شفق نيوز/ "لايهم كم آلاف الأميال والكيلومترات هو طول الرحلة، فأنك سوف تنجح إذا قررت والتزمت بشكل صحيح من الخطوة الاولى. بهذه الكلمات افتتح ادريس نيجيرفان بارزاني، عام 2013 مؤسسة "روانكَه" ومقرها اربيل. 

لحد الآن أنجزت 225 مشروعاً واستفاد من مبادراتها أكثر من مليونين ونصف شخص، ودربوا أكثر من 4400 شاب على مستوى العراق وعبرهم استطاع أكثر من 5500 شاب إيجاد فرصة عمل كريمة للفترة 2016 – 2019

إدريس نيجيرفان بارزاني هو مؤسس ورئيس مؤسسة "روانگه"، الذي شعارها قرر – التزم – إنجح.

وكالة شفق نيوز، أجرت مقابلة مع عبد السلام مدني، مدير عام مؤسسة "روانگه"، للوقوف على طبيعة العمل والمهام بشكل إجمالي:

عبد السلام مدني: روانگه تعني "الرؤية" باللغة الكوردية، وعلى هذا المنهج تسير عمل المؤسسة (WWW.RWANGA.ORG) هي مؤسسة غير حكومية تأسست في 2013  تؤمن أن واقعنا على المستوى الفردي والمجتمعي ماهو الا نتاج أفكارنا وانماط علاقاتنا وقراراتنا فان اردنا تغيير الواقع فلابد من تغيير افكارنا وأنماط علاقاتنا وقراراتنا ومدخل هذا التغيير هو التربية بمفهومها الشامل وهو أوسع من ابنية المؤسسات الاكاديمية.

والشباب هم رواد التغيير عبر الأزمان في كل المجتمعات لأنهم المستقبل. 

فعبر هذه التربية والعمل مع الشباب يمكن أن نبني غدا افضل للجميع. 

بموازاة ذلك نقوم ببعض الأنشطة في ميدان البيئة من مدخل تربوي وعن طريق الانشطة الشبابية التطوعية لان سوء التعامل مع البيئة واحدة من أكبر التحديات التي تواجه العالم حديثا. 

ولأننا منطقة صراعات فإن هناك حاجة كبيرة لتقديم العون للمجاميع المهمشة والضعيفة فإننا نقوم احيانا بمبادرات لدعم هذه المجاميع لتوفير بيئة تربوية ونفسية واجتماعية مناسبة لهم واقتباساً بتصرف من المثل الصيني فإننا نطعم السمكة لفترة حتى يتسنى لنا تعليمهم كيفية اصطياد السمك والاعتماد على الذات.  

شفق نيوز- مؤسسة روانگە تقدم نفسها كمنظمة لتوفير فرص عمل للشباب بشكل أساسي، ومؤخراً طرحت مشروع "فرص"، حدثونا أكثر عن ذلك.

 عبد السلام مدني- (فرص) مشروع يعمل في أكثر من بلد في الشرق الاوسط وشمال افريقيا وهو مدعوم ومصمم من قبل مؤسسة صيلتك وشركة مايكروسوفت، وفي العراق تم تبني المشروع من قبل USAID منذ عام 2013. ومنذ 2015 مؤسسة ''روانگە'' تدير هذا المشروع. 

(روانكه فرص) عبارة عن منصة الكترونية تجسر بين أصحاب العمل من شركات ومنظمات غير حكومية دولية ومحلية، والباحثين عن عمل وايضا تقدم تدريبات متنوعة وجها لوجه واونلاين في مجالات متعددة منها كتابة السير الذاتية وأخلاق العمل وفن المقابلة الأمثل اضافة الى دورات تقنية مثل الكمبيوتر والمحاسبة وما إلى ذلك. ومن ثم طورنا بعض الانشطة منها معرض الأعمال وصناعة ملتقى سنوي يجمع أصحاب العمل من شركات ومنظمات غير حكومية دولية ومحلية مع الباحثين عن عمل في جو تفاعلي أكثر وفير بفرص أكبر للحوار المباشر بين الطرفين اضافة الى بعض الفعاليات الاخرى مثل عمل ندوات نقاشية حول وضع الشباب وسوق العمل والتحديات والفرص، أيضا توفير تدريبات مباشرة وخدمة كتابة السير الذاتية أثناء زيارة المعرض نفسه. 

خلال الأربع سنوات السابقة لمشروع فرص، قمنا بتقديم 4451 دورة تدريبية، وتم توظيف 5245 شاباً وشابة.

