شفق نيوز/ من الثورات الى الانتخابات والانجازات العلمية المهمة، فإن العام 2022 يحمل حدثا سيظل في ذاكرة الملايين من الناس لعقود طويلة، وهي مونديال كأس العالم لكرة القدم، سواء بتنظيم دولة شرقية أوسطية وإسلامية، له لاول مرة، او بفوز الارجنتين، وايضا بالنسبة الى كثيرين، وصول دولة عربية، وافريقية، للمرة الاولى، الى دور ربع النهائي.
ويحمل العام 2022 المنقضي الآن، الكثير من المفارقات والأحداث التي طبعته بأخبار لافتة، من وفاة الملكة البريطانية اليزابيث، واغتيال رئيس وزراء سابق لليابان، ونجاح أول عملية اصطدام مخطط لها بين مركبة فضائية وجرم فضائي لحرف مساره، وصولا الى اندلاع الحرب الروسية-الاوكرانية التي تركت آثارها القاسية على مختلف أنحاء العالم.
لكن العالم سجل في تاريخه، ان العام 2022، وتحديدا في 15 تشرين الاول/اكتوبر، ان عدد سكان الأرض وصل الى 8 مليارات نسمة، حيث استغرق الوصول من 7 مليارات الى هذا الرقم، 12 عاما، الا انه من المتوقع ان يتطلب 15 عاما على الاقل للوصول الى 9 مليارات نسمة.
كما شهد العام 2022، حدثا كان له وقعه الكبير إقليميا ودوليا، وهو اندلاع الاحتجاجات الشعبية في عدة مدن ايرانية بعد الانباء عن مقتل الشابة مهسا اميني خلال احتجازها بسبب عدم التزامها بارتداء الحجاب بشكل لائق، وهي تظاهرات سقط في مئات القتلى والجرحى، واتهمت طهران دولا خارجية بالتحريض والتآمر بتغذيتها، واتخذتها السلطات الايرانية بحسب ما تقول تقارير غربية ومصادر كوردية، ستارا من اجل توجيه ضربات الى مواقع لفصائل كوردية معارضة متمركزة في اقليم كوردستان.
لكن العام 2022 سيجر معه الى العام 2023، استمرار الحرب الروسية-الاوكرانية التي اندلعت في 24 فبراير/شباط، وما تحمله من صراع غير مباشر بين موسكو وبين الغرب، ومع حلف "الناتو"، بكل ما يثيره ذلك من مخاوف من احتمال انتشار نيرانها بعيدا، سواء على الصعيد الامني او الاقتصادي والمعيشي، في ظل ازمة الطاقة الغذاء العالمية التي تسببت بها والتوتر في العلاقات الدولية.
الا ان الحدث الابرز الذي تابعه مئات ملايين الناس حول العالم، تمثل في مونديال قطر الذي شكل حدثا استثنائيا في تاريخ كرة القدم، سواء بالنسبة الى نجاحات الدولة المضيفة، او بإنجازات المنتخب المغربي، او بحصول الارجنتين على نجمتها الثالثة، او بتحقيق ليونيل ميسي حلم الملايين من محبي هذه الرياضة، برفع كأس العالم، او حتى بالسابقة المتمثلة بقيادة الفرنسية ستيفاني فرابارت كأول امراة لمباراة في نهائيات المونديال، وذلك بين المانيا وكوستاريكا، بمشاركة سيدتين أخريين هما البرازيلية نويزا باك والمكسيكية كارين ميدينا.
وكان 8 ايلول/سبتمبر حزينا بالنسبة لكثيرين حول العالم، مع اعلان قصر باكنجهام وفاة ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية عن عمر ناهز الـ 97 عاما، وهو رحيل اثار تساؤلات عن مصير النظام الملكي في بريطانيا واستمراريته في الهيمنة على دول عديدة حول العالم.
