شفق نيوز/ تناولت وكالة "فرانس برس"، يوم الخميس، اهتمام الكورد العراقيين الانتخابات الرئاسية التركية، حيث يرتبط إقليم كوردستان بعلاقات إستراتيجية مع أنقرة، إلى جانب تطلّعاتهم لانتهاء الصراع بين الجيش التركي وحزب العمال الكوردستاني.
وذكرت الوكالة الفرنسية في تقرير أن قادة إقليم كوردستان لم يعلقوا رسمياً على التنافس المحتدم بين الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ومنافسه كمال كليتشدار أوغلو المدعوم من تحالف من ستة أحزاب، والذي ستحسم نتائجه في 14 أيار/ مايو الجاري.
لكن المحلّل السياسي العراقي الكوردي عادل بكوان، يلفت إلى أنه في "وسائل الإعلام وفي المجال السياسي، الجميع منشغلون للغاية في الانتخابات التركية"، مذكراً بالدور الجيوسياسي "الأساسي" الذي تلعبه أنقرة في المنطقة.
وعلى المستوى الأمني أولاً، يشكّل الصراع بين الجيش التركي ومقاتلي حزب العمال الكوردستاني الذي امتدّ منذ سنوات طويلة إلى أراضي الإقليم العراقي، أحد أبرز التحديات.
وتنفّذ القوات التركية بانتظام ضربات جوية وعمليات برية ضد عشرات المواقع العسكرية في الإقليم لحزب العمال الكوردستاني الذي تصنّفه أنقرة والغرب منظمة "إرهابية".
ويضيف بكوان، مدير المركز الفرنسي لأبحاث العراق، لوكالة "فرانس برس" أن "نتيجة هذه الانتخابات ستؤثر بشكل مباشر على اتجاه هذه الحرب على الأراضي الكردية في العراق".
وفي حال انتصار المعارضة، فهو لا يستبعد "إمكانية حصول تهدئة"، بعد أن مدّ كليتشدار أوغلو يده للأقلية الكوردية.
وفي إشارة إلى التعطش لـ"الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي" في الشرق الأوسط، يعتقد الباحث في الشؤون التركية بوتان تحسين أنه حتى في حال فوز أردوغان، "ستكون تركيا بحاجة إلى مبادرة لتطبيع الأوضاع مع جيرانها، وخصوصا مع إقليم كوردستان".
ويرى أن "مستقبل العملية الديمقراطية في تركيا مرهون بالتحالف مع الكورد وإنصافهم".
ويعتبر الباحث كذلك أن المعارضة التركية "تراهن على التهدئة وتريد فتح صفحة جديدة مع الكورد".
وخلال عقدين من الزمن، تحوّلت تركيا خلال فترة حكم أردوغان إلى قوة إقليمية أساسية في المنطقة، تتفاوض مع موسكو بشأن الحرب في سوريا، وتتحدّى واشنطن والأوروبيين.
وباستثناء بيانات تدين انتهاك السيادة العراقية والعواقب المترتبة على ذلك بالنسبة للمدنيين، لم تصعّد حكومة إقليم كوردستان لهجتها قطّ ضد جارتها التي تظلّ قبل كل شيء شريكاً اقتصادياً استراتيجياً.
وهناك ثلاثة معابر حدودية برية بين الإقليم وتركيا، افتتح آخرها وهو معبر زيت الحدودي، يوم أمس الأربعاء.
ولسنوات عديدة، اعتمد إقليم كوردستان على تركيا في تصدير حوالى 450 ألف برميل من النفط يوميا، دون موافقة الحكومة المركزية في بغداد.
وفي حين توقّف التصدير في آذار/ مارس بسبب نزاع قانوني بين أنقرة وبغداد، يفترض أن يستأنف في نهاية المطاف، بمجرد تسوية قضايا فنية ومالية بين الطرفين.
ويقول بكوان "من الواضح أن من يحكم في أنقرة سيكون له تأثير في هذه القضية".
ويحذّر الباحث من أن الانتخابات قد تكون نقطة تحوّل بالنسبة لكوردستان، إذ بنى القادة في أربيل علاقة شخصية مع إردوغان الذي أصبح "حليفاً مهماً للغاية".
ويوضح "بمجرد أن يتغيّر الرئيس، ستتغيّر مجمل العلاقات بين أربيل وأنقرة".
ويضيف "عندها ينبغي إعادة تكوين العلاقة والرابط مع شخص لا تعرفه"، مشيراً إلى أن "العالم الدبلوماسي يكره المجهول".
وفي انعكاس للعلاقات الجيدة التي تربط الإقليم بأنقرة، منعت سلطات مطار أربيل الأحد النائب التركي من حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للكورد حسن أوزغونيش من دخول الإقليم وأعادته الى بلاده، مبرّرة ذلك بأنه جاء "بناء على طلب الأجهزة الأمنية الاتحادية" في بغداد.
وفي أواخر نيسان/ أبريل الماضي، دعا حزب الشعوب الديمقراطي، وهو ثالث أكبر أحزاب تركيا، حلفاءه إلى التصويت لكمال كيليتشدار أوغلو.
وفي حين لم يقدّم تحالف المعارضة رؤيةً لكيفية حلّ القضية الكوردية، إلّا أن كيليتشدار أوغلو اتهم في مقطع فيديو قصير نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي منافسه أردوغان بـ"إلحاق وصمة" بملايين الكورد عبر ربطهم بالإرهاب.
وأكّد كليتشدار أوغلو أنّه في حال انتخابه سيفرج على الفور عن صلاح الدين دميرتاش، الرئيس السابق لحزب الشعوب الديمقراطي المسجون منذ 2016 بتهمة "الدعاية الإرهابية".
وعلى الرغم من أن كليتشدار أوغلو يتمتع بأسبقية حقيقية بين الكورد، لكن الحذر يسود إقليم كوردستان، ممزوجا بشعور من التضامن القومي، فكورد العراق يحلمون كذلك بحلّ لـ"القضية الكوردية" في تركيا حيث يسجن زعماء المعارضة وتعاني الأقلية من التمييز.
وفي مقهى مام خليل في وسط أربيل والذي يعود تاريخ تأسيسه إلى العام 1952، يتمنّى نزار سلطان (60 عاماً) وهو موظف حكومي في جامعة صلاح الدين في أربيل "أن تجلس الحكومة التركية المقبلة والكورد على طاولة حوار".
ويضيف "في المرّات السابقة كلها، استخدموا الكورد للوصول إلى غاياتهم للأسف ثم يقومون بعدها بتهميش الكورد والتحايل عليهم".
وبعدما أدلى بصوته في القنصلية التركية في أربيل، قال المواطن الكوردي التركي قدري شمزينو (60 عاما) لوكالة "فرانس برس"، مرتدياً الزي الكوردي التقليدي، "نحن لا نطلب شيئاً إضافياً للشعب الكوردي".
وأضاف، وهو واحد من 3834 مواطناً تركياً مقيمين في إقليم كوردستان "نريد المساواة مع المواطنين الأتراك في الحقوق وأن نعيش بكرامة على هذه الأرض لأننا أيضاً أبناؤها".
ودعا سيروان نجم (50 عاما) من مكتبته في وسط أربيل، الكورد في تركيا إلى التصويت "للمرشح الذي سيعالج القضية الكوردية بشكل دبلوماسي".
وشدّد على أن "المشاكل الكوردية يجب أن توضع على طاولة الحوار وأن يتم حلها والاعتراف بحقوقهم الأساسية".