شفق نيوز/ ذكر "معهد واشنطن" الأمريكي، أن التدوينة الصادرة عن "أبو علي العسكري" مؤخراً على "تلغرام"، مثيرة للاهتمام، سواء من خلال التوقيت أو القضايا التي تناولها، لكن المعهد تساءل عما إذا كان هذا البيان يمثل دليلاً على وجود انقسامات داخلية في "كتائب حزب الله"، طارحاً الاحتمال غير المستبعد بتعرض الأمين العام للحزب أحمد الحميداوي (أبو حسين)، لاغتيال بضربة أمريكية او إسرائيلية.

وأشار التقرير الأمريكي، الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، إلى أن تدوينة "أبو علي العسكري" قبل أيام، هي الأولى له منذ تشرين الاول/اكتوبر 2024، مضيفاً أنها تركز على مجموعة من التهديدات والقضايا التي تعكس اهتمام الكتائب، لافتاً إلى أن "أبو علي العسكري" بعدما التزم الصمت منذ ذلك الوقت، أصبح هناك ما لديه ليقوله، وهو أمر مثير للاهتمام كتصريح يعبر عن مواقف سياسية. 

وتناول التقرير النقاط الواردة في بيان "أبو علي العسكري" وأولها ما يعكس الاعتراض على إعادة تأهيل الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع، والحكومة السورية الجديدة.

ولفت التقرير، إلى أن كتائب حزب الله وغيرها من الجماعات الشيعية في العراق، تشعر بالقلق بشكل خاص من دوافع السلطة السورية الجديدة، وأن "أبو علي العسكري" يشير إلى الماضي المتطرف للشرع المعروف ايضا باسم "أبو محمد الجولاني"، ويدعو أيضاً إلى عدم إعادة دمج سوريا حالياً بالمجتمع الدولي. 

ورأى التقرير أن "أبو علي العسكري" يدعو في بيانه إلى إعادة تأمين المعابر الحدودية وخطوط الإمداد إلى سوريا.

وتابع التقرير أن سقوط الرئيس الاسبق بشار الأسد مثل "نكسة كبيرة لإيران وكتائب حزب الله وميليشيات المقاومة الأخرى"، موضحاً أنه من خلال فقدان سوريا، فإن الخسارة كانت أيضاً على السيطرة على الموارد الاقتصادية والقواعد العسكرية وخطوط الإمداد المهمة استراتيجياً، مضيفا أن إعادة تأمين بعض السيطرة على المواقع وخطوط الإمداد إلى سوريا ومن خلالها، يشكل أولوية رئيسية لإيران وكتائب حزب الله، كشرط مسبق لإعادة إمداد وكلاء آخرين مثل حزب الله في لبنان، وتطوير خيارات حرب غير نظامية جديدة ضد السلطات الجديدة، واستعادة المكاسب الاقتصادية.

وبالإضافة إلى ذلك، قال التقرير إن "أبو علي العسكري" يدعو إلى مواصلة في الضغط لطرد القوات الأمريكية، مذكرا بأن إخراج الولايات المتحدة من العراق والمنطقة، يمثل هدفاً طويل المدى لكتائب حزب الله وجماعات المقاومة. 

وبرغم أن التقرير لفت إلى أن هذا الهدف كان على وشك التحقق خلال الخريف الماضي، بعدما اعلنت واشنطن اتفاقا مع الحكومة العراقية لإنهاء العمليات المشتركة بحلول أواخر العام 2025، إلا أنه قال إن بعض قادة العراق أعربوا منذ ذلك الوقت عن اهتمامهم بتمديد الانسحاب، كاستجابة على ما يبدو لمخاوف من الاضطرابات في سوريا. 

وبحسب التقرير، فإنه من المحتمل أن تثير هذه التكهنات حول تمديد فترة الانسحاب، قلق قيادة كتائب حزب الله واعضائها الذين يدركون أن الولايات المتحدة لم تطبق الانسحاب سابقا، فيما قد يجعلهم عدم الانسحاب هذا، أكثر اضطرابا. 

واعتبر التقرير أن "أبو علي العسكري" يعبر في بيانه عن الاستعداد المتواصل لشن هجمات ضد الولايات المتحدة وإسرائيل.

