شفق نيوز/ رأى عدد من أعضاء مجلس النواب العراقي، أن تخفيض التخصيصات المالية للمحافظات في موازنة 2024 سوف تؤثر على مستوى تقديم الخدمات وعلى نسب إنجاز المشاريع، كما ستلقي بظلالها على قطاعات مختلفة، لذلك لن تمضي بشكلها الحالي لما تتضمن من غبن للمحافظات، وهو ما ينذر بعرقلة حسم جداول الموازنة المتأخرة في الأساس لقرابة نصف سنة.
وبعد انقضاء 6 أشهر تقريباً من العام الحالي وصلت موازنة 2024 أخيراً إلى مجلس النواب، لكن تعالت معها حالات الشجب لجداولها خاصة فيما يتعلق بالتخصيصات المالية للمحافظات، وسط مطالبات بإجراء تعديلات عليها لضمان التوزيع العادل في التخصيصات الاستثمارية بين المحافظات.
وصوت مجلس الوزراء العراقي، الأحد الماضي، في جلسة استثنائية على جداول الموازنة العامة الاتحادية لعام 2024 واحالها إلى مجلس النواب لإقرارها.
بدورها، باشرت اللجنة المالية النيابية، الأربعاء الماضي، بعقد أول اجتماع لها بعد يوم من تسلمها جداول الموازنة من رئيس مجلس النواب بالإنابة محسن المندلاوي.
وأعلنت اللجنة المالية في بيان، عقدها أولى اجتماعاتها الخاصة بقانون الموازنة العامة الاتحادية لعام 2024 بهدف وضع خطة شاملة بمراجعة وتحليل جداول الموازنة والبنود الخاصة بها بعد وصولها من رئاسة الوزراء.
خفض التخصيصات يهدد الخدمات
في هذا الصدد، أكد النائب عن محافظة بابل، حسين السعبري، أن "تخصيصات الموازنة للمحافظات فيها مشكلة ليس لمحافظة بابل فقط وإنما لأغلب محافظات العراق، حيث إن تخفيض موازنة المحافظات سوف يسبب في تلكؤ الكثير من المشاريع واندثار أخرى فضلاً عن عزوف المقاولين وغيرها من المشكلات".
وأضاف السعبري، وهو عضو لجنة الاستثمار والتنمية النيابية، لوكالة شفق نيوز، أن "أعضاء مجلس النواب كانوا يأملون ويطمحون أن تكون موازنة المحافظات جيدة لرفع مستوى تقديم الخدمات، لكن الحكومة خفضت موازنة المحافظات ما سوف يسبب مشكلات كثيرة خاصة فيما يتعلق بتقديم الخدمات للمواطنين".
"ظاهرة غير صحيحة"
من جهته، رأى النائب عن محافظة نينوى، محما خليل، أن "تقليل موازنة المحافظات ظاهرة غير صحيحة، حيث إن التخصيصات المالية غير كافية للمحافظات، وما خصص لمحافظة نينوى 11.5 بالمائة من الموازنة هو غبن بحق المحافظة وأهلها".
وشدد خليل خلال حديثه للوكالة على أهمية "زيادة التخصيصات المالية لمحافظة نينوى لمحو الدمار الذي لحق بها نتيجة الأعمال الإرهابية والأخطاء العسكرية"، مبيناً أن "المحافظة بحاجة إلى أكثر من 60 تريليون دينار وفق ما قاله رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي".
من جانبها، قالت النائب عن محافظة الديوانية، نور نافع الجليحاوي، للوكالة إن "الموازنة التي أقرت العام الماضي كانت حصة الديوانية فيها أكثر من 320 مليار، لكن في جدول الموازنات المرسل لهذا العام 78 مليار، ولا نعرف على ماذا اعتمدت الحكومة بهذا الموضوع، لكن لن نقبل أن يمضي هذا الأمر".
41 تريليون دينار للمحافظات
في المقابل، أكدت وزارة التخطيط، أن أكثر من (41) تريليون دينار حجم المبالغ المالية المتاحة للمحافظات في 2024، فيما أشارت إلى أن المقارنة بين تخصيصات تنمية الأقاليم للمحافظات وبين مجمل الإنفاق الاستثماري لإقليم كوردستان هي مقارنة غير صحيحة.
وأوضحت الوزارة في بيان ورد للوكالة، أن "تخصيصات برنامج تنمية الاقاليم والمبالغ غير المصروفة، التي بلغ مقدار المتبقي من الاموال لعام 2023، والمقيد امانات لدى وزارة المالية (6.947.433) تريليون دينار، فضلا عن المتبقي من الامن الغذائي المقيد امانات لدى المحافظات (5.824.403) تريليون دينار، بلغت مجموعها (15.875) تريليون دينار، وهذا المبلغ يضاف الى حجم التخصيصات الاستثمارية للمحافظات ضمن موازنة 2024 والمرفوعة الى مجلس النواب والبالغة (3.103.158)" مشيرة إلى ان "هذه التخصيصات تشمل برنامج تنمية الاقاليم والبترو دولار ومكافحة الفقر، والقروض".
وأضافت أن "ما تم تخصيصه لمشاريع الوزارات الاتحادية التي تنفذ في المحافظات ما عدا الإقليم بلغ (38.421) تريليون دينار، وبهذا يصل مجموع المبالغ المتاحة للمحافظات الى (41.524) تريليون دينار".
