شفق نيوز/ يثير تباطؤ الجيش العراقي في استرداد أكبر مصفاة نفطية في البلاد من إرهابيي داعش بعد 15 شهرا من المعارك شكوكا في خطط الحكومة لاستعادة مدينة الموصل بشمال البلاد.

ويحاول الجيش العراقي بناء زخم في مصفاة بيجي وفي محافظة الأنبار في الغرب قبل محاولة استعادة السيطرة على الموصل الجائزة الكبرى في الحرب على التنظيم الارهابي.

ويقول مسؤولون إن الجيش يجب أن يحقق مكاسب في تلك المناطق قبل أن يتطلع إلى الموصل أكبر مدن الشمال. ومنذ سقوط الرمادي عاصمة المحافظة في أيار كانت مكاسب الجيش في التضاريس الصحراوية الشاسعة للأنبار متقطعة.

وإذا استطاع الجيش استرداد المصفاة وبلدة بيجي القريبة فسوف يعزز ذلك معنويات الجيش الذي يصارع أشد خطر أمني منذ سقوط صدام حسين في عام 2003.

وتقع بيجي على مسافة 190 كيلومترا إلى الشمال من بغداد وقد تداولت القوى السيطرة عليها مرارا منذ سيطر عليها الدواعش في زحف خاطف في المحافظات السنية العام الماضي.

وتواجه القوات الحكومية وحلفاؤها من الفصائل الشيعية الذين تساندهم الضربات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة قناصة داعش ومفجريها الانتحاريين وعبواتها الناسفة المزروعة على الطرق في المنطقة.

وقال جوست هلترمان مدير برامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية "تحرير الموصل سيتعين ان يقوم به الجيش العراقي والعشائر المحلية... سيأتي الجيش العراقي من الجنوب وبيجي هي أول عقبة شديدة في الطريق مادامت داعش متحصنة هناك."

قال أحد قادة العشائر إن تنظيم داعش يقوم بسحب مقاتليه المنهكين من بيجي وينشر مكانهم قوات جديدة قادمة من الشمال عبر مدينتي الحويجة والشرقاط.

* تعزيزات

قال مسؤول أمريكي لرويترز طالبا ألا ينشر اسمه إن تنظيم داعش الذي أعلن قيام دولة خلافة العام الماضي ما زال يرسل تعزيزات على الرغم من خسارته نحو 500 عنصر بين منتصف تموز وأوائل أيلول.

وقال البريجادير جنرال كيفين كيليا من سلاح مشاة البحرية ورئيس أركان عمليات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لمراسلي وزارة الدفاع (البنتاغون) هذا الشهر "شهدنا داعش تستمر في ضخ عدد كبير من التعزيزات في تلك المعركة وهم يدفعون لذلك ثمنا باهظا."

ويقول محمود الجبوري قائمقام قضاء بيجي ومصدر في مركز قيادة الجيش العراقي في محافظة صلاح الدين التي تقع فيها البلدة إن التقديرات تذهب إلى أن عدد عناصر التنظيم يتراوح بين العشرات وبضع مئات.

ويزرع ارهابيو التنظيم المتشدد عبوات ناسفة بدائية الصنع في المنازل وعلى الطرق وهو ما يعرقل تحركات الجيش.

وقال الجبوري إنهم نصبوا متاريس في الشوارع ونشروا قناصة ومسلحين ببنادق آلية في المنازل والمباني العالية الأخرى في بعض أحياء وسط البلدة التي يسيطرون عليها.

ويفجر المتشددون السيارات الملغومة ويشتبكون مع القوات الحكومية دون تحقيق مكاسب مهمة على الأرض.

وقال المصدر العسكري إن قوات الأمن قطعت خط إمداد من الغرب لكن تنظيم داعش يحافظ على الطرق بين المناطق الشمالية والشرقية لبيجي.

