شفق نيوز/ ذكر موقع "المونيتور" الأمريكي إن رئيس حكومة اقليم كوردستان مسرور بارزاني وجه رسالة الى الرئيس الامريكي جو بايدن يناشده فيها التدخل في الأزمة المتفاقمة مع الحكومة المركزية في بغداد، معربا عن مخاوفه من احتمال "انهيار" الإقليم ككيان في حال تركت الازمة دون حل.
وبحسب تقرير "المونيتور"، نشره الموقع باللغة الإنجليزية، وترجمته وكالة شفق نيوز، فإن الرسالة الموجهة الى بايدن، تحمل تاريخ 3 أيلول/سبتمبر، وقد جرى تسليمها الى البيت الابيض يوم الأحد الماضي، وقد قال مسرور بارزاني فيها متوجها الى الرئيس الامريكي "انني اكتب اليكم الان في منعطف حرج آخر في تاريخنا، وهو منعطف أخشى أننا قد نجد صعوبة في التغلب عليه.. نحن ننزف اقتصاديا وسياسيا، وللمرة الأولى خلال فترة ولايتي كرئيس للوزراء، اشعر بقلق كبير من ان هذه الحملة المشينة ضدنا قد تتسبب في انهيار... نموذج العراق الاتحادي الذي رعته الولايات المتحدة في العام 2003 وادعت انها تقف الى جانبه منذ ذلك الوقت".
وحول قدرة واشنطن على نزع فتيل الازمة، قال بارزاني "نعتقد أن إدارتكم تتمتع بنفوذ كبير على بغداد".
ووفق التقرير الامريكي فان هذه الصرخة التي وجهها بارزاني تأتي في ظل تصاعد التوترات بين اربيل وبغداد فيما يتعلق بمخصصات الميزانية ومبيعات النفط والأراضي التي يطالب بها الجانبان، وقد كرر بارزاني دعواته من اجل من مشاركة امريكية أكبر للمساعدة في حل الخلافات خلال اجتماع عقد يوم الاثنين في اربيل مع السفيرة الامريكية لدى العراق الينا رومانوفسكي.
ولفت التقرير إلى أنه في ظل تركيز اهتمام الولايات المتحدة على الصين والحرب في أوكرانيا، فإن رسالة بارزاني تستهدف دفع الادارة الامريكية الى التحرك قبل الانزلاق الى العنف، مثلما جرى في محافظة كركوك مؤخرا حيث قمعت قوات الأمن الاتحادية متظاهرين يحتجون على قرار بمنع الحزب الديمقراطي الكوردستاني من استعادة مقره الرئيسي في كركوك الغنية بالنفط.
ونقل التقرير عن "مسؤول كوردي" قوله "اننا نتساءل أين هي الولايات المتحدة بحق الجحيم".
وبحسب "المونيتور"، فإن وزارة الخارجية الأمريكية رفضت التعليق على رسالة مسرور بارزاني، بينما قال مسؤول في البيت الأبيض "نحن لا نعلق على الانخراطات الدبلوماسية الخاصة".
ولفت التقرير إلى أن البيت الأبيض لم يكن قد رد على رسالة بارزاني حتى الآن.
وعود وثقة مكسورة
وذكر التقرير انه منذ ان أقامت القوات الامريكية، العراق الديمقراطي المفترض، بعد الاطاحة بصدام حسين في العام 2003، فان الجانبين اختلفا حول حصة الكورد من ميزانية العراق، فيما كانت الحكومات المتعاقبة في بغداد تفشل عادة في تسليم المبلغ المالي المتفق عليه، وهو ما جعل حكومة اقليم كوردستان تكافح من اجل دفع رواتب موظفي القطاع العام والمقدرة ب 625 مليون دولار شهريا.
