربية في الخليج تستحوذ على انظمة متطورة من "الباتريوت"، كما ان دولة الامارات لديها نظام "ثاد" وهي كانت اول دولة تستخدم هذا النظام في حرب عندما أسقطت صاروخا باليستيا أطلق باتجاه أبو ظبي من اليمن. ولفت التقرير إلى أن دولة الإمارات تتعرض لتهديد متزايد من جانب وصاريخ والطائرات المسيرة للحوثيين في اليمن، ولهذا فانه من غير المرجح أن تقوم بتزويد العراق قريبا بأي من انظمة الدفاع الجوي الخاصة بها.
وتابع التقرير ايضا ان السعودية لن تزود جارها الشمالي، العراق، بأي من صواريخ "باتريوت" الخاصة بها، حيث يبدو أن ترسانتها من هذه الصواريخ تنفد بشكل كبير بسبب عمليات الاعتراض المتواصلة للصواريخ والمسيرات اليمنية التي تستهدف المملكة.
مصر المرشح المحتمل
وختم التقرير بالإشارة الى ان الاردن الذي لديه أنظمة "باتريوت" مستعملة حصل عليها من ألمانيا، يمتلك عددا محدودا منها وبالتالي لن تعرضها على بغداد، في حين أن مصر يمكن أن تبرهن على انها مرشحة محتملة لتزويد العراق بهذه الانظمة حيث أنها تشغل انظمة "باتريوت" وغيرها بما في ذلك أنظمة "اس-300 في ام" الروسية للدفاع الجوي، وأنه إذا كانت واشنطن جادة في مساعد العراق قريبا في مقدورها أن تطلب من القاهرة نقل بطارياتها من أجل تأمين دفاع جوي لبغداد وأربيل على أن تعرض واشنطن على المصريين تجديد ترسانتهم الدفاعية في المستقبل المنظور، مضيفا أن العلاقات العسكرية دافئة حاليا بين القاهرة وواشنطن في ظل رغبة الولايات المتحدة ببيعها طائرات "اف-15" للمرة الاولى.
ترجمة: وكالة شفق نيوز