شفق نيوز/ خمسة أعوام مضت منذ تولي نيجيرفان بارزاني رئاسة إقليم كوردستان، تمكن خلالها بسياسته الهادئة من تجاوز الكثير من المنعطفات إلى جانب خلق توازن ما بين الدول ومع مختلف القادة السياسيين العراقيين، وفق قاله مراقبون عراقيون ومن دول عربية.
وكان نيجيرفان بارزاني أدى في 10 حزيران 2019 - في مراسم رسمية - القسم القانوني ليتولى رئاسة إقليم كوردستان، بعد أن انتخبه برلمان الإقليم في 28 أيار 2019 رئيساً للإقليم.
وجرت مراسم التنصيب خلال جلسة برلمان كوردستان الاعتيادية السابعة من الفصل التشريعي الربيعي للسنة الأولى من الدورة البرلمانية الخامسة، والتي عقدت في قاعة سعد عبدالله للمؤتمرات في أربيل، بحضور رئيس جمهورية العراق ورئيس مجلس النواب العراقي والقادة السياسيين في الإقليم والعراق والعديد من الشخصيات والدبلوماسيين ورؤساء البعثات الدبلوماسية في الإقليم.
"شخصية قيادية تعرف ماذا تطرح وتستحصل"
وكانت تجربة الأعوام الخمسة الماضية من عمر إقليم كوردستان برئاسة نيجيرفان بارزاني "في غاية الأهمية وتجربة اختبارية غاية في الاستدراك والاستنباط في الكثير من المجالات السياسية، خاصة في الأمور المتعلقة بملفات معقدة وشائكة وصعبة كانت موجودة ما بين حكومة إقليم كوردستان والحكومة الاتحادية"، بحسب المحلل السياسي العراقي، د.عادل الأشرم.
ويضيف الأشرم لوكالة شفق نيوز، أن "في ظل قيادة نيجيرفان بارزاني المسؤولة والمتزنة والقيادة الإدارية الناجحة المتمثلة بشخصه نجح الإقليم على المستويين الداخلي والخارجي، فقد تمكن بارزاني من تجاوز مرحلة ظرف استثنائي غير مسبوق عصف في العراق والمنطقة، خاصة في ظل التداعيات المتسارعة والأحداث التي كانت موجودة طوال السنوات الماضية وبعضها لا يزال موجوداً حتى هذه الساعة، نتيجة المؤثرات الخارجية والارتباطات العراقية في ملفات وضمن الزاوية والمعادلة الموجودة في العراق مع ملفات وقضايا وأحداث تخص المنطقة والتي أدت إلى الكثير من المنعطفات الضارة التي وصلت إلى استهداف إقليم كوردستان".
ويؤكد الأشرم، "لكن استطاع رئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني تجاوز كل ذلك بحكمته ويحلحل الكثير من هذه المشاكل، وأن يبني علاقة متزنة تقوم أساساً على الإدارة الناجحة في استحصال الحقوق للمضي قدماً في عملية الإنماء بالمحافظة على الاقتصاد والبناء الناجح الذي كان موجوداً في إقليم كوردستان وتطور بقفزات نوعية".
ويتابع، "لذلك كان نيجيرفان بارزاني ناجحاً على الصعيد الداخلي بشكل مميز وكبير، وكذلك على الصعيد الخارجي وهذا ما ظهر جلياً في العلاقة القوية التي جمعت إقليم كوردستان برئاسة نيجيرفان بارزاني بالدول الخارجية وتحديداً العربية لما يتمتع به من حظوة ومقبولية كبيرة لدى العالم العربي والدول المجاورة، فكانت علاقة مميزة مبنية على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة".
