شفق نيوز/ مرة أخرى، تتجه الانظار الى رئيس اقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني، في لحظة شديدة الحساسية، لمعالجة عقبة جديدة في الخلاف السياسي المتجذر بين بغداد وكوردستان، حول جملة ملفات عالقة، ليضاف عليها قرارات المحكمة الاتحادية الأخيرة والمثيرة للجدل.
زيارة بغداد
نيجيرفان بارزاني الشخصية الهادئة المعروفة بحل الإشكالات عبر التفاهمات والتسويات و"تدوير الزوايا"، تحرك صوب بغداد، للاجتماع مع رئيسي الجمهورية لطيف رشيد، والحكومة محمد شياع السوداني، وحضور اجتماع استثنائي لإئتلاف إدارة الدولة، والإطار التنسيقي تم الخوض في جملة الملفات والإشكالات، بالإضافة إلى زيارة السوداني المرتقبة لواشنطن.
كما اجتمع الرئيس نيجيرفان بارزاني مع كل من السفيرة الأمريكية، والسفيرة الفرنسي ببغداد.
جولة المباحثات هذه هي الأولى من نوعها بعد قرارات المحكمة الاتحادية، والتي تعد أعلى سلطة قضائية في العراق، حيث أفضت إلى تولي مفوضية الانتخابات العراقية تنظيم عملية الانتخابات الكوردستانية، وهو إجراء لا سابقة له، بالإَضافة إلى قرارها بإلغاء مقاعد كوتا الأقليات تقليص عدد مقاعد البرلمان الكوردستاني من 111 مقعداً إلى 100 مقعد، كما قررت الاتحادية سحب السلطة المالية من حكومة اقليم كوردستان وتحويلها إلى بغداد فيما يخص صرف رواتب الموظفين.
هذه القرارات وصفها الحزب الديمقراطي بـ"ضرب مفاهيم الشراكة والتعايش"، هو ما دفعه إلى إعلان مقاطعته لانتخابات الإقليم والمقرر موعدها في حزيران/يونيو المقبل، ملوحا في الوقت نفسه بمغادرة العملية السياسية في حال لم يتم الإيفاء بالتعهدات المتفق عليها مع القوى السياسية في بغداد.
جردة حساب
قال رئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني، في تلخيص لزيارته: "اجتماعاتنا كانت بشكل عام في إطار العلاقات المستقبلية بين إقليم كوردستان وبغداد وحاولت وضع آلية لكي نتمكن من الاستمرار بعقد هذه الاجتماعات حتى يمكن مناقشة المشاكل الحالية في مكان واحد وإيجاد الحلول لها".
وتابع، أن "مسألة الرواتب هي قضية أساسية لحكومة إقليم كوردستان والاتفاق الذي تم التوصل إليه بين رئيس وزراء الاقليم ورئيس الوزراء الاتحادي بداية جيدة للغاية ونأمل أن يستمر. وناقشنا أيضاً مسألة النفط، وبالطبع كإقليم كوردستان نعتقد أنه يجب استئناف تصدير النفط، لأن هذا الموضوع سبب ضرراً كبيراً للعراق وإقليم كوردستان وحتى الآن خسرت الميزانية العراقية أكثر من سبعة مليارات دولار".
وأضاف، "بالطبع تمت مناقشة هذه القضية، لكن الأمر يتطلب المزيد من الوفود من حكومة إقليم كوردستان لزيارة بغداد والتحدث أكثر عن هذه القضية، ونأمل أن نتوصل إلى نتيجة".
وحول إجراء انتخابات اقليم كوردستان في موعدها، قال نيجيرفان بارزاني، "من مسؤوليتي كرئيس لإقليم كوردستان حددنا موعد إجراء الانتخابات ولا يوجد أي تغيير في هذا الموضوع وطبعا هذه مسألة سياسية ويجب على جميع القوى السياسية أن تتحدث عنها والخروج بتفاهم من هذه النقاشات".
