شفق نيوز/ رأى موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، يوم الأربعاء، ان بغداد كانت متسرعة جدا في اعلان انها حققت انتصارا بعد قرار محكمة التحكيم الدولية في باريس الخميس الماضي، بان تركيا انتهكت الاتفاق بينهما، من خلال تجارتها النفطية المباشرة مع حكومة اقليم كوردستان منذ العام 2013، وطلبت من انقرة دفع 1.4 مليار دولار كتعويض.
وكانت وزارة النفط العراقية اشادت بقرار المحكمة وسارع المسؤولون العراقيون الى الادلاء بتصريحات علانية الى وسائل الإعلام المحلية والدولية، فيما أوقفت تركيا ضخ النفط العراقي عبر ميناء جيهان صباح السبت، والذي يشكل نصف في المائة من امدادات النفط العالمية.
لكن التقرير البريطاني الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، نقل عن مصادر غربية وتركية مطلعة على قضية المحكمة تقدم صورة مختلفة، اذ يقولون ان بغداد لا تتعامل مع النطاق الكامل للحكم المتعلق باتفاقية خط الأنابيب (ITP ) بين العراق وتركيا، التي تم توقيعها في العام 1973 وتحدد التفاهمات المتعلقة بتصدير النفط العراقي الى تركيا عبر ميناء جيهان.
ونقل التقرير عن مصدر غربي مطلع على قضية التحكيم قوله "بامكانهم الاحتفال كيفما ارادوا، لكنني بالتأكيد سأقيل محاميهم لقيامهم بمهمة فاشلة". واوضح المصدر ان العراقيين "ادعوا وجود انتهاك للعقد بموجب خمس فئات: التخزين، والنقل، والاستخدام الحصري، والمصدر والتحميل. كانوا قادرين فقط على الفوز بمطالبتهم فيما يتعلق بالتحميل".
وذكر التقرير بان بغداد كانت رفعت في العام 2014 دعوى قضائية ضد تركيا وطالبت بتعويض قدره 33 مليار دولار بسبب خسارة في الايرادات والاضرار التي لحقت بمصالحها، وطلبت في الشهر الماضي تعويضا بقيمة 58 مليار دولار من انقرة عن جميع مبيعات النفط التي تمت حتى العام 2022، الا ان المحكمة في نهاية المطاف منحتهم تعويضا بقيمة 1.4 مليار دولار فقط عن الفترة من 2014-2018، في انتظار تحديد اسعار الفائدة.
ونقل التقرير عن المصادر قولها ان المحكمة قررت ان حكومة اقليم كوردستان هي جهة تابعة للحكومة العراقية، وبالتالي فإنها كيان شرعي بموجب صفقة " ITP".
واوضح مصدر غربي "ولهذا فإن تركيا لم تكن مخطئة عندما كانت تقوم بتخزين ونقل النفط بتعليمات من حكومة اقليم كوردستان". واضاف المصدر ان المحكمة رفضت ايضا المطالبات العراقية بالتعويض عن الاضرار بموجب الاستخدام الحصري".
واوضحت المصادر ان المحكمة اعتبرت ان تركيا انتهكت العقد فقط من خلال تحميل الناقلات بالنفط الذي تم نقله الى ميناء جيهان بموجب تعليمات حكومة اقليم كوردستان، باعتبار تعديل العام 2010 على ال " ITP" يقول بوضوح ان وزارة النفط العراقية و"سومو"، هما فقط السلطة المخولة التي بإمكانها اصدار اوامر التحميل.
ولفت التقرير الى انه من خلال هذا الانتهاك، فان المحكمة قامت بتقييم ما اذا كانت انقرة فرضت رسوم نقل اضافية على العراق وما اذا كانت حصلت على حسومات غير مشروعة على سعر النفط واصدرت حكما لصالح بغداد. لكن المحكمة قضت ايضا بان 50 % من خسارة المداخيل بسبب سعر النفط المخفض يجب ان تتحملها الحكومة العراقية، لان حكومة اقليم كوردستان، بصفتها جهازا تابعا للحكومة العراقية، استفادت من هذه المبيعات واستخدمتها في نفقاتها.
كما نقل التقرير عن مصدر غربي آخر قوله ان "هناك قضية اخرى لا تريد بغداد الحديث عنها، وهي المتعلقة بالمطالبات المضادة لتركيا بشأن مجموعة من القضايا من السعة المنخفضة لخط الانابيب ورسوم النقل غير المدفوعة التي تعود الى عقود". واضاف ان "المحكمة منحت نحو 600 مليون دولار لتركيا بسببهم".
وتابع المصدر قائلا ان مطالبات تركيا المعاكسة، سيكون لها وزن اكبر عندما يتم احتساب اسعار الفائدة المقومة بالولايات المتحدة واضافتها الى المبلغ الاجمالي لانها تعود الى التسعينيات عندما كانت معدلات الفائدة اعلى.
واوضح المصدر: "المطالبات العراقية ، التي تعود فقط الى 2014-2018، لن يكون لها فائض في اسعار الفائدة نفسه، وفي النهاية سيحصلون فقط على بضع مئات من الملايين من الدولارات".
وقال المصدر "انه انتصار فارغ. وحتى ان المحكمة تقر في حكمها بانه لا يمكن اعتبار اي من الطرفين ناجحا".
ونقل التقرير مصدر تركي مطلع على اتفاقية النفط بين حكومة الاقليم وتركيا في العام 2013 ، قوله ان اية اموال لن تخرج من جيب انقرة لان الصفقة تتضمن بندا يتعلق بالتعويض، موضحا ان ايا كان ما سيدفع، سيكون من جانب حكومة اقليم كوردستان، وبالتالي من الطرف العراقي.
واعتبر التقرير ان هذه التطورات تثير بالفعل توترات بين تركيا وحكومة الاقليم منذ حيث ان حكومة الاقليم تمول خدماتها الحكومية بشكل اساسي من خلال المداخيل النفطية التي تجاوزت 5.7 مليار دولار في العام الماضي.
واشار التقرير الى ان المحكمة الاتحادية كانت قضت في العام الماضي بان القانون الذي ينظم قطاع النفط في كوردستان، غير دستوري، مطالبة السلطات الكوردية بتسليم امداداتها الخام.
الا ان التقرير رأى ان المسؤولين الأتراك يتوقعون ان يتم التوصل الى اتفاق بين كافة الأطراف المعنية في الوقت المناسب واستئناف صادرات النفط.
ونقل التقرير عن مسؤول تركي مطلع على المفاوضات السابقة "لقد اقترحنا ان نبني لهم نظاما متطورا لادارة المياه والري والسدود وغيرها بتكلفة 5 مليارات دولار، الا انهم لم يتمكنوا من تقديم موافقة على ذلك، لأن هناك مراكز قوة اخرى في العراق بخلاف الحكومة".