ولم يمض وقت طويل على وفاة الملكة، حتى تفاقمت ازمة رئاسة الحكومة، واستقالت ليز تراس بعد 45 يوما على تسلمها المنصب، ثم جرى اختيار وزير الخزانة السابق ريشي سوناك لتولي المنصب في 25 تشرين الاول/اكتوبر، وهو اول شخص ملون يتولى الموقع، وهو ابن مهاجرين من شرق افريقيا، وكلاهما من اصول هندية.
وبالنسبة الى سوريا، فقد كان هناك حدثان مهمان، فبعد زيارة وزير الخارجية الاماراتي عبدالله بن زايد ال نهيان الى دمشق في اواخر العام 2021، في اول زيارة من نوعها لمسؤول اماراتي الى العاصمة السورية منذ بدء الحرب السورية قبل اكثر 10 سنوات، حط الرئيس السوري بشار الاسد في ابوظبي في اذار الماضي، في اول زيارة له الى دولة عربية منذ 11 عاما حيث التقى ولي العهد الشيخ محمد بن زايد ال نهيان، وحاكم دبي محمد بن راشد ال مكتوم.
اما الحدث الثاني المهم سوريا، فهو تقارب بين انقرة ودمشق، عززها تصريح لأردوغان في 15 كانون الاول، اشار فيه الى انه عرض على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عقد لقاء ثلاثي يضمهما مع الرئيس الاسد، فيما قالت موسكو انها تتحرك لمحاولة انجاح الفكرة، وهو ما تم حينما احتضنت روسيا اجتماعاً ثلاثياً لوزراء دفاعها ونظيريه التركي والسوري، في خطوة أولى من نوعها منذ 11 عاماً.
وكان هناك 3 زيارات استقطبت الكثير من الاهتمام العالمي، وهي زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ، الى السعودية في السابع من ديسمبر/ كانون الاول في زيارة وصفت بانها تاريخية، حيث عقد لقاءات مع عدد من القادة العرب، وابرم عقودا تجارية واستثمارية ضخمة، ما اثار شهية المراقبين حول الاضمحلال الاضافي في الحضور الامريكي في الشرق الاوسط.
وجاءت زيارة شي جين بينغ الى السعودية، بعد شهور قليلة على الزيارة المهمة التي قام بها الرئيس الامريكي جو بايدن الى السعودية في تموز/يوليو، بالرغم من انتقاداته السابقة ضد نظام الحكم في الرياض، وهي زيارة كسر فيها الجليد مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، فيما ركزت زيارته على قضية ازمة الطاقة التي أحدثتها الحرب الروسية-الاوكرانية، وبدا بعدها ان الرياض لم تأخذ كثيرا بتوجيهات واشنطن حول سياسة التصدير النفطية، واعلنت مرارا التزامها بقرارات "اوبك+" فيما يخص حاجات السوق العالمية واستقرار الاسعار.
اما الزيارة الثالثة التي كادت تتسبب بازمة عالمية وربما اندلاع شرارة حرب، هي زيارة رئيسة مجلس النواب الامريكي نانسي بيلوسي، الى تايوان في اغسطس/ اب، متجاهلة تهديدات من الصين التي تعتبر الجزيرة جزءا من اراضيها وتتعهد منذ عشرات السنين باستعادتها، ولهذا اجرت واحدة من اكبر مناورتها العسكرية بالقرب من تايوان، كرد على زيارة المسؤولة الامريكية، فيما حرص البيت الابيض، من اجل احتواء الموقف، على التأكيد على عدم تغير الموقف الامريكي الرسمي حول سياسة "الصين الواحدة".
وفوجئ العالم في 8 تموز/يوليو باغتيال رئيس الوزراء الياباني السابق شينزو ابي بالرصاص خلال القاء خطاب في مدينة نارا، حيث قتله الجندي السابق في البحرية اليابانية تتسويا ياماجامي، في جريمة نادرة الحدوث في هذه البلاد.
كما فوجئ العالم ايضا باعلان في نيسان/ابريل، عن سيطرة الملياردير ايلون ماسك على منصة "تويتر" في صفقة بلغت قيمتها نحو 44 مليار دولار، قبل ان يعلن في 21 كانون الاول/ديسمبر انه سيستقيل من منصبه كرئيس تنفيذي ل"تويتر"، عندما يجد شخصا "أحمق بما يكفي لتولي المنصب".