ويتيح ذلك للتنظيم إضعاف القوات الأمنية في المصفاة ويمنعها من فتح الطريق الرئيسي عبر بيجي وهي خطوة ضرورية لإرسال قوات وإمدادات في أي محاولة لاستعادة الموصل.

وقال مايكل نايتس خبير شؤون العراق في معهد واشنطن - وهو مؤسسة بحثية- إن الترتيبات العشائرية المعقدة والثروة النفطية من المصفاة زادت من صعوبة محاولات الحكومة لانتزاع السيطرة على بيجي من المتشددين منذ الغزو الأمريكي عام 2003.

وقال "لم يحدث قط أن سيطر أحد على بيجي. إنها خارج نطاق سيطرة القوات المتعددة الجنسيات في العراق طوال الوقت. ولم يتم قط تحريرها."

وأضاف نايتس أن تفتت العشائر في بيجي يجعل من الصعب بناء إجماع بين القادة المحليين وأن المتشددين استخدموا المال الذي يكسبونه من عمليات التكرير وتهريب النفط لكسب تأييد السكان المحليين.

*تحصينات

وقال الجبوري والمصدر العسكري إن نحو 1500 من مقاتلي الحشد الشعبي وصلوا في وقت سابق من هذا الشهر لبدء تحصين الأجزاء الجنوبية والغربية من بيجي بإقامة خنادق وحواجز.

وبين هؤلاء المقاتلين بعض من أفراد مجموعة تضم فصائل شيعية قاتلت في صفوف قوات موالية للرئيس السوري بشار الأسد. وجاءوا كعناصر مكملة لستة آلاف من القوات النظامية.

وقال المصدر العسكري إن قوات مكافحة الإرهاب العراقية تسيطر على الاحياء الجنوبية والغربية للبلدة وإن الشرطة الاتحادية تسيطر على بعض المناطق في الشمال.

وأضاف المصدر العسكري أن مقاتلي فصائل أخرى تحت راية قوات الحشد الشعبي التي تديرها الحكومة ينشطون أيضا في بعض الأحياء الشرقية.

ووصف مسؤول أمريكي ثان طلب ألا ينشر اسمه الوضع بأنه ثابت إذ تسيطر القوات الأمنية العراقية على نحو 20 في المئة في كل من المصفاة والبلدة والباقي يتنازعه الجانبان أو يخضع لسيطرة الدولة الإسلامية. ولم تستطع رويترز التحقق من تلك التقديرات.

وقال المتحدث باسم الحشد الشعبي أحمد الأسدي إن مقاتلي الحشد الشعبي تقدر أعدادهم بالآلاف.

وأضاف الأسدي أنهم طوال العام الماضي تعلموا أنه في أي وضع قتالي لا يستطيع الجيش العراقي وحده أن ينتصر ولا يستطيع الحشد وحده ان ينتصر.

مهما يكن من أمر فإن هذا التعاون يواجه عقبات بسبب المنافسات الإقليمية في ساحة المعارك وفي الساحة السياسية ببغداد.

ويواجه رئيس الوزراء حيدر العبادي مقاومة لدمج الحشد الشعبي في قوات الأمن النظامية ولإصلاحات ستؤدي إلى تهميش سياسيين لهم صلات بهذه الفصائل.

يقول مسؤولون عراقيون إن الفصائل الشيعية ترفض التخلي عن السلطة التي اكتسبتها بدعم من إيران وهو ما يجعل من الصعب صياغة إستراتيجية موحدة في ساحة المعارك.

وفضلا عن ذلك يعارض عناصر الحشد الشعبي أي دور عسكري للولايات المتحدة في الحرب على تنظيم داعش.

ويقول هلترمان من مجموعة الأزمات الدولية إن واشنطن وطهران تتنافسان على النفوذ في بغداد لكنهما لن تسمحا لهذا التنافس بأن يعود بالنفع على تنظيم داعش.

وأضاف "لا بد أن يتقاسما ساحة القتال وقد يؤدي ذلك إلى غياب التنسيق وحدوث نكسات".