شفق نيوز/ حظي مشروع قانون الخدمة والتقاعد لهيئة الحشد الشعبي الذي أنهى مجلس النواب العراقي القراءة الأولى له في جلسته التي عقدها برئاسة رئيس المجلس بالإنابة محسن المندلاوي وبحضور 194 نائباً، أمس الأربعاء، بإشادة خبراء القانون، خاصة وأن الحشد يعد الجهاز الأمني الوحيد الذي لم يقر له قانون "خدمة وتقاعد"، مؤكدين أن هذا القانون سينقل الحشد "من بعض الفوضى التشريعية" لغياب النصوص التي تنظم الأمور الوظيفية والتقاعد وغيرها إلى نصوص محددة ومنظمة يخضع لها الجميع "مع بعض الاستثناءات".

 

طبيعة التشكيل

بداية، نوّه عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب العراقي، رائد المالكي، إلى أن "قانون التقاعد الموحد هو ليس قانون للأجهزة العسكرية، كم أن قانون الخدمة والتقاعد لقوى الأمن الداخلي يختلف عن ما موجود في الوظائف المدنية، فضلاً عن أن بعض أحكام الخدمة والوظيفة تختلف ما بين وزارة الدفاع والمخابرات والأمن الوطني وغيرها، لذلك طبيعة التشكيل قد تقتضي اختلاف الأحكام، لكن هذا الاختلاف ليس كلياً، صحيح قد يكون القانون له مسمى مستقل وله خصوصية، لكن الأحكام كمضمون فيها تشابه كثير وتوحيد للمبادئ القانونية".

وأضاف المالكي، لوكالة شفق نيوز، أن "القانون قرئ قراءة أولى أمس الأربعاء، وهو يحتاج إلى جلسات وورش وبعدها سيتم قراءته قراءة ثانية ويخضع للمناقشة وإبداء الملاحظات، وبعد ذلك سيكون التصويت عليه، وبقدر ما مهتمين بالاسراع في تشريع هذا القانون، فإننا مهتمون في الوقت نفسه بأن يخرج القانون بشكل نموذجي ومستوفٍ للشروط".

 

وتابع: "لا أقول أن المسودة ومشروع القانون الذي جاء للبرلمان هو مستوفي لكل هذه الشروط، بل بكل تأكيد ستكون هناك ملاحظات وتعديلات عليه من أجل توحيد كل الأحكام المتشابهة على صعيد المصطلحات والوظيفة والتقاعد، وبالتالي ليس هناك إشكال بوجود قانون خاص أو مستقل بهذا الخصوص".

وأكد أنه "لم يحصل اعتراض على القانون لحد الآن، رغم أن الاعتراضات تظهر عند المناقشة ولم تجرِ المناقشة حتى الآن، لكن أحياناً هناك ملاحظات بسبب الخلافات السياسية أو غير ذلك كما في موقف الحلبوسي الذي كان باتجاه رئيس هيئة الحشد الشعبي لكنه فُهم ضد مؤسسة الحشد الشعبي أو ضد القانون، بل هو في الحقيقة كان ضد الرئاسة الإدارية للحشد وعلى قيادة الحشد أكثر منها على القانون، أما القانون فإنه يمكن تقديم ملاحظات وتعديلات ويؤخذ بها".

 

الحلبوسي يهاجم الفياض

وكان رئيس حزب تقدم محمد الحلبوسي، هاجم الثلاثاء الماضي، رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، محذراً من استخدام قانون التقاعد والخدمة لمنتسبي الحشد لاغراض انتخابية.

وقال الحلبوسي في تغريدة نشرها على صفحته في موقع (X) واطلعت عليها وكالة شفق نيوز، "لم أجد نصاً ملزماً في مشروع القانون الجديد المتعلق بالخدمة والتقاعد للحشد الشعبي، يضرب مبدأ استقلالية الأجهزة العسكرية والأمنية الذي نص عليه الدستور، ويجبرنا على أن يكون رئيس الهيئة رئيساً لحزب سياسي يسير ويستخدم الهيئة وقواتها حسب رؤيته ومنهاجه السياسي".

وأضاف، "كما لم أجد نصاً واضحاً وصريحاً يسمح لرئيس حزب عطاء (فالح الفياض) باستخدام تلك المؤسسة لأغراضه الحزبية والخاصة بعيداً عن الأهداف والواجبات الدستورية لحفظ الأمن والدفاع عن البلد والشعب".

وتابع الحلبوسي، "لم أجد ايضاً نصاً يجيز لهم التلويح للمنتسبين بالحشد العشائري والشعبي بالفصل والطرد لإجبارهم وعوائلهم على التصويت قسراً المرشح محدد ينتمي إلى كتلة أو مرشح، سوى نص بسيط فضفاض في المادة 32 من القانون يتيح لرئيس الهيئة إحالة المنتسب على التقاعد الإجباري إذا ثبت عدم كفاءته)، فهل سيستخدمون هذا النص للكسب الانتخابي والسياسي غير المقبول؟".