ومما شغل العالم طوال اسابيع ايضا، متابعة جلسات المحاكمة حول خلاف الممثل جوني ديب مع زوجته السابقة آمبر هيرد، وما تضمنته من فضائح وخلافات بينهما، والتي انتهت بتغريم هيرد 15 مليون دولار تعويضا لصالح ديب.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر، تابع العالم الانتخابات النصفية الامريكية التي عززت الانقسام السياسي الامريكي في مرحلة ما قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة في العام 2024، اذ ان الجمهوريين حصلوا على الأغلبية في مجلس النواب فيما حصل الديمقراطيون على أغلبية مجلس الشيوخ بـ50 مقعدا، وبرغم ذلك وصفها بايدن بانها "أظهرت قوة الديمقراطية الامريكية ومرونتها".
وعلى الضفة الاخرى من الاطلسي، خسر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الغالبية المطلقة في البرلمان، مع التقدم الكبير الذي حققه حزب التجمع الديمقراطي اليميني المتشدد الذي تتزعمه ماري لوبان في الانتخابات البرلمانية في حزيران/يونيو.
مفاجأة مدوية اخرى سجلت في انتخابات ايطاليا، حيث تولت السيدة جورجيا ميلوني رئاسة الحكومة في تشرين الاول/اكتوبر، بعد فوز حزبها "اخوة ايطاليا" اليميني، في الانتخابات البرلمانية في ايلول/سبتمبر.
ومقابل هذه النجاحات "اليمينية"، سجلت البرازيل خسارة رئيسها جايير بولسونارو، لصالح الرئيس اليساري لويس لولا دا سيلفا.
ومقابل هذه التغييرات السلمية عبر صناديق الاقتراع، شهد سريلانكا انتفاضة شعبية ضد حكم الرئيس غوتابايا راجاباكسا الذي اقتحم المتظاهرون قصره في يوليو/تموز، في ظل اسوأ ازمة اقتصادية تمر بها البلاد مع الشح في الوقود والمواد الغذائية، والتي تفاقمت بعد الهجمات الارهابية التي وقعت في العام 2019ـ وضربت القطاع السياحي ثم تفاقم التدهور بسبب جائحة كورونا. وفي 20 من تموز/يوليو، اختار البرلمان رانيل ويكرمسينغه، رئيسا مؤقتا للبلاد.
احداث علمية
شهد العالم عدة احداث وتطورات تتعلق بالعلم، سيحفظها التاريخ طويلا. وبينما كانت سنة 2022 تستهل بانتقال خطر الفيروس المتحور "اوميكرون" اليها من العام 2021، الا ان خطره القاتل تلاشى بدرجة كبيرة (بنسبة 50% الى 70%) برغم انتشاره في غالبية دول العالم، وذلك بعدما قضى فيروس "كوفيد-19" على حياة مئات الاف الاشخاص حول العالم.
واظهرت حسابات كونية، بحسب صور التقطها "تلسكوب جيمس ويب" الذي بدأ تشغيله في يوليو/تموز، ليلتقط صورا هي الاولى من نوعها للكون، بينها "المجرة الاكثر بعدا" عن الارض التي يعتقد العلماء ان عمرها اكثر من 13 مليار سنة.
اما وكالة الفضاء الامريكية "ناسا" فقد اعلنت في 28 سبتمبر/يلول، انها تمكنت من تغيير مسار جرم فضائي من خلال صدمه بشكل متعمد بمركبة فضائية، وهو بمثابة اختبار لمعرفة ما اذا كان الانسان بمقدوره منع اجسام صخرية فضائية من الارتطام بالارض مستقبلا.
وفي تطور ايجابي للبشرية، اعلنت جامعة اوكسفورد التوصل الى لقاح جديد بفاعلية 80% ضد الملاريا التي تفتك سنويا بحوالى 400 الف انسان.