شفق نيوز/ مئات الاف الطلبة يتخرجون من الجامعات والمعاهد سنوياً ويدخلون إلى سوق العمل، وفق وزارة التخطيط العراقية، في وقت ترتفع نسبة البطالة لتسجل 16.5 في عموم العراق بحسب مسح سابق للوزارة، وتخلو موازنة عام 2024 من الدرجات الوظيفية ليواجه هؤلاء الخريجين إضافة إلى الذين سبقوهم وغيرهم من العاطلين مصرياً قاتماً في ظل تعطيل القطاع الخاص لتشغيلهم فيه.
وتتباين نسبة البطالة ما بين الرجال والنساء في العراق، إذ ترتفع عند النساء بمقدار الضعف عن الرجال، فعند الرجال 12 إلى 13 %، بينما عند النساء تتجاوز 20 % وكذلك ترتفع البطالة في الريف أكثر من المدن، بحسب المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبدالزهرة الهنداوي.
وعن سياسة التشغيل الحكومية يوضح الهنداوي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "الحكومة لم يعد بإمكانها التوظيف أكثر في مؤسسات الدولة، لذلك التوجه الحالي هو نحو تنمية القطاع الخاص والذي يتطلب جملة من الإجراءات والتشريعات والأنظمة والقوانين التي تنظم عمله، وصدر مؤخراً قانون الضمان الاجتماعي الذي من شأنه الإسهام في تطور القطاع الخاص وضمان حقوق العاملين فيه".
ويؤكد، أن "وزارة التخطيط تعمل حالياً على تفعيل دور مجلس تطوير القطاع الخاص الذي سيكون برئاسة رئيس الوزراء ويضم في عضويته ممثلي كل الفعاليات الاقتصادية تحت لواء القطاع الخاص، وبالتالي سيكون للمجلس مساحة جيدة لعملية رسم السياسة التنموية وفي عملية تنفيذ هذه السياسة في العراق".
ويشهد العراق تزايداً مستمراً في أعداد الخريجين، ما يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة بينهم، ما يجعل من الصعوبة الحصول على فرصة عمل كما هو الحال مع الخريج مجتبى محمد من بغداد الذي يرى أن "التعيين ضمان للإنسان المتعلم ومكافأة للجهد الذي بذله بعد دراسة استمرت 16 عاماً".
ويضيف محمد للوكالة أن "إلغاء التعيينات في موازنة 2024 إجراء غير صحيح، وهو ما قد يضطر الخريجين اللجوء لأعمال حرة بعيدة عن تخصصهم الذي درسوه".
ويوجد في العراق أكثر من أربعة ملايين موظف حكومي في دوائر ومؤسسات الدولة، لكن عدد الذين يتقاضون رواتب من الحكومة أكثر من تسعة ملايين، من متقاعدين وشهداء ورعاية اجتماعية ومفقودين وسجناء سياسيين.
ويعزو الباحث الاقتصادي، عمر الحلبوسي، خلو موازنة عام 2024 من الدرجات الوظيفية، إلى "تضخم أعداد الموظفين في القطاع الحكومي حتى أصبح هناك بطالة مقنعة أثقلت كاهل الموازنة برواتب كبيرة، خاصة بعد استخدام الأحزاب الدرجات الوظيفية كدعاية انتخابية، ما أضر بالموازنة وجعلها موازنة رواتب في ظل زيادة الانفاق التشغيلي وتخفيض الانفاق الاستثماري".
ويؤكد الحلبوسي في حديث لوكالة شفق نيوز، أن "الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 كان عليها تنشيط القطاع الخاص وتنمية الاستثمار في مجالات صناعية وزراعية لاستيعاب أعداد الخريجين والشباب في القطاع الخاص والتقليل عن كاهل الدولة، لكن التدخلات الإقليمية وعلى رأسها إيران وتركيا وغيرهما عطلت النهضة في القطاعات كافة ليبقى العراق سوقاً لتصريف بضائعها وتنمية اقتصاداتها على حساب تدمير الاقتصاد العراقي ويعود ذلك لغياب السيادة العراقية في القرار والتخطيط".
