شفق نيوز/ استعرضت صحيفة "ذا ناشيونال نيوز" الإماراتية، التحديات التي تواجه العملات النقدية لدول عدة في المنطقة بينها العراق، ومدى تأثير الصعوبات على قدرة حكومات هذه الدول سياسياً ومالياً، على إدارة الأزمات التي تواجهها دولهم.
وأوضح تقرير الصحيفة الإماراتية الصادرة بالإنكليزية، وترجمته وكالة شفق نيوز، أن "مجموعة من العوامل الاقتصادية والجيوسياسية تلحق الضرر بعدة عملات في الشرق الاوسط وتخلف آثاراً سيئة على اقتصادات بلدانها، كالعراق ومصر ولبنان وتركيا".
ومن بين هذه الضغوط، رأى التقرير، أنها تشمل تراجع عائدات الصادرات من السلع الاساسية، وهبوط العائدات المتعلقة بصادرات السلع غير النفطية وعائدات الخدمات من قطاعات كالسياحة، الى جانب وقوع خسائر كبيرة في التحويلات بسبب تعطل النشاط الاقتصادي، بالاضافة الى تراجع احتمالات تدفق الاستثمار الاجنبي المباشر.
وبعدما لفت التقرير إلى تعرض الاحتياطات النقدية من العملات الاجنبية الى ضغوطات كبيرة لدى هذه الدول، والى ان الحكومات تنفذ تدابير لوقف هذا التدهور، أشار إلى انه ما تزال هناك العديد من التساؤلات حول ما اذا كانت العملات الوطنية ستكون قادرة على التعافي ومتى سيتحقق ذلك.
الدينار العراقي و"لدغة" العقوبات
وأشار التقرير إلى أن قيمة الدينار العراقي تراجعت بشكل اكبر مقابل الدولار بعد اجراءات جديدة اتخذها مجلس الاحتياطي الفيدرالي الامريكي، وذلك في محاولة لادراج العديد من البنوك العراقية التي تتعامل بشكل اساسي مع ايران على القائمة السوداء.
واوضح أن هذه الاجراءات تسببت في حدوث شح في الدولار المعروض في السوق العراقية، فيما ذكرت وكالة الانباء العراقية الرسمية انه تم التداول بالدولار الامريكي الواحد في الشارع بسعر 1580 دينارا، مقابل سعر صرف البنك المركزي البالغ 1470 دينارا.
ولفت إلى أن البنك المركزي العراقي حمل مسؤولية انخفاض العملة على "اعتماد اليات لحماية القطاع المصرفي والعملاء والنظام المالي، حيث ان جميع متطلبات التجارة الخارجية مغطاة بالكامل بالسعر الرسمي".
وبين التقرير الإماراتي، أن البنك المركزي العراقي،اتخذ عدة اجراءات للمساعدة في استقرار العملة، بما في ذلك خفض سعر الصرف للمسافرين وضمان تدفق الدولارات وفق السعر الرسمي المعتمد.
قيمة الجنيه المصري
أما في مصر، فقد ذكر التقرير ان الجنيه المصري واصل انخفاضه مقابل الدولار، حيث يتوقع المحللون حدوث انخفاض اضافي في قيمة العملة، فيما تسعى القاهرة الى تلبية متطلبات صندوق النقد الدولي حول تحديد آلية مرنة لصرف العملات الاجنبية، كجزء من اتفاقية من اجل ان تتمكن من الحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار.
ونوه إلى أن "الجنيه المصري عانى في 4 كانون الثاني/ يناير الجاري، من التراجع الاكبر له خلال يوم واحد مقابل الدولار الامريكي، حيث انخفض بنسبة 8% الى 26.50 للدولار".
ونقل التقرير عن مذكرة صادرة عن شركة "نعيم للسمسرة" التي تتخذ من القاهرة مقرا لها، انها تتوقع مزيدا من الضعف للجنيه بنسبة 5% اخرى ليصل الى نحو 28 جنيها للدولار، مضيفا ان الشركة تقدر بان الجنيه تراجع بالاجمال بنسبة 15% في هذه الجولة الاخيرة من تخفيض قيمة العملة.
