شفق نيوز/ استعرض موقع "أويل برايس" المتخصص بأخبار الطاقة والنفط، ان العراق الذي يواصل منح عقود النفط والغاز الكبرى للشركات الصينية، فإنه من أجل تحقيق التوازن في العلاقات مع الغرب، منح "شركة قطر للغاز" حصة مقدارها 50% في جانب من مشروع "توتال اينيرجيز" المرتبط بالطاقة الشمسية.
وأوضح الموقع الأمريكي في تقرير له ترجمته وكالة شفق نيوز؛ انه برغم الزيارة الأخيرة التي قام بها نائب وزير النفط العراقي حامد يونس الزوبعي الى واشنطن في أحدث محاولة من جانب العراق لإخراج المزيد من الأموال من الولايات المتحدة، فإن الوزارة العراقية مستمرة في منح معظم عقود النفط والغاز الكبرى للشركات الصينية.
وفي هذا الإطار، استعرض التقرير عددا كبيرا من صفقات النفط والغاز التي آلت إلى شركات صينية، بينها على سبيل المثال، امتياز نفطي لصالح شركة "UEG" الصينية لحقل الفاو، وشركة "جيو جايد" لحقول جبل سنام وزرباطية، وحقوق أخرى ذهبت لشركات مثل "سينوباك" و"زينهوا" و"زونغمان" و"ZEPC" وشركة النفط البحرية الوطنية و"جيرا بتروليوم" وغيرها والتي ال وزير النفط حيان عبد الغني السويد انها ستساهم في تعزيز إنتاج النفط بمقدار 750 ألف برميل يوميا والغاز بـ800-850 مليون قدم مكعب يوميا.
وبحسب التقرير، فإن هذه الصفقات الضخمة جاءت بعد 14 امتيازا كبيرا آخر للنفط والغاز العراقي تم منحها لشركات صينية في شهر أيار/مايو وعشرات أخرى من الامتيازات قبل ذلك.
وتابع التقرير؛ أن أكثر من ثلث احتياطيات النفط والغاز المؤكدة في العراق وأكثر من ثلثي انتاجه الحالي، تديرها شركات صينية، وفقا لأرقام الصناعة، مشيرا إلى أن امتلاك العراق ما يقدر بنحو 145 مليار دولار من الاحتياطيات المؤكدة من النفط الخام، ونحو ثلاثة تريليونات متر مكعب من الغاز الطبيعي.
ولفت التقرير الى وجود تساؤلات حول قوة التعافي الاقتصادي للصين من سنوات وباء كورونا، مشيرا إلى أن زيارة المسؤول العراقي الى واشنطن جاءت من هنا من أجل الحصول على الاموال تحت غطاء العقود المحتملة التي قد تمنح لشركات امريكية، واحتمال تخفيض كميات الغاز المستورد من ايران، مضيفا ان قدرة الصين على الحصول على معظم الجوائز المتمثلة بحقول النفط والغاز الكبيرة في العراق، لم تتراجع.
واعتبر التقرير أن السبب الرئيسي لذلك هو أن الصين جعلت نفسها قوة عظمى راعية جديدة للعراق قبل قرار الولايات المتحدة بانهاء مهمتها القتالية في البلد في كانون الأول/ديسمبر العام 2021، مشيرا إلى أنه حتى تلك الفترة، كانت الخزانة الصينية لا تزال ملتزمة بإلقاء الأموال على الدول التي تراها كروابط مهمة في مشروعها "مبادرة الحزام والطريق".
واضاف التقرير؛ ان العراق باعتبار أن يمثل جزءا من القلب الجغرافي للشرق الاوسط الى جانب ايران، فإنه ملائم لهذا المشروع، من خلال جاذبيته مع "شريكه الإسلامي الشيعي الوثيق"، أي إيران، حيث انهما يمتلكان معا اكبر احتياطي من النفط والغاز في العالم بنسبة بهامش ضخم، بينما يمثل البلدان ايضا اساس "هلال القوة الشيعي" في الشرق الأوسط، وهو ما سيؤمن لبكين نفوذا سياسيا هائلا في العديد من البلدان الرئيسية في كافة أنحاء المنطقة وخارجها.