ويوضح الباحث الاقتصادي، أن "استمرار تدمير ما بقي من القطاع الصناعي والزراعي وتعطيل الاستثمار والقطاع الخاص له انعكاسات سلبية على العراق اقتصادياً ومالياً وسياسياً واجتماعياً وحتى أمنياً، إذ إن الشباب المعطل عن العمل سيكون أداة سهلة تتلقفها المجاميع الإرهابية والميليشيات وتجار المخدرات وعصابات الجريمة المنظمة، ولو تتبعنا أعداد متعاطي المخدرات لوجدنا العدد بتزايد ومن كلا الجنسين، وكذلك أعداد الجريمة المنظمة في تزايد مرعب ومن تنفيذ كلا الجنسين، وهو انعكاس للبطالة التي تضرب البلد وتعطيل القطاعات الحيوية كافة، وهو ما أدى إلى تدمير الاقتصاد والمجتمع وغياب فرص التنمية كافة في ظل التخبط وغياب الرؤية الاقتصادية".
ويؤكد، أن "الحل يكمن في تنشيط الاستثمار الصناعي والزراعي القادر على توفير الآلاف من فرص العمل واستيعاب الشباب وتحقيق نهضة اقتصادية تنعش الخزينة العراقية وتقلل العبء عن كاهل الدولة، وإن كل خطة لا تتضمن ذلك تعد خطوة نحو الضياع والانهيار الاقتصادي".
وكانت الحكومة العراقية قد رفعت المبلغ الإجمالي لقانون الموازنة من 199 تريليون دينار إلى 228 تريليون دينار في موازنة 2024، فيما أعلن وزير التخطيط، محمد تميم، ارتفاع عجز موازنة 2024 إلى 80 تريليون دينار بعد أن كان 63 تريليوناً.
وفي هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي، ضياء المحسن، إن "الحديث عن عجز الموازنة وبما ينتج عنه من إيقاف التعيينات فيه شيء من الصحة، لكنه ليس الحقيقة كاملة، صحيح لا يوجد تخصيص مالي للتعيينات الجديدة، لكن تعيينات الحاصلين على الشهادات العليا لا ترتبط بالموازنة، لأن درجات 31 ألف لها تخصيص ضمن قانون الأمن الغذائي نافذ المفعول".
ويضيف المحسن للوكالة، "أما فيما يتعلق بالعجز المخطط في الموازنة العامة للدولة للعام الماضي، فإن تعليمات تنفيذ الموازنة لم يتم العمل بها إلا قبل أربعة أشهر من السنة الماضية، من ثم فإن العجز المخطط يكون قد تلاشى وليس له أثر، كما أن أسعار النفط في الأسواق العالمية شهدت ارتفاعاً كبيراً تجاوز السعر المحدد في الموازنة، بما يعني أن ميزانية عام 2023 فيها فائض، وهذا الفائض يتم تدويره إلى العام 2024 باعتبار أن الموازنة ثلاثية يتم فيها تدوير المشاريع التي لم تُنجز بالكامل، أضف إلى ذلك الفائض المالي المتحقق من ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية".
يذكر أن مشروع قانون موازنة 2023، تبلغ قيمته، 197 تريليوناً و828 مليار دينار (نحو 152.2 مليار دولار)، بعجز إجمالي بلغ 63 تريليون دينار (48.3 مليار دولار)، كما بنيت الموازنة على سعر نفط 70 دولاراً للبرميل وتوقعات بتصدير 3.5 مليون برميل نفط يومياً، منها 400 ألف برميل يومياً من إقليم كوردستان.
وكان مجلس النواب، قد أقر في حزيران يونيو 2023، الموازنة المالية للسنوات 2023 و2024 و2025 بعد مخاض عسير وسلسلة من الجلسات البرلمانية، وعدّت هذه الموازنة هي الأضخم في تاريخ البلاد، إذ تبلغ قيمتها نحو 153 مليار دولار لكل عام.