شفق نيوز/ اعتبرت مجلة "ناشينال إنترست" الأمريكية أن احتمالات عودة رئيس الوزراء السابق ونائب رئيس الجمهورية الحالي، نوري المالكي، إلى السلطة تثير الخوف من الكارثة التي قد تكون بانتظار العراق في حال فوزه بالانتخابات التشريعية المقبلة.
وتابعت المجلة أنه لم يمضِ وقت قصير على إعلان النصر على تنظيم داعش حتى بدأ التنافس على الانتخابات النيابية التي ستجري في 12 مايو المقبل، والتي ستلعب دوراً هاماً بتشكيل مستقبل العراق، الذي ظل يعاني منذ فترة طويلة، الحرب الأهلية والصراع الطائفي، حيث ستحدد توزيعة مجلس النواب والتحالفات التي ستفرز رئيس الوزراء المقبل.
ويتنافس المالكي مع العبادي في الحصول على منصب رئاسة الحكومة المقبلة، حيث فشل الائتلاف بينهما وشكَّل كل منهما تحالفاً قائماً بذاته؛ ومن ثم فإن إمكانية فوز المالكي بالوصول إلى سدة رئاسة الوزراء أمر ممكن، وهذا يعتبر كارثة على العراق؛ لكونه سيقوِّض السلام الهش ويهدد بتأجيج الانقسامات الطائفية مرة أخرى.
وتعتبر الفترة التي قضاها المالكي في السلطة، وفق المجلة، "فاشلة" إلى حد كبير؛ فمنذ وصوله إلى منصب رئاسة الوزراء في عام 2006، وبعد أن دفع به الأمريكان إلى السلطة بديلاً لإبراهيم الجعفري، في إطار سعي واشنطن لمد الجسور مع العرب السنّة الذين كانوا يقودون تمرُّداً ضد القوات الأمريكية، عمل المالكي مع الأمريكان للتصدي لهذا التمرد، وعلى رأسه تنظيم القاعدة، إلا أن تحالفه مع الولايات المتحدة فشل في إدارة السلام الذي تحقق عقب القضاء على تنظيم القاعدة بمعاونة العشائر السنِّية.
هذا أدى إلى ظهور تنظيم داعش، الذي سيطر على ثلث مساحة العراق عام 2014، كما أدى إلى الإطاحة بنوري المالكي عقب انتخابات 2014 ووصول حيدر العبادي، رئيس الوزراء الحالي.
وعلى الرغم من أن كلا الرجلين، المالكي والعبادي، ينتمي إلى حزب الدعوة، فإن تعاطي كلا الرجلين مع الأوضاع في العراق كان مختلفاً؛ ففي حين يُنسب إلى المالكي أنه أضاع ثلث العراق وتركه تحت سيطرة تنظيم داعش، فإن الفضل في استعادة تلك الأراضي يُنسب للعبادي.
وبيَّنت المجلة أن المالكي يسعى للسيطرة على قرار حزب الدعوة، كما يحاول أن يسحب الائتلاف المكون من تشكيلات "الحشد الشعبي" لصالح تحالفه الانتخابي، وبدأ بمغازلة الساسة الأكراد الناقمين على العبادي؛ وذلك لجرِّهم إلى تحالفه الانتخابي. وفي حال نجح بذلك، فإن عودته إلى السلطة مرة أخرى قد لا تكون مستبعدة.
وبحسب المجلة، فإن عودته تعني عودة الفساد وسوء الإدارة اللذين ابتُلي بهما العراق طيلة فترة حكمه، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال ما تركه هذا الإهمال على نواحي الحياة كافة بالبلاد.
وأشارت المجلة إلى أن المالكي لعب دوراً سيئاً في تفشِّي الفساد داخل مؤسسة الجيش، بصفته قائداً للقوات المسلحة ووزيراً للدفاع فترةً طويلةً بسبب شغور المنصب، حيث سادت ظاهرة الجنود (الفضائيين)، وهم الذين يتقاضون رواتب دون أن يلتحقوا فعلياً بالخدمة العسكرية.
كما أن جزءاً كبيراً من المساعدات العسكرية والمالية التي قُدمت لمؤسسة الجيش من قِبل الولايات المتحدة، كان يذهب إلى المليشيات، وفشل برنامج تدريب وتأهيل القوات العراقية الذي قادته الولايات المتحدة سنواتٍ طويلة.
ولم يقتصر دور المالكي، وفق المجلة، في الإدارة السيئة، على الجيش والقطاعات الأخرى، وإنما وضع نصب عينيه استهداف العرب السنّة، فمارس تحت شعار "اجتثاث البعث" عملية قمع للمكون السنِّي في العراق، حتى إنه لاحق كبار قادتهم المشاركين في العملية السياسية.
في حين نفذت القوات العراقية عمليات ملاحقة لكل الأصوات السنِّية الناشطة؛ بل إن المالكي منح المليشيات الشيعية التي تدعمها إيران الحق في الدخول إلى المناطق السنِّية، وتمت معاملتهم كمواطنين من الدرجة الثانية.
ولعل سقوط ثلث مساحة العراق بيد تنظيم داعش مثَّل قمة الإخفاقات التي شكَّلتها حقبته. ومن هنا، فإن عودة المالكي إلى السلطة في العراق ستحمل في طياتها الكثير من المخاطر لمستقبل العراق والمنطقة، تختم المجلة.

alkhaleejonline