وذكر التقرير أنه في الفترة التي سبقت انتهاء المهمة القتالية للولايات المتحدة، فان الصين عرضت استثمارات ضخمة في العراق مقابل التوقيع على اتفاقية "النفط مقابل الإعمار والاستثمار" في العام 2019، وهو ما أتاح للشركات الصينية الاستثمار في مشاريع البنية التحتية في العراق مقابل النفط، في حين جرى توسيع الاتفاقية وتعزيزها لاحقا من خلال "الاتفاقية الإطارية العراقية الصينية" الشاملة في العام 2021، والتي بدورها أتاحت للصين هيمنة في الحصول على عطاءات النفط والغاز، إلى جانب حصولها على خصم بنسبة 10-30 % (اعتمادا على الحقل) لمدة خمس سنوات على الأقل على قيمة النفط والغاز الذي تستخرجه من العراق.
ولفت التقرير إلى أن بغداد وافقت بعد ذلك على العديد من صفقات البنية التحتية بعيدة المدى، بما في ذلك قيام الشركات الصينية باعمار مطار مدني ليحل محل القاعدة العسكرية في عاصمة محافظة ذي قار الجنوبية الغنية بالنفط، مشيرا الى ان مشروع المطار هذا يتضمن ايضا اقامة مباني شحن متعددة وطرق تربط المطار بالمدينة وبشكل منفصل بمناطق النفط الرئيسية الاخرى في جنوب العراق، والتي يمكن بعد ذلك توسيعها لتصبح مطارا مدنيا وعسكريا للاستخدام المزدوج.
وتابع التقرير أنه بينما صارت "الجوانب الاستعمارية لخطط بكين أكثر وضوحا" من أي وقت مضى، فإن محاولات الغرب الفوز بعقود جديدة هناك تعرقلت بسبب ثقافة الفساد التي تسود الكثير من قطاع النفط والغاز في العراق. لكنه لفت إلى أن شركة "توتال اينيرجيز" الفرنسية بعد سنوات من المفاوضات المكثفة تمكنت أخيراً من بدء مشروعها الذي تبلغ قيمته 27 مليار دولار.
ولفت التقرير إلى أنه بالنسبة للغرب، فإن الميزة الرئيسية هي الحد من اعتماد العراق على جارته إيران بنحو 40% من إمداداته من الغاز والكهرباء، مضيفا أن ذلك يشكل بداية جيدة في دق اسفين ، حتى وان كان محدودا في البداية، بين البلدين، وهو ما يمكن أن يتم استغلاله بشكل أكبر لتقويض النفوذ الإقليمي لـ"هلال القوة الشيعي"، بما في ذلك إحباط جهود ايران المستمرة لبناء "جسر بري" يمر عبر العراق وصولا الى ساحل البحر الابيض المتوسط، تستخدمه طهران لزيادة شحنات الاسلحة الى "وكلائها" المسلحين لاستخدامها ضد اسرائيل.
وأضاف التقرير أن جزءا رئيسيا آخر من المشروع ذو المحاور الأربعة، هو اقامة مشروع جديد لمحطة الطاقة الشمسية في العراق كجزء من تطوير قدرات الطاقة المتجددة في العراق.
ورأى التقرير أن بغداد تدرك التداعيات الاستراتيجية المترتبة على السماح للغرب بالعودة إلى المشاريع الكبرى في البلد كما تفعل الصين، القوة العظمى الراعية لها. واضاف انه من بين المحاولات لتهدئة هذه المخاوف، يتمثل في قيام "شركة قطر للطاقة" مؤخرا بشراء حصة 50% في مشروع الطاقة الشمسية.
ولفت التقرير الى ان قطر، بالنظر الى موقعها الجغرافي الدقيق، بين المملكة السعودية من الغرب وايران من الشرق، فإن بمقدورها القيام بلعبة دبلوماسية حساسة بنفس القدر فيما بين الغرب والشرق.
وذكر التقرير أنه في الفترة التي سبقت الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 شباط/فبراير 2022، وقعت قطر على عدة عقود مع الصين من أجل تأمين إمدادات طويلة الأجل من الغاز الطبيعي.
وأضاف التقرير انه بعد أسابيع قليلة على بداية الغزو، فإن الولايات المتحدة اقنعت قطر بالبدء في توفير الغاز الطبيعي إلى أوروبا (خصوصا المانيا) كخطوة حيوية لضمان بقاء القارة الأوروبية متماسكة في جهودها لمعاقبة روسيا.
ونقل التقرير عن مصدر رفيع المستوى في مجال أمن الطاقة في الاتحاد الاوروبي قوله ان احد الاهداف الرئيسية لادخال شركة قطرية رائدة في مشروع "توتال انيرجيز" في العراق، يتمثل في تمهيد الطريق لمزيد من التوسع في هذا المشروع وغيره من المشاريع المماثلة في العراق من جانب الشركات الغربية.
ترجمة: وكالة شفق نيوز