واوضح التقرير انه خلال السنوات الاخيرة، ومن وجهة نظر بغداد الرافضة، فان الكورد كانوا و"بشكل غير قانوني" يبيعون منذ العام 2014 النفط العراقي من الاقليم عبر تركيا من دون موافقة الحكومة المركزية في بغداد التي رفعت القضية امام محكمة تحكيم دولية، وفرضت على تركيا غرامة قدرها 1.5 مليار دولار، بينما ردت أنقرة على ذلك، واوقفت تدفق نحو 400 الف برميل يوميا من النفط الكوردي و75 الف برميل يوميا أخرى من النفط العراقي من حقول كركوك، حيث تطالب انقرة بغداد بالتخلي عن الغرامة واسقاط قضية تحكيم اخرى معلقة ضدها قبل استئناف الصادرات من ميناء جيهان التركي، وهو ما جعل الكورد يخسرون عائدات لا تقل عن 5 مليارات دولار منذ توقف الصادرات.
وبحسب رسالة بارزاني، فان حكومة اقليم كوردستان وافقت منذ ذلك الوقت على تقديم "تنازلات استثنائية في المفاوضات مع بغداد على أمل تأمين مستقبلنا".
الا ان رئيس حكومة الاقليم كتب لبايدن قائلا "يؤسفني ان ابلغكم انهم فعلوا العكس. لقد تم تجاهل حسن نوايانا بشكل صارخ في الموافقة على تسويق نفطنا من خلال الحكومة الاتحادية مقابل حصة عادلة من الميزانية الفيدرالية".
ولفت التقرير الى انه في 2 سبتمبر/أيلول، أبلغت السلطات الاتحادية حكومة الاقليم بانها مستعدة لتوزيع 380 مليون دولار شهريا على شكل قروض، في حين ان المحادثات التي جرت بين الطرفين في نيسان/ابريل الماضي، جرى التعهد للاقليم بان يحصل على 900 مليون دولار شهريا.
وذكر التقرير ان المسؤولين الكورد عبروا دائما عن احباطهم ازاء ما يقولون انه اللامبالاة المتزايدة من جانب واشنطن ازاء محنتهم، حيث لم يتم الرد على الرسائل، ولم يعد كبار المسؤولين الاميركيين يتفاعلون بنفس الوتيرة التي كانوا يفعلون بها في ظل الادارة السابقة، على سبيل المثال، عندما كان وزير الطاقة الامريكي يجري مكالمات هاتفية شهرية مع بارزاني.
ونقل التقرير عن "المسؤول الكوردي" قوله إن "الشعار الأمريكي هو اننا لم نعد قوة احتلال بعد الان، وان اساس انخراطنا في نظام ما بعد العام 2003 كان يستند بالكامل الى الاتفاق على ان الولايات المتحدة ستعمل كضامن للنموذج الاتحادي"، مضيفا انه الى وقت انسحاب القوات الامريكية الكامل في العام 2011، كان الأمريكيون يتدخلون، وكانوا هم الضامنين، والوسيط النزيه".
وبحسب المسؤول الكوردي، "اننا نطلب من الولايات المتحدة أن تتخذ موقفا مبدئيا بشأن الاتفاق الذي ابرمناه في البداية (في عام 2005) بشأن ثلاث قضايا رئيسية: النفط، والميزانية، والأراضي".
واشار التقرير الى ان المحلل الاستخباراتي السابق في وكالة "سي ىي ايه كين بولاك، الباحث في "معهد انتربرايز الأمريكي" والذي كتب بشكل مكثف حول العراق، يؤكد ان الوضع الراهن غير قابل للاستمرار وقد يقود الى تجدد الصراع الاهلي في العراق، وان العراق الأضعف يعني ايران أكثر قوة، وهو ما يتعارض مع المصالح الامريكية.
ونقل التقرير عن بولاك قوله إن الاهتمام الامريكي بالعراق تراجع الى مرتبة متأخرة أمام قضايا ملحة أخرى، موضحا "هل يمثل العراق اولوية اكبر بالنسبة للولايات المتحدة من التقارب السعودي -الإسرائيلي، على سبيل المثال؟"، مضيفا "من الصعب أن نقول ذلك".