شفق نيوز- هل ستكون للمؤسسة مساهمة خاصة عبر مشاريعها في العراق، بخاصة أن البلد يمر حالياً بأوضاع صحية واقتصادية صعبة؟ 

 عبد السلام مدني: قرأت مقولة اعجبتني: اذا لم تستطع أن تثقب الجبل فالتف حوله. الغايات في العموم ثابتة لكن الوسائل قد تتغير. سنقيم معرضاً للفترة 3-5 تشرين الثاني 2020 على مستوى العراق، فالأخير يمر بأزمات، وأزمات متعددة – لكننا لا نتوقف، ففي هذه السنة وبسبب الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كوفيد-19 كورونا، قررنا تحويل المعرض اونلاين. 

سيشارك في المعرض أكثر من 100 شركة ومنظمة غير حكومية محلية من مختلف العراق، بالإضافة إلى منظمات دولية. بالاضافة الى توفير فرص العمل، سيتم توفير أكثر من 300 دورة تدريبية مهنية (Internships)  في موقع العمل للشباب لاكتساب الخبرة وتقوية السيرة الذاتية والتعرف أكثر على العمل الميداني في الشركات والمنظمات. مع كل ذلك نحن ندرك ان الحاجة أكبر مما قيل لكننا لأن لا نخلق فرص العمل إنما نجسّر بين الطرفين وتبقى مبادرتنا مبادرة تحاول ان تشارك حسب الإمكان والاختصاص في حل جزء من المشكلة بروح إيجابية. فالوضع الاقتصادي ليس في احسن احواله والشركات ايضا تعاني. مع ان عندنا مشروع مع برنامج الامم المتحدة الانمائي UNDP لدعم تعيين وتدريب الشباب في الشركات وايضا دعم الشركات لتستوعب هؤلاء الشباب بدأنا به في شباط 2019 ومستمرون الى آذار 2021،  من خلال المشروع تم توفیر الدعم المادي لـ 56 شركة وتم توظيف 685 شاباً. اضافة لمبادرات اخرى لكن الوضع يحتاج مبادرات اكبر واطول عمراً. 

المنظمات الدولية والمحلية تحاول جهدها لكن الوضع يحتاج تدخلا حكوميا – وقبلها حزبيا لتهدئة الأجواء والتركيز على التنمية -  لتنمية الاقتصاد العراقي وتوفير فرص عمل أكثر على أسس الكفاءة. 

شفق نيوز – في قضية توفير فرص العمل، هناك جانب لا يقل أهمية بشكل عام وهو تطوير القدرات الذاتية للشباب، وقد اشرتم لهذه الجزئية أكثر من مرة، كيف أسهمت "روانكه" بذلك بشكل أدق؟

عبد السلام مدني- نحن مهتمون كثيراً بهذا. 

بالتدريب وتطوير المهارات. وهناك ثلاثة أسباب ساهمت في جعل ذلك من أولوياتنا وشرحها كالتالي:

الاول: مع نهايات القرن العشرين ودخول الحاسوب لكثير من بيوت سكان الكرة الأرضية وامكانياتهم لاستخدام الإنترنت دخل العالم في مرحلة مختلفة تماما من نواح متنوعة ومنها سوق العمل وأنواع الوظائف. وبني على ذلك تغير هائل في مناهج التعليم والتدريب والتأهيل على المستويات الاكاديمية وغير الاكاديمية لتخريج نوع اخر من العاملين. ومن أهم هذه التغييرات هو التركيز على العامل الموظف صاحب المهارات المتنوعة Multi skilled Employee وأصبح هناك ما يسمى بالإنسان/الشركة بمعنى أن الإنسان وحده عبارة عن شركة لوحده لتنوع مهاراته. لذا فإننا نركز كثيرا على التدريب والتطوير للشباب.

 الثاني: أننا نعيش في دولة ريعية (تعتمد في إيراداتها الوطنية على النفط بالدرجة الاولى) وكان اقتصاد العراق الى ماقبل 2003 اشتراكيا حيث تملك الدولة الانتاج ووسائل الانتاج. والشاب يتعين في الدولة بمجرد حصوله على الشهادة حتى لو لم تكن له أية خبرة. تغير نظام الحكم بعد ذلك وانعكس ذلك على فلسفة الاقتصاد ليكون ليبراليا أكثر، لكن ثقافة ادارة الدولة وثقافة المجتمع لم تواكب التحول ونحن بحاجة الى مدة اطول وخطط وبرامج من نوع آخر لتطوير سوق العمل وخلق جيل منافس اقتصادياً وبشكل مهاري على المستويين المحلي والدولي.

