شفق نيوز/ على الرغم من قسوة الظروف في مخيمات النزوح والإجراءات المشددة في ظل تفشي وباء كورونا، إلا أن الإصرار على التعلم وتنمية القدرات والنجاح لا تعرقله العقبات، وهذا ما أثبتته تجربة محو الأمية الالكترونية في مخيم عربت بمحافظة السليمانية في اقليم كوردستان.
يذكر موقع "ذا هيشينغر ريبروت" الاميركي المتخصص بالشؤون التعليمية، في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز، هذه التجربة الناجحة للتعليم عن بعد واستخدام الهواتف الذكية لتطوير فرص العمل مستقبلا.
ويوضح الموقع الاميركي ان تفشي وباء كورونا والاغلاق المفاجئ للمدارس، أثارا الكثير من الخوف، الا ان المدرسين في مخيم عربت النائي بالقرب من السليمانية، لم يكونوا قلقين من عدم انسجام التلاميذ مع الوضع التعليمي الجديد، بل انهم كانوا على ثقة بأن تلاميذهم جاهزون لتقي دروسهم بالكامل عبر الانترنت "اونلاين".
ويشير الى ان التلاميذ لم يكن لديهم قاعات دراسية مزودة بالتكنولوجيا الحديثة والمعدات المتطورة، بل ان غالبيتهم لا يملكون أجهزة حاسوب شخصية او لديهم القدرة على الوصول الى خدمة الانترنت، لكن كان بين ايديهم شيء أكثر أهمية وهو المعرفة الالكترونية الاساسية.
ويبين الموقع الأميركي أن تلاميذ المعلم العراقي محمد حميد، يشاركون في العديد من البرامج التدريبية من خلال المنظمة الخيرية "مرحبا مستقبل" التي تعمل مع المراهقين النازحين، لتقليص الفجوة التعليمية من خلال تعليم الاستخدامات الالكترونية والمالية والتفكير النقدي وتنظيم الاعمال.
والنازحون في مخيم عربت جاءوا من سوريا هربا من الحرب الاهلية، وفي ظل العجز في فرص التعليم للفئة العمرية بين 13 و18 سنة، فان "مرحبا مستقبل" رأت ان هناك فجوة يمكن ردمها من خلال برامج محو الامية المتعلقة بالعمل الالكتروني والميديا والنشر اونلاين.
وقالت تشارلي غروسو التي أسست "مرحبا مستقبل" ان هذه المهارات لا تساهم في توسيع افاق التلاميذ تعليميا فقط، لكنها ايضا يمكن ان تساعدهم في ايجاد فرص عمل.
واشارت الى ان البرنامج يعمل على فكرة الاستفادة من الهاتف الخلوي حيث ان 90% من البرنامج يتم عبر استخدامه، مبينة انه يتم منح التلاميذ اجهزة خلوية ذكية مرتبطة بالانترنت في بداية البرنامج، ويحتفظون بها في نهاية التدريب.
وتؤكد غروسو أن العديد من العائلات في المخيم تمتلك اجهزة خلوية، الا ان الاستخدامات بدائية الطابع ولا تتعلق سوى بأربعة او خمسة تطبيقات على الهاتف، كفيسبوك وواتساب وانستغرام ويوتيوب، اما برنامج التدريب فيركز على تعليم التلاميذ كيفية استخدام الانترنت كأداة لما هو اكثر من فكرة الاتصالات وحدها.
ويشير الموقع الاميركي الى ان البرنامج يلقن التلاميذ الافكار حول ان التطبيقات الانتاجية ومهارات التفكير النقدي، لكونها حاجة اساسية في بيئة العمل اليوم، وبمساعدة من حميد وهو المدرب الاساسي، وبعض المساعدين، فان التلاميذ يتعلمون كيفية البحث عبر غوغل، والرد على الرسائل البريدية بطريقة مهنية، واستخدام منتجات غوغل من "غوغل دوكس" و"غوغل شيتس" و"غوغل درايف".
وويبين ان التلاميذ يتعلمون كيفية العمل على هذه التطبيقات والبرامج والخدمات، بشكل منفرد ومن خلال العمل ضمن مجموعات.
ويقول حميد انه من دون هذه الدروس، فان تلاميذه ما كانوا لينجحوا في التأقلم مع مرحلة التعلم عن بعد الذي تم تطبيقه في اذار الماضي، بعد الاغلاق الذي فرض على التعليم في الشهر الذي سبقه.
وفي العام الماضي، وسعت "مرحبا مستقبل" برنامجها لتسمح لتلاميذ اميركيين بالمشاركة الى جانب التلاميذ السوريين في مخيم عربت، من خلال مخيم صيفي افتراضي. وبينما واصل التلاميذ في المخيم دروسهم في التعلم عن بعد، الا انه كانت لديهم فرصة فريدة للتفاعل مع نظرائهم الاميركيين، بحسب الموقع الاميركي.
واللافت بحسب الموقع، ان هذا التفاعل بين الطرفين هو الذي جعل "مرحبا مستقبل" تلاحظ ان التلاميذ في الولايات المتحدة، يعانون للتأقلم مع مرحلة التعلم عن بعد.
بل ان غروسو وحميد يعتقدان ان الانتقال الى التعلم عن بعد كان يمكن ان يكون اكثر نجاحا في الولايات المتحدة في العام الماضي، لو ان المدارس كانت عملت على محو الامية الالكتروني اولا، مثلما جرى مع تلاميذ مخيم النازحين.
وقال حميد ان "هذه الحاجة من اجل محو الامية الالكترونية، هي فعلا عالمية. انها ليست فقط لتلاميذنا السوريين. رأيناها عند التلاميذ الاميركيين ايضا".
وخلال التدريب الصيفي، عمل التلاميذ على انتاج افلام وثائقية قصيرة عبر هواتفهم الذكية، وتدربوا على التفكير الابتكاري والمبادرات لحل المشاكل من خلال التركيز على حاجات الناس وتطوير حلول لها، وتحدى البرنامج التلاميذ من اجل تشجيعهم على تقديم حلول للصعوبات التي واجهها نظامهم التعليمي بسبب وباء كورونا.