شفق نيوز/ يواجه العالم بشكل عام تحديات كبيرة بما يتعلق بتغير المناخ كقلة الأمطار وارتفاع درجات الحرارة، وانعكاس كل ذلك على الأمن الغذائي، وسبل عيش الناس على مستوى العالم.
ونوهت الأمم المتحدة، في مؤتمرها الأخير بشأن تغير المناخ، الذي عقد في جلاسكو باسكتلندا، إلى أن الدول المعرضة لتغير المناخ، على وشك الانقراض ما لم يتخذ أي إجراء لتجنب ذلك، مبينة أن الاحتباس الحراري يمكن أن يجعل أجزاء من العالم غير صالحة للسكن.
وانطلقت قمة الأمم المتحدة للمناخ في جلاسكو، في تشرين الثاني الماضي بمشاركة ممثلي أكثر من 190 دولة، ويرى مراقبون في هذه القمة "الأمل الأخير والأفضل" لمواجهة التغير المناخي.
ويعد العراق واحد من أكثر البلدان المعرضة للكوارث الطبيعية، وأكثر عرضة للمخاطر نتيجة التدهور البيئي الحاد وإهمال الحفاظ على البيئة، وضعف الأطر القانونية والتنظيمية للإدارة البيئية، وضعف الترتيبات والقدرات المؤسسية.
غاز المشاعل
مستشار وزارة النفط العراقية لشؤون الطاقة، عبد الباقي خلف، أكد خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "أهم الملوثات في الصناعة النفطية هو غاز المشاعل، حيث أن أغلب الغاز الذي يتم إنتاجه هو مصاحب"، مبيناً أن "العراق يستثمر 51 بالمئة من الغاز المصاحب وما تبقى هو غاز يحرق بالمشاعل، فإذا كان كل واحد مليون قدم من الغاز يحرق، ينتج ما يقارب من 53 طن من غاز ثاني أوكسيد الكربون، وهذه الأطنان تطلق يوميا بالجو".
وأضاف خلف، أن "التحدي الأكبر هو استثمار الغاز لتلافي حرق الغاز ورعاية المناخ، ولاستثماره من أجل الطاقة أيضاً، كما يحتاج إلى أموال كبيرة"، متوقعا أن تشهد الخمس سنوات المقبلة، تصفير هذه المشاعل، إلا أنه بنفس الوقت يحتاج إلى سنوات ولاستثمارات كبيرة".
75% ملوثات
من جانبه، قال المختص في شؤون البيئة والمناخ في وزارة النفط، سعد عبد العزيز، لوكالة شفق نيوز، إن "كمية الانبعاثات التي شملت ضمن وثيقة المساهمات الوطنية والتي أعدها العراق حددت أن 75 بالمئة من انبعاثات والملوثات هي تأتي من قطاع الطاقة"، لافتا إلى أن "قطاع الطاقة لا يشمل النفطي فقط وانما الطاقة الكهربائية والقطاع الصناعي والنقل التي تستخدم المشاعل والمداخن والتي ينتج عنها غاز ثاني أوكسيد الكربون وغاز الميثان".
وأوضح عبد العزيز، أن "نسب انبعاثات المساهمة الوطنية التي قدمها العراق الى الامم المتحدة، تقضي بتخفيض الانبعاثات في العراق بنسبة 1.2 بالمئة من مجمل انبعاثات الغاز بالجهد الوطني، و13 إلى 15 بالمئة بوجود الأمن والسلام والدعم الدولي، وهي مشروطة قدمت إلى الامم المتحدة واعتبرت أن العراق وضعه خاص كونه من أكثر الدول هشاشة بالوضع العام والتغيرات المناخية الموجودة".
وأشار إلى أن "النسبة التي تعهد بها العراق سيتم الالتزام بها خلال الفترة من 2021 إلى 2030 "، مؤكدا أن "هذه الوثيقة طوعية وستقوم الوزارات كافة بتطبيق شروط تقليل الانبعاثات والملوثات".
وكان تقرير صادر من شركة فيريسك مابلكروفت لاستشارات المخاطر قد أفاد بأن تغير المناخ يهدد 40% أي ما يعادل 600 مليار برميل من احتياطيات النفط والغاز في العالم، مشيراً إلى أن السعودية والعراق ونيجيريا ضمن الدول الأكثر عرضة للمخاطر".
ونوه تقرير الشركة، إلى أن "كميات كبيرة من احتياطيات النفط والغاز في العالم عرضة للمخاطر من ارتفاع الموج والعواصف والفيضانات والارتفاع الحاد في درجات الحرارة بسبب تغير المناخ."
وما تقدم، وضع العراق في مأزق من التزامه بتخفيض الانتاج ومنع حرق الغاز، وبين التاثيرات السلبية التي قد تحدث على الموازنة العامة لكون البلد يعتمد بنسبة أكثر من 90% في إيرادات الموازنة على النفط.
التزام من طرف واحد
وذكر المختص في الشؤون البيئية والمناخ في وزارة النفط، سعد عبد العزيز أن الدول الكبرى أشارت إلى أن "مسببات الاحتباس الحراري هو الوقود الاحفوري، وبالتالي هذا يشكل أزمة كبيرة بالنسبة للدول النامية والنفطية ومنها العربية المنتجة للنفط".
وتابع عبد العزيز، أن "الدول الصناعية استثمرت النفط بشكل كبير ووصلت الى تكنولوجيا متقدمة والان تحاول هذه الدول ان تفرض على الشركات او الدول النفطية تخفيض من انبعاثاتها من خلال تخفيض الانتاج وهو امر غير صحيح، لأن من أهم مبادئ الاتفاقية أن المسؤولية مشتركة ولكن متباينة".
وخلص إلى القول: "لا يمكن لدول كونت تنمية مستدامة، وبالتالي تأتي لإجبار الدول النفطية على اتخاذ إجراءات صارمة خاصة ضد هذه الدول المنتجة للنفط، وخاصة عندما يتعلق الأمر بدول نفطية تعتمد 90% على النفط في موازناتها العامة".
تصفير الغاز
من جهته، أكد الصحفي المختص بشؤون الطاقة، ضرغام محمد علي، لوكالة شفق نيوز، أن "العراق وقع عقود استفادة من الغاز المصاحب لاستثمار أكبر كمية منه، وبالتالي سيحقق مطلبين في هذا الاتجاه الأول هو تصفير الغاز المصاحب المحترق، والثاني التزامه بتعهداته الدولية بتقليل انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون في الجو".
وأوضح محمد علي، أن "الحديث عن تصفير حرق الغاز في الوقت الحاضر أمر صعب، لكن العام 2023 و2024 سيشهد إضافة بحدود 600 مليون قدم مكعب قياساً إلى إنتاج الغاز من الغاز المصاحب من حقول أرطاوي".
ولفت إلى أن "التزام العراق بتعهداته الدولية بشأن المناخ، لن يؤثر على موازنة العراق، ما دامت هناك مشاريع استثمارية منتجة للغاز المصاحب ستدر أموالاً يستفاد منها العراق ضمن موازنته العامة".