الثالث: أن مناهجنا التعليمية في العراق وفي مختلف المراحل هي منهج في أغلب مقرراتها نظرية وطرق التدريس هي طرق تدريس تركز على المدرس/الأستاذ Teacher centered class مع ان الاصح وخاصة في عصر المهارات أن نركز على الطالب Student centered class. فالأستاذ يعتمد أسلوب المحاضرة بالأساس لتقديم مادته العملية ولا يميل الى استفزاز الدماغ بالاسئلة وخلق الفضول لدى الطلبة وتطوير مهارات التفكير الإبداعي والتفكير النقدي والاعتماد على آليات وطرق عملية أكثر بحيث تربط الطالب بالواقع وتجعله يلمس ويتعايش مع المعرفة وليس فقط يسمع عنها!

فتطوير المهارات حقيقة واحدة من أهم الأمور التي نركز عليها في مبادراتنا.

شفق نيوز- بهذه حالة كيف يمكن تحقيق ما اشرتم إليه على الحالة العراقية وبالتحديد فئة الشباب؟

- عبد السلام مدني: يقولون إن الإنسان ابن بيئته، وهو كلام صحيح لكننا نحاول من خلال الملتقيات والندوات والمحاضرات المتنوعة ومبادرات أخرى عبر منصاتنا للتواصل الاجتماعي أن ننقل فكرة أن هناك مستوى من الوعي - وخاصة للإنسان الذي يشكو من واقع حاله - تجعل الانسان يتجاوز فكرة كونه (ضحية) وان عليه ان يكون (مسؤولا) عن حياته ويعمل لتغييرها وفق الرؤية التي يرسمها لنفسه عن نفسه ويسعى جاهدا لتحقيقها. فحياتنا مسؤوليتنا. احيانا مفتاح الحل يكون بأيدينا وكل ماهو مطلوب سيكون ان نفتح الابواب المغلقة بوجهنا. واحيانا يكون المفتاح في أيد آخرين، عليه لابد من التحرك لجعله يخرج المفتاح ويفتح الابواب المغلقة. 

لوم الآخرين على ما نحن عليه ليس حلا. في مرحلة الدراسة من الضروري على الشاب أن يتعلم ويستثمر الفرصة لتطوير شخصيته ومهاراته القيادية واللغوية ومهارات الحاسوب ومهارات اخرى تعد مهارات حياتية كحل المشاكل والعمل في فريق ومهارات التفكير المتنوعة والإكثار من المطالعة. كل هذا ليكون مستعدا عندما يحين وقته. والوقت يحين دوما لمن كان مستعدا. 

اعلم ان الوضع ليس في افضل احواله وافهم جراحات الشباب وآلامهم وافهم ان هناك الكثير من الظلم الاجتماعي والمحسوبية والمنسوبية، اما الفساد فحدث ولاحرج ومع ذلك أقول إن كان الشاب جاهزا ومستعدا بعقله وشخصيته وروحه ومهاراته فإنه سيرى الكثير من أبواب النجاح تفتح أمامه. نريد شابا يتحمل المسؤولية فاعلا في المجتمع ويبحث عن المعنى في حياته. يقول "نيتشه" من يعرف السبب الذي يعيش من أجله يستطيع تحمل العيش بأي طريقة، وقد كرر ذلك "فيكتور فرانكل" في كتابه (رحلة الإنسان في البحث عن معنى) بقوله من يعيش لمعنى في حياته بامكانه تحمل كل شيء تقريبا!

شفق نيوز- هل ترى أي توجه من الحكومة الحالية للاهتمام بالشباب وخاصة في مجال فرص العمل؟

عبد السلام مدني- ليس سرا أن نقول إن الوضع في العراق معقد على مستويات متعددة وبالنسبة لحكومة واحدة من مهامها الاساسية الاعداد لانتخابات مبكرة التحدي أصعب.

يزداد التحدي أكثر في ظل جائحة كورونا واستمرار انخفاض أسعار النفط، ونحن دولة تعتمد على النفط كإيراد وطني. مع ذلك هناك خطوات ايجابية تزيد من أفق التفاؤل. حسب مانرى ندرك أن السيد رئيس الوزراء-مصطفى الكاظمي- يحاول ان يكون ميدانيا وأن يكون قريبا من نبض الشارع وبخاصة الشباب، يحاول أن يتدخل سريعا في الأزمات الطارئة التي تحدث ويبحث عن حلول للمشاكل الاستراتيجية التي تراكمت وهي مهمة ليست سهلة بخاصة ان الزمن المتاح امامه وامام كابينته الوزارية قليل. 