وتابعت الوزارة، "بناء على ما تقدم فإن المقارنة التي ظهرت في وسائل الاعلام، بين تخصيصات تنمية الاقاليم، للمحافظات، وبين مجمل الانفاق الاستثماري لإقليم كوردستان، هي مقارنة غير صحيحة، انما كان يجب ان تجري المقارنة بين مجمل الانفاق الاستثماري للمحافظات المتأتي من الانفاق الاستثماري للوزارات البالغ (41.524) تريليون دينار، وما تم تخصيصه في مجمل الانفاق الاستثماري للاقليم والبالغ (4.875) تريليون دينار، مؤكدة التزام الحكومة بالنسبة المخصصة للاقليم، في جميع ابواب الانفاق".
ولفتت الوزارة، الى انه "واستنادا الى قانون الموازنة الثلاثية (2023-2025) وقانون الادارة المالية لسنة 2019 فان المبالغ غير المصروفة تُقيد كأمانات لدى المحافظات او وزارة المالية، وبامكان الحكومات المحلية انفاقها على المشاريع وفقا للاليات المعتمدة في هذا الجانب، وهذه المبالغ تضاف الى التخصيصات المالية المخصصة للمحافظات ضمن موازنة 2024"، منوهةً الى ان "هناك مبالغ اخرى ستخصص للمحافظات، تتأتى من ايرادات المنافذ الحدودية، اذ ان اغلب المحافظات تتمتع بهذه الميزة، بوجود منافذ برية او جوية او بحرية فيها، وكذلك التخصيصات المالية المخصصة للصناديق بمختلف تخصصاتها، وهي صناديق اعمار ذي قار وسنجار، والمناطق المتضررة، ودعم المناطق الاشد فقرا، والبالغة حوالي (2) تريليون دينار".
واضافت ان "المؤشرات المثبتة لديها خلال السنوات السابقة تشير إلى ان اعلى نسبة انفاق للمحافظات لم تتجاوز اكثر من (4.2) تريليون دينار، وذلك خلال عام 2022، اذ تم الصرف بموجب ذرعات العمل الفعلية مع عدم اقرار موازنة في ذلك العام وبالتالي فان وجود هذه الكتلة النقدية الكبيرة، المتاحة للمحافظات، لن تتمكن وحدات الانفاق صرف اكثر من 30% منها باحسن الاحوال وفقا للقدرات التنفيذية للمحافظات".
وبينت وزارة التخطيط ان "توجيهات رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، كانت دائما مع دعم جهود الحكومات المحلية، وتمكينها من الايفاء بالتزاماتها المالية، وانجاز مشاريعها الاساسية، وادراج المشاريع الجديدة".
وأشارت الى ان "مجلس النواب قام بمناقلة (4،7) تريليونات دينار في موازنة العام الماضي 2023 من وزارتي الكهرباء والنفط، إلى موازنات المحافظات في جدول (هـ) كمبالغ اضافية لما خصصته الحكومة في حينه والذي كان (5.2) تريليون دينار، الامر الذي اضطر الحكومة والبرلمان الى الاقتراض ووضع نصوص لإضافة تخصيصات لتغطية المبالغ المناقلة مما زاد العجز الناجم عن هذا الاجراء"، مؤكدة في الوقت نفسه ان "الفروقات الظاهرة في تخصيصات اقليم كوردستان تتضمن الموازنة الاستثمارية السيادية بما فيها جولات التراخيص لكوردستان البالغة (2.7) تريليون دينار والتي لن تصرف لتوقف تصدير النفط من الاقليم، بموجب قرار المحكمة الاتحادية، وان الصرف لاقليم كوردستان مشروط بتصدير النفط بواسطة (سومو) وتسليم الاقليم وارداته النفطية لوزارة المالية".
حصة كوردستان
وكانت اللجنة المالية النيابية، أكدت الأربعاء الماضي، أن حصة إقليم كوردستان من الموازنة الاتحادية لسنة 2024 لم تتغير عما تم إقراره في موازنة العام الماضي.
وقالت عضو اللجنة نرمين معروف، إن "اللجنة المالية النيابية بدأت بعقد اجتماعاتها لمناقشة ودراسة جداول قانون الموازنة العامة، وستكون اجتماعات مكثفة يومية لحين اكتمال التقرير النهائي والمصادقة على جداول الموازنة".
وأوضحت معروفة، خلال حديثها للوكالة، أن "نسبة إقليم كوردستان في موازنة 2024 هي نفسها التي تم إقرارها في موازنة 2023، والتي تبلغ 12.67% أي نحو 20 تريليون دينار".
وتبلغ موازنة 2024 بحسب ما أعلنه رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، الأحد الماضي، 211 تريليون دينار، وأن رواتب الموظفين لسنة 2024 تبلغ 62 تريليون دينار، فيما كانت موازنة العام 2023 بلغت 199 تريليون دينار ورواتب الموظفين 59 تريليون دينار.
وتقدر إيرادات موازنة 2024، وفقاً للسوداني، بـ"144 تريليون و336 مليار دينار، في حين تبلغ النفقات 210 تريليونات و936 مليار دينار، فيما يكون العجز 63 تريليوناً و599 مليار دينار.
وكان مجلس النواب قد صوّت في 12 حزيران/يونيو 2023، على قانون الموازنة الاتحادية للأعوام 2023 و2024 و2025، في بادرة هي الأولى من نوعها في تاريخ البلاد من حيث حجم الموازنة وكذلك عدد السنوات المالية، بقيمة 197 تريليوناً و828 مليار دينار، بعجز مالي قدره 63 تريليون دينار، أي ما يقارب ثلث الموازنة.