"حل المشكلات وفق الاتفاقات"
وبهذا الصدد يقول المتحدث باسم رئاسة اقليم كوردستان دلشاد شهاب لوكالة شفق نيوز، إن الرئيس نيجيرفان بارزاني اتفق مع رئيس الحكومة الاتحادية محمد شياع السوداني "على تنفيذ البرنامج الحكومي وقد تم اتخاذ خطوات لذلك، وحتى اذا كان هناك تأخير او عرقلة، فالمهم هو ان هناك ارادة قوية من قبل رئيس الوزراء الاتحادي لتنفيذ البرنامج كما هو، وابدى رئيس الاقليم دعمه لإنجاح البرنامج وتحدث باهمية على الخطوة التي تم اتخاذها لحل مشكلة رواتب موظفي الإقليم وهي نتيجة للمباحثات التي حصلت والزيارات المتبادلة بين وفود حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية ورئيس الإقليم عبر شكره لرئيس الوزراء الاتحادي على تعاونه لحل هذه المشاكل، كما أن الأخير اكد على تقديره لدعم رئيس الاقليم وثمن دوره كعامل استقرار في العراق وعامل فعال في تقوية العلاقات بين جميع الأطراف بين مؤسسات اقليم كوردستان والمؤسسات الاتحادية".
"بشكل عام كل المسائل المتعلقة بالمجال القضائي والتشريعات واصدارات القوانين الأساسية المتعلقة بعموم العراق أو تخص اقليم كوردستان، بالإضافة إلى قانون المحكمة الاتحادية وقانون النفط والغاز والمجلس الاتحادي موجودة في اتفاق ائتلاف ادارة الدولة، وجزء منها في البرامج الحكومي، وقد تم التصويت عليها من قبل مجلس النواب، لذا حل هذه المشاكل عموما كانت المحور الأساسي في تأكيد تنفيذ البرنامج الحكومي، وأن الجانبين اتفقا على تنفيذه واتخاذ خطوات باتجاه حل المشاكل"، يقول المتحدث باسم رئاسة الإقليم.
كما أكد شهاب أن "رئيس الوزراء الاتحادي أكد على الدور الفعال والمؤثر لرئيس اقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني في تقريب وجهات النظر بشكل يدحض التفكير المعتقد ان عدم الاستقرار في جهة هو جيد للجهة الأخرى، حيث ان عدم استقرار في اقليم كوردستان سيكون له الانعكاس المباشر على الوضع في العراق والعكس صحيح، لذا هناك سبيل واحد هو التوافق حول القضايا ونحل المشاكل والسيد السوداني ثمن دور رئيس الاقليم في تطوير هذه العلاقات".
انتخابات كوردستان
وفي حين ان الشعور الان هو على قاعدة "اشتدي يا أزمة تنفرجي"، فان محورية الدور الذي يتمتع به نيجيرفان بارزاني، وما يمكن ان يقوم به، وبتأكيد من السوداني على أهمية ذلك، تجعل الأرضية متاحة لإحتواء هذه الإشكالات.
ويتجسد ذلك حول ملف الانتخابات البرلمانية في كوردستان، حيث يقول المتحدث باسم رئاسة الإقليم، إن هذه مسألة داخلية، وصحيح ان المؤسسات الاتحادية لها دور في دعم المفوضية وتوفير الارضية المناسبة، لكن اجراء الانتخابات وموعدها مسألة داخلية، والحديث عليها غير متعلق بالجهات الاخرى، حيث ان الجميع يؤكد دعمه لاجراء الانتخابات لكن آلية إتمامها وموعدها يتعلق باقليم كوردستان ويجب الحديث حولها بين الجهات السياسية الكوردستانية مع المؤسسات الرسمية في الإقليم، ومحاولة ايجاد حل مناسب لها.