ويضيف، "وبالتالي نستطيع أن نميز شخصية نيجيرفان بارزاني على أنها من الشخصيات العراقية القيادية الناجحة والتي تركت بصمة وأثر كبير في سيرتها العملية وترجمتها للوعود على الأرض ولما تم طرحه في برنامجها ورؤيتها وفي تعاملها مع أعقد الأمور وملفات تخص النازحين الموجودين في إقليم كوردستان وفي ملفات النفط والغاز وتجاوز الكثير من المنعطفات التي أدت إلى - على سبيل المثال - تعطيل عملية الرواتب وعملية الإدارة وملفت تخص إقليم كوردستان وتعاملها مع الحكومة الاتحادية، فهو استطاع أن يذللها جميعها حتى عندما تكون في أوج مراحل صعوبتها نجده شخصية قيادية تعرف ماذا تطرح وتستحصل".
"وعي وسلوك سياسي مختلف عن الآخرين"
من جهته، يقول رئيس مركز الرفد للدراسات الاستراتيجية د.عباس الجبوري، إن "خلال الأعوام الخمسة الماضية من رئاسة نيجيرفان بارزاني للإقليم كانت هناك آفاق جديدة وتقارب مع الحكومة الاتحادية وجولات مثمرة مع عدد من القادة السياسيين في العراق، كما كان هناك فتح للأبواب مع جميع الجهات، فلم تكن هناك جهة دون أخرى، وأن حالة التوازن التي خلقها نيجيرفان بارزاني داخل المعادلة السياسية في العراق من خلال التواجد الدائم مع قادة الكتل السياسية سواء المنضوية في داخل الحكومة أو خارجها أمر جيد يحسب له".
ويضيف وهو عضو الرابطة الدولية للمحللين السياسيين، لوكالة شفق نيوز، "كما أخذت العلاقات الخارجية أبعاداً جيدة من خلال التواجد والحضور في المحافل الدولية، فكان نيجيرفان بارزاني خير ممثل للإقليم والعراق بصورة عامة، حيث كانت الفترة التي حكم فيها جيدة وتحقق فيها الكثير من المكاسب والامتيازات من خلال التقارب الكبير مع الحكومة الاتحادية، فلم تكن هناك أي معوقات خاصة فيما يتعلق بالنفط ومستحقات الإقليم وتقسيم الثروات".
ويشير الجبوري، إلى أن "رئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني لديه نضج كبير في العمل السياسي، لذلك استطاع حتى مع شركائه داخل الإقليم تحقيق إنجازات كبيرة، حيث إن التوازن داخل القوى السياسية في الإقليم ينعكس على بقية المكونات، كون الإقليم جزءاً مهماً في المعدالة السياسية العراقية".
ويلفت إلى أن "استراتيجيات العراق تحتاج إلى جهود استثنائية من قبل الأطراف جميعها، فالعراق يحتاج إلى رؤية واضحة من العمل السياسي وجزء من هذه الرؤية ما يقوم به رئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني من خلال ما يمتلكه من وعي وسلوك سياسي قد يختلف عن الآخرين، فهو يقود الإقليم بشكل هادئ بعيداً عن الصراعات والتقاطعات ويحاول الخروج بالأسلوب الدبلوماسي والسياسي".
"النظر إلى المستقبل والتركيز على التنمية"
من جهته، يقول الباحث السعودي في الشؤون الاستراتيجية والأمنية د.فواز كاسب العنزي، إن "إقليم كوردستان مضى خلال الأعوام الخمسة الماضية برئاسة نيجيرفان بارزاني بحذر أمني وسياسة معتدلة رغم المتغيرات التي حدثت في المنطقة ووجود إقليم كوردستان في منطقة ساخنة جداً ولاسيما بأن تهديد الجانب الإيراني للمنطقة أثر على الكثير من العوامل الاقتصادية والتنموية".
ويضيف العنزي لوكالة شفق نيوز، أن "نيجيرفان بارزاني من أسرة سياسية ولديه الحكمة والسياسة الهادئة للتعامل مع القيادة العراقية من منظور سياسي وحكمة فهو يملك من الرؤيا الاستراتيجية لتكوين علاقات مع قيادة الدول والأنظمة السياسية في منطقة الشرق الأوسط".