الليرة اللبنانية.. تراجع مقلق
وفي لبنان، رأى تقرير "ذا ناشيونال نيوز"، أن هذا البلد المنكوب بالازمات، يكافح في ظل انخفاض قيمة عملته الى مستويات قياسية في السوق الموازية، وهو ما يدفع باتجاه تخفيض قيمة عملته الليرة الى 38 الف ليرة للدولار الواحد في "منصة صيرفة".
ولفت التقرير الى ان مصرف لبنان المركزي القى بالمسؤولية على الازمة على عمليات المضاربة بالعملة وعمليات تهريب الدولار الى خارج لبنان.
وتابع التقرير ان الازمة الاقتصادية اسقطت الكثيرين في لبنان في براثن الفقر، في ظل النقص الحاد في الضروريات بما في ذلك المياه النظيفة والكهرباء والادوية، بينما اظهرت البيانات الحكومية ان التضخم في لبنان قد تزايد بمعدل 189.4% على اساس سنوي في خلال 11 شهراً من العام 2022، في حين انه من المتوقع بحسب شركة "فيتش سوليوشنز" ان يسجل لبنان ثاني اعلى معدل تضخم في العالم هذا العام بعد السودان.
ووصف التقرير ازمة لبنان الاقتصادية بحسب البنك الدولي بانها واحدة من اسوا الازمات في التاريخ الحديث، في حين فشل لبنان في تطبيق اصلاحات هيكلية ومالية ضرورية تمهد لحصوله على مساعدات بقيمة 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي.
الشيكل الإسرائيلي.. تضخم مخيف
وفي اسرائيل، فقد ذكر التقرير ان الشيكل تراجع بنحو 12% مقابل الدولار خلال العام 2022، في حين انه لا تتوفر مؤشرات تفيد بانه قد يتحسن قريبا وذلك في ظل التضخم المتزايد بشكل حاد بنسبة 5.3% في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
وبعدما لفت التقرير الى ان التضخم يتسبب في تخفيض قيمة العملة لانه يقلل من القدرة الشرائية للمستهلكين، نقل عن محافظ البنك المركزي الاسرائيلي امير يارون قوله ان الشيكل شهد "تقلبا كبيرا"، خصوصا خلال الربع الاخير من العام 2022.
الليرة التركية.. هبوط متواصل
وحول الليرة التركية، أفاد تقرير "ذا ناشيونال نيوز"، بأنها خسرت اكثر من 40% من قيمتها مقابل الدولار خلال العام 2022، ومع ذلك، اعتبر التقرير أن ذلك يشكل تحسنا مقارنة بنسبة 77% التي سجلتها الليرة خلال العام 2021، مشيرا الى انه يجري التداول بالليرة الان عند حوالى 18.55.
وفي المقابل، فان القضية الشائكة تتعلق بان اسعار المستهلك ارتفعت 64.3% في كانون الاول/ ديسمبر الماضي، وهي النسبة الاعلى خلال اكثر من ربع قرن.
التومان الإيراني
اما في ايران، فقد اشار التقرير الى ان الريال تراجع الى مستوى قياسي بلغ 44 الف ريال مقابل الدولار في 28 كانون الاول/ ديسمبر الماضي، وهو ما يمثل تراجعا بنسبة 22% خلال شهر واحد فقط
ولفت الى ان إيران المتخمة بالأزمات السياسية في الداخل والخارج، منوهاً بأن "تراجع الريال الإيراني دفع باتجاه تعيين رئيس جديد للبنك المركزي كمحاولة لوقف الهبوط في العملة، حيث ان الريال الذي تم تداوله عند حوالي 41850 يوم الخميس، تراجع باكثر من عشرة اضعاف منذ العام 2018".
وخلص التقرير، إلى القول: "من بين العوامل المؤثرة على العملة الايرانية، استمرار القلاقل المدنية، وعزلة البلد المتواصلة بسبب العلاقات مع روسيا وتراجع الآمال في إحياء الاتفاق النووي للعام 2015"، والذي كانت الولايات المتحدة قد انسحبت منه في العام 2018.