وقال إن "هناك هدفاً مشتركاً لدى الجميع وهو ضرورة اجراء الانتخابات، والنهج الصحيح لدى رئاسة الاقليم هو توصل الاطراف الى صيغة مناسبة وأي خطوة اتخذتها رئاسة الاقليم حتى الان حول مسألة الانتخابات كانت بالتشاور مع جميع الاطراف وسيكون ايضا في المستقبل".
وباعتبار ان مقر رئاسة الاقليم هو الباب الذي يجمع ابناء الاقليم وقواه، يظهر ذلك من خلال تأكيد الاتحاد الوطني الكوردستاني، وهو بمفهوم العمل السياسي خصم منافس للحزب الديمقراطي الكوردستاني، ان الرئيس نيجيرفان بارزاني يعمل على تطبيع الاوضاع بين الاحزاب السياسية فيما يتعلق بانتخابات الاقليم.
ونقلت وكالة شفق نيوز عن المتحدث باسم الاتحاد الوطني الكوردستاني سعدي بيره قوله ان "جهود رئيس الإقليم متعلقة بمدى استجابة الأطراف السياسية له، خصوصا وأنه يحظى بالمقبولية لدى الجميع، ويعمل بجد من أجل تطبيع الأوضاع، وله دور بارز في ملف انتخابات برلمان اقليم كوردستان ونتطلع لذلك".
وتكمن اهمية تصريح سعدي بيره، انها جاءت غداة تأكيد المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكوردستاني، ضرورة إجراء الانتخابات في وقتها المحدد من قبل رئاسة الإقليم في 10 حزيران المقبل.
ومعلوم ان الرئيس نيجيرفان بارزاني، حرص بالكامل على السير نحو العملية الانتخابية استجابة لتطلعات مختلف القوى السياسية، ومواطني الاقليم، باعتبار ذلك من حقوقهم البديهية الواجب الالتزام بها.
فقبل تحديد موعد 10 يونيو/حزيران المقبل، فان نيجيرفان بارزاني حدد موعدا للانتخابات قبل ذلك في 25 شباط/فبراير 2024. كما انه كان حدد موعدا قبل ذلك، وتحديدا في 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، الا ان مفوضية الانتخابات العراقية طلبت تأجيلها بسبب قرب موعدها من موعد انتخابات مجالس المحافظات التي جرت في 18 ديسمبر/كانون الأول الماضي. والمفوضية نفسها هي التي عادت وطلبت تأجيل موعد 25 شباط بانتظار صدور قرار من المحكمة الاتحادية العليا حول قانون انتخابات الاقليم.
سبق لرئيس الاقليم مرارا ان تحرك ما بين اربيل والسليمانية وبغداد، لمعالجة العديد من القضايا الخلافية، بما في ذلك التوتر السياسي الذي اصاب العلاقة بين الاتحاد الوطني الكوردستاني وحكومة الاقليم بعدما قاطع وزراء حزب الاتحاد جلسات مجلس وزراء الاقليم، وتطايرت اتهامات متبادلة بين الطرفين، وكان نيجيرفان بارزاني يتدخل في اللحظة المناسبة لوأدها.
والان مع النتائج التي وصفت بالإيجابية لزيارة بغداد، معززة بموقف الاتحاد الوطني الكوردستاني بالمراهنة على تدخل رئيس الاقليم لمعالجة الموقف، فان المراقبين يتوقعون تكثف الاتصالات من جانب نيجيرفان بارزاني، بما في ذلك باتجاه حزب الاتحاد الاسلامي الكوردستاني الذي قال الأربعاء من خلال القيادي عثمان كارواني انه يعارض تأجيل الانتخابات، وانه يتحتم على اقليم كوردستان ان "يحضن مؤسساته التشريعية والحكومية"، وعلى ضرورة "الاتحاد بين الأطراف وتوحيد البيت الكوردي لمواجهة الظرف الحالي".