في أكثر من مناسبة كان يؤكد على الاهتمام بالشباب وإيجاد فرص عمل ونحن التقينا معالي وزير الشباب والرياضة السيد عدنان درجال وأكد على هذا التوجه وابدى استعداده الكبير للتنسيق والتعاون لأجل دعم المبادرات التي تهتم بالشباب. وكان من ثمار ذلك اللقاء أن معرض الأعمال لهذه السنة سيكون بالتنسيق مع وزارة الشباب والرياضة والسيد الوزير سيحضر ندوة حوارية حول تدريب الشباب والعمل التطوعي. نحن نعتقد ان هذا النفس التعاوني والتشاركي خطوة مهمة لاحتواء الجهود المتنوعة من أجل تقديم الأفضل.

شفق نيوز- ماذا عن مبادرات مؤسسة "روانگە" لدعم التجارب الناجحة لدى الشباب؟

عبد السلام مدني: مبادراتنا متنوعة تبدأ من اكتشاف الشاب لذاته وامكانياته وأن يعطي قرارات واعية في حياته ولغاية أن يكون مسؤولا عن حياته وان يجد فرصة عمل مناسبة مرورا بتطوير مهاراته وتوفير مجموعة من الوسائل والمستلزمات التي تساعده في دراسته وتطوير ذاته سواء من ناحية المساعدات العينية المباشرة او توفير منصات تحتفي بطاقاته وابداعاته او مبادرات تنمو عنده المهارات القيادية، 

التواصل الفعال،  التعامل مع الفريق، كيف يحول الفكرة الى مشروع عمل وغيرها. فمثلا عندنا:

(مدرسة روانگە الالكترونية): وهي عبارة عن تطبيق يضم الاسئلة الوزارية لجميع المواد للمرحلة 9 والمرحلة 12 ليطلع على الاسئلة ويتآلف معها وليختبر الطالب نفسه قبل أن يذهب إلى الامتحان الحقيقي. ايضا سجلنا فيديوهات نموذجية لمجموعة من مواد السادس العلمي من أساتذة مميزين وفرناها للطلبة لتخفيف اعباء مسألة المدرس الخصوصي على الطلبة من العوائل ذات الدخل المحدود. كذلك أثناء جائحة كورونا ودروس الاونلاين سجلنا بالتنسيق مع وزارة التربية في الاقليم وبدعم من شركة بيبسي الحياة فيديوهات باللغتين السريانية والتركمانية لكافة المناهج الدراسية ونشرت عبر موقع تابع لوزارة التربية.

جوائز روانكه: مسابقة دورية سنوية للاحتفاء بالشباب ذوي المهارات في عشرة قطاعات منها الاختراع العلمي – ريادة الأعمال – التصوير الفوتوغرافي – الفيلم القصير – التطبيقات الإلكترونية الذكية....). هناك لجنة من خارج المؤسسة من المختصين هم من يقيمون العروض ويحددون الفائزين وفي حفل سنوي في نهاية السنة يدعى له الكثير من المشاهير والمعنيين توزع الجوائز.

مبادرة الشاب المتطوع: مبادرة دورية على شكل مسابقة لتنشيط العمل التطوعي. حيث نقدم الدعم للفائزين لتقديم خدمة مجتمعية تطوعية للمجتمع المحلي والتكاليف تكون منحة مقدمة من قبلنا بالشراكة مع القطاع.

مسابقة الرياضيات: وهي مبادرة سنوية لتحسين مستوى المناهج الدراسية وطرائق التدريس من ودخل درس الرياضيات. حيث نعمل مسابقة سنوية للمبدعين في الرياضيات في المرحلة الرابع اعدادي علمي. الاسئلة توضع من المراحل السابقة وايضا بالاستفادة من اختبارات الذكاء العالمى IQ tests.

كتاب السنة: مسابقة ضمن مفاهيم معنية يكتب عنها الكتاب ونحن نقوم بالتصميم والطباعة للفائزين عن طريق لجنة كتاب مختصين.


وهناك مبادرات اخرى على موقعنا ومنصات التواصل الاجتماعي التابعة للمؤسسة لمن أراد أن يطلع على المزيد WWW.RWANGA.ORG