وتابع التقرير نقلا عن بولاك أنه في حين ان الكورد "يدركون ذلك فكريا، إلا أنهم لا يفهمونه عاطفيا"، موضحا انهم يريدون ان يصدقوا ان الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بالكامل. ولفت الى ان الاحتفاظ بهذا الانطباع سيؤدي على الأقل الى تراجع بغداد، بالاضافة الى ايران وتركيا.
وخلص بولاك الى القول انه في كلتا الحالتين، فإن الحل الافضل للعراق والكورد هو الطلاق الودي، مضيفا أن "حفل الزفاف كان تحت الإكراه في البداية".
لكن مسؤولا في الإدارة الأمريكية قال إن على الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، تسوية نزاعاتهما "قبل توجيه أصابع الاتهام الينا".
يد إيرانية
وذكر التقرير أن كثيرين يرون ان إيران لها يد في الخلاف المستمر بين حكومة الاقليم وبغداد، حيث انه في ظل وجود اقلية كوردية ايرانية كبيرة مضطربة، فان طهران ترى تهديدا يمثله اقليم كوردستان العراق وقيادته الموالية للولايات المتحدة.
وبعدما لفت التقرير إلى أن محاولات طهران لإضعاف حكومة اقليم كوردستان، واشارته الى استفتاء الاستقلال الذي نظمه الإقليم في العام 2017 والذي عارضته انقرة وبغداد وواشنطن، وسيطرة القوات الاتحادية على كركوك وغيرها، قال التقرير ان ايران تهدد الآن بمهاجمة اقليم كوردستان مجددا في حال فشل في نزع سلاح جماعات المعارضة الكوردية الايرانية بحلول 19 سبتمبر/أيلول الحالي.
واشار التقرير الى ان هذا التاريخ يتزامن مع الذكرى السنوية الاولى للتظاهرات الشعبية التي هزت ايران في أعقاب وفاة الشابة الكوردية مهسا أميني خلال احتجازها في مقر الشرطة بسبب الحجاب.
ونقل التقرير عن السفير الأمريكي السابق لدى العراق جيمس جيفري قوله إن إيران كانت تستخدم استراتيجية "جميع عوامل القوة" لتطبيق سيطرة فعالة على العراق، من خلال اتباع "النموذج اللبناني" حيث تعتمد على الميليشيات الشيعية واذرعها السياسية الموالية لها وليس لبغداد.
واضاف جيفري ان ادارة الرئيس السابق دونالد ترامب كانت تصدت لهذه الاستراتيجية الايرانية وضغطت من اجل التصدي لمخالب ايران او ميليشيات محددة داخل الهياكل الحكومية في بغداد.
وتابع جيفري القول انه "لا يبدو ان ادارة بايدن تفعل اي شيء في هذا الصدد"، لانها على الارجح، لا ترغب باستفزاز ايران في ظل سعيها لاحياء الاتفاق النووي.
واشار جيفري الى ان المنسق الرئاسي الامريكي لشؤون الطاقة عاموس هوكشستاين، على سبيل المثال، لم يقم بزيارة اقليم كوردستان منذ يناير/كانون الثاني الماضي، مضيفا ان ذلك يعكس "النتيجة الاحدث والاكثر دراماتيكية لاستمرار الولايات المتحدة في نهج عدم التدخل".
واضاف جيفري انه "خلف كل التفاصيل، إيران هي التي تملي مواقف الحكومة العراقية لضمان عدم التوصل الى اي اتفاق من شأنه أن يتدفق النفط مرة اخرى ويبقى حكومة اقليم كوردستان واقفة على قدميها، وهو بالضبط ما تريد ايران ان تدمره".
ترجمة وكالة شفق نيوز