شفق نيوز/ "ثلاثة ملايين طفل عراقي في سن الدراسة هم
خارج المؤسسة التعليمية، فيما توضع ما نسبته 20 بالمائة من الأطفال في خانة التسرب
من المدارس"، بحسب العضو السابق في مفوضية حقوق الإنسان في العراق، علي
البياتي.
وعزا البياتي، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أسباب التسرب
من المدارس خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى "العامل الاقتصادي، حيث إن
تكاليف الدراسة والمتطلبات المرتبطة بها من النقل وغير ذلك تعيق إرسال الأهالي
أبناءهم للدراسة، وأحياناً بسبب اضطرار الأهالي إلى الدفع بأبنائهم للعمل المبكر
في سن الطفولة".
وأضاف: "كذلك الوضع الأمني والصراعات والنزاعات
والتطورات المتعلقة بها من نزوح وغير ذلك، فهي تمنع الأهالي من إرسال أبنائهم
للمدرسة، وقد يكون تأخر الطالب عن المدرسة لأشهر أو سنوات يجعله يفقد الشغف
والرغبة بالدراسة، أو الإنشغال بأمور أخرى كالعمل وغير ذلك، أو أحياناً فقدان
ذويه، كما هناك عوامل اجتماعية منها الزواج المبكر وخاصة بالنسبة للإناث".
أما على مستوى الحكومة، فإن "فقدان البنى التحتية
للمؤسسات التعليمية أو قلة أعدادها وسوء الخدمات المقدمة هي عوامل تدفع الأهالي
إلى عدم الرغبة بإرسال أبنائهم إلى المدرسة، لذلك يلاحظ أن أغلب العوائل التي
لديها إمكانية مادية ترسل أولادها إلى المدارس الخاصة نظراً لظروف الدراسة في
المدارس الحكومية"، بحسب البياتي.
وأشار إلى أن "نقص الموارد البشرية في المؤسسة
التعليمية تؤدي إلى نفور الأطفال من المدارس، وكذلك ضعف التوعية حول أهمية التعليم
والتربية، وعدم اهتمام الدولة بالخريجين في توفير فرص العمل أو تطوير إمكانياتهم
للاستفادة من شهاداتهم، لذلك يكاد المجتمع يفقد ثقته بمستقبل الطفل المتعلم،
وبالتالي يبحث عن مجالات أخرى بديلة لكي توفر له المال والمستقبل المضمون، وكل هذه
العوامل تؤدي إلى النفور من المدرسة وعدم الاهتمام بها".
وأطلقت الحكومة العراقية الأسبوع الماضي حملة تستهدف
الأطفال المتسربين من الدراسة ودمجهم ضمن المدارس الحكومية، وذلك قبيل بدء العام
الدراسي الجديد المقرر انطلاقه بعد غد الأحد، الذي يتوقع أن يلتحق به أكثر من 11
مليون طالب من كلا الجنسين في المراحل الابتدائية والمتوسطة والإعدادية.
وتعاني المحافظات العراقية من وجود آلاف من المتسربين من
الدراسة أو غير المسجلين بالمدارس، كما هو الحال مع محافظة المثنى، التي فيها أكثر
من 5 آلاف متسرب وغير مسجل في المدرسة.
في هذا الصدد، قال معاون مدير عام تربية المثنى للشؤون
الفنية، سعد كاظم، إن "رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أطلق حملة (العودة
إلى التعليم) لعودة المتسربين وغير المسجلين، وبناءً على ذلك قُسمت محافظة المثنى
إلى 9 وحدات إدارية يعمل عليها 15 فريقاً كل فريق يحتوي على 5 أشخاص برئاسة مشرف
تربوي وعضوية مرشد تربوي ومن قسم محو الأمية ومعلمين اثنين".
وأوضح كاظم، للوكالة أن "هذه الحملة انطلقت يوم 16
أيلول 2024 بالتعاون مع اليونيسف، وتستهدف 5400 شخص من المتسربين وغير
المسجلين".
وعن ملف الأبنية المدرسية، بين كاظم، أن "عدد
المدارس منذ تأسيس الدولة العراقية كان لا يتجاوز 210 مدرسة في محافظة المثنى، لكن
من عام 2003 وإلى الآن أصبح مجموع المدارس أكثر من 900 مدرسة في عموم المحافظة،
كما تم فتح أكثر من 60 مدرسة خلال هذه السنة في المحافظة، لكن رغم ذلك هناك حاجة
إلى أكثر من 220 مدرسة جديدة لفك ازدواجية الدوام".
ولفت إلى أن "هناك مشاكل يعاني منها ملف الأبنية المدرسية
بالمحافظة، حيث إن مشروع رقم واحد توقف العمل به بعد هدم 108 مدرسة وانحالت من
وزارة التربية إلى وزارة الصناعة والمعادن والأخيرة قامت بإحالتها إلى شركات تابعة
لها وهذه الشركات تلكأت بالتنفيذ وبقت على حالها منذ عام 2011 وإلى الآن".
وزاد بالقول: "صحيح هناك عمل لكنه بنسب متدنية، حيث
إن بناء المدرسة لا يستغرق سوى سنتين كحد أقصى، لكن هذه المدارس مضى عليها حوالي
12 سنة، لذلك تم إنشاء 22 مدرسة كرفانية لتعويض ما تم تهديمه (الـ108 مدرسة)، كما
هناك 53 مدرسة صينية وتم استلام أولي 39 مدرسة".
ونبه إلى وجود "مدارس بدل الطينية في القرى والأرياف
بعدد 15 مدرسة، وهذه انحالت إلى شركة تركية من قبل وزارة التربية، لكن المشروع
تلكأ وبانتظار عودة العمل بالمشروع لإكمال هذه المدارس".
أما رئيس لجنة التربية والتعليم في مجلس محافظة المثنى،
حسين علي عجة، فرأى أن "هناك تحسناً تدريجياً في الواقع التربوي لمحافظة
المثنى من خلال إنشاء مدارس جديدة من القرض الصيني ومشروع الوزارة رقم واحد، وسيتم
افتتاح 27 مدرسة في العام الدراسي الجديد".
أما فيما يتعلق بأعداد الكوادر التعليمية والتدريسية، فإن
الوضع، وفق عجة، الذي تحدث للوكالة، "أفضل من قبل بعد التعيينات الأخيرة
بالإضافة إلى العقود التي تبلغ 6 آلاف عقد، لذلك سيكون الوضع جيداً بعد أن كان
هناك نقص في تدريسيي المواد العلمية منها الرياضيات والكيمياء والأحياء فضلاً عن
الرياضيات، لذلك سوف تساهم هذه العقود الجديدة في السيطرة على الوضع، لكن لن تسد
الحاجة بشكل كامل".
وعن ظاهرة التسرب من المدارس، أردف بالقول: "إننا
داعمون لحملة القضاء على المتسربين، لكنها تعود في الغالب إلى أسباب اجتماعية
ومادية تجبر الطالب على ترك الدراسة، وأحياناً أصدقاء السوء، لذلك يلاحظ نسب تسرب
الذكور أكثر من الإناث، لكن نحاول قدر الإمكان حل هذه المشاكل من خلال التوعية
والزيارات الميدانية للطلبة وأولياء أمورهم لحثهم على العودة إلى مقاعد
الدراسة".