 

الجهاز الوحيد بلا قانون

"يعد الحشد الشعبي الجهاز الوحيد الذي لم يقر له قانون الخدمة والتقاعد باعتباره مؤسسة تابعة لرئاسة الوزراء، أما قانون الخدمة والتقاعد للأجهزة الأمنية فهو يختلف ما بين المؤسسات الأمنية كالأمن الوطني والمخابرات وغيرها، ومؤخراً تم إقرار قانون المخابرات العراقي، كما تم قبل أشهر قليلة إقرار قانون الخدمة والتقاعد لجهاز الأمني الوطني"، بحسب الباحث في الشأن الأمني والسياسي، غانم العيفان.

وبين العيفان، خلال حديثه للوكالة، أن "هذا القانون جاء لتنظيم حقوق المقاتلين لأنه لحد الآن لم يسن قانون للحشد، ولذلك لا يوجد تمييز لإقرار هذا القانون بل هناك حاجة باعتبار أنه الجهاز الوحيد الذي لم ينظم له قانون".

 

"رد الجميل"

بدوره، قال الخبير القانوني، علي التميمي، إن "مشروع قانون خدمة وتقاعد منتسبي الحشد الشعبي يتكون من 78 مادة، وهو نص على الكثير من التفاصيل وأراه قانوناً جيداً جداً يخدم أعضاء الحشد الشعبي بشكل كبير، لما قدموه من تضحيات ودفاع عن الوطن وإنهاء داعش الإرهابي، فهم يستحقون مثل هكذا قوانين تخدم كل منتسبي الحشد الشعبي".

وأوضح التميمي لوكالة شفق نيوز، أن "مشروع هذا القانون نص على الترفيع والعلاوة والتقاعد والترقية ومعالجة ظروف الجرحى ومكافآتهم وإحالتهم إلى التقاعد ورواتب الشهداء وتخصيصات الخلف، لذلك أرى أنه مشروع قانون جيد جداً يرد الجميل للحشد الشعبي لما قدمه من تضحيات في مقاتلة داعش الإرهابي".

 

"من الفوضى إلى النصوص"

أما أستاذ القانون الدستوري، مصدق عادل، فقد بيّن أن "تشريع قانون خاص بالحشد الشعبي يأتي للحفاظ على خصوصية وهوية الحشد، ولتطبيق قانون هيئة الحشد 40 لسنة 2016 الذي ينص بأن يتم تكييف أوضاع المقاتلين القانونية والمالية والتنظيمية داخل هيئة الحشد بما ينسجم مع القوانين العسكرية، لذلك سوف يوفر القانون مزايا كثيرة سواء للمستمرين بالخدمة أو بالنسبة للشهداء أو الجرحى".

ورأى عادل، خلال حديثه للوكالة، أن "قانون الخدمة والتقاعد للحشد الشعبي سوف ينظم كل ما يتعلق بشؤون الخدمة الوظيفية للشهداء والجرحى والمستمرين بالخدمة منذ صدور الأمر الديواني في 11 حزيران 2014 لغاية يومنا هذا، وبالتالي فإنه سيعالج الحقوق التقاعدية والشهداء في عدم حصولهم على حقوقهم مسبقاً، أي بعد تنفيذ هذا القانون لن تحصل أي فروقات بين الضابط بالقوات المسلحة في الجيش أو الحشد، وكذلك للمنتسب بما يتعلق بحقوقه ومخصصات الشهادة والأطفال وغيرها من الأمور".

 

وأوضح أن "الحشد الشعبي حالياً عبارة عن مبلغ مالي ليس فيه إحصائية، وليس بإمكان المقاتل في الحشد الانتقال من هيئة الحشد إلى أي جهاز أمني آخر، لأنه ليس لديه غطاء مالي في وزارة المالية، لهذا جاء القانون لمأسسة الحشد كمؤسسة عسكرية قانونية تقف جنباً إلى جنب مع القوات المسلحة العراقية".

وبين أن "هذا القانون سينقل الحشد من بعض الفوضى التشريعية لغياب النصوص التي تنظم الأمور الوظيفية والتقاعد وغيرها إلى نصوص محددة ومنظمة يخضع لها الجميع مع بعض الاستثناءات التي تراعي الخدمة الجهادية المضاعفة أثناء الحرب ضد داعش وغيرها من الأمور الأخرى التي لا تؤثر على الصفة العسكرية للحشد".

وخلص إلى القول إن "المقاتل بالحشد ليس لديه رقم إحصائي ولا تخصص مالي في وزارة المالية، لذلك حالات الفصل والعزل ستقل بتشريع قانون الخدمة والتقاعد لأنه سيحتاج إلى مجلس تحقيقي وقرار من رئيس الهيئة وإعلام وزارة المالية والكثير من الإجراءات التي ستوفر ضمانات لمقاتلي الحشد الشعبي".