شفق نيوز/ انتقدت مجلة "ريزون" الامريكية، اليوم الاحد، ماسمته "النزعة الصقورية" السائدة بين الاعلاميين الامريكيين في تناولهم للحرب الروسية -الاوكرانية، مشيرة الى الاختلافات بينها وبين حرب العراق وطريقة تعامل المسؤولين الامريكيين مع الحربين.
وفي الذكرى الـ19 لبداية الحرب الامريكية التي قادتها الولايات المتحدة في العراق، ذكّر تقرير امريكي للمجلة، ترجمته وكالة شفق نيوز، بهذه الحرب التي أفضت الى مقتل الاف الجنود الامريكيين ومئات الاف العراقيين في اطار سعي واشنطن الى اسقاط نظام صدام حسين.
وتابع التقرير، أنه "بعد 19 سنة، يشاهد الاميركيون الان صراعاً يورط اوروبا الشرقية حيث تسبب الغزو الواسع للرئيس الروسي فلاديمير بوتين لاوكرانيا، الى توارد تقارير عن مقتل ابرياء وضربات على مواقع مدنية".
ولفت التقرير إلى أن "المشاهد المروعة للصراع في اوكرانيا احتل عناوين الصحف كتلك التي صدرت خلال حرب العراق"، مضيفاً أن هناك فرقاً بين التقارير الصحفية حول النزاع وبين التغطية التي تنحاز نحو التفاعل النشط"، مذكراً بأن "العديد من المراسلين اعتمدوا الاسلوب الاخير في تغطياتهم لحرب العراق".
وأوضح التقرير، أن مراسلين "يعملون تحت ستار الموضوعية" ويوالون المؤسسة الحاكمة القائمة (الايستابليشمانت)، يمارسون التحريض بشكل يفتقر الى المهارة من أجل الدفع باتجاه سياسة امريكية اكثر تدخلا في اوكرانيا، وهي "ميول صقورية" تستحق المراقبة بعدما جرى تجربتها واختبارها من قبل.
وأعطى التقرير مثالاً على ما يجري، مشيراً الى انه خلال مؤتمر صحافي في 15 مارس/اذار الحالي، رشق الصحافيون المتحدث باسم البيت الابيض جين بيساكي بأسئلة مرتبطة بمعارضة ادارة الرئيس جو بايدن لبعض اشكال الدعم العسكري الممكن تقديمه الى اوكرانيا، مضيفاً أنه بالاجمال كان هناك أكثر من عشرة اسئلة تتعلق بالمساعدة العسكرية، بما في ذلك خمس ملاحظات تتعلق بمنطقة حظر الطيران، بالاضافة الى سؤال واحد فقط حول الدور الاميركي المحتمل من اجل تسهيل المفاوضات بين روسيا واوكرانيا.
وتابع التقرير أن احد المراسلين تساءل فيما يوحي بالمزايدة المغلوطة حول الموقف الامريكي الرسمي، قائلاً إن "الرئاسة الاوكرانية ومسؤولون اخرون في كييف يقولون إن ما يحتاجون اليه هو المزيد من الطائرات الحربية والمقاتلة، فلماذا تطرح الولايات المتحدة شيئاً مختلفاً؟"، مضيفاً بالقول "لماذا تعتقد الولايات المتحدة انها تدرك ما تحتاج اليه اوكرانيا بشكل افضل مما يقول المسؤولون الاوكرانيون؟!".
وتحدث التقرير عن "صحافة متعطشة للصراع" تناولها الكاتب الصحفي آدم جونسون، ومن بين هؤلاء الصحفيين ريتشارد إنجل من شبكة "ان بي سي نيوز" الذي وصف مثلاً الانسحاب الامريكي من افغانستان بأنه "اسوأ استسلام للقيم الغربية في حياتنا"، وهناك أيضاً الصحافي جيم سيوتو من شبكة "سي ان ان" الامريكية الذي سأل المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية "لماذا لا تقوم الولايات المتحدة باسقاط الطائرات (الروسية) التي تقصف المستشفيات؟".
ولهذا، اعتبر التقرير أن مثل "هذه الغرائز تشوب التغطية السائدة للنزاعات".
ونقل التقرير عن جونسون قوله "لقد حان الوقت لطرح الأسئلة الصعبة حول التغطية التليفزيونية".
وفي هذا الاطار، ذكّر التقرير بالدور المهم الذي لعبته الصحافة المتشددة في صياغة الرأي العام خلال حرب العراق، حيث ساهم المراسلون في المساعدة على تعزيز تبريرات الحكومة للحرب، مذكراً بأن الانتقاد الشائع للصحافة في حقبة العراق هو انها لم تخضع مزاعم الحكومة للتدقيق بل انها قامت بتضخيم التقديرات الرسمية مسبقاً للحرب وأضفت عليها المصداقية"، مشيرة إلى أن صحفية مثل "جوديث ميللر" نشرت في "نيويورك تايمز" ومراسلون غيرها في مؤسسات اعلامية مختلفة، معلومات مغلوطة حول العراق بما في ذلك اتهامات بامتلاك اسلحة دمار شامل.
ومع ذلك، اعتبر التقرير أنه "بات من الواضح أن حرب العراق كانت صراعاً مختلفاً عن الغزو الروسي لاوكرانيا، حيث تؤدي الولايات المتحدة حالياً دوراً مختلفاً عما كانت تقوم به في ذلك الوقت"، موضحاً أن الولايات المتحدة لا تشارك بشكل مباشر في الحرب في أوكرانيا، كما لا توجد قوات اميركية على الأرض كما كان الحال في العراق".
ولاحظ التقرير أن الصحفيين المنتمين الى "المؤسسة القائمة" (الايستابليشمانت) يتناقضون حتى مع اراء الرأي العالم الاميركي في مواقفهم، موضحاً أن استطلاعاً للراي في "سي بي اس نيوز" حول الموقف من فرض حظر الطيران في اوكرانيا، وما اذا كانت ستعتبر بمثابة عمل حربي، فقد عارضها 62% من الامريكيين، كما ان ادارة بايدن لهذا السبب الوجيه، استبعدت هذا الخيار.
وختم التقرير بالقول إن "المؤسسات الاعلامية والصحفيين الذين يكتبون لها، لا يتحملون المسؤولية الرئيسية بأي حال من الأحوال عن حرب العراق الكارثية، وانما الحكومات التي هي من تشن الحرب، لكنهم هؤلاء الاعلاميين يستحقون درجة كبيرة من الملامة بسبب عدم انصافهم للحقائق ومحاسبة الحكومة".