شفق نيوز/ قد يكون أمراً فريداً وظاهرة لا تتكرر حين تجد غالبية سكان قرية في أطراف محافظة كركوك "صلعان لا يملكون الشعر فوق رؤوسهم".

ما أن تستعد للدخول الى قرية "الكيف" الواقعة في أطراف طريق رئيسي بين كركوك وقضاء الدبس حتى يظهر امام ملامح نهر صغير يشق القرية الى نصفين متكاملين من حيث أعداد المساكن التي يصل تعداد سكانها يصل إلى أكثر من 4 الاف مدني والسمة التي توحد أهالي القرية هي "الصلع الوراثي" الذي يقترب بأن يكون سمة غالبة على أهالي القرية بعد سنوات لعدم التوصل الى الأسباب الموجبة لهذا الصلع الولادي المرتبط بالجينات الوراثية لم يرغب بالزواج من أهالي القرية.

نهر لا يمكن القول عنه إلا أنه "نهر الامراض وتعتاش عليه الفيروسات والحشرات لون الماء لا يوصف كونه اختلط بين ما يتم تصريفه من المنزل بذلك الماء الذي قسم القرية الى نصفين".

اطفال يجدون المتعة واللذة باللعب في النهر وهم لا يعرفون انه ليس نهراً عذباً جارياً بل نهر يحمل المرض لاطفال أحد أكبر قرى قضاء الدبس.

صلع وراثي

عبدالله العزاوي (32 عاما) متزوج ولديه طفلان ولدا، بلا شعر وهو أحد سكان قرية الكيف (55كم شمال غربي كركوك).

ويقول العزاوي وهو يمسك علبة السجائر ويسحب منها سيجارة واحدة ويشعلها بنيران قداحته ويجلس أمام منزله المبني من القطع الكونكريتية ( البلوك)، يقول لوكالة شفق نيوز، إن "ظاهرة الصلع ليست بجديدة على أهالي القرية فإن غالبية السكان يعانون من الصلع الولادي حيث يولد أبناء القرية بلا شعر وصلعان وهي ظاهرة تمتد لأجيال".

ويشير العزاوي إلى أن "سكان القرية يعتبرون الصلع جزءا من حياتهم حتى أن غالبية الأطفال الذين يولدون في القرية من الأطفال تجدهم بلا شعر والسبب الرئيسي هو وجود جينات وراثية عند الأهالي".

لا زواج من نساء القرية

وتشير أم حسن البالغة من العمر( 45 عاما) في حديث لوكالة شفق نيوز، الى أن "أغلب فتيات القرية اضربن عن الزواج خوفا من أن يكون مصير اطفالهن هو مرض الصلع وكل من تتزوج من فتيات القرية ترزق بطفل يكون اصلع منذ الولادة وحتى الكبار يصابون بالصلع ذكوراً وإناثاً، حتى بات نصف أهالي القرية صلعاناً".

وتدعو ام حسن وزارة الصحة والدوائر الحكومية الى الوقوف على هذه الحالات ومعالجتها من خلال تنفيذ مشاريع للصرف الصحي.

وتشير إلى أن "فتيات تزوجن من شبان القرية وكانت النتيجة ظهور اطفال صلعان بلا شعر رغم قيامهم بإجراء التحليلات الطبية للطرفين".

في حين يقول مختار القرية أحمد عبد القادر للوكالة، إن "البيئة غير الصحية، ووجود مياه الصرف الصحي بين المنازل، هو السبب الحقيقي في ظهور المرض في قرية الكيف وهذه الامراض ليست وليدة اليوم، بل هناك أجيال ولدت من عدة سنوات يعانون الصلع".

ويضيف أن "ظاهرة الصلع بغضون السنوات المقبلة تجعل القرية واحدة من أكثر القرى في العراق بأن تكون ظاهرة الصلع متفشيا فيها وهذا السبب يمكن لأي شخص ان ينظر فيه بسبب نهر المياه الآسنة التي تقسم القرية إلى مجموعتين ويبدو أن هذا قدر الله في هذه القرية".

من جهته يقول مدير عام صحة كركوك زيادة خلف مديد لوكالة شفق نيوز، إن "دائرة الصحة عبر قطّاع الدبس كانت قد تلقت سابقا معلومات عن وجود حالات الصلع في قرية الكيف وأجرت فحوصات عليهم ووجدت ان الاسباب التي ظهرت كانت هي جينية وراثية".

أنواع الصلع

يعرف الصلع أنه نمط لفقدان الشعر عند الذكور والإناث دون أن ينمو شعر جديد من بصيلات الشعر المفقود، ويعد البعض الصلع مظهرًا طبيعيًا للتقدم في السن، لكنه يشكل مصدر ضيق وإزعاج للكثيرين وخاصة النساء.

وتتألف كل شعرة من بصيلة موجودة تحت سطح الجلد، وعمود الشعرة وهو الجزء المرئي بالنسبة لنا، وتعد البصيلة الجزء الحي الذي ينمو وينقسم، ويحيط بها أوعية دموية وغدد دهنية لتغذيتها، ونفقد شعرنا عندما نخسر بصيلات الشعر".

ويقول الطبيب المختص في الجلدية والشعر عبد الجبار الجباري لوكالة شفق نيوز، إن "الشعر في الوضع الطبيعي يتساقط يوميًا، حيث نخسر حوالي 50-100 شعرة يوميًا، ويمكنك رؤيتها على الوسائد، وعند الاستحمام وفي كل مكان، وتنتج بصيلات الشعر شعرًا بديلًا، ولا نشعر عادة بفقدان الشعر وذلك بسبب كون عملية تساقط الشعر وإنتاجه مستمرة ومتوازنة، لكن اضطراب هذه العملية وعجز البصيلات عن تعويض تساقط الشعر هو السبب الرئيس لحدوث الصلع".

وتابع أن "هناك نوعاً من الصلع يدعى الصلع الوراثي ،يمكن أن يصاب به كل من الرجال والنساء، وعادة ما يظهر الصلع الوراثي أولًا عند خط الشعر أو أعلى الرأس، ويمتد تدريجيًا، ويمكن أن يتطور إلى الصلع الجزئي أو الكامل، والصلع الأنثوي عادةً ما يبدأ الصلع الأنثوي مع التقدم بالعمر، حيث يصبح شعر فروة الرأس رقيقًا وخفيفًا، ويبدأ الشعر بالتساقط".

ويشير إلى أن "الأفراد قد يصابوا بالصلع البقعي أو داء الثعلبة ، وهي أحد أمراض المناعة الذاتية إذ يحصل فقدان في الشعر في جميع مناطق الشعر أو بعضها،وتساقط الشعر الكربي،هو حالة يحدث فيها خلل في التوازن الطبيعي بين مرحلتي الراحة والنمو في الشعر، مما يؤدي إلى تساقط الشعر".

أطفال القرية: نشعر بحزن

ويقول أحد أطفال القرية وهو طالب في الصف الخامس الابتدائي ويدعى سالم عبد العزيز لوكالة شفق نيوز، إن "الصلع بين الأطفال يجعلنا نتأثر بحديث الأطفال الآخرين في المدرسة حيث يسمعوننا الفاظاً وكلمة "اصلع اصلع" وهذا ينعكس على نفسية الطلبة الذين يعانون من عدم ظهور الشعر على رؤوسهم ونتشاجر مع من يقلد علينا لان هذا امر الله تعالى ان نولد بلا شعر".