وذكر التقرير بأن كتائب حزب الله التزمت فعليا بوقف إطلاق النار الذي فرضته إيران لأكثر من عام، مضيفا أنه من المحتمل أعضاء الكتائب يشعرون بالاحباط وهم يشاهدون العمليات العسكرية للجيش الاسرائيلي في غزة، ومن ضربات الولايات المتحدة لأهداف الحوثيين في اليمن، وهم لا يتمكنون من الرد.

وفي هذا الإطار، لفت التقرير إلى أن الأمن العام للكتائب "أبو حسين" أصدر في 13 نيسان/أبريل الحالي بياناً دعا فيه أعضاء الميليشيا إلى ضبط النفس العسكري والتركيز على الانتخابات الآتية في العراق، في حين أن "أبو علي العسكري" في المقابل يحاول طمأنة أعضاء الميليشيا ضمنياً للاستعداد بأن الفرصة للرد قد تكون قادمة بقوله في بيانه أن "أعداء المقاومة سيدفعون ثمناً باهظاً". 

أما النقطة الأخرى في بيان "ابو علي العسكري"، فتتعلق بعودة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، فهو يعبر عن معارضته لهذه العودة، حيث أن قادة الكتائب وأعضائها "يكرهون" الكاظمي، الذي هو على عكس رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني، حيث قام الكاظمي بدعم الجهود لمواجهة نفوذ الميليشيات، وحقق في فسادها، ومنح الأذن احيانا باعتقال عناصر من الكتائب وقادة من المقاومة.

وتابع التقرير أنه مع اقتراب الانتخابات، فإنه من غير المرجح أن يعود الكاظمي إلى منصبه، ومع ذلك فإن قادة الكتائب حريصون على منع أي فرصة لعودته أو عودة أحد حلفائه إلى السلطة.

والنقطة الأخيرة في بيان "أبو علي العسكري"، فقد اعتبر التقرير أنه تعكس التقليل من أهمية المحادثات النووية الإيرانية، موضحاً أنه "يتحدث باستخفاف" عن المفاوضات النووية، وهو موقف مفاجئ بالنظر إلى أهمية المفاوضات بالنسبة إلى إيران التي هي الراعي الأساسي للكتائب.

ورجح التقرير أن إيران فرضت قيوداً على النشاط العسكري للميليشيات جزئياً لتجنب أي تشتيت أو عرقلة للمفاوضات النووية. ورأى التقرير ان تقليل "أبو علي العسكري" من أهمية المفاوضات النووية من خلال وصفها بأنها قضية "خاصة" بإيران، قد يكون بمثابة رسالة لأعضاء الكتائب بأن "الفرصة للعمل لا تزال قادمة في حال فشلت المفاوضات، وأن الكتائب ليست خاضعة بالكامل للعلاقات الدولية لإيران". 

وختم التقرير بالإشارة إلى أن توقيت بيان "أبو علي العسكري" مثير للاهتمام أيضاً، موضحاً أنه كان يعلق بنشاط على القضايا المهمة للكتائب إلا أنه التزم الصمت منذ تشرين الأول/أكتوبر 2024، مضيفاً أن قرار إعادة تفعيل الحساب الآن، بعد أقل من أسبوع من صدور بيان الأمين العام للكتاب "أبو حسين" الذي دعا فيه إلى ضبط النفس والتركيز على الانتخابات، يعتبر أمراً لافتا. 

وبرغم أن التقرير رأى أن بيان "أبو علي العسكري" يكمل بيان "أبو حسين"، حيث انه يغطي مسائل أكثر ويعرض مجموعة أكثر تفصيلاً من المواقف السياسية للكتائب، إلا أنه أشار إلى أن المحللين سيتساءلون عما إذا كان بيان "أبو علي العسكري" هو بيان تنافسي أم تكميلي، وما إذا كان يشكل دليلاً على وجود انقسامات داخلية مستمرة في الكتائب.

وخلص التقرير إلى أن الأمر الواضح هو أن "أبو علي العسكري"، سواء كان متحدثا مجهولاً أو مجرد شخصية تستخدمها الكتائب، بمقدوره أن يكون أكثر تشدداً من "أبو حسين" وهو زعيم كتائب حزب الله، الذي وصفه التقرير بأنه "الرجل الذي يمكن أن يُقتل في أي ضربة أمريكية أو إسرائيلية داخل العراق". 

ترجمة: وكالة شفق نيوز