شفق نيوز/ قصة العراقية فليحة حسن، قصة حرب ومعاناة وتمييز وحلم ومثابرة ونجاح، أثمرت كتابا وصفته صحيفة "فيلادلفيا انكوايرر" الأميركية أنه يمثل مذكرات شخصية قوية.
راود فليحة حسن حلم غريب بحسب ما تروي الصحيفة الأمريكية، حيث كانت في مكتبة في مدينتها الأصلية في النجف، وهي تبحث عن كتاب شعر للكاتب الفرنسي لويس أراغون، وتضايقت لأنه لم يكن بمقدورها استعارة الكتاب، وبينما كانت تغادر ناداها أمين المكتبة قائلا "فليحة، خذي هذا.. انه قلم أراغون، واكتبي فيه عن ما تبقى لنا من تاريخ".
وذكر التقرير الأمريكي الذي ترجمته وكالة شفق نيوز؛ انه عندما استيقظت فليحة (55 عاما) من هذا الحلم منذ أكثر من 30 سنة، ابتهلت إلى الله أن يعينها على كتابة قصتها بنفسها يوما ما. والآن، نشرت دار "أمازون كروسينغ" مذكرات فليحة التي تحمل عنوان "الحرب وأنا".
ولفت التقرير الى المقالات النقدية حول الكتاب مشجعة حتى الآن، وفي إحداها يقول الكاتب النقدي في مراجعة الكتاب-المذكرات، أن فليحة حسن "تقدم تجاربها المروعة بطريقة حقيقية وصادقة، وهي شهادة مهمة عن الشجاعة الشخصية والوطنية"، فيما تحدث موقع "بابليشيرز ويكلي" أن قصة فليحة "المؤثرة حول البقاء، قصة لن ينساها القراء قريبا".
ونقل التقرير عن فليحة حسن التي اصبحت مواطنة اميركية الان، قولها إنها لم تكتب مذكراتها لكي تحصل على الاوسمة، مشيرة الى انها تأمل ان "يقرأ زعيم كتابي في إحدى المرات، ويغير رأيه حول خوض حرب أخرى.. هذا هو هدفي."
واشار التقرير الى ان "الحرب وأنا" يعكس رؤية شخصية عميقة لما تسببت به سنوات الحروب والعقوبات الدولية على الأشخاص الذين أحبتهم فليحة حسن.
وتابع أن فليحة كانت قد التحقت لتوها بالمدرسة الابتدائية عندما أعلنت حكومة صدام حسين أنها ستغلق المدارس لمدة 10 أيام حتى تحقيق "النصر المؤكد" في حربها مع إيران، وقالت فليحة "الا ان الحرب لم تنته بعد 10 أيام، واستغرقت ثمانية أعوام، وقتل جميع أصدقائي في الحرب أو فقدوا خلالها".
تتناول فليحة في كتابها التأثيرات المريرة المستمرة للصراعات اللامتناهية على الناس العاديين من الفقر ونقص الغذاء والرعاية الصحية واللامساواة وانعدام الأمن والخطر والخوف.
وتتحدث فليحة في "الحرب وأنا" عن قصتها، وتكتب عن التحديات التي تواجهها المرأة المستقلة فكريا في مجتمعها، وهي حققت حلم والدها بأن تصبح معلمة وحلمها في الحصول على شهادة عليا ودرجة الماجستير في الأدب العربي من جامعة الكوفة.
ولفت التقرير؛ إلى أن فليحة كشاعرة وكاتبة مسرحية وكاتبة، نجحت على الرغم من هيمنة الكتاب الذكور على المشهد الثقافي في النجف والذين كانوا مستائين من هذه الشابة الجريئة المتحدرة من عائلة من الطبقة العاملة وكانوا يتمنون لها الفشل، لكن فليحة واصلت طريقها ونشرت 25 كتابا حول الشعر الخيال والقصص والمسرحيات، وترجمت قصائدها الى 21 لغة، وفازت بجوائز أدبية من جميع أنحاء العالم.
واضاف التقرير ان فليحة يسميها البعض بأنها "مايا أنجيلو العراق"، في اشارة الى الكاتبة الأمريكية الشهيرة من اصول افريقية.
وتابع التقرير؛ أن نجاح فليجة اجبرها في العام 2010، على مغادرة وطنها والابتعاد عن الأشخاص الذين تحبهم كثيرا، حيث علمت في ذلك العام أن جماعة مسلحة وضعت اسمها على لائحة من الكتاب والفنانين لاستهدافها بالقتل، على الرغم من انها لم تكن منحازة لأي جهة في الانظمة السابقة او الحالية، كما أن كتاباتها لم تكن سياسية. ولم يكن هناك وسيلة أمامها لكي تستأنف القرار بحقها، فقررت المغادرة.
وبعدما اختبأت لفترة في بغداد مع أصغر طفليها، فروا لاحقا الى تركيا، وبينما اختار اكبر الابناء البقاء في العراق مع العائلة، تمكنت فليحة في العام 2012، وبمساعدة من الأمم المتحدة، من الحصول مع اطفالها الصغار على وضع اللجوء، واستقروا في مدينة نيوجيرسي الأمريكية.
ويتناول الكتاب أيضا جزءا من حياة فليحة في امريكا، حيث ان قلة من جيرانها الأمريكيين يدركون أن هذه المرأة الهادئة شاعرة شهيرة، وإن اشعارها ترشحت لنيل جائزة "بوليتزر" وأعمالها الأدبية لجائزة"بوشكارت" المرموقة، بالإضافة إلى أنها نشرت ثلاثة كتب شعرية بنفسها منذ قدومها الى الولايات المتحدة.
لكن التقرير نقل عن فليحة قولها "ما احبه في أمريكا هو المزيج الخليط من الناس.. والتنوع بين الناس، وانا احب الأشجار، والمكان الذي اقطن فيه يضم الكثير من الأشجار، وانا احب الطبيعة هنا، والهواء النقي".
وبرغم ذلك، فإنه حتى في هذه الارض المتنوعة، فإن بعض الناس لا يثقون بامرأة مسلمة ترتدي الحجاب، حيث أن البعض لم يكن يظهر لطافة. وتقترح فليحة في كتابها أن يقول القارئ "سلام" أو "يوم جيد" في المرة القادمة التي يلتقون فيها بامراة كهذه.
وتابع التقرير؛ أن فليحة تفتقد عائلتها في العراق، وقد مات والداها قبل مغادرتها، كما توفي احد اشقائها منذ ذلك الوقت، وصار هناك أحفاد في العائلة، وهي تتواصل مع بناتها هناك كل يوم، واخوتها يطلبون نصيحتها في القضايا المهمة، وعندما تكون هناك احتفالات عائلية، فإنها تتواصل عبر "واتساب" هي واولادها.
وتعمل فليحة الآن على رواية، وتتذكر أفراد عائلتها. وتقول "لدي كل حياتي في هذا الكتاب".
ترجمة: وكالة شفق نيوز