ويشير إلى أن "العراق لديه تقارب كبير مع المملكة العربية السعودية وأن الأخيرة تلعب دوراً في تهدئة الأوضاع والمضي باستراتيجية تصفير الأزمات لجميع الأقاليم في الشرق الأوسط، وأن العراق طرف رئيسي وملف أساسي للمملكة العربية السعودية، وكلما كان هناك ترتيب للأوراق في البيت العراقي انعكس ذلك على إقليم كوردستان، وهو ما يقوم به رئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني بالنظر إلى المستقبل والتركيز على التنمية دون التوقف عند الحروب من خلال السلوك السياسي الداخلي للعراق والخارجي على مستوى المنطقة".
"استقرار العلاقات انعكست إيجاباً على الإقليم"
بدوره، يوضح المحلل السياسي والباحث الأردني في مركز الأمة للدراسات، حازم أعياد، أن "الأعوام الخمسة الماضية لرئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني امتازت بها الأوضاع في كوردستان بالهدوء والعلاقات المتوازنة سواء مع إيران أو تركيا أو مع الدول العربية".
ويضيف أعياد لوكالة شفق نيوز، "فلم تحصل الكثير من حالات التوتر واللااستقرار، رغم أن الملف النفطي والمداولات حوله فيما يتعلق بالداخل العراقي أو في العلاقة مع تركيا احتل المساحة الأكبر إلا أنه لم يؤدِ إلى حدوث توتر، فقد تمكن رئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني بإدارة العلاقات ومنع تدهورها سواء على صعيد العلاقة مع إيران أو تركيا".
ويتابع، "كما تمكن نيجيرفان بارزاني أيضاً من تحقيق التوافقات المطلوبة في الداخل العراقي سواء في اختيار رئيس الوزراء العراقي أو رئيس البرلمان أو تخطي العقبات المتعلقة بمرحلة ما بعد الحلبوسي، تزامن ذلك مع نشاط العلاقات في المحيط العربي حيث قام بعدد من الزيارات للدول الإقليمية منها الدول الخليجية ونسج مجموعة من العلاقات التي توصف بأنها إيجابية".
وينوّه، "لكن لم تخلو مرحلة إدارة رئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني من بعض الصعوبات والظروف المتوترة والمضطربة على خلفية ملف النفط، أو على صعيد ما يتعلق بالتوترات الناجمة عن الهجمات التي تعرضت لها المواقع الخاصة بالقوات الأمريكية أو التوتر المتعلق بالوجود الأمريكي في العراق، رغم أنها قضايا لم تكن مستحدثة بل هي نتاج مرحلة طويلة من التوتر واللااستقرار في العراق، لكن حقق نيجيرفان بارزاني خلال هذه الفترة قدراً كبيراً من الاستقرار في العلاقة مع بغداد ودول الإقليم ما انعكس إيجاباً على الأوضاع الداخلية لإقليم كوردستان".
يشار إلى أن نيجيرفان إدريس بارزاني ولد عام 1966 في قرية بارزان الجبلية. وهو حفيد الزعيم الكوردي التاريخي ومؤسس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مصطفى بارزاني. والده إدريس بارزاني الذي كان أحد أبرز زعماء الكورد.
وقضى نيجيرفان بارزاني جزءاً من حياته في المهجر في إيران، ويتحدث الكوردية والفارسية والانكليزية. وفي عام 1996، بعد خمس سنوات من الحكم الذاتي للإقليم الذي تعرض للقمع على يد نظام صدام حسين، تولى منصب نائب رئيس وزراء الإقليم وكان آنذاك في الثلاثين من عمره.
وبدأ نيجيرفان بارزاني مهامه كرئيس لوزراء حكومة إقليم كوردستان في حزيران / يونيو 2014. وتولى رئاسة التشكيلتين الخامسة من عام 2006 ولغاية 2009 والتشكيلة السابعة من 2012 ولغاية 2014، وفي عام 2016 تم ترشيحه بالإجماع لترأس الحكومة بكابينتها الثامنة وذلك باجتماع المجلس القيادي للحزب الديمقراطي الكوردستاني.