شفق نيوز/ حينما أعلن تنظيم داعش المتطرف، في الـ 29 من يونيو (حزيران) 2014، تأسيس تنظيمه، اتخذ "باقية وتتمدد" شعارًا له، مشيرًا بذلك إلى أن التنظيم باقٍ ويتوسع في مساحته بدءا من مقره في مدينة الموصل العراقية، مرورًا بالمحافظات المجاورة وصولاً إلى بعض المناطق في سوريا.

أسطورة "باقية وتتمدد" للتنظيم المتطرف، قوبلت بشعار مضاد من معارضي فكر التنظيم الإرهابي، رافضين الأعمال الإجرامية التي يمارسها بحق الإنسان في جميع دول العالم، حيث اتخذوا من "باغية وتتبدد" شعارًا مضادًا، تأكيدًا على أن وجود التنظيم مسألة وقت قبل أن يمحى وجوده من الخارطة.

ولما أعلنت الولايات المتحدة في الـ 7 من أغسطس (آب) 2014 عن تحالف دولي لضرب التنظيم، قصفت المقاتلات الأميركية مستودع أسلحة تابعا للتنظيم، وبعدها بيومين فقط، استعادت القوات الكوردية - بمساندة جوية أميركية - السيطرة على منطقتي مهمور وغوير قرب الموصل من تنظيم «داعش»، ليكون بذلك أول نجاح تحققه الغارات الأميركية على الأرض.

وأعلن أوباما في الـ 10 من سبتمبر (أيلول) 2014، أنه أوعز ببدء شن الغارات في سوريا دون انتظار موافقة الكونغرس، وأمر بتكثيف الغارات في العراق، فيما دخلت فرنسا - التي استهدفها التنظيم مرارًا في قلب باريس وضواحيها - على خط المواجهة كثاني دولة تشارك في الحملة بتنفيذها عدة ضربات جوية ضد التنظيم، وكذلك أرسلت قوات خاصة إلى كوردستان العراق لتدريب القوات الكوردستانية على استعمال السلاح الذي أرسلته، وشنت كل من الولايات المتحدة والبحرين والأردن وقطر والسعودية والإمارات أولى غاراتها ضد "داعش" في سوريا في الـ 23 من الشهر نفسه.

وفي تلك الأثناء، بينما يواصل التنظيم الإرهابي شن الهجمات الانتحارية في مختلف دول العالم، ازادادت عدد دول التحالف حتى بلغت أكثر من عشرين دولة، منها من استهدف التنظيم في كل من العراق وسوريا، وأخرى اكتفت بسوريا فقط، أو بالعراق فقط، وتنوعت أيضا أشكال التدخل، بين الغارات وإرسال قوات عسكرية للتدريب وتقديم النصح، والدعم اللوجستي.

التنظيم الإرهابي، خسر الكثير من الأراضي التي كان يسيطر عليها خلال الشهور التسعة الأولى من العام الحالي، بحسب تحليلات لمراكز معلومات استراتيجية.

وأفادت التحليلات بأن التنظيم فقد في الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى سبتمبر (أيلول) الماضي ما نسبته 16 في المائة من الأراضي التي كان يسيطر عليها منذ بداية العام، مواصلا بذلك فقدان المزيد من الأراضي وتآكل مناطق سيطرته.

وجاء في تقرير لمؤسسة «آي إتش إس» لبحوث المعلومات، التي تعد مصدرًا عالميًا للمعلومات والتوقعات المالية المهمة، أنه في العام 2015، فقد تنظيم «داعش» سيطرته على نحو 13 ألف كيلومتر مربع، حيث تقلصت مساحة سيطرته من 90800 كيلومتر مربع إلى 78 ألف كيلومتر مربع، أي ما نسبته 14 في المائة من الأراضي التي كان يسيطر عليها.

وفي الشهور التسعة الأولى من العام الحالي، خسر التنظيم المزيد من الأراضي، وبلغت ما نسبته 16 في المئة من الأراضي التي بقيت تحت سيطرته.

وحتى الثالث من أكتوبر (تشرين الثاني) الحالي، بات التنظيم يسيطر على 65500 كيلومتر مربع في كل من سوريا والعراق، وكان التنظيم يسيطر حتى يونيو (حزيران) الماضي، على مساحة تقدر بحوالى 68300 كيلومتر مربع، أي أنه خسر منذ يونيو (حزيران) حتى أوائل الشهر الجاري 2800 كيلومتر، وهكذا يكون التنظيم الإرهابي قد فقد منذ العام 2015 حتى الآن قرابة 25 ألف كيلومتر مربع.

وغالبًا ما تشير الخرائط إلى أن تنظيم «داعش» دولة مترامية ومتباعدة الأطراف عبر العراق وسوريا، لكنه في الواقع يسيطر على أقل من 120 منطقة ومدينة وقاعدة عسكرية، في حين تم طرد التنظيم الإرهابي من حوالى 55 مدينة، من بينها 6 مدن كبيرة.

وبينما تصور العديد من وسائل الإعلام المختلفة توسع التنظيم المتطرف بمبالغة شديدة، مع تهويل بعض الاجهزة الاستخبارية مثل جهاز الاستخبارات الأميركي الذي قال إن القضاء على تنظيم «داعش» قد يحتاج إلى 30 عامًا، محذرًا في الوقت نفسه من توسع التنظيم إلى ليبيا ونيجيريا واليمن والصومال، تتواصل الخسائر التي مني بها التنظيم، ما بين الأراضي التي كان يسيطر عليها، مرورًا بالمجندين الذين ينزوون تحت راية التنظيم، في مؤشر واضح على أن خطر التنظيم زائل وأن المسألة وقتية.

ولأن تركيا قررت إغلاق حدودها مع سوريا، ومراقبة الأوضاع حيث يمر أغلب المجندين الأجانب الذين يلتحقون بالتنظيم عبر الحدود السورية - التركية، تقلصت أعدادهم بوتيرة متسارعة وكبيرة.

وأكدت تركيا أن الشريط الحدودي التركي السوري بين اعزاز وجرابلس البالغ طوله نحو 90 كيلومترا بات خاليًا تمامًا من «داعش»، ما يبعد التنظيم المتطرف عن التماس المباشر مع الحدود التركية من جهة، ويشتت من جهة أخرى الامتداد الكوردي المسلح على هذه الحدود التي يبلغ طولها أكثر من 820 كيلومترًا.

وتم طرد «داعش» من القرى الحدودية الواقعة بين نهر وبحيرة الساجور بريف جرابلس الغربي وبلدة الراعي الاستراتيجية بريف حلب الشمالي الشرقي، ما جعل الحدود التركية السورية مؤمنة.